المطلب الرابع: أثر الزحام في مكان ركعتي الطواف:
أجمعَ أهلُ العلمِ على أنه يُشرعُ لمن طافَ بالبيتِ أن يصلِّيَ بعد طوافِهِ ركعتينِ عند مقامِ إبراهيمَ ينظر: الإجماع لابن المنذر ص (62)، بداية المجتهد (1/330)، التمهيد لابن عبد البر (24/414)، المجموع شرح المهذب (8/58). ؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ البقرة: من الآية 125.، ولما روَى البخاريُّ ومسلمٌ عن أنسِ بنِ مالكٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عمرَ، عن عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهم أنه قالَ: وافقتُ ربي في ثلاثٍ. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، لو اتخذْنا من مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى، فنزلتْ ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾)"صحيح البخاري"(402)، و"مسلم" (2399). ، ولما رواه مسلمٌ"صحيح مسلم" (1218). من طريقِ جعفرِ بنِ محمدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ، قالَ في صفةِ حجِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: حتى إذا أتيْنا البيتَ معه استلمَ الركنَ فرملَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ فقرأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾. فجعلَ المقامَ بينهُ وبين البيتِ، وكانَ يقرأُ في الركعتينِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ الإخلاص: 1 و﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ الكافرون: 1.
وقد أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الأفضلَ في هاتينِ الركعتينِ أن تكونا عند المقامِ، وتصحَّانِ حيث صلاهما الطائفُ ينظر: الإجماع لابن المنذر ص(63)، بداية المجتهد (1/ 330)، التمهيد لابن عبد البر (24/414)، المجموع شرح المهذب ( 8/ 58).، وقد نقلَ البخاريُّ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ الله عنه طافَ بعد الصبحِ فركبَ حتى صلى الركعتينِ بذي طُوَى البخاري باب الطواف بعد الصبح والعصر .، فإن كانَ تحرِّي الصلاةِ عند المقامِ يُفضِي إلى زحمَةٍ أو إلى التَّضييقِ على الطائفينَ، فعندئذٍ لا ينبغي له أن يصليَ عندَهُ، بل يصلي حيثُ يتيسَّرُ لهُ ينظر: المبسوط (4/12)، رد المحتار (2/528)، الفتاوى الكبرى للهيتمي (1/ 124).، ولو قيلَ بتحريمِهِ في حالِ الزحامِ والتدافعِ الذي يخشى معهُ الإضرارُ والتأذِّي كانَ له وجهٌ.