المطلب الثاني: أثر الزحام في الخروج من النسك:
الإحرامُ بالحجِّ أوِ العمرةِ موجبٌ للمُضِيِّ فيهما وإتمامِهما فقد حكَى غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ الإجماعَ على أنَّ الحجَّ والعمرةَ يلزمانِ بالشروعِ فيهما، فيجبُ إتمامُهما ولا يجوزُ قطعُهما ولا الخروجُ منهما إلَّا في حالِ الإحصارِ"المغني" (4/458)، "المجموع شرح المهذب" (4/448)، "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام (26/8).، كما قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ البقرة:196، وليسَ الزحامُ سببًا للإحصارِ؛ إذ إنَّ الزحامَ مهما كانَ شديدًا فليسَ أمرًا دائمًا يُتَعذَّرُ معه القيامُ بما أمرَ اللهُ تعالى من إتمامِ النسكِ، فيمكنُ للحاجِّ والمعتمرِ أن يتحيَّنَ الأوقاتَ التي يتمكنُ فيها من إتمامِ النسكِ من غيرِ زحامٍ مضرٍّ أو مؤذٍ، وله أن يترخصَ بالرُّخَصِ الشرعيةِ التي تدفعُ ضرورتَهُ وضررَهُ، لكن ليسَ له رفضُ النسكِ وتركُهُ لمجردِ الزحامِ، واللهُ تعالى أعلمُ.
فما يفعلُهُ بعضُ الناسِ من تركِ النسكِ ورفضِهِ عندما تواجهُهُم زحمةُ الحجاجِ أوِ المعتمرينَ، لا سيما في أيامِ المواسمِ في العمرةِ، مخالفٌ لما أمرَ اللهُ به من إتمامِ الحجِّ والعمرةِ، وبهذا يتبينُ أنَّ الزحامَ ليسَ عذرًا في الخروجِ منَ النسكِ ورفضِ الإحرامِ.