المسألةُ الثانيةُ: الإعلامُ بالموتِ بنداءٍ ورفعِ صوتٍ:
ذهبَ جمهورُ أهلِ العلمِ منَ الحنفيةِ العناية شرح الهداية (3/267).، والمالكيةِ الخرشي على مختصر خليل (2/139).، والشافعيةِ المهذب (1/132).، والحنابلةِ الشرح الكبير (6/287).إلى كراهيةِ النداءِ في الإعلامِ بموتِ الميتِ؛ لما تقدمَ مِن حديثي حذيفةَ وابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهما.
وذهبَ جماعةٌ منَ الحنفيةِ إلى أنه لا يُكرَهُ النداءُ على الميتِ في الأزقَّةِ والأسواقِ إذا كانَ نداءً مجردًا عن ذكرِ المفاخرِ فتح القدير (2/128)..
قالوا: لأنَّ في ذلك تكثيرَ الجماعةِ منَ المصلينَ والمستغفرينَ للميتِ، وليسَ مثلُهُ نعيَ الجاهليةِ، فإنهم كانوا يَبعثونَ إلى القبائلِ ينعونَ مع ضجيجٍ وبكاءٍ وعويلٍ وتعديدٍ ونياحةٍ فتح القدير (2/128)..
ويُقالُ في الجوابِ على هذا: إنَّ مقصودَ تكثيرِ الجماعةِ منَ المصلينَ والمستغفرينَ للميتِ يمكنُ حصولُهُ دونَ النداءِ ورفعِ الصوتِ. فالصوابُ من هذينِ القولينِ قولُ الجمهورِ القائلينَ بكراهةِ رفعِ الصوتِ في الإعلامِ بموتِ الميتِ؛ لأنَّ النداءَ ورفعَ الصوتِ بموتِ الميتِ داخلٌ من حيثُ الصورةُ في بعضِ نعيِ الجاهليةِ الذي وردَ النهيُ عنهُ، فإنهم كانوا يرسلونَ مَن يعلنُ بخبرِ موتِ الميتِ على أبوابِ الدورِ والأسواقِ فتح الباري (3/117)..