المطلبُ الثاني: تعريفُهُ في الاصطلاحِ:
معنى النعيِ في الاصطلاحِ أوسعُ منهُ في اللغةِ؛ ويتضحُ ذلك مما قالَهُ أهلُ العلمِ في تعريفِهِ:
قالَ الترمذيُّ في جامعِهِ:" والنعيُ عندهم أن يُنادَى في الناسِ أنَّ فلانًا ماتَ ليشهدوا جنازتَهُ" جامع الترمذي ص: (239)..
قالَ ابنُ الأثيرِ في النهايةِ:" نعى الميتَ ينعاهُ نعيًا، ونِعِيًا، إذا أذاعَ موتَهُ، وأخبرَ بهِ، وإذا ندبَهُ"(5/85)..
وقالَ ابنُ عابدين:" هوَ الإخبارُ بالموتِ" حاشية ابن عابدين (3/72)..
وقالَ قليوبيٌّ في حاشيتِهِ:" وهوَ النداءُ بموتِ الشخصِ، وذكرُ مآثرِهِ ومفاخرِهِ"(1/345)..
وقالَ الحجاويُّ في الإقناعِ:" وهوَ النداءُ بموتِهِ"(1/331)..
وقد ساقَ المنبجيُّ عدةَ آثارٍ في النعيِ، ثم قالَ بعدَ ذلك:" منها مايدلُّ على أنَّ النعيَ إعلامُ الناسِ بأنَّ فلانًا قد ماتَ. ومنها ما يدلُّ على أنَّ النعيَ هو تعدادُ صفاتِ الميتِ. فالظاهرُ أنَّ كليهما نعيٌ" تسلية أهل المصائب ص: (82)..
فظهرَ مما تقدمَ أنَّ النعيَ عندَ أهلِ العلمِ منهم من يقصرُهُ على النداءِ بالموتِ، ومنهم مَن يدخلُ فيه الإخبارُ بالموتِ المقرونِ بمدحِ الميتِ وتعدادِ صفاتِهِ.
والذي يظهرُ لي أنَّ النعيَ يطلقُ على الإخبارِ بموتِ الميتِ وإذاعةِ ذلك، ويطلقُ أيضًا على ما قد يصاحبُ ذلك من قولٍ كتعدادِ مناقبِ الميتِ ، أو فعلٍ كشقِّ الجيوبِ وضربِ الخدودِ، واللهُ أعلمُ.