المسألة الثالثة: السلع التي يجوز فيها هذا النوع من الرد الترغيبي:
إن من المهم في بحث هذا النوع من أنواع الحوافز الترغيبية تحديد السلع التي يجوز فيها استعمال هذا الحافز والسلع التي لا يجوز استعماله فيها. وتحديد ذلك مبني على معرفة كلام أهل العلم فيما يثبت فيه خيار الشرط من البيوع وما لا يثبت، وعند النظر في كلامهم يتبين أنهم يرون جواز خيار الشرط في بيع جميع السلع، إلا ما يُشترط فيه التقابض قبل التفرقينظر: حاشية ابن عابدين (4/570 - 571)، المدونة الكبرى (4/189)، العزيز شرح الوجيز (4/193، فكل بيع يُشترط لحصته قبض عوضه فإنه لا يجوز فيه استعمال هذه الصورة من الرد الترغيبي؛ لأن ما كان كذلك فإنه لا يحتمل التأجيل، ولأن المقصود من اشتراط القبض ألا يبقى بين العاقدين عُلْقة بعد التفرق، وثبوت الخيار يبقي بينهما عُلَقًا، فمنع منه احترازًا من الرباينظر: المبسوط للسرخسي (14/23- 24)، المجموع شرح المهذب (9/188)، المغني (6/49). .
وبهذا يتبين أنه لا يجوز استعمال هذه الصورة من الرد الترغيبي في بيع الذهب والفضة؛ لكون التقابض قبل التفرق شرطًا فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءٌ بِسِوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ». أخرجه مسلم: كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا، رقم (1588). ، فالمراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «فَإِذَا اخْتَلَفَتْ...» إلخ القبض ينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (12/98)..
ولما كان الراجح من أقوال أهل العلم أن الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم نقد مستقل بذاته يجري عليه ما يجري على الذهب والفضةينظر: أحكام الأوراق النقدية التجارية في الفقه الإسلامي ص (223). ، فإن شراء الذهب أو الفضة بنقد يكون كشراء الفضة بالذهب أو العكس، يجب فيه التقابض، ولا يجوز فيه خيار الشرط.