المبحثُ الخامسُ: حكمُ ما لوْ كانتْ مُتلبِّسةً ببعضِ المنهيَّاتِ قبلَ وفاةِ زوجِها
إذا كانتِ الحادةُ مُتلبِّسةً بشيءٍ مما نُهِيَتْ عنهُ قبلَ وفاةِ زوجِها؛ كأنْ تكونَ متطيبةً، أوْ مكتحلةً، أوْ عليها لباسُ زينةٍ، أوْ مختضبةً، فإنَّ الواجبَ عليها إزالةُ ما يمكنُ إزالتُهُ منها؛ لأنَّ العلةَ التي مَنَعَتْ منِ ابتداءِ هذهِ الأمورِ موجودةٌ في استدامتِها، فدلَّ ذلكَ على منعِ استدامةِ ما نُهِيَتْ عنهُ لأجلِ الحدادِ. ويشهدُ لهذا أنَّ أمَّ سلمةَ رضي اللهُ عنها أذنَ لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ تضعَ الصبرَ لما احتاجتْ إليهِ بالليلِ وتنزعهُ بالنهارِ، فدلَّ ذلكَ على منعِ استدامةِ هذهِ الممنوعاتِ. قالَ محمدُ بنُ رشدٍ رحمهُ اللهُ: «إنَّهُ ليسَ عليها إذا تُوفِّي عنها وهي مُمتشطةٌ أنْ تنقضَ مشطها، معناهُ إذا كانتِ امتشطتْ بغيرِ طيبٍ، وأمَّا لوْ كانتِ امتشطتْ بطيبٍ أوْ تطيبتْ في سائرِ جسدِها، لَوجبَ عليها أنْ تغسلَ الطيبَ، كما يجبُ عليها لوْ تُوفِّي عنها وهيَ لابسةٌ ثوبَ زينةٍ أنْ تخلعَهُ عنها، وكما يجبُ على الرجلِ إذا أحرمَ وهوَ متطيبٌ أنْ يغسلَ الطيبَ». البيان والتحصيل 5/369. وقالَ الهيتميُّ رحمهُ اللهُ: «نعمْ، يلزمُها إزالةُ طيبٍ عليها حالَ الشروعِ في العدةِ». فتح الجواد 2/203. واختارَ هذا القولَ شيخُنا محمدٌ العثيمينُ أثابهُ اللهُ.