المسألةُ الثانيةُ: حكمُ إحدادِ المجنونةِ.
ذهبَ جمهورُ العلماءِ -رحمهمُ اللهُ- إلى أنَّ المجنونةَ يلزمُها الإحدادُ إذا تُوفِّي عنها زوجُها؛ لدخولها في عمومِ الأدلةِ الدالةِ على وجوبِ الإحدادِ. ولأنَّ غيرَ المكلفةِ تساوي المكلفةَ في وجوبِ اجتنابِ المحرماتِ، وإنما يختلفانِ في الإثمِ. انظر المغني 11/284. ويكونُ الخطابُ على هذا القولِ متوجهًا إلى وليِّ المجنونةِ، فعليهِ إلزامُها بأحكامِ الإحدادِ. أمَّا الحنفيةُ انظر: شرح فتح القدير 4/341، تبيين الحقائق 3/35. فعندَهمْ أنَّ المجنونةَ ليسَ عليها إحدادٌ؛ لحديثِ: «رفعَ القلمُ عنْ ثلاثةٍ» رواه أحمد (6، 100 – 101)، وأبو داود (4398)، واللفظ له، والنسائي (2/100). وذكرَ منهمْ: «والمجنونُ حتى يفيقَ»، فالخطابُ موضوعٌ عنها، فلا يتناولُ المجنونةَ، والأقربُ ما ذهبَ إليهِ الجمهورُ، واللهُ أعلمُ.