المطلب الثاني: حكم التخفيض لمنسوبي الجهات الاعتبارية:
الوقوف على حكم التخفيض لمنسوبي الجهات الاعتبارية يحتاج إلى النظر في أمرين:
الأول: صلة جهة التخفيض بالجهة الاعتبارية.
الثاني: علم الجهة الاعتبارية بالتخفيض لمنسوبيها.
لا تخلو الجهات الاعتبارية التي يمنح التخفيض لمنسوبيها، إما أن تكون لها ولاية على جهة التخفيض،كأن يكون لجهة التخفيض مصالح عند الجهات الاعتبارية وما أشبه ذلك، ففي هذه الحال لا يجوز التخفيض؛ لكونه قد يكون وسيلة لقضاء حوائج الجهة المخفّضة، فيكون بذلك من الرشوة المحرمة. وإما أن تكون الجهة الاعتبارية ليس لها ولاية على جهة التخفيض، فينظر في هذه الحال إلى علمها بالتخفيض، وإذنها فيه؛ لكون هذا التخفيض سببه الانتساب إليها، فإن كانت الجهة الاعتبارية عالمة به آذنة فيه فإنه لا حرج فيه، وهو جائز، أما إن لم تكن عالمة به، ولا آذنة فيه فإنه لا يجوز؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- لمن بعثه جابيًا، وقد أهدي إليه: «فَهَلاَّ جَلَسَ في بيتِ أَبِيهِ، أَو بَيتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ أَيُهدَى إِلَيهِ أَمْ لَا؟»، فدلّ هذا على أن الهدية إذا كانت بسبب فإنها تلحق بهينظر: مجموع الفتاوى (29/335). ، ولا فرق في هذا بين أن يهديه، وبين أن يحابيه في البيع بالتخفيض من الأسعارينظر: فتاوى للموظفين والعمال ص (34- 35)، فتوى لشيخنا محمد العثيمين حول الهدايا والتخفيضات المقدمة لبعض العمال.، ولذلك كره بعض أهل العلم أن يتولى القاضي البيع والشراء بنفسهينظر: تبصرة الحكام (1/34)، الذخيرة للقرافي (10/83)، مغني المحتاج (4/391)، الشرح الكبير لابن قدامة (28/360)، كشاف القناع (6/318). ، وعللوا ذلك بأنه يُعْرَف فيحابى، فيكون كالهديةينظر: تبصرة الحكام (1/34)، الذخيرة للقرافي (10/83)، مغني المحتاج (4/391)، الشرح الكبير لابن قدامة (28/360)، كشاف القناع (6/318). .