المطلب الأول: حكم التخفيض للجهات الاعتبارية نفسها:
إن مما ينبغي ملاحظته عند بحث حكم التخفيض للجهات الاعتبارية أمرين:
أولًا: القصد من التخفيض:
إذا كان الغرض من التخفيضات الترغيبية الإحسان كالتخفيض للمؤسسات الخيرية كالمدارس، أو المساجد، وما أشبه ذلك فإن هذا جائز لا حرج فيه، بل هو داخل في عموم قول الله تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ سورة البقرة، جزء آية: (195). ، وغيرها من الآيات التي في هذا المعنى.
وكذلك إذا كان الغرض من هذه التخفيضات تشجيع الجهات الاعتبارية على الشراء من سلع وخدمات مانح التخفيض فإن ذلك جائز؛ لأن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ما لم يقم دليل التحريم.
وأما إذا كان الغرض من هذه التخفيضات الترغيبية الغش أو التدليس أو المحاباة بغضّ الطرف عن جودة السلع والخدمات، أو ما أشبه ذلك من الأغراض الفاسدة، فإن هذه التخفيضات لا تجوز؛ لكونها من الغش والخيانة، ولما تفضي إليه من المفاسد.
ثانيًا: صلة جهة التخفيض بالجهة الاعتبارية:
إن مما يؤثر في حكم التخفيض للجهات الاعتبارية طبيعة علاقتها بجهة التخفيض؛ فإن كان للجهة الاعتبارية ولاية، أو نوع ولاية على جهة التخفيض، فإن هذا التخفيض غير جائز، بل هو من الرشوة المحرمة؛ لأنه ذريعة إلى قضاء حوائج جهة التخفيض، ومحاباتها، وهذا سبب للخيانة، وتضييع للأمانة، ولذلك لعن النبي- صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي.
أما إذا كانت الجهة الاعتبارية لا صلة لها بنشاط جهة التخفيض، وليس لها عليها ولاية فإنه لا محذور في التخفيض حينئذٍ؛ لكون الأصل في ذلك الحل، وليس في ذلك ذريعة إلى محرم، فلا وجه للمنع.