المسألة الثانية: البطاقات التخفيضية الخاصة:
وهي البطاقات التخفيضية التي لا يستعملها المستهلك إلا في جهة تخفيضية واحدة.
الفرع الأول: أطرافها:
هذا النوع من البطاقات التخفيضية له طرفان:
الطرف الأول: جهة التخفيض:
وهي الجهة القائمة على برنامج التخفيض، والمانحة له. فإن كثيرًا من المؤسسات والشركات التجارية الكبيرة تُصدِر بطاقات تخفيضية تعطي حاملها تخفيضًا من أسعار سلعها وخدماتها.
الطرف الثاني: المستهلك:
وهو حامل البطاقة التخفيضية المستفيد منها في حسم أسعار السلع والخدمات لدى جهة التخفيض المصدرة للبطاقة.
الفرع الثاني: واقع العلاقة بين طرفيها:
يسلك كثير من التجار المستعملين لهذا النوع من بطاقات التخفيض طريقين في إعطائها للمستهلكين.
الطريق الأولى: الاشتراك السنوي:
وهذه الطريق يدفع فيها المستهلك رسمًا، أو اشتراكًا سنويًّا قدره (100) ريال، أو (150) ريالًا، وذلك مقابل نسبة تخفيضية من أسعار سلع وخدمات جهة التخفيض، وفي بعض الأحيان يضاف إلى التخفيض خدمات أخرى؛ كإرسال نشرة شهرية إخبارية إلى المستهلك؛ لإعلامه بالجديد من السلع أوالخدمات أو غير ذلك.
الطريق الثانية: الإهداء:
وهذه الطريقة تقدم فيها جهة التخفيض البطاقة دون أن تتقاضى رسمًا على ذلك، فهي إما أن تمنح للمستهلك مجانًا؛ تشجيعًا له على التعامل مع جهة التخفيض. وإما أن يكون منحها مجانًا، معلقًا على شرط، كأن تبلغ مشترياته حدًّا معينًا، أو نحو ذلك. فيكون منحها في هذه الحال مكافأة على تعامله، وتشجيعًا له على الاستمرار.
الفرع الثالث: التخريج الفقهي للعلاقة بين طرفيها:
يختلف التخريج الفقهي للعلاقة بين هذين الطرفين باختلاف طريقة الحصول على بطاقة التخفيض.
أولًا: التخريج الفقهي للبطاقة التخفيضية ذات الاشتراك السنوي
أقرب ما تخرّج عليه العلاقة بين هذين الطرفين أنها عقد إجارة؛ المؤجر فيه جهة التخفيض، والمستأجر هو المستهلك، والمنفعة المعقود عليها هي التخفيض من الأسعار بنسبة متفق عليها.
ويترتب على هذا التخريج تحريم هذا النوع من البطاقات التخفيضية الخاصة؛ لأنه عقد إجارة فاسد؛ حيث إن المنفعة المعقود عليها، وهي التخفيض من الأسعار لا يعلم قدرها؛ لأن ذلك معلق بشراء المستهلك، وشراؤه مجهول من حيث الوقوع، فقد يشتري وقد لا يشتري، وهو مجهول أيضًا من حيث القدر فيما لو اشترى.
ثانيًا: التخريج الفقهي للبطاقة التخفيضية المجانيّة
العلاقة بين طرفي هذه البطاقة تخرج على أنها وعد بالتخفيض، والحط من الأسعار من جهة التخفيض للمستهلك حامل البطاقة.
الفرع الرابع: حكمها:
يختلف حكم هذه البطاقات بناء على طريقة الحصول عليها، هل حصلت باشتراك أو مجانًا؟
أولًا: حكم بطاقات الاشتراك:
هذه البطاقات التخفيضية التي يكون الحصول عليها برسم أو اشتراك سنوي تتفق مع البطاقات التخفيضية العامة في بعض المحاذير الشرعية التي تدخلها ضمن المعاملات المحرمة، فمن ذلك:
1- الجهالة في المعقود عليه؛ فإن منفعة التخفيض المقصودة بالعقد غير معلومة القدر ولا الوصف، فطرفا هذه البطاقة تدور حالهما بين الغرم والغنم الناشئين عن المخاطرة.
2- أن في هذه البطاقات تغريرًا بالناس، وخداعًا لهم، وابتزازًا لأموالهم؛ فأكثر هذه التخفيضات الموعود بها حامل هذه البطاقات وهميّة غير حقيقية، وقد تقدم بيان هذين المحذورين تفصيلًا في الكلام على حكم البطاقة التخفيضية العامة.
ثانيًا: حكم البطاقات المجانيّة:
هذه البطاقات التخفيضية التي تمنح للمستهلكين مكافأة لهم على التعامل أو تشجيعًا عليه جائزة، لا محذور فيها، فالأصل في المعاملات الحل والإباحة ما لم يقم دليل مانع، وليس هناك ما يمنع من هذه البطاقات.
وقد ذهب إلى إباحة هذا النوع من بطاقات التخفيض اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية؛ ففي جواب لها عن هذا النوع قالت اللجنة: ((بطاقة التخفيض التي تحملها ليس لها مقابل، فلا حرج عليك في استخدامها والانتفاع بها)).
المناقشة:
يناقش هذا بأن البطاقة المجانيّة لا تختلف عن بطاقة الاشتراك السنوي من حيث الجهالة، فلا تختلف عنها في الحكم.
الإجابة:
يجاب عن هذا بأن هناك فرقًا أساسيًّا بين هذين النوعين من البطاقات، فالعقد في البطاقة المجانية من عقود التبرعات، فليس للغرر أثر فيها على الراجح من قولي أهل العلم، وأما البطاقات الاشتراكية فهي من عقود المعاوضات التي لا يجوز الغرر فيها.