المطلب الأول: أقسام بذل العوض في المسابقات:
قسّم أهل العلم المغالبات من جهة بذل العوض والمال فيها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يجوز بعوض وبدون عوض:
حكى غير واحد من أهل العلمحكاه: محمد بن الحسن في مختصر الطحاوي ص (304)، والجصاص في مختصر اختلاف الفقهاء (3/515)، وابن عبد البر في التمهيد (14/88)، وابن حزم في مراتب الإجماع ص (183)، والنووي في شرح مسلم (13/14). الإجماع على جواز المسابقة في السهام والإبل والخيل، إذا كان العوض من غير المتسابقين، ومستند هذا الإجماع قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «لا سَبَقَفي هذا اللفظ روايتان: الأولى: بفتح الباء سَبَق؛ وهو ما يُجعل من مال أو نوال للسابق على سبقه وتقدمه. الثانية: بسكون الباء: سبْق؛ وهو مصدر سَبَقت أسبِق سبْقًا، فهو بمعنى المسابقة. وقال الخطابي في معالم السنن (3/398): "والرواية الصحيحة في هذا الحديث السبَق مفتوحة الباء". وينظر: [شرح السنة للبغوي (10/394)، النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (سبق)، (2/388)]. إلَّا في خُفٍّالخف: الإبل. [ينظر: شرح السنة للبغوي (10/394)، النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (خفف)، (2/55)].، أو نَصْلٍالنصل: السهم. [ينظر: شرح السنة للبغوي (10/394)، معالم السنن (3/398)، النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (نصل)، (5/17)].، أَوْ حَافِرٍالحافر: الفرس، والخيل. [ينظر: شرح السنة للبغوي (10/394)، معالم السنن (3/398)، النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (حفر)، (1/406)]. ))رواه أحمد في المسند بهذا اللفظ (2/474)، وأبو داود في كتاب الجهاد- باب في السبق -، رقم (2574)، (3/63 - 64)، والترمذي في كتاب الجهاد- باب ما جاء في الرهان والسبق -، رقم (1700)، (4/205)، والنسائي في كتاب الخيل- باب السبق -، رقم 3585)، (6/226)، وابن ماجه في كتاب الجهاد- باب السبق والرهان -، رقم (2878)، (2/960). وهو بهذا اللفظ عند أحمد، ولفظ الجميع واحد، إلا أن فيه تقديمًا وتأخيرًا، عدا ابن ماجه فلم يذكر النصل، وهو من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وقال عنه الترمذي: "هذا حديث حسن"، وقال البغوي في شرح السنة (10/393): "هذا حديث حسن" وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/161): "صححه ابن القطان، وابن دقيق العيد". .
القسم الثاني: ما لا تجوز المسابقة فيه مطلقًا:
اتفق أهل العلم على أنه لا تجوز المسابقة في كل شيء أدخل في محرم، أو ألهى عن واجبحكى هذا الاتفاق: شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/250)، وابن القيم في كتاب الفروسية ص (178). . وذلك أن ما كان كذلك فهو داخل في قول الله - تعالى - : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ سورة المائدة، آيتا: (90 - 91)..
القسم الثالث: ما تجوز المسابقة فيه بدون عِوض:
اتفق أهل العلمحكى هذا الاتفاق: النووي في شرح مسلم (13/14)، وابن قدامة في المغني (13/407)، وابن حجر في فتح الباري (6/72). على جواز المسابقة بدون عوض في كل ما فيه منفعة، وليس فيه مضرة راجحة، كالمسابقة بالأقدام، أو السفن، أو المصارعة، أو السباحة، وما أشبه ذلك من المباحاتيُنظر: مجموع الفتاوى (32/227)، الفروسية لابن القيم ص (171). .