×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مكتبة الشيخ خالد المصلح / كتب مطبوعة / الحوافز التجارية / المسألة الأولى: هدية نقدية في كل سلعة

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المسألة الأولى: هدية نقدية في كل سلعة: الفرع الأول: واقعها: صورة هذه الهدية أن يعلن التاجر، أو الشركة، أن في كل علبة أو فرد من أفراد سلعة معينة ريالا أو ريالين ونحو ذلك؛ ليشجع على شرائها. ويذكر أهل التسويق أن فائدة هذا الأسلوب من أساليب الترويج، هو حسم ثمن السلعة مع المحافظة على ثبات السعر، دون التأثير في سياسة تجار التجزئة التخفيضية+++ينظر: ADVERTISONG PROCEDURE (إجراءات الدعاية ص 357).---.  الفرع الثاني: تخريجها الفقهي وحكمها: يحتمل هذا النحو من الهدايا النقدية التخريجين التاليين. التخريج الأول: أن هذه الهدية تخرج على مسألة مد عجوة ودرهم. ومسألة مد عجوة ودرهم هي أن يبيع ربويا بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه+++ينظر: شرح فتح القدير (7/144)، القوانين الفقهية ص (167)، حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب (2/35)، الروض المربع (2/113). تنبيه: الحنفية، والمالكية لم يسموا هذه المسألة بمسألة مد عجوة ودرهم فيما اطلعت عليه من كتبهم، بل يذكرونها دون تسمية. ---. وهذا النوع من الهدايا حقيقته أن البائع باع السلعة وما معها من أوراق نقدية بأوراق نقدية، فهي إحدى صور مسألة مد عجوة ودرهم.  ما يترتب على هذا التخريج: الخلاف في جواز هذا النوع من الهدايا النقدية بناء على اختلافهم في مسألة مد عجوة ودرهم. فقد اختلف أهل العلم في مسألة مد عجوة ودرهم على ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز مطلقا. وهو مذهب الشافعية+++ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/247 - 248)، الحاوي الكبير (5/113).---، والحنابلة+++ينظر: منتهى الإرادات (1/378)، كشاف القناع (3/260).---، وابن حزم من الظاهرية+++ينظر: المحلى (8/494-495).---. القول الثاني: يجوز إن كان ما مع الربويين تابعا، والمفرد أكثر من الذي معه غيره. وهذا مذهب المالكية+++ينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/377-378)، مواهب الجليل (4/330-331).---، ورواية في مذهب أحمد+++ينظر: الإنصاف (5/33).--- اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية+++ينظر: مجموع الفتاوى (29/461-466).---. القول الثالث: يجوز مطلقا. وهذا مذهب الحنفية+++ينظر: شرح معاني الآثار (4/72)، شرح فتح القدير (7/144)، تبيين الحقائق (4/138)، حاشية ابن عابدين (5/264). تنبيه: تبين من خلال مطالعة كتب الحنفية أنهم يفرقون في مسألة مد عجوة بين ما إذا باع ربويا بجنسه ومعهما من غير جنسهما، مثل ما إذا باع درهمين ودينارا بدرهم ودينارين، فهذا يجوز مطلقا؛ لأنهم يعتبرون الدرهمين بالدينار، والدرهم بالدينارين، وبين ما أذا باع ربويا بجنسه، ومع أحدهما من غير جنسه، مثل: إذا باع فيه حلية فضة خمسون درهما باعه بمائة درهم، فهذا يجوز إن كان المفرد من الربوي أزيد مما في الذي معه غيره. [ينظر شرح فتح القدير (7/142-144)، تبين الحقائق (4/136-138)]---، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ويذكر رواية عن أحمد)) +++ مجموع الفتاوى (29/457). ---.  أدلة القول الأول: استدلوا بأدلة من السنة، والنظر. أولا: من السنة: الأول: حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه- قال: اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا، فيها ذهب وخرز، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا تباع حتى تفصل» +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، (1591)، (3/1213).---. وجه الدلالة: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع القلادة من الذهب بالدنانير حتى يفصل ما فيها من خرز، وهذا يدل على تحريم بيع الربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير جنسه+++ينظر: الحاوي الكبير (5/114).---. المناقشة:  نوقش هذا الدليل من وجهين: 1. أن الحديث مضطرب في سنده ومتنه+++ينظر: شرح معاني الآثار (4/73)، شرح مشكل الآثار (15/382)، إعلاء السنن (14/285). ---. فأما سنده فقد روي مرفوعا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -، وموقوفا على فضالة، أما متنه ففي بعض الروايات أنه اشترى القلادة ((بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير)) +++ رواه أبو داود في كتاب البيوع والتجارات- باب في حلية السيف تباع بالدراهم -، رقم (3351)، (3/647) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ---، وفي بعضها: ((باثني عشر دينارا)) +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/90)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ---، وفي بعضها ((فيها ذهب وورق وجوهر)) +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/92)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ---، وفي بعضها: ((فيها ذهب وخرز)) +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/90)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ---. أن النبي- صلى الله عليه وسلم- إنما نهى عن بيع القلادة التي فيها ذهب وخرز؛ لأن ذهب القلادة أكثر من الثمن، فلا يدل ذلك على منع ما لو كان الذهب أكثر من الذي معه غيره+++ينظر: شرح مشكل الآثار (15/382)، مجموع الفتاوى (29/466)، إعلاء السنن (14/279). ---. الإجابة:  وأجيب على هذين بما يلي: 1. أما دعوى الاضطراب، فأجاب عنها الحافظ ابن حجر، فقال: ((هذا الاختلاف لا يوجب ضعفا، بل مقصود الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، أما جنسها وقدر ثمنها، فلا يتعلق به في هذه الحالة ما يوجب الحكم بالاضطراب، وحينئذ فينبغي الترجيح بين رواتها، وإن كان الجميع ثقات، فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم، ويكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة)) +++ التلخيص الحبير (2/235)، وينظر: تكملة السبكي للمجموع (10/313) . ---.  2. أما قولهم: إن النهي محمول على غير ما إذا كان الذهب المفرد أكثر من الذي معه شيء فجوابه أن ((النبي- صلى الله عليه وسلم- أطلق الجواب من غير سؤال، فدل على استواء الحالين)) +++ الحاوي الكبير (5/113). ---. ويشهد لهذا أن فضالة- رضي الله عنه-، وهو صاحب القصة، قد حمل نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- على العموم، فأجاب من سأله عن شراء قلادة فيها ذهب، وورق، وجواهر، فقال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذه إلا مثلا بمثل؛ فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يأخذن إلا مثلا بمثل» +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591)، (3/1214). ---. ويجاب عن ذلك أيضا بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب+++ينظر: ص (64) من هذا الكتاب. ---، فيشمل النهي بذلك غير صورة الحديث مما يكون فيه المفرد مساويا أو أقل من الذي معه غيره. الثاني: عموم الأحاديث التي فيها النهي عن بيع الذهب بالذهب، وسائر الأجناس الربوية إذا بيعت بجنسها، إلا مثلا بمثل وزنا في الموزونات، وكيلا في المكيلات. ومن ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل. والفضة بالفضة وزنا بوزن، مثلا بمثل، فمن زاد أو استزاد فهو ربا» +++ رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا-، رقم (1588)، (3/1212). ---.  وجه الدلالة: أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- أن لا يباع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، إلا عينا بعين، وزنا بوزن، وكذلك في سائر الأجناس الربوية إذا بيعت بجنسها، ومعلوم أن وجود خلط أو شيء مضاف إلى الجنس الربوي يحول دون ما أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم- من المساواة+++ينظر: المحلى (8/495). ---، فيجب إزالة الخلط لتتحقق المساواة، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب+++ينظر: التمهيد في أصول الفقه (1/322)، المحصول في علم الأصول (2/192)، شرح الكوكب المنير (1/57) القواعد والفوائد الأصولية القاعدة (17)، (94). ---. الثالث: أن معاوية- رضي الله عنه- ابتاع سيفا محلى بالذهب بذهب، فقال أبو الدرداء- رضي الله عنه -: لا يصلح هذا؛ فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عنه فقال: «الذهب بالذهب مثلا بمثل»، فقال معاوية- رضي الله عنه-: ما أرى بذلك بأسا، فقال أبو الدرداء- رضي الله عنه-: أحدثك عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتحدثني عن رأيك! والله لا أساكنك أبدا+++رواه مالك في كتاب البيوع- باب بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا -، رقم (33)، (2/634)، ورواه الشافعي في الرسالة، فقرة رقم (1228)، ص (446). وأصل القصة رواها النسائي في كتاب البيوع- باب الذهب بالذهب-، رقم (2572)، (7/279). وقال ابن عبد البر في التمهيد (4/71) بأن هذا الأثر منقطع؛ لكون عطاء بن يسار لم يسمع من أبي الدرداء. وقال الزرقاني في شرح الموطأ (3/279): "الإسناد صحيح، وإن لم يرد من وجه آخر". وصححه أيضا أحمد شاكر في تحقيق كتاب الرسالة ص (446)، والألباني في صحيح سنن النسائي رقم (4263)، (3/949). ---. وجه الدلالة: أن أبا الدرداء- رضي الله عنه- جعل هذه الصورة داخلة في عموم النهي عن بيع الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل. المناقشة:  نوقش هذا بثلاثة أمور: 1- أن الأثر منقطع، كما هو مبين في تخريجه. 2- أن هذه القصة غير معروفة لأبي الدرداء- رضي الله عنه-، بل القصة الصحيحة المشهورة معروفة لعبادة بن الصامت- رضي الله عنه- مع معاوية- رضي الله عنه- من وجوه وطرق شتى+++ينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/71-73). ---. 3- أنه لا يعلم لأبي الدرداء- رضي الله عنه- حديث في الصرف، ولا في بيع الذهب بالذهب، ولا في الورق بالورق. وهذا مما يؤكد ضعف هذه الرواية+++ ينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/71-73). ---. الإجابة:  أجيب عن هذه المناقشات بما يلي: 1- أنه لا يتعين الانقطاع لأجل عدم سماع عطاء من أبي الدرداء- رضي الله عنه-؛ لاحتمال أن يكون سمعه من معاوية- رضي الله عنه- فإنه قد سمع من جماعة من الصحابة هم أقدم موتا من معاوية+++ينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/72). ---. 2- كون القصة المشهورة معروفة لعبادة- رضي الله عنه- لا ينفي وقوع نظيرها لأبي الدرداء- رضي الله عنه-. 3- كونه لم يعلم لأبي الدرداء- رضي الله عنه- حديث في الصرف، لا يعني ضعف هذه القصة، فعدم العلم ليس علما بالعدم. ثانيا: من النظر: الأول: أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفي القيمة، انقسم الثمن على قدر قيمتيهما، وهذا يؤدي إلى أحد أمرين: إما إلى العلم بالتفاضل، وإما إلى الجهل بالتماثل، وكلاهما مبطل للعقد. فإذا باع مثلا درهما ومدا، والمد يساوي درهمين، باعهما بمدين، يساويان ثلاثة دراهم، كان الدرهم في مقابلة ثلثي مد، ثم يبقى مد في مقابلة مد وثلث، وهذا ربا؛ لأنه قد علم التفاضل، فلا يجوز. وإذا فرض التساوي بأن باع درهما ومدا، والمد يساوي درهما، باعهما بدرهم ومد، يساوي درهما، لم يجز أيضا؛ لأن التقويم ظن وتخمين، لا تتحقق معه المساواة+++ينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/379-380)، الحاوي الكبير (5/114-115)، المبدع (4/144). ---، والقاعدة أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل+++ينظر: بدائع الصنائع (5/193-194)، عقد الجواهر الثمينة (2/380)، تكملة المجموع للسبكي (10/435)، الإقناع للحجاوي (2/115)---؛ فإن الشارع قد أكد مراعاة التساوي واشتراطه، حتى قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مثلا بمثل، وزنا بوزن، ولا تشفوا+++لا تشفوا: أي لا تفضلوا [ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (شفف)، (2/486)].--- بعضها على بعض» +++ رواه البخاري في كتاب البيوع- باب بيع الفضة بالفضة-، رقم (2177)، (2/108) ؛ من حديث أبي سعيد- رضي الله عنه-. ---. المناقشة: نوقش هذا بأن المنقسم هو قيمة الثمن على قيمة المثمن، لا أجزاء أحدهما على قيمة الآخر، وحينئذ فالمفاضلة التي ذكرها منتفية+++ينظر: قواعد ابن رجب ص (248-249)، تبيين الحقائق (4/138-139). ---. الإجابة:  أجيب بالمنع؛ لأنه لو ظهر أحد العوضين مستحقا+++المستحق: وهو ظهور كون الشيء حقا واجبا للغير، وذلك بأن يكون المبيع مغصوبا، أو غير مملوك للبائع. [ينظر: حاشية ابن عابدين (5/191) ].--- أو رد بعيب أو غيره، فلا بد من معرفة ما يقابل الدرهم أو المد من الجملة الأخرى+++ينظر: الحاوي الكبير (5/115)، قواعد ابن رجب ص (249).---. الثاني: أن إباحة مد عجوة ودرهم بدرهمين ذريعة إلى الربا المحرم، فيمنع ذلك سدا للذريعة التي تفضي إلى الربا الصريح+++ينظر: قواعد ابن رجب ص (249). ---. أدلة القول الثاني:  استدل هؤلاء بدليل وتعليل: الأول: قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «من ابتاع عبدا، وله مال، فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع» +++ رواه البخاري في كتاب الشركة والمساقاة - باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل.-"رقم (2379)، (2/169-170)، ومسلم في كتاب البيوع- باب من باع نخلا وعليها تمر -، رقم (1543)، (3/1143). من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما -. ---.  وجه الدلالة:  أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أجاز بيع العبد الذي له مال مع ماله إذا اشترطه المبتاع، مع احتمال أن يكون ثمنه ربويا من جنس ماله، فدل ذلك على جواز بيع الربوي بجنسه ومعه من غير جنسه، إذا كان ذلك الغير تابعا+++ينظر: مجموع الفتاوى (29/465). ---.  المناقشة: نوقش هذا الاستدلال بأن بيع الربوي في مسألة مد عجوة مقصود بالعقد، أما هذا الحديث، فعلى فرض أن مال العبد المبيع ربوي من جنس الثمن، فهو تابع غير مقصود بالأصالة، فلا يتم الاستدلال به+++ينظر: قواعد ابن رجب ص (250). ---. ومما يؤكد هذا المعنى أن الذين استدلوا بهذا الحديث على جواز مسألة مد عجوة اشترطوا أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره، والقول بجواز بيع العبد الذي له مال لا يتقيد بذلك+++ينظر: قواعد ابن رجب ص (251). ---. الثاني: أن العقد إذا أمكن حمله على الصحة لم يجز حمله على الفساد؛ لأن الأصل حمل العقود على الصحة+++ينظر: شرح فتح القدير (7/146)، الحاوي الكبير (5/113)، مجموع الفتاوى (29/466). ---.  المناقشة:  نوقش هذا الأصل الذي ذكره الحنفية وغيرهم بأنه ينتقض ((بمن باع سلعة إلى أجل ثم اشتراها نقدا بأقل من الثمن الأول، فإنه لا يجوز عندهم مع إمكان حمله على الصحة، وهما عقدان يجوز كل واحد منهما على الانفراد، وجعلوا العقد الواحد هنا عقدين+++بيان ذلك أن الحنفية في مسألة بيع الربوي بجنسه ومع أحدهما من غير جنسه، جعلوا العقد الواحد عقدين بيعا وصرفا. مثال ذلك: إذا باع سيفا محلى بمائة درهم حليته خمسون، فيقولون: مائة الدرهم التي هي الثمن خمسون منها ثمن للسيف مجردا من الحلي، وهذا بيع، والخمسون الثانية مقابل حليته، وهذا صرف. [ينظر: شرح فتح القدير (7/141)، حاشية ابن عابدين (5/260-261) ---؛ ليحملوه على الصحة، فكان هذا إفسادا لقولهم)) +++ الحاوي الكبير (5/115). ---. أدلة القول الثالث: استدل أصحاب هذا القول بالدليل الثاني من أدلة أصحاب القول الثاني+++ينظر: بدائع الصنائع (5/195)، البناية في شرح الهداية (7/514)، إعلاء السنن (14/279-287). ---، وأن الأصل في المعاملات الحل. الترجيح:  الذي يظهر ترجيحه في هذه المسألة- والله أعلم- هو القول الأول، بالمنع وعدم الجواز؛ لقوة أدلة القائلين به، وسلامتها من المناقشة، ولضعف أدلة الأقوال الأخرى، وعدم انفكاكها من المناقشات. التخريج الثاني: أن هذه الهدية النقدية هبة ممنوحة لكل مشتر يقصد منها حط ثمن السلعة وتخفيضه والحسم منه. وبيان هذا أنه لو كان ثمن السلعة عشرة ريالات مثلا، وكان في السلعة هدية نقدية قدرها ريالان، فحقيقة الأمر أن المشتري حصل حسما وتخفيضا من ثمن السلعة بقدر الهدية النقدية. وقد ذكر بعض الفقهاء أن هبة البائع للمشتري حط من الثمن وتخفيض، قال في مطالب أولي النهى: ((وهبة بائع لوكيل اشترى منه كنقص من الثمن، فتلتحق بالعقد؛ لأنه موكله، وهو المشتري)) +++ (3/132)---. ما يترتب على هذا التخريج:  أولا: جواز هذا النوع من الهدايا النقدية؛ لأن الأصل في المعاملات الإباحة، ولا دليل على المنع. ثانيا: يحب العلم بقدر هذه الهدية؛ لئلا يفضي ذلك إلى جهالة الثمن. ثالثا: ثمن السلعة هو ما يبقى بعد حسم ما في السلعة من نقود. رابعا: إذا انفسخ العقد فإن المشتري يرجع على البائع بما بقي من الثمن  بعد الحسم، ويرجع البائع بالسلعة فقط. المناقشة لهذا التخريج:  نوقش هذا التخريج: بأن البائع والمشتري لا يريان أن هذه الهدية النقدية حسم من الثمن، بل هي في الحقيقة هبة مستقلة لا أثر لها على الثمن، ولذلك تجد البائع والمشتري يتكلمان بالثمن الذي وقع عليه العقد دون احتساب لهذه الهدية النقدية. الترجيح بين التخريجات:  الذي يظهر أن تخريج الهدية النقدية على مسألة مد عجوة ودرهم أقرب للصواب، وعلى هذا فإن هذا النوع من الهدايا النقدية لا يجوز؛ لما فيه من الربا. وأما ما ذكره التسويقيون من أن المقصود من هذه الوسيلة الترويجية التخفيض والحسم، فالجواب عنه أن هذا المقصود وإن كان صحيحا، فإن وسيلته ممنوعة محرمة؛ لاشتمالها على الربا.

المشاهدات:3797
المسألة الأولى: هدية نقدية في كل سلعة:
الفرع الأول: واقعها:
صورة هذه الهدية أن يعلن التاجر، أو الشركة، أن في كل علبة أو فرد من أفراد سلعة معينة ريالًا أو ريالين ونحو ذلك؛ ليشجع على شرائها.
ويذكر أهل التسويق أن فائدة هذا الأسلوب من أساليب الترويج، هو حسم ثمن السلعة مع المحافظة على ثبات السعر، دون التأثير في سياسة تجار التجزئة التخفيضيةينظر: ADVERTISONG PROCEDURE (إجراءات الدعاية ص 357).. 
الفرع الثاني: تخريجها الفقهي وحكمها:
يحتمل هذا النحو من الهدايا النقدية التخريجين التاليين.
التخريج الأول: أن هذه الهدية تخرّج على مسألة مُدّ عَجوة ودِرهم.
ومسألة مد عجوة ودرهم هي أن يبيع ربويًّا بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسهينظر: شرح فتح القدير (7/144)، القوانين الفقهية ص (167)، حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب (2/35)، الروض المربع (2/113). تنبيه: الحنفية، والمالكية لم يسموا هذه المسألة بمسألة مد عجوة ودرهم فيما اطلعت عليه من كتبهم، بل يذكرونها دون تسمية. .
وهذا النوع من الهدايا حقيقته أن البائع باع السلعة وما معها من أوراق نقدية بأوراق نقدية، فهي إحدى صور مسألة مد عجوة ودرهم. 
ما يترتب على هذا التخريج:
الخلاف في جواز هذا النوع من الهدايا النقدية بناءً على اختلافهم في مسألة مد عجوة ودرهم.
فقد اختلف أهل العلم في مسألة مد عجوة ودرهم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يجوز مطلقًا.
وهو مذهب الشافعيةينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي (3/247 - 248)، الحاوي الكبير (5/113).، والحنابلةينظر: منتهى الإرادات (1/378)، كشاف القناع (3/260).، وابن حزم من الظاهريةينظر: المحلى (8/494-495)..
القول الثاني: يجوز إن كان ما مع الربويين تابعًا، والمفرد أكثر من الذي معه غيره.
وهذا مذهب المالكيةينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/377-378)، مواهب الجليل (4/330-331).، ورواية في مذهب أحمدينظر: الإنصاف (5/33). اختارها شيخ الإسلام ابن تيميةينظر: مجموع الفتاوى (29/461-466)..
القول الثالث: يجوز مطلقًا.
وهذا مذهب الحنفيةينظر: شرح معاني الآثار (4/72)، شرح فتح القدير (7/144)، تبيين الحقائق (4/138)، حاشية ابن عابدين (5/264). تنبيه: تبين من خلال مطالعة كتب الحنفية أنهم يفرقون في مسألة مد عجوة بين ما إذا باع ربويًّا بجنسه ومعهما من غير جنسهما، مثل ما إذا باع درهمين ودينارًا بدرهم ودينارين، فهذا يجوز مطلقًا؛ لأنهم يعتبرون الدرهمين بالدينار، والدرهم بالدينارين، وبين ما أذا باع ربويًّا بجنسه، ومع أحدهما من غير جنسه، مثل: إذا باع فيه حلية فضة خمسون درهمًا باعه بمائة درهم، فهذا يجوز إن كان المفرد من الربوي أزيد مما في الذي معه غيره. [ينظر شرح فتح القدير (7/142-144)، تبين الحقائق (4/136-138)]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ويذكر رواية عن أحمد)) مجموع الفتاوى (29/457). . 
أدلة القول الأول:
استدلوا بأدلة من السنة، والنظر.
أولًا: من السنة:
الأول: حديث فَضالة بن عُبيد- رضي الله عنه- قال: اشتريت يوم خَيبر قِلادة باثني عشر دِينارًا، فيها ذهب وخَرَزَ، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ» رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، (1591)، (3/1213)..
وجه الدلالة:
أن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع القلادة من الذهب بالدنانير حتى يفصل ما فيها من خرز، وهذا يدل على تحريم بيع الربوي بجنسه ومعه أو معهما من غير جنسهينظر: الحاوي الكبير (5/114)..
المناقشة: 
نوقش هذا الدليل من وجهين:
1. أن الحديث مضطرب في سنده ومتنهينظر: شرح معاني الآثار (4/73)، شرح مشكل الآثار (15/382)، إعلاء السنن (14/285). .
فأما سنده فقد رُوي مرفوعًا إلى النبي- صلى الله عليه وسلم -، وموقوفًا على فضالة، أما متنه ففي بعض الروايات أنه اشترى القلادة ((بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير)) رواه أبو داود في كتاب البيوع والتجارات- باب في حلية السيف تباع بالدراهم -، رقم (3351)، (3/647) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ، وفي بعضها: ((باثني عشر دينارًا)) رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/90)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ، وفي بعضها ((فيها ذهب وورق وجوهر)) رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/92)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. ، وفي بعضها: ((فيها ذهب وخرز)) رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591/90)، (3/1213) ؛ من حديث فضالة بن عبيد- رضي الله عنه -. .
أن النبي- صلى الله عليه وسلم- إنما نهى عن بيع القلادة التي فيها ذهب وخرز؛ لأن ذهب القلادة أكثر من الثمن، فلا يدل ذلك على منع ما لو كان الذهب أكثر من الذي معه غيرهينظر: شرح مشكل الآثار (15/382)، مجموع الفتاوى (29/466)، إعلاء السنن (14/279). .
الإجابة: 
وأجيب على هذين بما يلي:
1. أما دعوى الاضطراب، فأجاب عنها الحافظ ابن حجر، فقال: ((هذا الاختلاف لا يوجب ضعفًا، بل مقصود الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، أما جنسها وقدر ثمنها، فلا يتعلق به في هذه الحالة ما يوجب الحكم بالاضطراب، وحينئذ فينبغي الترجيح بين رواتها، وإن كان الجميع ثقات، فيحكم بصحة رواية أحفظهم وأضبطهم، ويكون رواية الباقين بالنسبة إليه شاذة)) التلخيص الحبير (2/235)، وينظر: تكملة السبكي للمجموع (10/313) .
2. أما قولهم: إن النهي محمول على غير ما إذا كان الذهب المفرد أكثر من الذي معه شيء فجوابه أن ((النبي- صلى الله عليه وسلم- أطلق الجواب من غير سؤال، فدلَّ على استواء الحالين)) الحاوي الكبير (5/113). . ويشهد لهذا أن فضالة- رضي الله عنه-، وهو صاحب القصة، قد حمل نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- على العموم، فأجاب من سأله عن شراء قلادة فيها ذهب، وورق، وجواهر، فقال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذه إلا مثلًا بمثل؛ فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» رواه مسلم في كتاب المساقاة- القلادة فيها خرز وذهب -، رقم (1591)، (3/1214). .
ويُجاب عن ذلك أيضًا بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السببينظر: ص (64) من هذا الكتاب. ، فيشمل النهي بذلك غير صورة الحديث مما يكون فيه المفرد مساويًا أو أقل من الذي معه غيره.
الثاني: عموم الأحاديث التي فيها النهي عن بيع الذهب بالذهب، وسائر الأجناس الربوية إذا بِيعت بجنسها، إلا مثلًا بمثل وزنًا في الموزونات، وكيلًا في المكيلات.
ومن ذلك قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ. وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا» رواه مسلم في كتاب المساقاة- باب بيع الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا-، رقم (1588)، (3/1212). . 
وجه الدلالة:
أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- أن لا يباع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، إلا عينًا بعين، وزنًا بوزن، وكذلك في سائر الأجناس الربوية إذا بيعت بجنسها، ومعلوم أن وجود خلط أو شيء مضاف إلى الجنس الربوي يَحُول دون ما أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم- من المساواةينظر: المحلى (8/495). ، فيجب إزالة الخلط لتتحقق المساواة، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجبينظر: التمهيد في أصول الفقه (1/322)، المحصول في علم الأصول (2/192)، شرح الكوكب المنير (1/57) القواعد والفوائد الأصولية القاعدة (17)، (94). .
الثالث: أن معاوية- رضي الله عنه- ابتاع سيفًا محلى بالذهب بذهب، فقال أبو الدرداء- رضي الله عنه -: لا يصلح هذا؛ فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - نهى عنه فقال: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»، فقال معاوية- رضي الله عنه-: ما أرى بذلك بأسًا، فقال أبو الدرداء- رضي الله عنه-: أحدثك عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتحدثني عن رأيك! والله لا أساكنك أبدًارواه مالك في كتاب البيوع- باب بيع الذهب بالفضة تبرًا وعينًا -، رقم (33)، (2/634)، ورواه الشافعي في الرسالة، فقرة رقم (1228)، ص (446). وأصل القصة رواها النسائي في كتاب البيوع- باب الذهب بالذهب-، رقم (2572)، (7/279). وقال ابن عبد البر في التمهيد (4/71) بأن هذا الأثر منقطع؛ لكون عطاء بن يسار لم يسمع من أبي الدرداء. وقال الزرقاني في شرح الموطأ (3/279): "الإسناد صحيح، وإن لم يرد من وجه آخر". وصححه أيضًا أحمد شاكر في تحقيق كتاب الرسالة ص (446)، والألباني في صحيح سنن النسائي رقم (4263)، (3/949). .
وجه الدلالة:
أن أبا الدرداء- رضي الله عنه- جعل هذه الصورة داخلة في عموم النهي عن بيع الذهب بالذهب، إلا مثلًا بمثل.
المناقشة: 
نوقش هذا بثلاثة أمور:
1- أن الأثر منقطع، كما هو مبين في تخريجه.
2- أن هذه القصة غير معروفة لأبي الدرداء- رضي الله عنه-، بل القصة الصحيحة المشهورة معروفة لعبادة بن الصامت- رضي الله عنه- مع معاوية- رضي الله عنه- من وجوه وطرق شتىينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/71-73). .
3- أنه لا يعلم لأبي الدرداء- رضي الله عنه- حديث في الصرف، ولا في بيع الذهب بالذهب، ولا في الورق بالورق. وهذا مما يؤكد ضعف هذه الرواية ينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/71-73). .
الإجابة: 
أجيب عن هذه المناقشات بما يلي:
1- أنه لا يتعين الانقطاع لأجل عدم سماع عطاء من أبي الدرداء- رضي الله عنه-؛ لاحتمال أن يكون سمعه من معاوية- رضي الله عنه- فإنه قد سمع من جماعة من الصحابة هم أقدم موتًا من معاويةينظر: التمهيد لابن عبد البر (4/72). .
2- كون القصة المشهورة معروفة لعبادة- رضي الله عنه- لا ينفي وقوع نظيرها لأبي الدرداء- رضي الله عنه-.
3- كونه لم يُعْلَم لأبي الدرداء- رضي الله عنه- حديث في الصرف، لا يعني ضعف هذه القصة، فعدم العلم ليس علمًا بالعدم.
ثانيًا: من النظر:
الأول: أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفي القيمة، انقسم الثمن على قدر قيمتيهما، وهذا يؤدي إلى أحد أمرين: إما إلى العلم بالتفاضل، وإما إلى الجهل بالتماثل، وكلاهما مبطِل للعقد. فإذا باع مثلًا درهمًا ومدًّا، والمد يساوي درهمين، باعهما بمدين، يساويان ثلاثة دراهم، كان الدرهم في مقابلة ثلثي مد، ثم يبقى مد في مقابلة مد وثلث، وهذا ربا؛ لأنه قد علم التفاضل، فلا يجوز. وإذا فُرِضَ التساوي بأن باع درهمًا ومدًّا، والمد يساوي درهمًا، باعهما بدرهم ومدٍّ، يساوي درهمًا، لم يجز أيضًا؛ لأن التقويم ظن وتخمين، لا تتحقق معه المساواةينظر: عقد الجواهر الثمينة (2/379-380)، الحاوي الكبير (5/114-115)، المبدع (4/144). ، والقاعدة أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضلينظر: بدائع الصنائع (5/193-194)، عقد الجواهر الثمينة (2/380)، تكملة المجموع للسبكي (10/435)، الإقناع للحجاوي (2/115)؛ فإن الشارع قد أكد مراعاة التساوي واشتراطه، حتى قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا تُشِفُّوالا تشفوا: أي لا تفضلوا [ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (شفف)، (2/486)]. بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ» رواه البخاري في كتاب البيوع- باب بيع الفضة بالفضة-، رقم (2177)، (2/108) ؛ من حديث أبي سعيد- رضي الله عنه-. .
المناقشة:
نُوقش هذا بأن المنقسم هو قيمة الثَّمَن على قيمة الْمُثْمَن، لا أجزاء أحدهما على قيمة الآخر، وحينئذٍ فالمفاضلة التي ذكرها منتفيةينظر: قواعد ابن رجب ص (248-249)، تبيين الحقائق (4/138-139). .
الإجابة: 
أجيب بالمنع؛ لأنه لو ظهر أحد العوضين مُسْتَحقًّاالمُسْتَحَق: وهو ظهور كون الشيء حقًّا واجبًا للغير، وذلك بأن يكون المبيع مغصوبًا، أو غير مملوك للبائع. [ينظر: حاشية ابن عابدين (5/191) ]. أو رُدّ بعيب أو غيره، فلا بد من معرفة ما يقابل الدرهم أو المد من الجملة الأخرىينظر: الحاوي الكبير (5/115)، قواعد ابن رجب ص (249)..
الثاني: أن إباحة مد عجوة ودرهم بدرهمين ذريعة إلى الربا المحرم، فيمنع ذلك سدًّا للذريعة التي تفضي إلى الربا الصريحينظر: قواعد ابن رجب ص (249). .
أدلة القول الثاني: 
استدل هؤلاء بدليل وتعليل:
الأول: قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» رواه البخاري في كتاب الشركة والمساقاة - باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل.-"رقم (2379)، (2/169-170)، ومسلم في كتاب البيوع- باب من باع نخلًا وعليها تمر -، رقم (1543)، (3/1143). من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما -. . 
وجه الدلالة: 
أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أجاز بيع العبد الذي له مال مع ماله إذا اشترطه المبتاع، مع احتمال أن يكون ثمنه ربويًّا من جنس ماله، فدل ذلك على جواز بيع الربوي بجنسه ومعه من غير جنسه، إذا كان ذلك الغير تابعًاينظر: مجموع الفتاوى (29/465). . 
المناقشة:
نوقش هذا الاستدلال بأن بيع الربوي في مسألة مد عجوة مقصود بالعقد، أما هذا الحديث، فعلى فرض أن مال العبد المبيع ربوي من جنس الثمن، فهو تابع غير مقصود بالأصالة، فلا يتم الاستدلال بهينظر: قواعد ابن رجب ص (250). . ومما يؤكد هذا المعنى أن الذين استدلوا بهذا الحديث على جواز مسألة مد عجوة اشترطوا أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره، والقول بجواز بيع العبد الذي له مال لا يتقيد بذلكينظر: قواعد ابن رجب ص (251). .
الثاني: أن العقد إذا أمكن حمله على الصحة لم يجز حمله على الفساد؛ لأن الأصل حمل العقود على الصحةينظر: شرح فتح القدير (7/146)، الحاوي الكبير (5/113)، مجموع الفتاوى (29/466).
المناقشة: 
نوقش هذا الأصل الذي ذكره الحنفية وغيرهم بأنه ينتقض ((بمن باع سلعة إلى أجل ثم اشتراها نقدًا بأقل من الثمن الأول، فإنه لا يجوز عندهم مع إمكان حمله على الصحة، وهما عقدان يجوز كل واحد منهما على الانفراد، وجعلوا العقد الواحد هنا عقدينبيان ذلك أن الحنفية في مسألة بيع الربوي بجنسه ومع أحدهما من غير جنسه، جعلوا العقد الواحد عقدين بيعًا وصرفًا. مثال ذلك: إذا باع سيفًا محلى بمائة درهم حليته خمسون، فيقولون: مائة الدرهم التي هي الثمن خمسون منها ثمن للسيف مجردًا من الحلي، وهذا بيع، والخمسون الثانية مقابل حليته، وهذا صرف. [ينظر: شرح فتح القدير (7/141)، حاشية ابن عابدين (5/260-261) ؛ ليحملوه على الصحة، فكان هذا إفسادًا لقولهم)) الحاوي الكبير (5/115). .
أدلة القول الثالث:
استدل أصحاب هذا القول بالدليل الثاني من أدلة أصحاب القول الثانيينظر: بدائع الصنائع (5/195)، البناية في شرح الهداية (7/514)، إعلاء السنن (14/279-287). ، وأن الأصل في المعاملات الحل.
الترجيح: 
الذي يظهر ترجيحه في هذه المسألة- والله أعلم- هو القول الأول، بالمنع وعدم الجواز؛ لقوة أدلة القائلين به، وسلامتها من المناقشة، ولضعف أدلة الأقوال الأخرى، وعدم انفكاكها من المناقشات.
التخريج الثاني: أن هذه الهدية النقدية هبة ممنوحة لكل مشترٍ يُقْصَد منها حط ثمن السلعة وتخفيضه والحسم منه. وبيان هذا أنه لو كان ثمن السلعة عشرة ريالات مثلًا، وكان في السلعة هدية نقدية قدرها ريالان، فحقيقة الأمر أن المشتري حصّل حسمًا وتخفيضًا من ثمن السلعة بقدر الهدية النقدية.
وقد ذكر بعض الفقهاء أن هبة البائع للمشتري حط من الثمن وتخفيض، قال في مطالب أولي النهى: ((وهبة بائع لوكيل اشترى منه كنقص من الثمن، فتلتحق بالعقد؛ لأنه موكله، وهو المشتري)) (3/132).
ما يترتب على هذا التخريج: 
أولًا: جواز هذا النوع من الهدايا النقدية؛ لأن الأصل في المعاملات الإباحة، ولا دليل على المنع.
ثانيًا: يحب العلم بقدر هذه الهدية؛ لئلا يفضي ذلك إلى جهالة الثمن.
ثالثًا: ثمن السلعة هو ما يبقى بعد حسم ما في السلعة من نقود.
رابعًا: إذا انفسخ العقد فإن المشتري يرجع على البائع بما بقي من الثمن 
بعد الحسم، ويرجع البائع بالسلعة فقط.
المناقشة لهذا التخريج: 
نوقش هذا التخريج: بأن البائع والمشتري لا يريان أن هذه الهدية النقدية حسم من الثمن، بل هي في الحقيقة هبة مستقلة لا أثر لها على الثمن، ولذلك تجد البائع والمشتري يتكلمان بالثمن الذي وقع عليه العقد دون احتساب لهذه الهدية النقدية.
الترجيح بين التخريجات: 
الذي يظهر أن تخريج الهدية النقدية على مسألة مد عجوة ودرهم أقرب للصواب، وعلى هذا فإن هذا النوع من الهدايا النقدية لا يجوز؛ لما فيه من الربا.
وأما ما ذكره التسويقيون من أن المقصود من هذه الوسيلة الترويجية التخفيض والحسم، فالجواب عنه أن هذا المقصود وإن كان صحيحًا، فإن وسيلته ممنوعة محرمة؛ لاشتمالها على الربا.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74768 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53355 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50921 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46027 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45574 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف