المطلب الأول: تعريفها:
أولًا: تعريفها لغة:
الهدية في اللغة: ((بعثةُ لطفٍ)) معجم المقاييس في اللغة، مادة (هدي)، ص (1067). ، وما أَتْحَفتَ به غيركينظر: لسان العرب، مادة (هدي)، (15/357). .
وقيل: هي ما بَعَثْتَه لغيرك إكرامًا أو توددًاينظر: التوقيف على مهمات التعاريف ص (74)، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (4/216)..
ثانيًا: تعريفها اصطلاحًا:
الهدية في اصطلاح الفقهاء: جرى الفقهاء على ذكر الهدية في باب الهبةينظر: تبيين الحقائق (5/91)، مواهب الجليل (6/49)، مغني المحتاج (2/397)، الروض المربع ص (328). ؛ لأن الهدية نوع من الهبة، وقد عرّف الفقهاء الهبة بأنها: تمليك من غير عوضينظر: حاشية ابن عابدين (5/687)، شرح حدود ابن عرفة (2/552)، شرح المحلي على منهاج الطالبين (13/110)، المقنع ص (164)، المحلى (9/123). . ثم إنهم قالوا: إن كان هذا التمليك يقصد به وجه الله- تعالى- عبادةً محضةً من غير قصد في شخص معين، ولا طلب غرض من جهته فهذا صدقةينظر: تبيين الحقائق (5/104)، الذخيرة للقرافي (6/223)، مغني المحتاج (2/397)، منتهى الإرادات (2/22)، مجموع الفتاوى (31/269). .
وإن كان المقصود منه الإكرام، أو التودد، أو الصلة، أو التآلف، أو المكافأة، أو طلب حاجة، أو نحو ذلك، فهو هديةينظر: مغني المحتاج (2/404)، الشرح الكبير لابن قدامة (17/6)، مجموع الفتاوى (31/269)، الإنصاف (7/164). تنبيه: ذهب الحنفية والمالكية إلى أن الهبة هي الهدية، فكل مال يقصد به وجه الله من التمليكات بلا عوض، فإنها هبات. [ينظر: بدائع الصنائع (6/115)، تكملة شرح فتح القدير (9/56)، مواهب الجليل (6/49)].، فبناءً على هذا يمكن القول بأن الهدية: تمليك من غير عوض لغير حاجة المُعْطَى.
الهدية في اصطلاح التسويقيين: هي ما يمنحه التجار والباعة للمستهلكين من سلع أو خدمات دون عوض؛ مكافأة، أو تشجيعًا، أو تذكيرًا.
ثالثًا: الفرق بين تعريفي الفقهاء والتسويقيين للهدية:
مما سبق يتبين أن الهدية عند أهل التسويق أوسع مدلولًا منها عند الفقهاء؛ فالتسويقيون أدخلوا في الهدية الخدمات، بخلاف الفقهاء؛ فعلى سبيل المثال ما تقدمه بعض محلات تغيير زيوت السيارات، أو غسيلها من بطاقات عند كل غسلة أو تغيير، على أنه إذا اجتمع عدد معين من هذه البطاقات حَصَلَ الجامع على غسلة مجانيّة، أو فحص مجاني، أو غير ذلك من الخدمات؛ فهذا الحافز الترغيبي هدية عند التسويقيين.
أما الفقهاء: فلا يدخل ذلك في مسمى الهدية عندهم؛ لأن الهدية في اصطلاحهم تمليك عين من غير عوض لغير حاجة المُعْطَىينظر: بدائع الصنائع (6/116)، الشرح الصغير للدردير (3/223)، فتح الجواد (1/625)، الإنصاف (7/134)، المحلى (9/124). ، والخدمة ليست عينًا، بل هي منفعة. فهدية الخدمة حقيقتها عند المالكيةينظر: مواهب الجليل (6/61)، منح الجليل (8/201-202). ، والشافعيةينظر: حاشية قليوبي وعميرة (3/112)، قلائد الخرائد (1/653). ، والحنابلةينظر: الإنصاف (7/164)، الشرح الكبير لابن قدامة (17/344). هبة منفعة. وأما عند الحنفيةينظر: بدائع الصنائع (6/116-118)، البحر الرائق (7/285)، ملتقى الأبحر (5/150)، تكملة شرح فتح القدير (9/3-4). فهي عارية أو إباحة نفع؛ لأن هبة المنافع عندهم لا تكون إلا عارية.