المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلًا ومرحبًا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والذي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.
نحييكم ونرحب بكم في مطلع هذا اللقاء، وهذه في الحلقة يسعد بصحبتكم من الإعداد والتقديم محدثكم عبد الله الداني وينفذ هذه الحلقة على الهواء زميلي مصطفى الصحفي، كما يسرني أن أرحب في بدء هذا اللقاء بضيفي وضيفيكم الدائم في هذا البرنامج الأسبوعي فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم فالسلام عليكم وأهلًا ومرحبًا بكم يا شيخ خالد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك، حياك الله أخ عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات.
المقدم: مرحبًا بكم وأهلًا بكل المستمعين والمستعمات الذين يستمعون إلينا الآن عبر الأثير إلى هذا البرنامج المباشر برنامج "الدين والحياة" ونود إبلاغهم والتنويه بأنه يمكنهم أن يتواصلوا معنا في هذه الحلقة بالاتصال على الرقم: 0126477117 و: 0126493028، وإرسال الرسائل النصية على الرقم: 0582824040، أو بالمشاركة في التغريد على الهشتاج المخصص للبرنامج "الدين والحياة" على تويتر.
مستمعينا الكرام حديثنا في هذه الحلقة عن:
قبول الأعمال
هذا هو الحديث الذي سيدور حوله النقاش في هذه الحلقة فأهلًا وسهلًا بكل المستمعين والمستمعات.
حياكم الله من جديد مستمعينا الكرام في بداية هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" حديثنا عن: قبول الأعمال.
مستمعينا الكرام: إن المسلم يعمل العمل راجيًا من الله القبول، وإذا قُبل العمل من الإنسان فهذا دليل أن العمل وقع صحيحًا على الوجه الذي يحب الله تبارك وتعالى.
قال الفضيل بن عياض: إن الله لا يقبل من العمل إلا أخلصه وأصوبه[مدارج السالكين:1/105]، فأخلصه ما كان لله خالصًا، وأصوبه ما كان على السنة، وقد ذكر الله -سبحانه وتعالى- أنه لا يقبل العمل إلا من المتقين، قال -سبحانه وتعالى- في سورة المائدة: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27 .
حديثنا مستمعينا الكرام في هذه الحلقة عن: قبول الأعمال، ونحيي من جديد بضيفنا، وضيفُنا فضيلة الشيخ الدكتور خالد، حياك الله يا شيخ خالد.
في البداية: كيف يمكن للإنسان المسلم أن يعرف أن عمله قد قُبل، وأن الجهد الذي قام به قد آتى ثمرته؟ خاصةً وأننا نعيش هذه الأيام التي تعقب أداء كثيرٍ من الناس لمناسك الحج.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك يا أخي عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات وأهلًا وسهلًا بكم، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم من الموفقين المسددين المقبولين، فالفوز في قبول المنان -جل في علاه-، وقد قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27 .
حديثنا في هذه الساعة ليس على الحجاج فحسب، فلعل كل العمال الذين يعملون في هذه الدنيا لمرضاة الله -عز وجل- سواء كان ذلك في حجٍّ أو في صومٍ، أو في صلاةٍ، أو في زكاة، أو في بر الوالدين، أو في أداء الأمانة، أو النصح للأمة، أو غير ذلك من أوجه أعمال البر وصنوف الطاعات.
أخي الكريم، أختي الكريمة لاشك أن العمل مهما كان سواء كان عملًا دينيًّا أو عملًا دنيويًا، عمل يبتغي به الإنسان الأجر في الآخرة، أو عمل مما يصلح به معاشه مما يتعلق بأمر الدنيا، جميع الأعمال يكتنفها أحوال، هذه الأعمال على اختلافها تمر بثلاثة مراحل.
نحن لن نتحدث عن الأعمال المتعلقة بشؤون الإنسان الدنيوية فهذه أعمال وإن كان ذات بال، ومهمة إلا أن حديثنا فيما يتعلق بالعمل الصالح على وجه التحديد حتى نعرف أن مقصودنا بالعمل الذي نتحدث عنه وأحوال الإنسان فيه هو فيما يتعلق بأعمال الطاعات وصالح الأعمال، وغيرها من الأعمال تجري على هذا النحو، لكن لما نتكلم عن الأعمال الصالحة فنحن نتكلم عن ذروة الأعمال وأفضلها، وأنفعها، وأبقاها أثرًا، وأعظمها عاقبةً في ما يتعلق بسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وبقية الأعمال تجري على هذا النحو.
الإنسان في كل عملٍ يقبل عليه له فيه ثلاثة أحوال، أو في كل عمل يدخل فيه له فيه ثلاثة أحوال:
- حال قبل العمل
- وحال أثناء العمل
- وحال بعد العمل
وهذا لنستحضره في كل أعمالنا على سبيل المثال: نحن نستقبل صلاة العصر، وعندما تأتي نصليها، ثم بعدها نفرغ منها كما هو حالنا في صلاة الظهر استقبلناها وفعلناها والآن هي وراء ظهورنا مضت، وانقضت نسأل الله القبول، وكذلك قس على هذا جميع ما يكون من الأعمال الصالحة، ثمة استقبالٌ لهذه الأعمال هذه الحال الأولى مباشرة لهذه الأعمال هذه الحال الثانية، فراغ منها وانقضاء الأعمال هذه الحال الثالثة.
عندما ننظر إلى هذه الأحوال الثلاثة نجد أن الشريعة المطهرة احتفت بالعمل الصالح حفاوة بالغة لإتقانه، فإن الله تعالى قد بين لنا في غاية الوجود والمقصود من الخلق أن المقصود عبادته -جل في علاه-، فقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ الذاريات:56؛ ولأن هذا هو الهدف كان أول نداء في القرآن، وأول أمر صريح في كتاب الله -عز وجل- هو الأمر بعبادته وحده لا شريك له، الأمر بتوحيده، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة:21 .
ثم بين أنه هذه العبادة مطلوبة التي من أجلها خُلق الناس ليست هي مجرد العمل على أي صورة وكيفما اتفق، بل هو عملٌ ينبغي أن يكون على أحسن ما يمكن الإنسان من الإتقان؛ ولذلك يقول الله جل جلاله في محكم كتابه: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ الملك:2، وأحسن: أفعل من صيغ التفضيل التي تدل على المفاضلة بين عملٍ وآخر، وبين الأشياء فقوله: أحسن أي السابق في الحُسن، المتقدم على غيره في الإتقان؛ ولهذا احتاطت الشريعة في أمرها ونهيها لإتقان العمل في كل أحواله في استقباله، وفي مباشرته، وفي الفراغ منه وفي الانتهاء.
ففي الاستقبال كانت الشريعة في غاية العناية بأن تتهيأ القلوب لهذه الأعمال، أولًا: بصالح النوايا وسليم المقاصد فالنية الصالحة، والقصد الحسن مما يُدرك به الإنسان أجرًا عظيمًا حتى ولو لم يوجد العمل بل الأمر أبعد من هذا فإنه لو أراد الإنسان عملًا وقصده ولم يتمكن من فعله فإن الله تعالى يكتبه له كاملًا موفورًا.
قال الله تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾ النساء:95، هذه الآية الكريمة ذكرت عدم المساواة بين من بذل نفسه وماله وجاهد في سبيل الله، وبين من جلس ولم يتقدم بشيء فقال تعالى: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ النساء:95، فالله -عز وجل- استثنى من القاعدين العاجزين الذين لا يستطيعون العمل.
فقال: ﴿غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾، فجعل العاجز في مرتبة المجاهد بماله ونفسه إذا كان الذي حبسه عن العمل بذلك عجزه وضرره الذي حال بينه وبين أداء العمل، وهذا يبين لنا أن النية والقصد في غاية الضرورة لأن يعتني به الإنسان ليبلغ من المراتب ما لا يبلغه عمله، فكم من المراتب يبلغها الإنسان بنيته ما لا يبلغه عمله، فإن الإنسان إذا هم بالحسنة كتبها الله تعالى حسنةً كاملة، ولو لم يعملها الإنسان وهذا من فضل الرحمن وكريم عطائه وبره بأوليائه وعباده أن الهمَّ بالحسنة مما يكتبه الله تعالى عنده حسنة كاملة، حسنة كاملة معناه أنها حسنة وافية الأجر ثابتة، لا يعتريها خلل ولا نقص.
لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ»[صحيح البخاري:ح6491] همَّ يعني: عزم بقلبه ونوى بفؤاده وأراد العمل لصالحٍ من الصالحات، لكن لم يعملها، همَّ ولم يعملها، لم يعملها له حالان:
إما أن يكون عاجزًا، فهذا قد تقدم قبل قليل ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ﴾، فهذا له حسنة كاملة، له أجر الهم، وأجر العمل؛ لأنه عاجزٌ عنه.
لكن لو تركها بدون عذر، تركها من غير مانع فهذا فاز بحسنةٍ كاملة ولو لم يعمله، فضل الله وعطاؤه وبره وإحسانه -جل في علاه-.
هذا يبين لنا أهمية حسن القصد، أهمية سلامة النية، أهمية العزائم الصادقة، النيات الراشدة، وما تؤثره على الإنسان في ما يستقبل من الأعمال وما يحصله من الأجور.
وكذلك مما ينبغي أن يُعتنى به ويُفهم أن العمل الصالح قبل وجوده يؤجر الناس على استعداده له بصالح المقاصد والأعمال؛ ولهذا جاء في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة أنه قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ»
هذا الحديث الشريف يبين عظيم الأجر الحاصل للإنسان بالعمل قبل حصوله.
فإسباغ الوضوء عبادة، لكنها مقدمة الصلاة، كثرة الخطى أي بُعد المسافة وكثرة ترداد الإنسان على المساجد ذهابًا وإيابًا مما يجري الله تعالى به على الإنسان أجرًا عظيمًا، انتظار الصلاة وهذا قبل فعل العبادة، انتظار الصلاة بعد الصلاة كله مما يكفر الله تعالى به الخطايا ويرفع الدرجات؛ ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-:« فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ».[صحيح مسلم:ح251/41]
وفي صحيح الإمام مسلم أن قومًا كان دورهم نائية عن المسجد فأرادوا أن يبيعوا بيوتهم ويقتربوا من المسجد قال جابر -رضي الله تعالى عنه- وهو من أهل هؤلاء الدور، قال: "كَانَتْ دِيَارُنَا نَائِيَةً عَنِ الْمَسْجِدِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَبِيعَ بُيُوتَنَا، فَنَقْتَرِبَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَقَالَ: «إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خَطْوَةٍ دَرَجَةً»[صحيح مسلم:ح664/279] هذا قبل العمل، ونحن الآن نتكلم عن حال الإنسان قبل عمله، قبل العمل الصالح، وهذا مثال في الصلاة ولك أن تجريه في كل الأعمال الصالحة لها مقدمات أهمها وأصلها والمشترك فيها هو النية الصالحة والعزيمة على الرشد، والهم بالحسنة، ثم بعد ذلك الأعمال تختلف في مقدماتها، وهذا نموذج من النماذج.
إذًا قبل العمل الصالح هناك مرحلة التهيؤ، مرحلة اشتغال بأسباب ومقدمات العمل الصالح وهي مما ينبغي أن يعتني به الإنسان؛ لأن لها تأثيرًا في الحال الثانية وهي حال المباشرة للعبادات.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدم بين الأركان ما يكون من صالح الأعمال ففي الصلاة يقول كما في حديث عبد الله بن المغفل: «بين كل أذانين صلاة»[صحيح البخاري:624] وفي الصوم كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله إلا قليلًا وذلك تمهيدًا وتوطئة لصيام الفرض صيام رمضان، وكذلك فيما يتعلق بالحج يحرم الإنسان من الميقات أو من حيث أنشأ تهيؤًا للعبادة وتمرينًا للنفس على حرماتها حتى إذا جاء وقت فعل الطاعات كانت النفوس قد تهيأت.
هكذا هي العبادات والأعمال في حالها الأولى، الحال التي تكون بين يدي العبادة.
أما الحال الثانية من أحوال العمال هي: حال مباشرة العبادة وهنا ينبغي له أن يلاحظ أن عمله لن يكون مقبولًا إلا إذا توافرت فيه وصفان، وهذا في كل العبادات على اختلافها وتنوعها.
الأول: أن يكون لله خالصًا، وقد أكد الله تعالى هذا في الأعمال الصالحة على اختلافها أن يكون الإنسان مستحضرًا في قلبه النية الصالحة لعمله بأن يقصد الله -جل وعلا- بعمله، لا يقصد سواه؛ ولذلك جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله الرجل يقاتل يبتغي الأجر والذكر؟ يبتغي الأجر من الله -عز وجل-، والذكر أي: الثناء الحسن من الناس على ما كان من صالح عمله ومن جهاده وقتاله في سبيل الله، فقال: "ما له؟" قال: يا رسول ما له؟ يعني أي شيءٍ له إذا قصد هذا وذاك قال: « لا شَيْءَ لَهُ» أعاد الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم السؤال قال: "يا رسول الله الرجل يقاتل" وهذا من أنفس وأصعب الأعمال وأعلاها ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله.
المقدم: التضحية بالنفس والنفيس.
الشيخ: بالتأكيد ما له يقاتل يبتغي الأجر والذكر، يعني هو يريد الأجر، فالله حاضر في قصده وإرادته لكن مع هذا يعني يريد الثناء من الناس: شجاع، بطل، مقدام، مغوار، وما إلى ذلك مما هو من حظوظ النفس، قال: «لا شَيْءَ لَهُ» عاد مرة ثالثة فقال: "يا رسول الله الرجل يقاتل يبتغي الأجر والذكر ما له" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا شَيْءَ لَهُ إنما يتقبل اللَّهُ مِنَ الْعَمَلِ مَا كَانَ خَالِصاً، وَابْتُغِيَ فيه وَجْهُهُ».[سنن النسائي الصغرى:ح3140، وجَوَّدَ إسناده الحافظُ في "الفتح" 6/28، وحسنه العراقي في تخريج أحاديث الإحياء:4/328]
هذه القاعدة ينبغي أن تكون حاضرة لدى العمال في أعمالهم وأثناء مباشرتهم قبل وأثناء المباشرة، أن تكون النوايا والمقاصد صالحة،فلا يبتغوا بأعمالهم شيئًا من الدنيا إلا ما يبتغوا ذلك، إنما يبتغون بذلك الأجر والثواب من الله، وثق تمامًا أيها المستمع والمستمعة الكرام والكريمات ثقوا تمامًا أن كل عامل يكون غرضه وقصده الله سيبلِّغه الله كل المقاصد الأخرى، وهذا من العجائب أنه الذي يقصد ثناء الناس بالعمل الصالح لن ينال الأجر وثناء الناس لن يبقى حتى لو أثنوا عليه ستنكشف له من الأحوال ما يزول به عنه الثناء؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ومن يرائي يرائي الله به».[صحيح البخاري:ح6499]
وهذا الحديث في غاية التخويف فإنه كل من راءى في عمله فإن الله تعالى سيجزيه بهذه المراءاة أن يرائي به فيكشف مِن ستره، ويظهر من نقصه وقصوره وخلله ما يكون مُذهبًا لكل ما يؤمله من ثناءً أو مدح.
المقدم: من رائى أي أنه يا شيخ خالد عمل العمل ليراه الناس.
الشيخ: آة طبعًا، من راءى أي من عمل عملًا حتى يراه الناس ويمدحوه عليه طبعًا يراه الناس ليس للاقتداء مثلًا لأنه قد يظهر الإنسان العمل لأجل مقصد صحيح من أن يقتدي به أحد أو يكون سنَّ في الإسلام سنةً حسنة هذا ليس هو المقصود، إنما المقصود من راءى ليدرك بهذه المراءاة ثناء الناس ومدحهم، والمكانة في قلوبهم راءى الله به أي أظهر الله من حاله، ومن قصوره ونقصه ما يكون مذهبًا لعمله.
لهذا أقول: أحْسِن قصدك في كل عباداتك في صلاتك، في زكاتك، في صدقتك، في صومك، في حجك، في برك لوالديك، في صلتك لأرحامك، في كل الأعمال التي تباشرها، ليكن همك أن يرضى الله عنك، ليكن همك أن تبلغ ما يحبه الله تعالى من صالح العمل، أن تبتغي بذلك وجه الله، هذا مما ينبغي أن يراعيه الإنسان في الحال الثانية التي تحدث عنها وهي حال مباشرة الإنسان العمل الصالح.
وكذلك إضافةً إلى حسن القصد وسلامة الغرض ينبغي له أن: يعتني بمتابعة السنة، بمتابعة سيد الورى الذي متابعته مفتاح كل الخير، وسبب مضاعفة الأجور وكثرتها وصحة العمل.
فإن الله تعالى قد قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ الملك:2 ، وقد فسر أهل العلم ذلك بحسن القصد صحة النية، واتباع السنة، فبصحة النية واتباع السنة يتقن الإنسان العمل، أيضًا مما يحتاج الإنسان في أثناء العمل وأيضًا بعد العمل أن يحمدِ الله على ما يسَّره الله تعالى له من صالح العمل، فإن التوفيق لصالح العمل اصطفاء أخي عبد الله، أيها الإخوة والأخوات التوفيق للصالح من الأعمال هو مِنَّة من الرحمن، هذا ينبغي أن يكون حاضرًا لأن هذا نحتاجه في أثناء لعمل وبعد العمل كما سيأتينا في الحال الثالثة.
العمل الصالح هو توفيق من رب العالمين فاحمد الله على ذلك، إذًا في هذه الحال؛ الحال الثانية حال مباشرة العمل نحتاج إلى هذين الملحظين:
أن تكون أعمالنا لله خالصة.
وأن تكون على وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
الذي كان يقول: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[صحيح البخاري:ح631] والذي كان يقول -صلى الله عليه وسلم-: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»[صحيح مسلم:ح1297/310] والذي جعله الله تعالى مبيِّنًا للقرآن والذكر الذي أنزله -جل في علاه- فإن الله -عز وجل- كلف رسوله صلى الله عليه وسلم ببيان ما أنزله من الذكر الحكيم ليتضح للناس كيف يحققوا عبادة الله -عز وجل- على الوجه الذي يرضاه جل وعلا، وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ النحل:44 .
فالقرآن الكريم بيانه في هدي سيد المرسلين -صلوات الله وسلامه عليه-؛ لذلك لابد من العمل بهديه ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ الحشر:7 ، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ الممتحنة:6 ، لأنه هو الذي كُلِّف ببيان القرآن وإيضاحه، هذان أمران لابد من ملاحظتهما في أثناء العمل، وقد أشار إليهما قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ الكهف:110 .
المقدم: شيخ خالد الآن نتحدث عن الحالة الثالثة التي تعقب العمل حال الإنسان المسلم بعد فراغه من العمل، لكن بعد أن نأخذ الاتصالات وقبل الاتصالات نذكر بأرقام التواصل في برنامج الدين والحياة 0126477117 والرقم الثاني: 0126493028، الرقم المخصص لاستقبال الرسائل النصية عبر الواتس آب هو: 0582824040، ويمكنكم كذلك مستمعينا الكرام المشاركة في التغريد في الهشتاج المخصص للبرنامج الدين والحياة على تويتر، حديثنا متواصل عن قبول الأعمال مع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
نأخذ اتصالات المستمعين، وأول اتصال معنا من المستمع عبد العزيز الشريف من الرياض تفضل عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حياك الله أستاذ عبد الله كيف حالك؟
المقدم: أهلًا وسهلًا، حياك الله.
المتصل: أحييك وأحيي فضيلة الشيخ، بالنسبة لقبول العمل، قبول العمل مفروغٌ منه من الله -سبحانه وتعالى-، عمر -رضي الله عنه- يقول: "إني لا أحمل همَّ الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء"[اقتضاء الصراط المستقيم:2/706]، يعني عمر رضي الله عنه يتأول أن الله -عز وجل- يستجيب الدعاء ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ البقرة:186 ، فالدعاء هو الأهم الإنسان يحرص على العمل، أما قضية القبول فهي أيضًا إلى الله -سبحانه وتعالى- وهي مفروغٌ منها وهو يتقبل من عباده، كثير من الناس للأسف يهتم بالقبول حتى بلغ به الحد الوساوس والهواجس، تجده يعيد الوضوء أكثر من مرة، يعيد الصلاة أكثر من مرة، يقول: ما تقبلت، يمكن فيها حصل كذا، كيف يوازن بين هذه الأمور؟ كيف الإنسان يؤدي العمل؟ ولماذا يهتم أيضًا هو بالقبول؟ يهتم بالقبول حتى تجده للأسف يضيع كثيرًا من العبادات، يضيع كثيرًا من الطاعات، أيضًا على الإنسان أن يهتم بالعمل القليل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ أَدوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ».[صحيح البخاري:ح6464]
أيضًا النبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الدعاء والعبادة والطاعة كلها مقبولة، رجلٌ صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتح فقال: "الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرةً وأصيلًا" فقال: «عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ»[صحيح مسلم:ح601/150] فعلى الشيخ بارك الله فيه أن ينبه الناس إلى أن القبول بيد الله، وأن لا يسترسلوا في هذا الأمر حتى يبلغ بهم حد الوساوس وجزاكم الله كل خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: طيب، جزاك الله خير شكرًا عبد العزيز، أحمد الزاهراني من المدينة تفضل يا أحمد، أحمد؟
المتصل: إيه نعم،
المقدم: تفضل أنت على الهواء تفضل.
المتصل: شكرًا لك، السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، يسمعك الشيخ تفضل يا أخي أحمد.
المتصل: طيب، مساء الخير شيخنا، أقول: أنا معليش أنا دخلت على البرامج كذا بالصدفة.
المقدم: أبدًا تفضل.
المتصل: ولكني أريد فتوى لبعض الأسئلة إن أمكن.
المقدم: أسئلة خاصة بموضوع حلقتنا أم أنها...
المتصل: لا، لا، خارج الموضوع.
المقدم: ما هو السؤال إذا كان باختصار.
المتصل: والله عندي أنا إمام مسجد في إدارة حكومية، واستطعت أن أجمع كثيرًا من الكتب في المكتبة، وأريد أن آخذ معي بعض الكتب من المكتبة إلى البيت، ما أدري يجوز ذلك؟
المقدم: طيب، فيه سؤال ثاني يا أخي أحمد؟
المتصل: لا لا، فقط.
المقدم: طيب شكرًا جزيلًا أخي أحمد تسمع الإجابة من الشيخ -إن شاء الله- شكرًا أخ أحمد، فيه اتصال أخ مصطفى؟ طيب شيخ خالد إذا كان بالإمكان الإجابة بشكل سريع حتى نأتي على المحور الثالث سؤال الأخ عبد العزيز مسألة مبالغة الإنسان أو أحيانًا انشغال الإنسان بالقبول، أو أحيانًا يكون هناك يعني كيف يمكن للإنسان أن يوازن بين أنه يعني يمضي في العمل وكذلك أيضًا أن يهتم بالقبول بس، لكن بالشكل المأمور به شرعًا، والشكل المقبول شرعًا؟
الشيخ: يعني ما تعرض له الأخ عبد العزيز من قضية الوسواس هذا مرض يعني يكتنف الأعمال سواءً يعني قبل حدوثها، أو أثناء حدوثها، أو بعد حدوثها، وهذا علاجه في الاستعاذة بالله من الشيطان وأخذ الأسباب الشرعية في تجاوز الوساوس فإذا عجز يراجع الأطباء، لكن يعني من صور الوسواس فيما يتعلق بالوسواس في القبول يعني قبول الأعمال أو صحة الأعمال أو ما إلى ذلك فهذه منفصلة عن حديثنا، نحن نتكلم عن الحال السويَّة للعامل، وأما خوف عدم القبول هذا ما سنتحدث عنه بعد قليل في الحال الثالثة.
المقدم: جميل، طيب.
الشيخ: أما يتصل سؤاله الآخر..
المقدم: سؤال الأخ أحمد كان يسأل عن ربما هو خارج موضوع الحلقة، ولكن كان يسأل عن أنه إمام مسجد في دائرة حكومية وأنه جمع عددًا من الكتب، ويريد يعني أن يأخذ بعضًا منها إلى البيت.
الشيخ: لا، لا يصلح هذا إن كان جمعها لهذا المكان فليس له أن يأخذها إلى بيته لأنها يعني بُذلت، صُرفت، أو وُضعت في هذا المكان فتكون من مصالحه، وتكون وقفًا عليه فلا يصرفها إلى غيره.
المقدم: طيب.
الشيخ: طيب، نرجع إلى حديثنا.
المقدم: إذا جهز الاتصالات يا شيخ حتى نحاول، طيب إلى أن تجهز نتحدث يا شيخ عن مسألة إذا كان بالاختصار مسألة المحور الثالث يا شيخ بعد العمل، حال المسلم بعد الفراغ من العمل.
الشيخ: طيب، يعني حال المسلم كما ذكرنا العامل له ثلاثة أحوال:
حال قبل مباشرة العمل وهي: استقباله.
وحالٌ مباشرة العمل وهي أثناء العمل.
وحالٌ بعد الفراغ منه.
حال بعد الفراغ منه ينبغي أن ينظر الإنسان لعمله مهما كان متقنًا أنه لا يخلو من قصور أو تقصير، لا يخلو من قصور هذا شامل لكل الأعمال ولكل العاملين، فإن الجميع لا يبلغ حقَّ الله تعالى، فكلنا صاحب قصور لأن أعمالنا مهما بلغت إتقانًا وإخلاصًا وصلاحًا في الظاهر والباطن فهي لا تفي حق الله؛ ولذلك الله -عز وجل- قال لرسوله -صلوات الله وسلامه عليه-: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ النصر:1-3، أمره بالاستغفار، مع إخباره بإتيان الدعوة نتائجها من إقبال الناس أفواجًا على دين الله -عز وجل-، ولم يكن هذا مجرد حدث لا مقدمة له، بل هو نتاج ما وفق الله تعالى إليه رسوله صلى الله عليه وسلم من البلاغ المبين، والسعي الحثيث في الدعوة إلى الله وتحمل ما تحمله -صلوات الله وسلامه عليه- في سبيل هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، مع هذا يأمره بالاستغفار؛ لأن عمله مهما كان متقنًا فإنه قليلٌ في حق الله.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على وجهٍ صريح بين لما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة «وَاعْلَمُوا أن أحدًا منكم لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَة»[صحيح البخاري:ح6463، ومسلم:2816/72، اللفظ لمسلم]
وانظر ما شرعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسنه للمسلمين في صلاتهم فإن أهل الإسلام إذا فرغوا من الصلاة قالوا أول ما يُشرع لهم من الذكر بعد الفراغ من الصلاة: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله[صحيح مسلم:ح591/135]، فاستغفار مع أنه خرج من عبادة وطاعة، وخشوع وإقبال على الله لكنه يستغفر لأن هذه العبادة لو كانت أكمل ما يمكن أن تكون عليه في الظاهر والباطن، في الخشوع واتباع السنة إلا أن الإنسان يحتاج إلى أن يستغفر؛ لأنها لا تفي الله حقه -سبحانه وبحمده-.
وكذلك في الحج فذكر الله تعالى أعمال جليلة ومواقف عظيمة من مواقف الحجاج، قال تعالى في محكم كتابه: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ﴾ البقرة:198-199 ، يستغفرون الله من ماذا وهم قد وقفوا باكين وخاشعين وضاحين لله في ذلك الموقف العظيم؟ يستغفرون لأن العمل مهما كان متقنًا فحق الله أعظم ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ الأنعام:91 .
إذًا أول ما ينبغي أن يستحضره الإنسان في ما يتعلق بحاله الثالثة بعد الفراغ من العمل أن عمله قليلٌ في حق الله تعالى مهما كان متقنًا، مهما كان صالحًا بالظاهر والباطن فحق الله أعظم؛ ولهذا يقول ابن القيم: لو أن أحدًا قدم على الله -عز وجل- يوم القيامة بأعمال الثقلين -يعني بأعمال صالحة لكل خلق الله من الإنس والجن- ما كان هذا مبلغًا له لولا رحمة الله[مدارج السالكين:1/270] كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «واعلموا أن أحدًا منكم لن يدخل الجنة إلا بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا أن يتغمدني الله برحمة»[تقدم] فنسأل الله أن يرحمنا برحمته.
هذا ملحظ مهم، وهذا إذا حضر في قلب الإنسان كسر ما قد يدبُّ إلى قلبه من رؤية العمل واستكثاره كما قال تعالى: ﴿وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ المدثر:6 ، فإنه لن يعجب بعمله ولن يستكثره؛ لأنه يعلم أن حق الله تعالى أعظم من أن يراه كثيرًا في حق الله -عز وجل-، فينكسر في نفسه العجب وينكسر في نفسه رؤية هذا العمل.
الأمر الثاني الذي ينبغي أن يستحضره الإنسان هو ما ذكرناه قبل قليل من حمد الله على التوفيق للطاعات، فإنها منة من الله -عز وجل- يقول الله -عز وجل- مذكِّرًا أهل الإيمان فيما تفضل عليهم من التمييز ﴿ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾ أي في ضلالٍ مبين ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ النساء:94 ، أي بالهداية إلى الصراط المستقيم، ويقول تعالى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ﴾ الحجرات:17 ، وكل عاملٍ بالطاعة موفقٍ إليها فهو مصطفى من الله -عز وجل- وهذا الاصطفاء يستوجب حمدًا وثناءً على الله تعالى، يقول الله -جل وعلا- في محكم كتابه:
﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ فاطر:32، فنسأل الله أن نكون منهم.
المقدم: لعلها أيضًا نقطة مهمة ينبغي التنبيه إليها خاصة في مثل هذا الحديث أن يحذر الإنسان -كما تفضلت يا شيخ- أن يعجب بعمله خاصة إذا ما رأى بعض المقصرين حتى يظن أنه الأوحد من بينهم ممن اصطفاه الله من بينهم، وبالتالي ربما يبلغ به الحال إلى أن يُعجب بنفسه وأن يراها فوق الآخرين، وهو لا يعلم ربما يكون هؤلاء الذي يعني رآهم أنهم أدنى منه هم أفضل أو يفضلون عند الله، هم أفضل منه عند الله -سبحانه وتعالى-، وهذه نقطة وملمح مهم جدًّا ينبغي أن نذكر به إذا كان بالإمكان يا شيخ أن نأخذ اتصالين من المستمعين، تفضل الأخ محمد بن مسعود، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، حياك الله.
المتصل: حياكم الله أهلًا ومرحبًا، في الحقيقة أنا اليوم كان عندنا برنامج في إذاعتنا هذه المفضلة عن المعلمين في مدارس الصباح، فمن باب الشكر، ومن باب التطبيق العملي، وأيضًا من باب إدخال السرور فأشكر شيخي وأستاذي الأستاذ الدكتور خالد المصلح.
المقدم: جزاك الله خيرًا.
المتصل: أنا أحد تلاميذه يعني حتى الحمد لله جلست إليه بحمد الله.
المقدم: الحمد لله.
المتصل: فأشكرهم شكرًا جزيلًا، شكر الله لهم وغفر، وأما مشاركتي أو سؤالي يعني تأسيًا بالهدهد فضيلة الشيخ ذكر الحديث الذي كتب له حسنة كاملة إذا همَّ، أما بالنسبة للمعصية كتب إذا عمل كتب له معصية، ما في ذكر سبحان الله يعني شيء عجيب ما في سيئة كاملة، والآية ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ العصر2-3، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آل عمران:200 .
المقدم: جزاك الله.
المتصل: أثابكم الله.
المقدم: شكر الله لك جزيلًا يا أخي محمد بارك الله فيك، الاتصال الثاني من أم غدي تفضلي يا أم غدي.
المتصلة: أهلًا وسهلًا فيكم والسلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: شيخنا الفاضل أنا باختصار هنيك فيه أعمال عامة فيها التنافس بنكون فيها مخلصين لوجه الله خالية من المنّ، المنة، طيب؟ إحنا مثل ما هو ما هو معروف في صدد استقبال المدارس إحنا مجموعة أمهات عددنا اثنين وثلاثين طيب؟ بنفتش على بعض الأسر نعطي لهم أغراض المدارس.
المقدم: محتاجين.
المتصلة: إيه، ومن العمل الثاني نحن أخذنا تصريح من إدراة المدرسة أننا بننظف، كل واحدة بتجيب عاملتها معها وبننظف المدارس قبل ما تنفتح، وهيدا العمل نحن ناوينه مخلص لوجه الله، لكن في بعض الأقوال حولينا إنتم بدكم تتميزوا، أنتوا.. أنا صار عندي
المقدم: يشككون في النوايا صحيح.
المتصلة: إيه، لبس، هل هو الرياء، أنه هل أنا قربت من الرياء أو هيك؟ ما بعرف.
المقدم: طيب، إن شاء الله الشيخ يجيب على سؤالك شكرًا لك أم غدير على طرح هذه النقطة، شيخ خالد يعني عندما يطرح مثل هذا الأمر يعني هذه الأعمال أحيانًا تكون تنافسية كما ذكرت الأخت أم غدي.
الشيخ: أخي عبد الله.
المقدم: سم يا شيخ.
الشيخ: تسمحلي بس استكمل النقطة ونرجع للأسئلة.
المقدم: تفضل يا شيخ.
الشيخ: يعني أجعل لها وقت كافي ونأتي عليها.
المقدم: طيب تفضل يا شيخ.
إحنا تحدثنا فيما يتعلق بالحال الثالثة حال الإنسان بعد العمل أن ينظر إلى العمل بنوع من عدم الاستكثار حتى لا يفضي إلى الانقطاع أو إلى الإعجاب بالعمل أن يستغفر الله -عز وجل- لقصوره أو تقصيره وأن لا يعجب بعمله.
وأيضًا هنا ملحظ مهم هو فيما يتعلق بسؤال الله القبول، هذه القضية قضية بالتأكيد أنها مؤرِّقة للنفوس وأنه هل العمل مقبول أو لا؟ السؤال لا ينبغي أن يكون في آخر العمل، بل ينبغي أن يكون من أول الشروع فيه بالنظر إلى النوايا والمقاصد؛ ولذلك الرجل سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "الرجل يقاتل يبتغي الأجر والذكر" [تقدم]فالسؤال ينبغي أن يكون في أول الأمر، وأن يعتني به من أول الحال، وهو: توافر أسباب القبول.
القبول نتيجة لمقدمة أشار الله تعالى إليها إجمالًا في قوله: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ المائدة:27، وليس إنما يتقبل الله من العاملين، فكم من عامل لا يقبله الله -عز وجل-، نحن لا نعلم مَن المقبول مِن المردود، مَن المرضي عنه ممن لم يُرض عنه، مسألة قبول الدعاء، الدعاء يختلف عن العمل، فالدعاء ما من داعٍ إلا ويرجع من الله تعالى بخير، لكن فيما بتعلق بالعمل ثمة، حتى الدعاء لابد من توافر أسباب القبول فالمعتدي في الدعاء لا يقبل الله دعاءه؛ ولذلك جاء في الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو في غير إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ»[أخرجه أحمد في مسنده:ح11133] فاشترط أن لا يكون إثمًا ولا قطيعة رحم، وكذلك المتعجل في الدعاء لا يجيب الله دعاءه.
المقصود: أن جميع الأعمال قبولها ليس مؤكدًا ولا محققًا، وأما الإجابة فهذا منَّة وفضل من الله -عز وجل-، نحن لا نتحدث عنه إنما نتحدث عن قبول الأعمال، هو همٌّ ينبغي أن يعتني به الإنسان من أول عمله، وكذلك بعد الفراغ من عمله يجدُّ ينبغي أن يجدَّ ويجتهد في سؤال الله القبول؛ ولذلك إبراهيم -عليه السلام- لما فرغ من بناء البيت ورفع القواعد هو وابنه إسماعيل قال:﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ البقرة:127 ، فالقبول همٌّ لأهل الإحسان؛ وذلك لأنه ليس ثمة ضمانة للقبول، لكن ينبغي أن لا يدخل الإنسان الواسوس أو يتطرق إليها اليأس من روح الله، أو سوء الظن بالله بل يحسن الظن من الله ويرجو من الله تعالى أن يكون من عباده المقبولين.
المقدم: بعض الناس ربما يا شيخ يقع أحيانًا في بعض المعاصي بعد أن يفرغ مثلًا من عبادة من العبادات كالحج مثلًا، ونحن نعيش هذه الأيام يعني الأيام التي تعقب أداء المناسك، ويظن بأن عمله غير مقبول لأنه وقع في هذه المعصية تعليقكم يا شيخ على هذه الصورة.
الشيخ: ليس بالضرورة أن يكون وقوع الإنسان في خطأٍ بعد عملٍ صالح أنه لم يقبل منه ما كان من عمل صالح، والعمل الصالح الذي توافرت فيه أسباب القبول مقبول، لكن لا يعني أن يعصم الإنسان بعد ذلك عن خطأ، بالتأكيد أن الحسنة تجرُّ أختها، والسيئة تجر أختها، لكن الإنسان ليس معصومًا، يفعل صالحًا وقد يقع بعده في خطأ، والمطلوب هو لزوم التوبة والأوبة إلى الله تعالى، وإصلاح العمل على وجه الدوام؛ ولهذا أكثر الله تعالى أبواب التوبة وصنوف المغفرة، ففي كل يوم اثنين تُعرض الأعمال فيغفر الله تعالى لكل مسلم اثنين وخميس إلا مشرك أو مشاحن[صحيح مسلم:ح2565/35]، يعني أبواب حط الخطايا كثيرة «ما من ليلة إلا وفيها ساعة لا يسأل الله تعالى فيها عبدٌ مؤمن الله شيئًا إلا أعطاه شيئًا»[صحيح مسلم:ح757/166] «ثم توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه إلا غفر الله تعالى بهما ما تقدَّم من ذنبه»[صحيح البخاري:ح164] الخيرات كثيرة، الوضوء يحط الله تعالى به الخطايا، «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كفارات لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ»[صحيح مسلم:ح233/14] كل هذا يدل على أن الإنسان إذا فعل عمل صالحًا ألا يقع في خطأ، لكن ينبغي أن يتحفظ الإنسان من الوقوع في خطأ، وإذا وقع في خطأ أن يبادر بالتوبة إلى الله -عز وجل-.
المقدم: جميل، مسألة..
الشيخ: مما ينبغي أن يلاحظ فيما يتعلق بختم الأعمال الفرح بفضل الله -عز وجل- وما منّ من صالح العمل، فهذا مما ينبغي أن يمتلئ به القلب، وهذا مما يذهب على القلب العُجب أيضًا. في مسألة أخيرة أنه ينبغي أن لا يذكر عمله إلا لما لا بد له منه لأجل أن لا يقع في التسميع بعمله الصالح، بعض الناس إذا سوَّى عملًا صالحًا حج مثلًا، ضحَّى، تصدق، صام تجده يتحدث بها بمناسبة أو غير مناسبة فعلت وسويت.
المقدم: شيخ أحيانًا يكون من ثقة من نفسه أنه لا يقصد الرياء أو التسميع بهذا العمل.
الشيخ: هي المقاصد عند الله -عز وجل- نحن نتكلم عن الفعل في ذاته بالتأكيد أن هذا الأخ الذي يتحدث عن صالح العمل إذا لم يكن له مصلحة ولا له غرض وهدف من هذا الخبر أن هذا عرضة لإفساد العمل، أنا لا أقول: كل من تحدث عن عمله يسمع؛ لأن هذا شيء يتعلق بالقلب.
المقدم: نعم، صحيح.
الشيخ: لكن الله بصير، لكن كل عملٍ تستطيع أن تخفيه فاحرص على أن لا يظهر.
المقدم: بعض الناس يقع في العكس يعني ربما يُسأل فيكذب حتى لا يحدث بعمله هل هذا جائز يا شيخ؟
الشيخ: يعني إذا كان في ذلك، أحيانًا بعض الناس يسأل فيما لا فائدة منه، فإذا ورَّى، الكذب الصريح ينبغي تنجبه لكن لو تهرب من الإجابة بترك الجواب أو ما إلى ذلك فهذا
المقدم: من أكثر سؤال يا شيخ قد تداول هل حجيت فعلًا؟ أراك مثلًا حالق شعر الرأس مثلًا، يقول له: حجيت وكذا، يعني يوارى مثلًا.
الشيخ:إيه، لا، يعني مثل هذه الأعمال الظاهرة يعني ما، أعمال لو يعني لو أشوف شخص طالع من مسجد بقوله صليت؟ بيقول لي: صليت طبعًا، ما يقول: لا، والله داخل أسوي أبحث عن فلان يعني هذه أعمال ظاهرة بطبيعتها، لكن شخص لنفرض أنه مثلًا ما حلق إنما قصر، أو حتى حلق وقد يكون الحلاق معتاد يقول: أنا فعلت وفعلت وفعلت، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمَّعَ سمَّعَ الله به»[صحيح البخاري:ح6499] والتسميع آفة بعد الفراغ من العمل في الغالب، قد تكون أثناء العمل فيما، يا أخي الآن تجد كثيرًا من الناس يحرص على نقل وقائع العبادة التي يباشرها بالصوت والصورة.
المقدم: في التصاوير هذه يا شيخ.
الشيخ: وهذا واضح يعني في كثير من المشتغلين في المناسك وفي الأعمال الصالحة وفي مجامع الخير أنه يعني التصوير يأخذ حيزًا كبيرًا، التصوير سواءً تصوير فوتوغرافي ثابت أو نقل مباشر أحيانًا وهو يطوف، ويسعى، وقد يريد أن يدخل السرور على أُمِّه، قد يكون هناك أمور أخرى، لكن كون هذا يكون في ما حضر في العمل، يعني يُخشى أن يكون هذا مما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمَّعَ سمَّعَ الله به، ومن راءى راءى الله به»[تقدم]
فينبغي الاختصار والاقتصاد على القدر الذي يخرج الإنسان عن إفساد عمله، وقد ذكر الحسن البصري قال: إن أقوامًا يبلغ أحدهم من الطاعة مبلغًا عظيمًا لا يُعلم به، وإن أقوامًا يفتح الله عليهم فيحفظون القرآن ولا يُعلم بهم، وإن أقوامًا يدركون من العلم شيئًا كثيرًا فلا يُشعر بهم، وإن أقوامًا هم أحرص على ستر صالح عملهم يعني كحرصهم على ستر ما يكون من سيء عملهم، وأنا أقول: هذا يعني ينبغي أن يُلاحظه الإنسان يعني نحن إذا وقعنا في خطأ هل نذهب نتكلم به؟
المقدم: لا، يستر الإنسان نفسه.
الشيخ: لا، الغالب أننا نحرص على ستره، بل قد نجتهد في أن لا يُطَّلع علينا، وهذا طيب، وهذا مطلوب أن يستتر الإنسان، وأن لا يجاهر، لكن كما نعامل السيئات بالستر لأجل أن لا تنقص مكانتنا أو لأجل أن لا نجاهر، فكذلك في الحسنات التي لا حاجة إلى إظهارها والناس من طبيعتها الظهور، هذه أمور يعني في الجملة حتى نستخلص ما حدثنا عنه هذه حال العامل قبل عمله، وأثناء عمله، وبعد عمله، أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المقبولين.
المقدم: مسألة إظهار العمل يستثنى منها ربما يا شيخ إذا كان عمل يعني ظاهرًا كأن يكون هناك حث كالأعمال التنافسية أو هذه الأعمال التي أحيانًا تكون ظاهرة، ربما بعض الناس يُهتم أحيانًا بأنه يبحث عن الأضواء، أو كذا.
الشيخ: يا أخي هو شف ليس لأحدٍ أن يتحدث عن شخصٍ بأنه مرائى أو أن يدخل في مقاصد الناس، هذا من أصعب ما يكون، الله -عز وجل- ما أمرنا بأن ننقِّب عن قلوب الناس ولا عن صدورهم، بل إن رجلًا جاء وظاهر حاله السوء فقال عند النبي قولًا من أقوال أهل النفاق، فقال خالد: "دعني أضرب عنقه يا رسول الله" قال: «لعله يكون من المصلين»، الصلاة عمل صالح، قال: "يا رسول الله كم من مصلٍ يقول بلسانه" أي يظهر من حاله "ما ليس في قبله" بماذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم: « إنِّي لَمْ أُؤمَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ»[صحيح البخاري:ح4351]، وهذه قضية ينبغي أن تحضر أنه ليس لأحدٍ أن يحكم حتى لو جاء أحد وأظهر عمله الصالح أو تكلم به ليس لأحدٍ أن يقول: هذا مرائي. الرياء أمره إلى الله بين الإنسان وربه، وليس لأحدٍ أن يتحدث عنه.
المقدم: جزاك الله خيرًا.
الشيخ: فالذي ينافس في العمل الصالح لا يكترث بالناس يعني الأخت التي قالت أنها تنظف المدارس
المقدم: يمضي ولا يفكر
الشيخ: وتبحث
المقدم: يمضى ولا يفكر فيه
الشيخ: ينبغي أن لا يشغله هذا ولا أن يقعده عن العمل الصالح.
المقدم: شكر الله لكم فضيلة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم وجزائكم خيرًا على ما تفضلتم به في هذا اللقاء، شكرًا لكم فضيلة الشيخ خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، والشكر موصولٌ أيضًا إلى المستمعين والمستمعات الذين كانوا معنا عبر هذه الساعة، لقاؤنا يتجدد بكم -بإذنه تعالى- في تمام الثانية ظهرًا من يوم الأحد المقبل حتى ذلكم الحين تقبلوا تحيات محدثكم عبد الله الداني ومنفذ هذه الحلقة على الهواء زميلي مصطفى الصحفي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.