المطلبُ الثالثُ: تاريخُ مشكلةِ الأراضي البيضاءِ:
مشكلةُ الأراضي البيضاءِ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ليستْ حديثةً، بلْ هي مشكلةٌ رافقتْ نشأةَ المدنِ الحديثةِ منذُ مراحلِ توسعِها الأولى، وقدْ بذلتِ الدولةُ جهودًا كبيرةً منْ أجلِ علاجِ هذهِ المشكلةِ، فالمطالِعُ للأوامرِ والتوجيهاتِ الصادرةِ على أعلى المستوياتِ، منْ أجلِ تنظيمِ حيازةِ الأراضي وعمارتها يظهَرُ لهُ بجلاءٍ أنَّ الحكومةَ قدْ أدركتْ أبعادَ هذهِ المشكلةِ، وأحاطتْ بانعكاساتها السلبيةِ على البلادِ والعبادِ، فعملتْ على مواجهتِها، ابتداءً منْ إثباتِ ملكِ الدولةِ لأراضيها، ومنعِ تملُّكِ الأراضي بمجردِ وضعِ اليدِ، حيثُ جاءَ في الخطابِ الملكيِّ رقم (8/6/1607)، وتاريخ 15/9/1365هـ «أنَّ الأراضي البيضاءَ التي ليسَ فيها بناءٌ وليسَ لها صكٌّ شرعيٌّ يثبتُ ملكيتُها لأحدٍ؛ تكونُ ملكًا للحكومةِ» ينظر: التصنيف الموضوعي لتعاميم وزارة العدل (1/174).. ولما كثُرتِ التجاوزاتُ في الأراضي، صدرَ الأمرُ السامي عامَ 1400هـ بإيقافِ جميعِ المنحِ والإقطاعاتِ، وعللَ ذلكَ المنعَ بقولِهِ: «لأنَّهُ حصلَ توسعٌ في الإقطاعِ بالنسبةِ للأراضي، ورغبةً منا في تحديدِ هذهِ الأمورِ لتوفيرِ أكبرِ قدرٍ للمحتاجينَ للسكنِ، فقدْ أمرنا بإيقافِ الإقطاعِ والمنحِ اعتبارًا منْ تاريخِ أمرنا هذا» ينظر: التصنيف الموضوعي لتعاميم وزارة العدل (3/601)، وهوَ مؤرخٌ بتاريخِ 10/8/1400هـ.