الثَّاني عشرَ: كلُّ صورِ التَّديُّنِ المغلوطِ والمنقوصِ كانتْ عاملًا رئيسًا في دعمِ الإلحادِ وفُشُوِّهِ، ولا يقتصرُ هذا على نمطٍ أوْ صورةٍ، بلْ يشتركُ فيهِ كلُّ الانحرافاتِ الدِّينيَّةِ؛ فالإرهابُ والغلوُّ مثلًا أظهرَا الدينَ بأنَّهُ مِعْوَلُ هدمٍ للبشريَّةِ، لا عاملُ بناءٍ. فعلى سبيلِ المثالِ التَّطرُّفُ الَّذي تبنَّاهُ تنظيمُ الدَّولةِ "داعش" والَّذي جسَّدَهُ منْ خلالِ أطروحاتِهِ الغاليةِ، وممارساتِهِ المنحرفةِ، استغلَّتْهُ الجهاتُ الإلحاديَّةُ لتشويهِ الدِّينِ والتَّنفيرِ منهُ، حتى غدا ذلكَ الانحرافُ عاملًا منفِّرًا طاردًا عنِ الدِّينِ إلى كلِّ ما يُضادُّهُ، وأبرزُ ذلكَ الإلحادُ انظر: داعش تخلق الإرهاب والإلحاد، تومس فريدمان، http://www.cairolive.com/zahma/?p=16068.. ومنْ جانبٍ آخرَ فُشوُّ التَّديُّنِ الخرافيِّ، كالتَّصوُّفِ الغالي والتَّشيُّعِ الجافي كانَ لهُ أثرٌ كبيرٌ في فُشوِّ الإلحادِ؛ لأنَّهمْ لا يرَونَ الدينَ إلَّا ما في هذهِ العقائدِ المنحرفةِ ، منْ ضلالاتٍ تُنافي العقلَ الصَّحيحَ انظر: داعش تخلق الإرهاب والإلحاد، تومس فريدمان (1/195).. فمهَّدَ ذلكَ كلُّهُ "السَّبيلَ لدخولِ الإلحادِ على النُّفوسِ، وهيّأ النُّفوسَ لقَبولِ الإلحادِ، ومُحَالٌ أنْ ينفُذَ الإلحادُ إلى النّفوسِ المؤمنةِ؛ فإنَّ الإيمانَ حِصنٌ حصينٌ للنُّفوسِ التي تحملُهُ، ولكنَّ الضَّلالاتِ والبِدَعَ ترمي الجِدَّ بالهُوَينى، وترمي الحصانةَ بالوَهنِ، وتَرمِي الحقيقةَ بالوَهمِ، فإذا هذهِ النُّفُوسُ كالثُّغورِ المفتوحةِ لكلِّ مُهاجمٍ"اهـ الآثار (4/202)..
"وهذا الأمرُ هوَ أعظمُ البواعثِ لكثيرٍ منْ عُقلاءِ العصرِ على عدمِ الإسلامِ؛ لأنَّهمْ يتوهَّمونَ أنَّ الإسلامَ هوَ ما عليهِ هؤلاءِ المُتصوِّفونَ وأضرابُهمْ، فإذا تدبَّروا ما همْ عليهِ وجدوا جَهَالاتٍ وخُرَافاتٍ، ومُحالاتٍ ودجلًا ومَكرًا، لعلَّهُ يفوقُ ما عندَ رُهبانِ النَّصارى، وطواغيتِ المُشركينَ، بلْ إنَّ هذا الأمرَ نفسَهُ قدْ وَرَّطَ كثيرًا منْ عقلاءِ المسلمينَ في الإلحادِ الصَّريحِ، وهذا الوباءُ يتفشَّى بسرعةٍ مخيفةٍ"اهـ آثار الشيخ عبد الرحمن المعلمي (3/946)..