ضلالةُ الإلحادِ بمفهومِهِ الخاصِّ وهوَ إنكارُ وجودِ اللهِ وكذلكَ ما يدورُ في فلكِهِ منْ طرائقِ الإلحادِ وسبلِهِ كلُّها قائمَةٌ على نقضِ أصلِ الإيمانِ وأساسِهِ الأصيلِ وقاعدتِهِ الكبرى، وهوَ الإيمانُ باللهِ واليومِ الآخرِ؛ لهذا كانتِ العنايةُ بمعالجةِ هذهِ الضلالةِ الكبرى والتَّصدِّي لها، والبحثِ عنْ وسائلِ مدافعتِها وسبلِ إبطالِها، منْ آكدِ الواجباتِ، وأهمِّ المُهِمَّاتِ.
ومنْ نافلةِ القولِ أنهُ ليسَ ثمَّةَ دينٌ أقوى ولا كتابٌ أجلى في تقويضِ الإلحادِ وإبطالِ شُبَهِهِ منْ نورِ الإسلامِ وهداياتِ القرآنِ، ففي الإسلامِ منَ الضِّيَاءِ ما يَحرقُ تلكَ الضَّلالاتِ، وفي القرآنِ منَ الحُجَجِ المبطلةِ لتخليطاتِ الملحدينَ، والبراهينِ الفاضحةِ لانحرافِ فِطَرِهمْ وعمَى بصائرِهمْ، فما أجدرَ ذلكَ النُّورَ المُبينَ والهدى القويمَ بالإبرازِ، وما أحراهُ بالإشهارِ والإظهارِ. ولا غروَ فإنَّ القرآنَ الحكيمَ أسَّسَ منهجًا رصينًا وطريقًا قويمًا، في الرَّدِّ على كلِّ الضَّلالاتِ وأنواعِ الانحرافاتِ، وكانَ قدْ سَلَكَ في معالجةِ ذلكَ أساليبَ متنوِّعةً وطرقًا عِدَّةً، ولمْ يحصِرْ ذلكَ في طريقٍ معيَّنةٍ؛ بلْ كلُّ سبيلٍ يُقيمُ الحقَّ ويرُدُّ الباطلَ فإنَّهُ مأمورٌ بهِ في قولِهِ تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل: 125.
وفي سِيَاقِ معالجةِ الإلحادِ المعاصرِ ذكرَ الباحثونَ جملةً منْ سُبُلِ العلاجِ والحدِّ منْ توسُّعِ دائرةِ الإلحادِ، وسأُجمِلُ فيما يلي أبرزَ تلكَ السُّبلِ: