إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ تَعالَى حَقَّ التَّقْوَى؛ فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ تَفْتَحُ بَرَكاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ، وَيَجْلِبُ اللهُ تَعالَى بِها لِلعِبادِ مِنَ الخَيْراتِ ما لا يَرِدُ لَهُمْ عَلَى بالٍ، وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ مِنَ السَّيِّئاتِ ما لا قُوَّةَ لهُمْ بِدَفْعِهِ، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾الأعراف:96، قال -جَلَّ وَعَلا-: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ﴾النور:43.
فاللهُ -جَلَّ في عُلاهُ- يُصَرِّفُ السَّيْلَ وَالمطَرَ بَيْنَ العِبادِ عَلَى نَحْوٍ مُنْبَثِقٍ مِنْ عِلْمٍ وَحِكْمَةٍ يُعْطِي مَنْ يَشاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشاءُ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ –تَعالَى- سَبِيلًا لِلاتِّعاظِ وَالاعْتِبارِ فَفِي نُزُولِهِ مِنَ الآياتِ ما يَعْتَبَرُ بِهِ أُولُو الأَبْصارِ؛ فانْظُرْ إِلَى آثارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيي اللهُ الموْتَى؟!
وفي إِمْساكِهِ مِنَ العِبْرَةِ وَالعِظَةِ لأَهْلِ البَصائِرِ ما يُوجِبُ الادِّكارَ؛ فَفِي العَطاءِ والمنْعِ حِكَمٌ وفي العَطاءِ والمنْعِ رَحَماتٌ، وَفي العَطاءِ والمنْعِ آياتٌ لأُولي الأَبْصارِ الَّذينَ يَدَّكِرُونَ وَيَعْتَبِرُونَ، وَيَتَّعِظُونَ بِما يَرَوْنَ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ -تَعَالَى- في أَفْعالِهِ، في مَنْعِهِ وَعَطائِهِ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾الإنسان:30، فَما مِنْ شَيْءٍ يَقْضِيهِ، وَلا مِنْ شَيْءٍ يَحْكُمُ بِهِ إِلَّا وَلَهُ في ذَلِكَ غايَةُ الحِكْمَةِ وَبِمُنْتَهَى العِلْمِ فَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحلِيمُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّماوات وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ.
عِبادَ اللهِ، إِنَّ حَبْسَ القَطْرِ مِنَ السَّماءِ يُوجِبُ الاتِّعاظَ وَالاعْتِبارَ، وَلا يَقُولَنَّ قائِلٌ: إِنَّ ذاكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ أَحْوالُ النَّاسِ وَفْقَ ظَواهِرَ طَبِيعِيَّةٍ، أَوْ أُمُورٍ مُناخِيَّةٍ، أَوْ مَواقِعَ جُغْرافِيَّةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حاضِرٌ وَهُوَ سَبَبٌ، إِلَّا أَنَّ المُسَبِّبَ المعْطِي المانِعَ -جَلَّ في عُلاهُ- يُعْطي لحِكْمَةٍ وَيَمْنَعُ لِحِكْمَةٍ؛ فَيَنْبَغِي للِمُؤْمِنِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى المعاني الشَّرْعِيَّةِ في تَصْرِيفاتِ هَذا الكَوْنِ، وَفي وَقائِعِهِ وَحوادِثِهِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ بِلادًا تَغْرَقُ مِنَ الأَمْطارِ، وَإِنَّ بِلادًا تَجِفُّ فِيها الأَرْضُ وَتُجْدِبُ فَلَيْسَ فِيها قَطرٌ وَلا ماءٌ، وَفي ذاكَ وَهَذا مِنَ الآياتِ وَالعِبَرِ ما فِيهِ لِكُلِّ ذِي عَقْلٍ وَبَصَرٍ مُدِّكِرٍ؛ فَتَذَكَّرُوا عِبادَ اللهِ أَنَّكُمْ خَلْقٌ للهِ -جَلَّ في عُلاهُ- يَحْكُمُ فِيكُمْ ما يُرِيدُ, وَلَهُ -جَلَّ وَعَلا- في ذَلِكَ الحُكْمِ رَحْمَةً وَحِكْمَةً.
عِبادَ اللهِ، ما حَصَلَ مِنْ تَأَخُّرِ الأَمْطارِ عَنْ وَقْتِهِ في كَثيرٍ مِنَ البُلْدانِ يُوجِبُ العِظَةَ وَالعِبْرَةَ، ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾الروم:41، وَقَدْ قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾الأعراف:130، مَعَ كَوْنِهِمْ قَدْ أَعْطاهُمُ اللهُ مِنَ الأَنْهارِ وَالجَنَّاتِ وَالكُنوزِ ما ذَكَرَهُ اللهُ -تَعَالَى- في كِتابهِ الحَكيمِ.
فَيَصْرِفُ اللهُ -تَعَالَى- الأَحْوالَ في العَطاءِ وَالمنْعِ كُلُّ ذَلِكَ لحِكْمَةٍ، في الحَبْسِ وَالهِبَةِ كُلُّ ذلكَ حِكْمَةٌ فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلمؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْضِرًا قُدْرَةَ رَبِّهِ مُلْتَجِأً إِلَيْهِ مُحَقِّقًا العُبودِيَّةَ لَهُ في العَطاءِ وَالمنْعِ، في السَّرَّاءِ وَالضَّراءِ، في المنْشَطِ والمكْرَهِ؛ فَإِذا حُبِسَ عَنْهُ القَطْرُ لمْ يَقُلْ إِلَّا ما يُرْضِي رَبَّهُ، وَلمْ يَتَوَجَّهْ إِلَّا إِلَى رَبِّهِ في إِعْطائِهِ ما يُؤَمِّلُ؛ فإِنَّ مِفْتاحَ بَركاتِ السَّماءِ وَخَيْراتِ الأَرْضِ تَقْوَى اللهِ العَزِيزِ الحَكيمِ كَما ذَكَرَ -جَلَّ في عُلاهُ- في آياتِ الكِتابِ الحَكيمِ: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ المائدة: 65-66.
أَيُّها المؤْمِنونَ عِبادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ ما تُجْلَبُ فِيهِ الخَيْراتُ أَنْ يَكُونَ العَبْدُ صالحَ القَلْبِ، مُسْتَقِيمَ الحالِ، طائعًا لله -عَزَّ وَجَلَّ-، محققًا للعبودية لربه فإن ذلك يكون سببًا لسعادته، ولن يضره حينئذٍ عطاءٌ أو منع، ولن يضره حينئذٍ قطرٌ أو حبس بل كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ»مسلم(2999)، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِلمُؤْمِنِ.
إِلََّا أَنَّ المؤْمِنَ مُطالِبٌ بِأَنْ يَكُونَ عَبْدًا للهِ في كُلِّ أَحْوالِهِ، وَفي حالِ الإِمْساكِ وَعَدَمِ العَطاءِ يَلْجَأُ إِلَى الصَّمَدِ الَّذي تُنْزِلُ الخَلائِقَ كُلَّها حاجاتِها بِهِ -سُبْحانِهُ وَبِحَمْدِهِ- فَما مِنْ شَيْءٍ يُقْضَى إِلَّا بِاللهِ، وَلا مِنْ شَيْءٍ يُدْرَكُ إِلَّا بِاللهِ؛ فَهُوَ -جَلَّ في عُلاهُ- يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ، يُعْطِي وَيَمْنَعُ، يَحْرِمُ وَيَهَبُ، وَلَهُ في ذَلِكَ تَمامُ الفَضْلِ وَكَمالُ العَدْلِ فالخَلْقُ في عَطائِهِ وَمَنْعِهِ بَيْنَ عَدْلِهِ وَفَضْلِهِ ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾النحل:118.
أَعانَنا اللهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبادَتِهِ، وَجَعَلَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْ عِبادِهِ وَأَوْلِيائِهِ، أَقُولُ هَذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ لي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدَ الشَّاكِرينَ، أَحمْدَهُ سُبْحانَهُ لَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، ظاهِرُهُ وَباطِنُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ, وَأَحْسِنُوا؛ فَإِنَّ الإِحْسانَ مُوجِبٌ لإِحْسانِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى فُقَرائِكُمْ وَسُدُّوا حَوائِجَ المحْتاجِينَ مِمَّن حَوْلَكُمْ، أَوْ مِمَّنْ بَعُدَ مِنْكُمْ، فَإِنَّ الجَزاءَ مِنْ جَنْسِ العَمَلِ، ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾الرحمن:60. جاءَ في صَحيحِ الإِمامِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، قالَ: قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بِفلاةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتاً في سَحابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّىَ ذَلِكَ السَّحابُ –أَيْ مالَ ذَلِكَ السَّحابُ إِلَى جِهَةٍ مِنَ الجِهاتِ- فَأَفْرَغَ ماءَهُ كُلَّهُ حَيْثُ أَمَرَهُ فَلَمَّا سُئِلَ صاحِبُ الحَدِيقَةِ عَنْ عَمَلِهِ قالَ: أَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ ما يَخْرُجُ مِنْها، أَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ ما يَخْرُجُ مِنْها، وَآكُلُ أَنا وَعِيالي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيها ثُلُثًا«مُسْلِم(2984).
فالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّحْمنِ, فَأَحْسِنُوا عِبادَ اللهِ؛ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنينَ، أَكْثِرُوا مِنَ التَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفارِ؛ فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَمَرَ عِبادَهَ عِنْد انْحِباسِ القَطْرِ أَنْ يَسْتَغْفِرُوهُ وَأَنْ يَتُوبُوا إِلَيْهِ، ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾نوح:10، ﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾هود:52فاللهُ -جَلَّ في عُلاهُ- يَعِدُ عِبادَهُ بِزِيادَةِ القُوَّةِ وَجَرَيانِ الأَمْطارِ عَلى نَحْوٍ يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِ ما يُؤَمِّلُونَ مِنْ سَيْلِ المَطَرِ عَلَى نَحْو تَخْرُجُ بِهِ النَّباتاتُ، وَتَصْلُحُ بِهِ الحَياةُ، وَتَنْشَأُ بِهِ ما يُؤْمِّلُونَ مِنَ الخَيْراتِ وَالبَرَكاتِ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ وَاسْأَلُوُهُ بِصِدْقٍ أَنْ يُغيثَكُمْ، وَأَنْ يُعْطِيَكُمْ ما تُؤَمِّلُونَ مِنَ الخَيْرِ, وَلا يَغُرَنًّكُمْ أَنَّ الماءَ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ بِصنابِيرَ تَحَصِّلُونَهُ فَإِنَّ الماءَ وَإِنْ كانَ قَرِيبَ المنالِ بِالوَسائِلِ الَّتي حَصَلَتْ فَإِنَّهُ لا يُغْني عَنْ قَطْرِ السَّماءِ الَّذِي بِهِ حَياةُ الأَرْضِ وَصَلاحُها، بِهِ صَلاحُ الإِنْسانِ وَالحَيوانِ والأَرْضِ.
َفاتَّقُوا اللهَ أيها المؤمنون، واسألوا الله من فضله صادقين أكثروا من التوبة والرجوع إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- واعلموا أن الله -تَعَالَى- يُحب من عباده الإلحاح في الدعاء وإظهار الفاقة والفقر، «ضحك ربنا من قنوط عباده وقُرب غِيره»ابن ماجة(181), وقال البوصيري معلقا: هَذَا إِسْنَاد فِيهِ مقَال؛ أي: قرب فرجه -جلَّ في علاه؛ فاسألوه -جَلَّ وَعَلا- كل حوائجكم وأملوا منه خيرًا.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا حي يا قيوم، ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾الأعراف:23، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين ربنا إنك أنت الغفور الرحيم.