(سورة إبراهيم)
قوله تعالى :{ويأتيه الموت في كل مكان ...} الآية .
يفهم من ظاهره موت الكافر في النار . وقوله :{وما هو بميت}يصرح بنفي ذلك .
والجواب : أن معنى : {ويأتيه الموت } ، أي أسبابه المقتضية له عادة ، إلا أن الله يمسك روحه في بدنه مع وجود ما يقتضي موته عادة . وأوضح هذا المعنى بعض المتأخرين ممن لا حجة في قوله : بقوله :
ولقد قتلتك بالهجاء فلم تمت إن الكلاب طويلة الأعمار
قوله تعالى :{ يوم تبدل الأرض غير الأرض } الآية .
هذه الآية الكريمة فيها التصريح بتبديل الأرض يوم القيامة . وقد جاء في آية أخرى ما يتوهم منه أنها تبقي ولا تتغير ، وهي قوله تعالى :{إنا جعلنا مع على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا} فإنه تعالى في هذه الآية صرح بأنه جعل ما على الأرض زينة لها ؛ لابتلاء الخلق ، ثم بين أنه يجعل ما على الأرض صعيدا جرزا ، ولم يذكر أنه يتغير نفس الأرض ؛ فيتوهم منه أن التغيير حاصل في ما عليها دون نفسها .
والجواب : هو أن حكمة ذكر ما عليها دونها ، لأن ما على الأرض من الزينة والزخارف ومتاع الدنيا ، هو سبب الفتنة والطغيان ومعصية تعالى .
فالإخبار عنه بأنه فإن زائل ؛ فيه أكبر واعظ وأعظم زاجر عن الافتتان به ، ولهذه الحكمة خص بالذكر ؛ فلا ينافي تبديل الأرض المصرح به في الآية الأخرى ، كما هو ظاهر ، مع أن مفهوم قوله :{ما عليها} مفهوم لقب ؛ لأن الموصول الذي هو " ما " واقع على جميع الأجناس الكائنة على الأرض زينة لها . ومفهوم اللقب لا يعتبر عند الجمهور ، وإذا كان لا اعتبار به لم تظهر منافات أصلا . والعلم عند الله تعالى .