×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / عباد الرحمن / الحلقة (30) هؤلاء هم عباد الرحمن

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3853

الحلقة الثلاثون: هؤلاء هم عباد الرحمن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حياكم الله أيها الإخوة والأخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم: "عباد الرحمن".

الحمدُ لله على ما يسرَّ وأنعمَ، وتفضَّلَ على أوليائه وعباده، وعلى سائر خلقه، لهُ الحمدُ على كل نعمة، ولهُ الشكر على كل فضل، لا نُحصي ثناءً عليه، فما أصبحَ وما أمسى بهِ الخلق من النعم هو فضله وإحسانه الذي يستحقُ أن يُشكرَ عليه، وأن يُذكرَ بالجميل لأجله، فلهُ الحمد في الأولى والآخرة، ولهُ الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شاء من شيءٍ بعد، لا نُحصي ثناءً عليه ولا نوفيهِ حقّهُ بحمده وتمجيده وتقديسه.

وأشهدُ أن لا إله إلا الله شهادة العبد المُقصر المُقر بذنبه العالم بعظيم قدرِ ربّه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسوله صَفيهُ وخليله، خيرته من خلقه، أرسله الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، حتى أتاهُ اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعَ سنته واقتفى أثَرَهُ بإحسانٍ إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

فأهلًا وسهلًا بكم أيها الإخوة والأخوات هذه الحلقة نستعرضُ فيها تلك الخصال الجميلة وتلكَ الخلال الكريمة وتلك الفضائل العظيمة التي ذكرها اللهُ ـ تعالى ـ في سياقِ وصف عباد الرحمن، يقول اللهُ ـ جلّ وعلا ـ: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] إنهم عبادُ الله الذين اصطفاهم فأضافهم إليه، أضافهم إليه تفخيمًا وتعظيمًا وإجلالًا وإكرامًا، وتفضُّلًا وإنعامًا، فهو المتفضلُ على هؤلاء، بما منَّ عليهم من هذه الخصال التي سيذكرُها.

وذكر في أولِ ما ذكر: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]، وهذا لِمَا في قلوبهم من الخضوع والذُّلِ لله ـ عز وجل ـ وأنهم {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 83]؛ ولذلك كانوا لا يرونَ لأنفسهم على غيرهم فضلًا، بل يقرون بأنَّ كل فضلٍ هم فيه، إنما هو بِمَنَّةِ الله وفضله واصطفائه، فهم عباده {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]، فإذا تناولَهم أحد بشيءٍ من الأذى القولي لم يُقابلُهُ إلا بالسلام، والسلام هُنا هو أنهم لا يُقابلون تلكَ الإساءة بما هو أعظم منها، إنما غايةُ ذلك إمّا الصفح والتجاوز، وإمّا أن تُجزى السيئة بمثلها، أو العقوبة بما يُشابِهُها، كما قال اللهُ ـ تعالى ـ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126].

ثم ذكرَ اللهُ ـ تعالى ـ من أوصافهم عظيمَ اشتغالهم بطاعة ربّهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]، تصوّر هذه الخصلة، إنهم يمضونَ ليلَهم لا على فروشٍ وثيرة، ولا على اشتغالٍ بلهوٍ وعبث، بل هم في طاعة الله يمضون ليلهم سُجدًا لله وقيامًا، يُسبِّحونهُ ليلًا طويلًا، يخافون يومًا يُرجعون فيهِ إلى الله، فيتزودن لذلك اليوم في هذه المرحلة وفي هذه الدار وفي هذه الفترة؛ طلبًا لمرضاته جلَّ في علاه.

ثم قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان: 65، 66]، هذا دعاؤهم في ليلهم وفي سائر شأنهم.

إنَّ خوف النارِ سكنَ قلوبهم، فجعلهم يبيتون سُجَّدًا وقيامًا، جعلَهم يشتغلون بكُلِّ طاعةٍ وإحسان؛ فرارًا من هذا العذاب الأليم ورغبة فيما عندَ الله ـ عز وجل ـ إنهم يسألون الله أن يَصْرِفَ عنهم العذاب، فإذا لم يصرفهُ الله تورطوا فيه، {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، فهم أصحابُ إنفاق وبذل، لكنَّهم في توسُّطٍ دونَ أن يُسرفوا في الإنفاق أو يُقتِروا، فهم في نفقاتُهُم على أنفسهم على أولادهم وعلى أزواجهم وعلى أهليهم وفي زكواتهم وفي صدقاتهم على هذا التوسط الذي ذكرهُ اللهُ ـ تعالى ـ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].

ثم قال ـ تعالى ـ في بيانِ كمالِ قلوبهم: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68]، فلا يقعون في شيءٍ من الشرك، بل هم في جانب والشرك في جانب، فهم حُنفاءُ مخلصون يرجون ما عندَ الله، لا يلتفتون إلى سواه، أخلصوا قلوبهم لله، فخلُصت أعمالُهم من كل شرك، وخلُصت أقوالهم من كل شرك، يعوذون بالله أن يساوون بهِ غيره، أو أن يجعلوا الخلقَ على مرتبتهِ وفي منزلته ـ سبحانه وبحمده ـ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68].

ثم قال ـ جلّ وعلا ـ: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] فهم أصحابُ صيانةٍ للدماء، وهم أصحابُ حفظٍ لحرمة الدماء أن تُسفك بغيرِ حق، ثم قال: {وَلَا يَزْنُونَ} فهم أهل عفة في فروجهم، وفي تحصين أنفسهم من أن يستمتعوا بشيءٍ يُوقعهم في هلاكٍ أو يُوردُهم شرًّا وفسادًا، وإذا وقعَ شيءٌ من الخللِ في أقوالهم أو في أعمالهم أو في أحوالهم أو في ظواهرهم أو بواطنهم، فزعوا إلى الله بالتوبة والاستغفار.

ثم قال ـ تعالى ـ في بيانِ كمالِ أوصافهم، في معاملتهم للناس، قال: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72]، فليسوا أهلَ باطلٍ ولا أهلَ كذبٍ ولا مَيْل ولا أهلَ قولٍ رديء ولا يَغْشَوْنَ مجالس السوء والفساد، بل هم أهلُ صيانةٍ وحفظٍ لأنفسهم من أن يقولوا زورًا بألسنتهم، أو أن يفعلوا زورًا بأبدانهم أو أن يحضروا أماكن الباطل وأماكن الفساد والشر، فيصنون أنفسهم عن ذلك.

ثم قال ـ تعالى ـ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ} [الفرقان: 72] أي بالباطل وما لا فائدة فيه: {مَرُّوا كِرَامًا} أي: مروا على حالٍ من الصيانة لأنفسهم، يُكرمون بها أنفسهم أن يتورطوا في شيءٍ من اللغوِ وسفاسف الأعمال ونازِلِها، فهم أهلُ المعالي، مشتغلون بطاعة الله، مشتغلون بالفضائل والمنازل العالية في هذه الدنيا، ليتبوَّءوا المنازل العالية في الآخرة: {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}  الفرقان (73) فقد فتحوا قلوبهم فأبصرت قلوبهم الحقائق وتأملت آيات الله ـــ تعالى ــ فإذا ذُكِّروا بالله وبآياته المقروءة المتلوة أو آياته المشاهدة المُبصرة، في السماء والأرض؛ {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا بل انتفعوا بها في تحقيق العبودية لله والتقرّبِ إليه، والمسابق إلى فضله.

ثم هم أهل عناية بأهليهم وأولادهم؛ ولذلك يسألون الله تعالى أن يَهِبَهم من أزواجهم الأولاد والذريات ما تَقَرُّ بهِ قلوبهم: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74]، ثم لا يكتفون في هذه الخصال اتصافًا، بل هم يُسابقونَ فيها إلى أعلى المراتب والمنازل؛ ولذلك يقول ـ جلَّ وعلا ـ في دعائهم: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

تلكَ الصفات الكريمة والخصال الفاضلة التي تبيّن أنها تُزكي النفوس، وتُصلح ما بينَ العبدِ وربّه وتُصلح ما بينَ العبدِ والخلق، وتحفظ الأموال، وتصون الفروج، وتحفظ الأنساب، وتُحقق الصيانة لكُلِّ ما يجبُ صيانته مما يسعد بهِ الإنسان في دنياه من الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وكُلُ هذه الضروريات تحفظُها هذه الخصال، فإذا تمَّ لهم ذلك؛ {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} [الفرقان: 75].

 ومن تخلّى عن هذه الصفات فاللهُ يمهِلُه ويمليه له، ثم إنه يلقى جزاء ما قدَّم من سيء العمل يوم العرضِ على الله.

أسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يرزقني وإياكم خصال عباد الرحمن.

وأقول لإخواني ولأخواتي: كل خصلة فاضلة لا تستبعد تحصيلها، بل اجتهد في إدراكها، ليسَ بينكَ وبين الفضائل مانع إلا نفسٌ قاعدة بك عن أن تَبْلُغ تلك الفضائل، كل فضيلة من الأخلاق الفاضلة التي تُعجبُك لا تكتفي فقط بمدحها والإعجاب بها وأنتَ قاعد، بل تقدَّم إليها واستعن بالله ـ عز وجل ـ وسيكونُ لكَ من اللهِ عون: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] "إِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ"  أخرجه البخاري معلقاً قبل حديث (68) وقد قال النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمْنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ» صحيح البخاري (1427)

اللهم اجعلنا من أهل طاعتك، وارزقنا سلوك سبيلك، واجعلنا من عبادك الذين  تتفضلُ عليهم بسعادة الدنيا وفوز الآخرة، واجعلنا من عباد الرحمن عباد الله أوليائك الذين {لَا خَوْفٌ َلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].

أسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم من فضله لي ولكم ولسائر المسلمين، وأن يُعيننا على الطاعة والإحسان وأن يختمَ لنا أعمالنا بالصالحات، وأن يجعل خيرَ أعمالنا خواتيمها، وخيرَ أيامنا يومَ نلقاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94000 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف