×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / دروس المصلح / التفسير / دفع إيهام الاضطراب / الدرس (52) قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

(سورة بني إسرائيل) قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}. هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأن الله تعالى لا يعذب أحدا حتى ينذره على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام, ونظيرها قوله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}, وقوله تعالى: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون}, إلى غير ذلك من الآيات, ويؤيده تصريحه تعالى بأن كل أفواج أهل النار جاءتهم الرسل في دار الدنيا في قوله تعالى: {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا} الآية. ومعلوم أن (كلما) صيغة عموم, ونظيرها قوله تعالى:{وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا} إلى قوله تعالى: {قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} فقوله: {وسيق الذين كفروا} يعم كل كافر, لما تقرر في الأصول من أن الموصولات من صيغ العموم, لعمومها كلما تشمله صلاتها كما أشار له في مراقي السعود بقوله: وقد تلا الذي التي الفروع *** صيغة كل أو لجميع ومعنى قوله: (وقد تلا الذي الخ..): أن (الذي), و(التي) وفروعها صيغ عموم ككل وجميع, ونظيره أيضا قوله تعالى: {وهم يصطرخون فيها} إلى قوله: {وجاءكم النذير} فانه عام أيضا؛ لأن أول الكلام {والذين كفروا لهم نار جهنم} وأمثال هذا كثيرة في القرآن مع أنه جاء في بعض الآيات ما يفهم منه أن أهل الفترة في النار,كقوله تعالى:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}, فإن عمومها يدل على دخول من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عموم قوله تعالى:{ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما}, وقوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}. وقوله:{إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا}الآية. إلى غير ذلك من الآيات. اعلم أولا: أن من يأته نذير في دار الدنيا وكان كافرا حتى مات اختلف العلماء فيه هل هو من أهل النار لكفره أو هو معذور لأنه لم يأته نذير؟ كما أشار له في مراقي السعود بقوله: ذو فترة بالفرع لا يراع*** وفي الأصول بينهم نزاع وسنذكر إن شاء الله جواب أهل كل واحد من القولين, ونذكر ما يقتضي الدليل رجحانه, فنقول: -وبالله نستعين- قد قال قوم: إن الكافر في النار ولو مات في زمن الفترة وممن جزم بهذا القول النووي في شرح مسلم؛ لدلالة الأحاديث على تعذيب بعض أهل الفترة, وحكى القرافي في (شرح التنقيح) الإجماع على أن موتى أهل الجاهلية في النار لكفرهم كما حكاه عنه صاحب (نشر البنود) وأجاب أهل هذا القول عن آية: {وما كنا معذبين} وأمثالها من ثلاثة أوجه: الأول: إن التعذيب المنفي في قوله:{وما كنا معذبين} وأمثالها هو التعذيب الدنيوي فلا ينافي ثبوت التعذيب في الآخرة, وذكر الشوكاني في تفسيره أن اختصاص هذا التعذيب المنفي بالدنيا دون الآخرة ذهب إليه الجمهور, واستظهر هو خلافه, ورد التخصيص بعذاب الدنيا بأنه خلاف الظاهر من الآيات, وبأن الآيات المتقدمة الدالة على اعتراف أهل النار جميعا بأن الرسل أنذروهم في دار الدنيا صريح في نفيه. الثاني: أن محل العذر بالفترة المنصوص في قوله:{وما كنا معذبين} الآية وأمثالها في غير الواضح الذي لا يلتبس على عاقل, أما الواضح الذي لا يخفى على من عنده عقل كعبادة الأوثان فلا يعذر فيه أحد؛ لأن جميع الكفار يقرون بأن الله هو ربهم وهو خالقهم ورازقهم, و يتحققون أن الأوثان لا تقدر على جلب نفع ولا على دفع ضر, لكنهم غالطوا أنفسهم فزعموا أنها تقربهم إلى الله زلفى, وأنها شفعاؤهم عند الله مع أن العقل يقطع بنفي ذلك. الثالث: أن عندهم بقية إنذار مما جاءت به الرسل الذين أرسلوا قبله - صلى الله عليه وسلم - تقوم عليهم بها الحجة, ومال إليه بعض الميل ابن قاسم في (الآيات البينات) وقد قدمنا في سورة آل عمران أن هذا القول يرده القرآن في آيات كثيرة مصرحة بنفي أصل النذير عنهم كقوله: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} وقوله: {أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك}, وقوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك} وقوله: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}, إلي غير ذلك من الآيات. وأجاب القائلون بأن أهل الفترة معذورون عن مثل قوله {ما كان للنبي} - إلى قوله - {من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} من الآيات المتقدمة, بأنهم لا يتبين أنهم من أصحاب الجحيم ولا يحكم لهم بالنار, ولو ماتوا كفارا إلا بعد إنذارهم وامتناعهم من الإيمان كأبي طالب, وحملوا الآيات المذكورة على هذا المعنى, واعترض هذا الجواب بما ثبت في الصحيح من دخول بعض أهل الفترة النار كحديث "إن أبي وأباك في النار" الثابت في صحيح مسلم وأمثاله من الأحاديث, واعترض هذا الاعتراض بأن الأحاديث - وإن صحت - فهي أخبار آحاد يقدم عليها القاطع كقوله:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}, واعترض هذا الاعتراض أيضا بأنه لا يتعارض عام وخاص فما أخرجه حديث صحيح خرج من العموم وما لم يخرجه نص صحيح بقي داخلا في العموم, واعترض هذا الاعتراض أيضا بأن هذا التخصيص يبطل علة العام؛ لأن الله تعالى تمدح بكمال الإنصاف, وصرح بأنه لا يعذب حتى يقطع حجة المعذب بإنذار الرسل في دار الدنيا, وبين أن ذلك الإنصاف التام علة لعدم التعذيب, فلو عذب إنسانا واحدا من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة ولثبتت لذلك المعذب الحجة التي بعث الله الرسل لقطعها كما صرح به في قوله: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} وهذه الحجة بينها في سورة طه بقوله: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله} الآية, و أشار لها في سورة القصص بقوله: {ولولا أن تصيبهم مصيبة} إلى قوله: {ونكون من المؤمنين}, وهذا الاعتراض الأخير يجري على الخلاف في النقض هل هو قادح في العلة أو تخصيص لها؟ وهو اختلاف كثير معروف في الأصول عقده في مراقي السعود بقوله: - في تعداد القوادح في الدليل - : منها وجود الوصف دون الحكم *** سماه بالنقض وعاة العلم والأكثرون عندهم لا يقدح *** بل هو تخصيص وذا مصحح وقد روى عن مالك تخصيص *** إن يك الاستنباط لا التنصيص وعكس هذا قد رآه البعض***ومنتقى ذي الاختصار النقض إن لم تكن منصوصة بظاهر***وليس فيما استنبطت بضائر إن جاء لفقد الشرط أو لما منع***والوفق في مثل العرايا قد وقع والمحققون من أهل الأصول على أن عدم تأثير العلة إن كان لوجود مانع من التأثير أو انتفاء شرط التأثير فوجودها مع تخلف الحكم لا ينقضها ولا يقدح فيها وخروج بعض أفراد الحكم حينئذ تخصيص للعلة لا تقض لها كالقتل عمدا عدوانا فانه علة القصاص إجماعا ولا يقدح في هذه العلة تخلف الحكم عنها في قتل الوالد لولده لأن تأثيرها منع منه مانع هو الأبوة وأما إن كان عدم تأثيرها لا لوجود مانع أو انتفاء بشرط فانه يكون نقضا لها وقدحا فيها ولكن يرد على هذا التحقيق ما ذكره بعض العلماء من أن قوله تعالى: {ذلك بأنهم شاقوا الله} علة منصوصة لقوله: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم} الآية, مع أن هذه العلة قد توجد ولا يوجد ما عذب به بنو النضير من جلاء أو تعذيب دنيوي وهو يؤيد كون النقض تخصيصا مطلقا لا قدحا. ويجاب عن هذا بأن بعض المحققين من الأصوليين قال: إن التحقيق المذكور محله في العلة المستنبطة دون المنصوصة وهذه منصوصة كما قدمنا ذلك في أبيات مراقي السعود في قوله: وليس فيما استنبطت بضائر*** ................... إن جاء لفقد الشرط أو لما منع ***................ هذا ملخص كلام العلماء وحججهم في المسألة, والذي يظهر رجحانه بالدليل هو الجمع بين الأدلة؛ لان الجمع واجب إذا أمكن بلا خلاف كما أشار له في المراقي بقوله: والجمع واجب متى ما أمكنا..الخ.

المشاهدات:7574

(سورة بني إسرائيل)
قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.

هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأن الله تعالى لا يعذب أحدا حتى ينذره على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام, ونظيرها قوله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}, وقوله تعالى: {ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون}, إلى غير ذلك من الآيات, ويؤيده تصريحه تعالى بأن كل أفواج أهل النار جاءتهم الرسل في دار الدنيا في قوله تعالى: {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا} الآية. ومعلوم أن (كلما) صيغة عموم, ونظيرها قوله تعالى:{وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا} إلى قوله تعالى: {قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} فقوله: {وسيق الذين كفروا} يعم كل كافر, لما تقرر في الأصول من أن الموصولات من صيغ العموم, لعمومها كلما تشمله صلاتها كما أشار له في مراقي السعود بقوله:
وقد تلا الذي التي الفروع *** صيغة كل أو لجميع
ومعنى قوله: (وقد تلا الذي الخ..): أن (الذي), و(التي) وفروعها صيغ عموم ككل وجميع, ونظيره أيضا قوله تعالى: {وهم يصطرخون فيها} إلى قوله: {وجاءكم النذير} فانه عام أيضا؛ لأن أول الكلام {والذين كفروا لهم نار جهنم} وأمثال هذا كثيرة في القرآن مع أنه جاء في بعض الآيات ما يفهم منه أن أهل الفترة في النار,كقوله تعالى:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}, فإن عمومها يدل على دخول من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عموم قوله تعالى:{ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما}, وقوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}. وقوله:{إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا}الآية. إلى غير ذلك من الآيات. اعلم أولا: أن من يأته نذير في دار الدنيا وكان كافرا حتى مات اختلف العلماء فيه هل هو من أهل النار لكفره أو هو معذور لأنه لم يأته نذير؟ كما أشار له في مراقي السعود بقوله:
ذو فترة بالفرع لا يراع*** وفي الأصول بينهم نزاع
وسنذكر إن شاء الله جواب أهل كل واحد من القولين, ونذكر ما يقتضي الدليل رجحانه, فنقول: -وبالله نستعين- قد قال قوم: إن الكافر في النار ولو مات في زمن الفترة وممن جزم بهذا القول النووي في شرح مسلم؛ لدلالة الأحاديث على تعذيب بعض أهل الفترة, وحكى القرافي في (شرح التنقيح) الإجماع على أن موتى أهل الجاهلية في النار لكفرهم كما حكاه عنه صاحب (نشر البنود) وأجاب أهل هذا القول عن آية: {وما كنا معذبين} وأمثالها من ثلاثة أوجه:
الأول: إن التعذيب المنفي في قوله:{وما كنا معذبين} وأمثالها هو التعذيب الدنيوي فلا ينافي ثبوت التعذيب في الآخرة, وذكر الشوكاني في تفسيره أن اختصاص هذا التعذيب المنفي بالدنيا دون الآخرة ذهب إليه الجمهور, واستظهر هو خلافه, ورد التخصيص بعذاب الدنيا بأنه خلاف الظاهر من الآيات, وبأن الآيات المتقدمة الدالة على اعتراف أهل النار جميعا بأن الرسل أنذروهم في دار الدنيا صريح في نفيه.
الثاني: أن محل العذر بالفترة المنصوص في قوله:{وما كنا معذبين} الآية وأمثالها في غير الواضح الذي لا يلتبس على عاقل, أما الواضح الذي لا يخفى على من عنده عقل كعبادة الأوثان فلا يعذر فيه أحد؛ لأن جميع الكفار يقرون بأن الله هو ربهم وهو خالقهم ورازقهم, و يتحققون أن الأوثان لا تقدر على جلب نفع ولا على دفع ضر, لكنهم غالطوا أنفسهم فزعموا أنها تقربهم إلى الله زلفى, وأنها شفعاؤهم عند الله مع أن العقل يقطع بنفي ذلك.
الثالث: أن عندهم بقية إنذار مما جاءت به الرسل الذين أرسلوا قبله - صلى الله عليه وسلم - تقوم عليهم بها الحجة, ومال إليه بعض الميل ابن قاسم في (الآيات البينات) وقد قدمنا في سورة آل عمران أن هذا القول يرده القرآن في آيات كثيرة مصرحة بنفي أصل النذير عنهم كقوله: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم} وقوله: {أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك}, وقوله: {وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك} وقوله: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}, إلي غير ذلك من الآيات. وأجاب القائلون بأن أهل الفترة معذورون عن مثل قوله {ما كان للنبي} - إلى قوله - {من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} من الآيات المتقدمة, بأنهم لا يتبين أنهم من أصحاب الجحيم ولا يحكم لهم بالنار, ولو ماتوا كفارا إلا بعد إنذارهم وامتناعهم من الإيمان كأبي طالب, وحملوا الآيات المذكورة على هذا المعنى, واعترض هذا الجواب بما ثبت في الصحيح من دخول بعض أهل الفترة النار كحديث "إن أبي وأباك في النار" الثابت في صحيح مسلم وأمثاله من الأحاديث, واعترض هذا الاعتراض بأن الأحاديث - وإن صحت - فهي أخبار آحاد يقدم عليها القاطع كقوله:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}, واعترض هذا الاعتراض أيضا بأنه لا يتعارض عام وخاص فما أخرجه حديث صحيح خرج من العموم وما لم يخرجه نص صحيح بقي داخلا في العموم, واعترض هذا الاعتراض أيضا بأن هذا التخصيص يبطل علة العام؛ لأن الله تعالى تمدح بكمال الإنصاف, وصرح بأنه لا يعذب حتى يقطع حجة المعذب بإنذار الرسل في دار الدنيا, وبين أن ذلك الإنصاف التام علة لعدم التعذيب, فلو عذب إنسانا واحدا من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة ولثبتت لذلك المعذب الحجة التي بعث الله الرسل لقطعها كما صرح به في قوله: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} وهذه الحجة بينها في سورة طه بقوله: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله} الآية, و أشار لها في سورة القصص بقوله: {ولولا أن تصيبهم مصيبة} إلى قوله: {ونكون من المؤمنين}, وهذا الاعتراض الأخير يجري على الخلاف في النقض هل هو قادح في العلة أو تخصيص لها؟ وهو اختلاف كثير معروف في الأصول عقده في مراقي السعود بقوله: - في تعداد القوادح في الدليل - :
منها وجود الوصف دون الحكم *** سماه بالنقض وعاة العلم
والأكثرون عندهم لا يقدح *** بل هو تخصيص وذا مصحح
وقد روى عن مالك تخصيص *** إن يك الاستنباط لا التنصيص
وعكس هذا قد رآه البعض***ومنتقى ذي الاختصار النقض
إن لم تكن منصوصة بظاهر***وليس فيما استنبطت بضائر
إن جاء لفقد الشرط أو لما منع***والوفق في مثل العرايا قد وقع
والمحققون من أهل الأصول على أن عدم تأثير العلة إن كان لوجود مانع من التأثير أو انتفاء شرط التأثير فوجودها مع تخلف الحكم لا ينقضها ولا يقدح فيها وخروج بعض أفراد الحكم حينئذ تخصيص للعلة لا تقض لها كالقتل عمدا عدوانا فانه علة القصاص إجماعا ولا يقدح في هذه العلة تخلف الحكم عنها في قتل الوالد لولده لأن تأثيرها منع منه مانع هو الأبوة وأما إن كان عدم تأثيرها لا لوجود مانع أو انتفاء بشرط فانه يكون نقضا لها وقدحا فيها ولكن يرد على هذا التحقيق ما ذكره بعض العلماء من أن قوله تعالى: {ذلك بأنهم شاقوا الله} علة منصوصة لقوله: {ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم} الآية, مع أن هذه العلة قد توجد ولا يوجد ما عذب به بنو النضير من جلاء أو تعذيب دنيوي وهو يؤيد كون النقض تخصيصا مطلقا لا قدحا. ويجاب عن هذا بأن بعض المحققين من الأصوليين قال: إن التحقيق المذكور محله في العلة المستنبطة دون المنصوصة وهذه منصوصة كما قدمنا ذلك في أبيات مراقي السعود في قوله:
وليس فيما استنبطت بضائر*** ...................
إن جاء لفقد الشرط أو لما منع ***................
هذا ملخص كلام العلماء وحججهم في المسألة, والذي يظهر رجحانه بالدليل هو الجمع بين الأدلة؛ لان الجمع واجب إذا أمكن بلا خلاف كما أشار له في المراقي بقوله: والجمع واجب متى ما أمكنا..الخ.

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات94001 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89900 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف