الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.
وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، له الحمدُ في الأولى والآخرة، وله الحكم، وإليه تُرجعون.
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، وخيرته من خلقه، بعثه الله بالحنيفية السمحة، دعا إلى الله على بصيرة، أخرج الله - تعالى - به الناس من الظلمات إلى النور، ودلهم على سُبل السلام، ووقاهم طُرق الغواية والضلال، فصلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يوم الدين،
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله؛ فتقوى اللهِ تجلب كل سعادة، وتدفع كل شقاء وندامة، تقوى الله هي وصية الله للأولين والآخرين؛ ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾[النساء:131].
أخبر الله - سُبْحانَه وتَعالى - ملائكته بأنه: خالقٌ في الأرض خليفة:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة:30]، فبادرت الملائكة بما تعرفه من حال عُمَّار الأرض: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:30].
الله - جلَّ في علاه - خلق الخلق وهو البصير بأحوالهم، العليم بشئونهم؛﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾[الملك:14]، لا يخفى عليه من شأن الناس شيء فيما تصلح به أمورهم، ويستقيم معاشهم، وفيما ينجيهم من المهلكات والمضلات.
أنزل الله - تعالى - آدم وحواء، وأخبرهم بعداوة شيطانٍ رجيمٍ قاعدٍ على الصراط المستقيم؛ يصد الناس عن الهدى، ويردهم عن التقى، ويُوقعهم في الغواية والردى، لا يترك سبيلًا من سُبل الشر إلا زيَّنه لبني آدم، ولا سبيل من سبل الخير إلا زهدهم فيه؛ كما قال - تعالى -: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثم لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: 16-17]، والنتيجة: ﴿وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ أي: لا تجدُ أكثرهم محققين العبادة التي من أجلها خُلقوا، فالشكر هنا هو عبادة الله - تَعالى -: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾[سبأ:13].
أيُّها المؤمنون عباد الله، إن الله - تَعالى - خلق الخلق؛ ليَعمروا هذه الأرض بطاعة الله، وبتحقيق الغاية من وجودهم، وهي: عبادة الله وحده لا شريك له؛ لكنَّ هذه العبادة وهذا المقصود يتخلف في حالِ كثيرٍ من الخلق؛ بسبب ما يكون من كيد الشيطان، ومن غلبة الهوى، ومن دُعاة السوء والشر؛ كما قال - جلَّ وعلا -: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾[الأنعام:116]، وكما قال: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف:103]، فأكثر الخلق عن هذه الهداية، وعن هذه الغاية، وعن المقصود من الخلق - في غياب، وذاك من أعظم أسباب الفساد في الأرض؛ فإنَّ الفساد في الأرض الذي أخبرت به الملائكة هو: الخروج عن مقصود الخلق، هو التنكُّبُ عن غاية الوجود من عبادة الواحد القهار - جلَّ في علاه -، فكلما خرج الإنسان عن ذلك بأي نوعٍ من الخروج كان من المفسدين، كان ممن تحقق فيهم قول الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾[البقرة:30]، وذِكر سفك الدماء هنا ليس حصرًا إنما هو ذكر أعظم ما يكون من الفساد في الأرض، وهو تسلط بعض الخلق على بعض بالقتل وسفك الدماء، والتهاون بحرمة الأنفس.
أيها المؤمنون، إن الله بعث الرسل جميعًا منذُ أن حصل الانحراف في البشرية برسالة نوحٍ -عليه السلام - أول رسولٍ بعثه الله - تَعالى - إلى أهل الأرض؛ بعثه ليُعيد الناس إلى الجادة، إلى الصراط المستقيم؛ يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فقد كان الناس منذ أن أنزل الله آدم، قرونًا متطاولةً، على التوحيد والعبادة، مع وجود المعصية والمخالفة، لكنَّ ذلك لم يكن داعيًا لبِعثة رسول؛ لأن الفساد يُمكن أن يُعالج بما بقي في فِطر الناس وما جاء به آدم - عليه السلام - وعلَّمه أولاده من تعاليمٍ تقيهم الشرور وتُبعدهم عن الفساد.
إلا أن الانحراف الذي جرى في البشرية؛ انحرافٌ استوجب - برحمة الله وفضله وحسنِ رأفته وكريم عطائه - أن يبعث رسولًا إلى أهل الأرض ليُعيد الناس إلى الجادة، فبعثَ نوحًا، يدعو العبادَ إلى عبادة الله وحده، وكان قومه قد خرجوا عن عبادة الله وحده إلى أنواعٍ من المعبودات، أَبَى أولئك إلا نفرٌ قليل ممن شرح الله صدورهم فآمنوا بما جاء به نوح وعادوا إلى الصراط المستقيم، فلما طغى أولئك وتجبروا أغرق الله الأرض ومن عليها، إلا من أنجاه الله في تلك السفينة.
عاد الناس إلى ما كانوا عليه أول ما نزل آدم من توحيدٍ وعبادة، فلم يبق على الأرض ِكافرٌ ولا مشرك، فكل من بقي بعد نوحٍ على التوحيد، إلا أن الشيطان القاعد للناس على الصراط المستقيم لم ييأس من أن يُعاود الكَرَّة؛ لإضلال الناس وإخراجهم عن الصراط المستقيم بأنواعٍ من الانحرافات والإضلالات وأنواعٍ من الفساد والتخريب لمعاشهم الذي ينعكس على خراب المعاد، فما من شيءٍ يُفسد الدنيا إلا وتفسد به الآخرة، فلا صلاح لآخرة إلا بصلاح الدنيا، وكل صلاحٍ في الدنيا ينعكس على صلاح آخرتك.
أنت في مرحلة من مراحل الحياة، ليست الدنيا نهاية المطاف، ولا هي آخر المراحل وأطوار الإنسان، بل هي مرحلة من المراحل يخطو فيها الإنسان إلى مآلٍ ومصير يكون يوم البعث والنشور إمَّا في جنةٍ، وإمَّا في نار، ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾[الشورى:7].
أيها المؤمنون، إن الله - تَعالى - نهى عن الفساد في الأرض فقال - جل في علاه -: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ [الأعراف:56].
بماذا أصلحها الله؟
أصلحها من كل وجه؛
أصلحها بأن بيَّن لنا غاية الوجود.
أصلحها بفطرنا التي تقودنا إلى عبادة الله وحده لا شريك له،
أصلحها بالمرسلين ومَن بعثهم الله من الأنبياء الذين يدلُّون الناس إلى الصراط المستقيم، ويأخذون بأيديهمإلى طريق النجاة،
أصلحها بما سخر فيها من المسخَّرات، التي بها تطيب حياة الناس في السماء والأرض.
كل ذلك يَفْسُد وكل ذلك يَخْرُب بخراب مقصود الخلق، بخراب مقصود الوجود، بتعطُّل الغاية من الخلق وهي: عبادة الله وحده، فكلما بَعُدَ الناس عن عبادة الله وحده لا شريك لهفسدت الدنيا بقدر ما يحصل من فساد الدين، قال الله - تَعالى -:﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾[الروم:41].
والله - تعالى - نهانا عن الفساد في الأرض بعد إصلاحها؛ فقال - تعالى -: ﴿وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة:60].
وأخبر الله - جلَّ وتَعالى - أنه يكره الفساد وأهله فقال - تعالى -: ﴿وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [المائدة:64].
وقال - جل في علاه -: ﴿وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة:205]، فهو لا يُحب الفعل، ولا فاعله، لا يُحب الفساد، ولا أهله الذين تورطوا فيه.
وقد بيَّن الله - سُبْحانَه وتَعالى - لعباده في كتابه، وفي سنة رسوله، وفيما بعث به المرسلين، وفيما أقامه من الشواهد في الأرض ما ينهى عن الفساد في الأرض؛ قال الله - تعالى -: ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل:14]، قال الله - تعالى -: ﴿وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾[الأعراف:86]، فكل ذلك من الشواهد القائمة التي تنهى الناس عن التورط في مسالك الفاسدين، مع ما أقامه من أدلة الكتاب والسنة الناهية عن كل فساد صغيرٍ، أو كبير، وما منا إلا ويعلم بما رآه بعينه عواقب أهل الفساد في الأرض مما أجراه الله - تعالى - من العقوبات.
كثيرٌ من الناس ينفك عن ذلك بما يقوله بعض من طمس الله بصيرته عن إدراك الأسرار، والغايات والبواعث لتلك الحوادث فيقول: هذه كوارث طبيعية، هذه حوادث كونية، هذه لا علاقة لها بالفساد، لماذا يُهلك الله - تعالى - أولئك ولا يهلك أولئك؟! فيعترض، ويُعرض عن تلك الآيات التي أقامها الله؛ للدلالة على عواقب المفسدين حتى ينتهي الناس عن الفساد.
واعلم أنه ما من شيءٍ في الدنيا يقع من الشر في الخلق إلا بسبب ما كسبته أيديهم.
﴿وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى:30]، - جلَّ في علاه سبحانه وبحمده -.
﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [فاطر:45].
ولكنَّ ربنا سبقت رحمتُه غضبَه، وهو العفو الكريم - جل في علاه - عامل عباده بالإمهال، وأعطاهم من أسباب الرجوع، والأوبة ما تحيا به قلوبهم، وينزجرون عن الخطأ، والكفرِ والعصيان.
جديرٌ بنا عباد الله أن نعتبر بعواقب المفسدين، وأن نكون ممن وُعظ بغيره، فالسعيد من وُعظ بغيره.
اللهم أرنا في أنفسنا ما نُحب، وأحيي قلوبنا، واصرفنا عن كل سوءٍ وشر، واصرف عنا كل فسادٍ وشر يا ذا الجلال والإكرام، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه، أحمده حق حمده، لا أُحصي ثناءً عليه، هو كما أثنى على نفسه.
وأشهد أن لا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صَلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيُّها المؤمنون عباد الله، إنَّ الله - جلَّ في علاه - بعث الرسل للناس ليقيموا كل ما يكون سببًا لصلاح معاشهم، واستقامة أحوالهم، بعث الله - تعالى - الرسل؛ لإصلاح الدنيا، وإصلاح الدين، وكان أكمل ما بعثه الله - تعالى - من المرسلين، وكان أكمل ما جاءت به الرسل ما جاء به سيد المرسلين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يقول الله - جل في علاه -: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:3].
فمن لزم الإسلام عقيدةً وعملًا؛ فإنه ناجٍ من كل فساد، سالمٌ من كل انحراف، قائمٌ بكل ما أمر الله - تعالى - به مما يصلح به معاش الناس، ويصلح به المعاد.
عباد الله - تعالى - إن الله نهى عن الشرك، ونهى عن الكفر، ونهى عن العصيان، ونهى عن الفساد في الأرض بكل صوره، فواجبٌ على كل مؤمن أن يجتنب كل صورة من صور الفساد.
وإذا أردنا أن نُعدد الفساد وصوره فإننا سنُطيلُ المقام، وسيكثُر الكلام، إلَّا أنَّ الفساد كلَه في الخروج عن طاعة الله - عزَّ وجل -؛ كل معصية صغيرة، أو كبيرة في السر، أو في العلن في حق الله، أو في حق الخلق، فإنها نوعٌ، ونمطٌ من الفساد في الأرض الذي يجب أن نتجنبه.
واعلم أن هذا الفساد لا يقتصر عليك، ولا ينحصر أثره على الفرد نفسه، بل إنه يتجاوز ذلك إلى محيطه: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾[الروم:41]، فالبر والبحر يتأثر بفسادك، يتأثر بالكفرِ والعصيان، يتأثر بالصدِّ عن سبيل الله، يتأثر بترك الشريعة، يتأثر بالمعاصي دقيقها، وجليلها، يتأثر بشرب الخمر، والزنا، وكثرة الفساد في الأرض، وقطع الأرحام، وعقوق الوالدين، وأكل المال الحرام، وغير ذلك من الآثام؛ كل ذلك مما يُؤثر في السماء والأرض، مما يُؤثر فيما يَسوقه الله - تعالى - على الناس، ويسوقه إليهم من النعم؛ ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[الأعراف:96].
أيها المؤمنون عباد الله، جديرٌ بنا كل واحد منَّا أن يُراجع نفسه في صلته بالله، لن ينفعك أن يكون معك من خالف أمر الله، وخرج عن طاعته، فإنك ستُحاسب على عملك: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾[المدثر:38]، فتش في نفسك، انظُر في صلتك بربك، في صلاتك، في صومك، في زكاتك، في حجك، في قلبك قبل ذلك، كيف هو في محبة الله وتعظيمه؟ وإجلاله، وخوفه وخشيته، كيف هو في التوكل عليه، والاعتماد عليه، والاعتصام به؟ كل ذلك مما نحتاج أن نتأمله، وأن ننظرَ فيه؛ فإن ذلك من أسباب النجاة، وكلما كثر الفساد في الأرض، كثرت موجبات العقوبة.
وقد يحلم الله، ويُمهل، لكنَّ العقوبة محققة على كل من مضى في فساده، وأكثر الفساد كما قال - تعالى -: ﴿فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ [الفجر:13-12]، صبَّ معناها: العذاب الوافر الكثير، فاحذروا مثُلات الأمم، وعقوبات من سبق من الأمم؛ فإن ذلك يُوجب لنا أن نتبع، وأن نترك كل خطأ وشر.
ولا تعتذر بكثرة الفساد، فأنت مسؤول عن نفسك، مسؤولٌ عمن تحت يدك من: ابن، وبنتٍ، وزوجة، وأهل، «كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته»، أقم نفسك على الطاعة، وجاهد في إقامة أهلك على طاعة الله، وأبشر فإنك ستفوز: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾[طه:132]، والنتيجة؟ ﴿وَالْعَاقِبَةُ﴾، لمن؟﴿لِلتَّقْوَى﴾ النتيجة الحسنة الجميلة لمن لَزِمَ التقوى مهما كانت النتيجة.
اللهم أقمنا على طاعتك، واصرف عنَّا معصيتك، وخُذ بنواصينا إلى ما تُحب وترضى، واجعلنا من حزبك وأوليائك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أجرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، واجعلنا من حزبك وأوليائك يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أُمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم ادفع عن بلادنا وعن بلاد المسلمين كل سوءٍ وشر، اللهم ارفع الغلاء، والوباء، والزنا وسائر الآفات يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.