المذيع: حياكم الله من جديد مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم: الدين والحياة، ونتواصل معكم ومع فضيلة الشيخ الدكتور: خالد المصلح في موضوع حلقتنا في هذا اليوم عن تيسير الزواج.
مستمعينا الكرام! الزواج فريضة وعبادة نتقرب بها إلى الله –سبحانه وتعالى-، ونحصن أنفسنا من الوقوع في المعصية؛ لذلك كان التيسير في أمر الزواج فريضة شرعية، وحاجة إنسانية، ويجب مساعدة الشاب في أن يكمل نصف دينه كما أمر الله -سبحانه وتعالى-؛ وذلك من خلال تذليل العقبات التي يمكن من شأنها أن تمنعه من الزواج، إذًا هذا موضوع حلقتنا اليوم مستمعينا الكرام، ونبدأ مع فضيلة الشيخ الدكتور: خالد المصلح ضيفنا في هذه الحلقة.
للحديث في البداية عن تيسير الزواج من الناحية الشرعية، والنصوص التي وردت في الكتاب، والسنة وحثت على هذا الأمر، فتفضل يا شيخ خالد. .
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي، وأسلم على البشير النذير، والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أمَّا بعد.
هذه القضية التي نتناولها في هذه الحلقة قضية ذات تأثير بالغ في المجتمعات والأمم، ذلك أن المجتمعات والأمم تنطلق، وتنبثق من هذا الارتباط، وهذا التزاوج بين الذكر والأنثى بتكوين الأسرة التي هي الوحدة الأولى، واللبنة الأولى التي تبنى منها المجتمعات وحتى تدرك هذا فيما يتعلق بأهمية الحديث عن علاقة الرجل بالمرأة، وأثر هذه العلاقة على البشرية جمعاء، اقرأ قول الله –تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ النساء:1 ؛ هذا الجمع الكبير، أو هذا العدد المهول من البشر ليس فيما نشاهده، أو نعايشه، أو نعاصره، بل منذ آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ كلُّ نشأ عن ارتباط بين رجل وامرأة، أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ النساء:1
فكلُّ بناء أُمَمي، أو مجتمعي ينبثق من علاقة الرجل بالمرأة، فإذا رطبت هذه العلاقة، ونُظِّمت، ويسِّرت، وسهل اجتماعهما كان ذلك منعكِسًا على المجتمع من صلاحه، واستقامته، وتنميته، واستقراره، وسلامته من آفات كثيرة تعترض المجتمعات التي يتعثر فيها بناء هذا الرابطة بين الرجل والمرأة.
لا بد أن ندرك أن الله –تعالى- خلق في الرجل ميلًا إلى المرأة، وفي المرأة ميلًا إلى الرجل، ومن خلال هذا الميل يكون النوع البشري ويستمر هذا الجنس على هذه البسيطة، فلا غنى للرجل عن المرأة، ولا غنى للمرأة عن الرجل مهما جدَّ في حياة الناس من تطورات وتغيرات، يبقى ارتباط الرجل بالمرأة هو من أساسيات حياة الإنسان التي لا يستقيم معاشه إلا بها، سواء كان مدنيًّا، أو كان بدويًّا، سواء كان متطورًا، أو متخلفًا؛ هذه قضية محسومة في أنَّ البشر يحتاج بعضهم إلى بعض، يحتاج الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل، كما قال الله –تعالى-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ الروم:21
لاحظ ما ذكره الله –تعالى- في قوله: ﴿لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾ الروم:21.
إنَّ البشرية لا سكن لها، ولا قرار إلا بتنظيم هذه الرابطة، إلا بإيجاد هذا الزواج الذي هو الطريق الوحيد الذي لا طريق سواه في تنظيم ارتباط الرجل بالمرأة، فإنَّه مهما فعل الناس في تنظيمات وترتيبات في تنظيم علاقة الرجل بالمرأة، لن يكون تنظيم ولا ترتيب أعدل وأكمل وأحسن وأنفع وأصلح للبشرية مما فطر الله -تعالى- البشر عليه، ومما جاءت الشرائع بتقريره وضبطه، وجاء في هذه الشريعة المباركة الخاتمة معالجة كل شؤونه من أول مراحله في الخطبة «لا يخطِب أحدُكم على خِطبَةِ أَخِيهِ»[صحيح البخاري:ح2140] إلى ﴿فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾البقرة:229، ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ البقرة:241، أو ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ﴾ البقرة:240؛ هذه الآيات، وهذه النصوص تبين أن الشريعة قد نظمت هذا الارتباط من أوله، بل من التفكير فيه إلى نهايته، ونهايته سواء كان ذلك بالموت، أو كان ذلك بالفراق والطلاق، فالآيات الكريمة بينت هذا بيانًا واضحًا، والنصوص الشرعية بينت هذا بيانًا تامًّا لا لبس فيه، ولا خفاء.
فمن المهم أن يدرك أن هذا التنظيم الشرعي لهذه العلاقة لم يكن إلا لما تتبوَّأه هذه العلاقة من أهمية كبرى، من أهمية عظمى في الارتباط البشري.
ميل الرجل للمرأة فطري وطبيعي، ميل المرأة إلى الرجل كذلك فطري وطبيعي؛ ولهذا من مقدمات الارتباط يقول الله –تعالى-: ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ﴾ البقرة:235 ؛ يعني لمَّحتم، ﴿عَرَّضْتُمْ﴾: التلميح، ﴿ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ﴾ البقرة:235 ؛ يعني أخفيتم ذلك في نفوسكم ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ﴾ البقرة:235
لما فطر الله –تعالى- النفوس عليه من بين الرجل للمرأة، والمرأة للرجل، ثمَّ نبه إلى ضرورة ضبط هذه الفطرة وهذه المشاعر، ﴿وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ البقرة:235 ؛ هذا البيان الإلهي لتقرير مقتضيات الفطرة، وتهذيب هذه الفطرة بالشرائع التي تأمن بها البشرية من الانحراف هو من المهمات.
إخواني وأخواتي! موضوع تيسير الزواج موضوع من مهمات القضايا التي ينبغي أن يعتني بها المجتمع بأسره، والأسر بجميع أفرادها، وكذلك الجهات الحكومية، والجهات الخيرية المدنية، الجميع ينبغي أن يعطي هذه القضية أهمية؛ وهذا لما أفرزته المدنية المعاصرة من عزوف فئام كثيرة من الناس من الجنسين؛ من الذكور الإناث عن الزواج حتى أصبح موضوع الزواج ليس من القضايا المهمة التي تتبوأ المرأة المكانة التي ينبغي أن تتبوأها، بل هي في سُلم اهتمامات كثير من الشباب والفتيات، لا سيما الشباب قد تكون ليست في المرحلة الأولى مع ضرورة العناية بهذا الجانب للدواعي الفطرية، والدواعي الشرعية، ولأجل ما يعج به العالم اليوم من انفتاح يستزل الناس، ويفتنهم في إقامة علاقات وروابط بين الرجل والمرأة، بل تجاوز الأمر إلى روابط أخرى غير سوية بين الرجل والمرأة إلى غيرها من الروابط الأخرى المنحرفة، استغناء عن الرابطة الأساس الأصيلة التي بها تستقيم حياة الناس، بها يحصل الكفاية للإنسان، وبها يدرك المنافع.
»يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنَّه أغض للبصر، وأحصن للفرج»[صحيح البخاري:ح5065]، هكذا قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في التنبيه على ضرورة العناية بهذا الأمر مبادرة، وخاطب الشباب لأجل ما لديهم من القوة، والرغبة، والحاجة إلى هذا الارتباط الذي يحصل لهم به السكن، الذي يحصل لهم به غض البصر، وحفظ الفرج، وهما مقصودان شرعيان ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ النور:30 ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ النور:31 ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ المعارج:29 ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ المعارج:30
وتوجيه الخطاب للشباب لا يعني أن بقية مراحل العمر ليست مندوبة إلى هذا الأمر، بل هي مندوبة إلى الزواج في جميع المراحل؛ ولهذا قال ابن مسعود –رضي الله تعالى عنه-: "لو لم يبق من أجلي إلَّا عشرة أيام أعلم أنِّي أموت في آخرها، ولي طَوْلُ على النِّكاح"؛ يعني قدرة على النكاح "لتزوجت مخافة الفتنة".[سنن سعيد ابن منصور:ح493 بسند صحيح]
والعزوبة والانفراد في حق الرجال، أو في حق النساء ليست من الإسلام، بل قال الإمام أحمد: "ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، من دعاك إلى غير الزواج"؛ يعني رغَّب لك، حسَّن في نظرك عدم الزواج بالانفراد، والعزوبة عند الرجال والنساء، "فقد دعاك إلى غير الإسلام"[المغني لابن قدامة:7/334]؛ يعني إلى غير خصاله، وإلى غير آدابه التي وجه إليها البشرية.
أيُّها الإخوة والأخوات! عزوف الشباب عن الزواج، وعزوف الفتيات، أو تأخر الفتيات عن الزواج هو من المشكلات الكبرى التي تواجه المجتمعات، وعندما نقول: تواجه المجتمعات لا نعني بذلك مجتمعًا دون مجتمع، بل هذا بلاء وشر انتشر في المجتمعات البشرية على وجه العموم تزيد نسبة هذا العزوف في مجتمع عن مجتمع، لكن الجميع يشترك في هذه الظاهرة التي انبثق عنها مجموعة من الإشكالات، نتج عنها مجموعة من التحديات في المجتمعات لا يمكن أن تعالج بأي نوع من المعالجات إلَّا بالرجوع إلى الأصل بتيسير الزواج وتسهيله، وترغيب الفتيات والشباب به، وتزييل الصعاب التي تواجه الراغبين في الزواج؛ ولهذا نلحظ أن النصوص الشرعية اعتنت بموضوع تيسير الزواج في كل مراحله؛ في الخطبة، وفي الصداق، وفيما وراء ذلك من مسائل تتعلق بالزواج، ففيما روته عائشة –رضي الله تعالى عنها- في المسند وغيره أنها قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ من يُمنِ المرأة»؛ يعني من بركتها، وحسن الارتباط بها، وجميل الفأل بالاقتران بها «تيسيرُ خطبتِها، وتيسيرُ صداقِها، وتيسيرُ رحمها»[مسند أحمد:ح24478، ومستدرك الحاكم:ح2739، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ». ووافقه الذهبي]؛ هذا كله دلالة على أن التيسير في أمر الارتباط، وتيسر أمور الزواج مما يشيع البركة في المجتمع، وهو من دلائل الخير فيه، وهو الذي ينتج عنه فضائل، وخيرات كثيرة للمجتمع؛ لأن اليمن هو البركة، فإذا كان من اليمن، البركة تيسير خطبتها؛ هذا اليمن سيكون للزوج الذي سينعكس على الأسرة، الذي سينعكس في نهايته على المجتمع، فيُمْنُ المرأة؛ بركتها في أن تكون خطبتها يسيرة، لا عسر فيها ولا مشقة، أن يكون صداقها؛ أي مهرها يسيرًا لا عسر فيه، ولا مشقة؛ كلُّ ذلك من يسر أمر المرأة وبركتها العائدة إلى المجتمع، وقد قال عروة راوي هذا الحديث: "إن من شؤمها"؛ أي شؤم المرأة "أن يكثر صداقها"[سبق]؛ لما في ذلك من الآثار السلبية التي تنتج عن غلاء مهور النساء، وصعوبة الحصول عليهن.
خلاصة هذه المقدمة: نحن نحتاج إلى إدراك أهمية هذه القضية لحل قضايا كثيرة في المجتمع، فإنَّ شيوع الشر، تفلت الأسر، ضعف المجتمعات في بنائها، ضعف القيم، مسائل عديدة، كثيرة ناتجة في كثير من أحوالها عن عدم مراعاة هذا الأمر بتيسير الزواج، والسعي في تشجيع الشباب على الارتباط بأقرانهم من النساء، وحث البنات على المبادرة إلى القبول لأجل عدم التأخر الذي يفوِّت عليهن القطار في كثير من الصور والأحيان، فيكون هذا علاج للعزوف، وللعنوسة.
هذه مقدمة جعلتها بين يدي حديثنا، ونقاشنا حول موضوع تيسير الزواج، والإعانة عليه.
المذيع: أحس الله إليكم، وبارك الله فيكم، نتواصل معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم: الدين والحياة، وحديثنا مستمر ومتواصل عن تيسير الزواج مع ضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور: خالد المصلح؛ المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في منطقة القصيم، نتواصل معكم، ومع أيضًا مشاركاتكم، واتصالاتكم التي سوف نتلقاها على الرقم: 0126477117
والرقم الآخر: 0126493028
أو إرسال رسالة نصية على الرقم المخصص للوتساب على الرقم:0500422121
وعبر هشتاج برنامج الدين والحياة على تويتر، ولعلنا نستعرض بعض الاتصالات، أو نتلقى بعض اتصالات المستمعين الكرام، وكذلك أيضًا الأسئلة التي أرسلوا به عبر تطبيق الفيس بوك، وكذلك أيضًا عبر الواتساب.
الاتصال الأول: معنا الأخ محمد بن مسعود من مكة، تفضل أخي محمد.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، مرحبًا، أقول: لعل من التيسير أننا نزوج أولادنا وبناتنا بدري، فأنا أرى إنه فيه فوائد كثيرة:
من الفوائد: أنهم ما زالوا صغارًا، ما يعرفون الكره، فسوف يكون بينهم المحبة والألفة أكثر.
والأمر الثاني: سيأتي أولادهم، وبناتهم مبكرًا.
وأخيرًا سوف يكونوا أجدادًا وهم في سن الشباب ويهتموا بهم، وإذا لم يحققوا شيئا في أولادهم فسوف يحققون ذلك في أحفادهم، بارك الله فيكم.
المذيع: جزاك الله خيرًا، وبارك فيك، شكر الله لك أخي محمد.
السؤال الثاني من الأخ المستمع عبد العزيز الشريف، حياك الله أخي عبد العزيز.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله.
السائل: حياكم الله يا أستاذ عبد الله، كيف حالك؟
شكر الله لك على البرنامج، أحييك، وأحيي فضيلة الشيخ، وبارك الله فيكم جميعًا.
بالنسبة لتيسير أمور الزواج بعض الشباب للأسف لو أحسنت إليه ويسَّرت عليه في أمر الزواج، يسيء للمرأة، ويقول لها: أنا أخذتك بالرخص، ولو كنت غالية عند أهلك لما رموك عليَّ، وبعضهم قد يعيُّرها بأن مهرها قليل، وأن مهرها ضعيف، فما هو توجيه الشيخ لمثل هذه المسألة؟
الأمر الثاني -بارك الله فيكم-: هناك بعض الآباء للأسف يربط من أتى يتزوج بمن تزوج قبلها من بناته، فيقول: مهرها مثل مهر أختها التي سبقت، وأريد أن أساوي بينهما، فما توجيه الشيخ لمثل هؤلاء الآباء بأنهم لا يربطوا مصير البنت ببنت قد تزوجت، أو لا يفرض على الرجل مهرًا مثل المهر الذي ذهب ومضى.
الأمر الثالث والأخير: تيسير الزواج نسمع عنه أنه لا بد من تيسير وكذا، ولكن هناك في التاريخ الإسلامي، هناك من دفع مهورًا كثيرًا في زوجة يريد أن يتزوجها كما فعل معاوية بن سفيان –رضي الله عنه-عندما تزوج المرأة البدوية وهكذا؛ فهذا يدل على أنه قد دفع فيها مهرًا كثيرًا، فكيف تيسير الزواج؟ وهل تيسير الزواج أمر نسبي؟ بحيث إن هذه المرأة قد تفرق عن هذه المرأة بالجمال، أو الحسب، أو النسب، أو المال، أو غير ذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: شكرًا لك أخي عبد العزيز على هذه الأسئلة، شيخ خالد الأخ محمد كان طرح مسألة: يعني من تيسير الزواج التبكير في هذا الزواج، فما تعليقكم على هذه النقطة؟
الشيخ: هو أخي الكريم تيسير الزواج لا يقتصر على جانب من الجوانب زمانًا، أو مكانًا، إنما هو في كل النواحي الممكنة التي يمكن أن تكون سببًا لحسن ارتباط الرجل بالمرأة، ما في شك أن التبكير بالزواج هو استجابة لأمر فطري؛ وذلك أن الرجل والمرأة منذ بداية البلوغ يكون هناك عندهم الرغبة في الارتباط؛ ولذلك حبس هذه الرغبة، إهدار هذه الرغبة، عدم المبادرة إليها بتلبيتها مما يفوت على الفتى والفتاة مصالح كثيرة، وقد يكون سببًا للوقوع في مفاسد عديدة؛ فلذلك من المهم أن يبادر لا شك أن المبادرة من التيسير، لا سيما عندما تكون هناك مقومات بناء الأسرة بوجود الباءة التي ذكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- وهي القدرة على الزواج، نسأل الله أن ييسر الأمر لكل من رغب في الزواج.
المذيع: لعلنا ندخل في نقطة مهمة يا شيخ في مسألة تيسير الزواج، وهي ربما سأل عنها الكثير من المستمعين الكرام بالإضافة إلى الأخ عبد العزيز، وهي مسألة الفهم الخاطئ لتيسير الزواج؛ يعني تقليل المهور، وامتهان بعض الشباب يعني ممن فهموا خطأ هذا الأمر، وابتعدوا عن الطريق الصحيح بإهانة المرأة التي يكون زواجه منها متيسَّرًا ربما حصلت بعض الوقائع، وهي نادرة، ولكن من باب التذكير بهذا الأمر وخطورته؛ يعني مسالة إهانة هذه المرأة، أو ربما تلفظ عليها بألفاظ سيئة بسبب أنه ربما تزوجها بكل ما تيسر من أموره، ربما بمهر يسير وغير ذلك.
الشيخ: في نظري أن هذا الكلام غير دقيق، وهي من مداخل الشيطان التي يدخل بها على كثير من الناس لإعاقة تيسير الزواج، ينبغي أن ندعو إلى تيسير الزواج، وما يوجد من ممارسات رديئة من بعض الناس لا يمكن أن يكون مانعًا من الدعوة إلى التيسير، ولا سببًا لما يوجد من عراقيل، وعقبات بين يدي الارتباط.
النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كلمة جامعة في هذا الأمر، وهي ثابتة عنه -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر: «خير النكاح أَيْسَرُه»[صحيح ابن حبان:ح4072، والطبراني في الأوسط:ح724، وصححه الألباني في الصحيحة:ح1842]، «خير الصداق أيسره»[الحاكم في المستدرك:ح2742، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ". ووافقه الذهبي] في رواية أخرى، فكون النكاح يقال: إن تيسيره يترتب عليه فهم مغلوط عند بعض من لا يحسن التعامل معه، أقول: هذا إن وجد، فهو ليس بوزن المفاسد التي تترتب على تعسير الزواج، وقد نبه عمر -رضي الله تعالى عنه- إلى ملحظ من الملاحظ التي ينبغي أن تراعى في تأثير الزواج؛ حيث خطب الناس، وقال: "ألا لا تغالوا بصدق النساء"؛ يعني لا ترفعوا صدق النساء؛ مهورهن، رفعًا يكون سائدًا، "فإنَّها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى في الآخرة لكان أولاكم بها النبي –صلى الله عليه وسلم-، ما أصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أُصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشر أوقية"، وهن أشرف نساء الدنيا، ومع هذا كان صداقهن على هذا النحو من القلة، وعدم الكثرة، والاعتدال "اثنتي عشرة أوقية"، والأوقية: أربعون درهمًا؛ معنى هذا أن القدر الذي كان مهرًا هو ما يقارب خمس مائة درهم؛ هذا هو صداق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لزوجاته، أكثر ما بذل في صداق زوجاته وبناته، وهو ما يعادل في أموال الناس اليوم ما بين ألف وخمس مائة إلى ثلاثة آلاف على أقصى تقدير في سعر جرام الفضة.
المقصود: أن عمر –رضي الله تعالى عنه- بيَّن أن غلاء المهور ليس إكرامًا للنساء، وعلى العكس من ذلك إنَّه قد يكون سببًا في شرٍّ عريض، وفساد كبير.
يقول: "وإنَّ أحدكم ليغال في صداق امرأته حتى يبقى لها في نفسه عداوة"[سنن أبي داود:ح2106، ومستدرك الحاكم، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وصححه الألباني في الإرواء:ح1927]؛ يعني بعد الارتباط؛ لأنَّه تكلف في الارتباط بها، وتحمل تبعات الارتباط بها، أثقلته، فكان ذلك في نفسه حتى بعد ارتباطه بها، يقول: " كُلِّفتُ بكم عَرَقُ القِرْبَة"؛ يعني كلفت لكم أمرًا ملتويًا، عسيرًا، صعبًا؛ ولذلك من المهم أن يجاب على مثل هذه الإرادات التي قد يردها البعض في مسألة تيسير الزواج.
إن اعتدال المهور بنحو يطيقه الشباب، ويحقق العفاف للفتيان، والفتيات هو مما ينبغي أن نعرض عنه، وألا نقف عنده، وإذا كان وقع من أحد، فينبغي أن يعالج المعالجة التي تخص هذه الحادثة لا مع الناس.
المذيع: لعل كان لديكم نقطة تودون التعليق عليها والحديث عنها قبل أن نأخذ بقية الأسئلة، تفضل يا شيخ.
الشيخ: نعم هو يا أخي الكريم من المهم أن يعرف أن موضوع تيسير الزواج هو أن يكون الزواج سمحًا في متناول الفتيان، والفتيات؛ هذا معنى التيسير، سواء كان ذلك فيما يتعلق بأمر الخطبة بعدم المشقة والعسر، سواء كان ذلك في اختيار الزوج، واختيار الفتاة بإزالة العراقيل، والعقبات التي تحول دون ارتباط الشاب من يرغب الارتباط به، أو ارتباط الفتاة بمن ترتضية، بأن ثمة عقبات اجتماعية، عقبات طبقية أحيانًا، عقبات من أنواع شتى يجعلها الناس حائلًا ومانعًا من ارتباط شاب بفتاة يرغبها، أو العكس ارتباط فتاة بشاب ترتضيه.
أيضًا مما ينبغي أن يلاحظ في موضوع تيسير الزواج ما يتعلق بكلفة الارتباط من حيث الوليمة، النبي –صلى الله عليه وسلم- أَولَمَ على نسائه بشيء يسير مع كونه إمامَ المتقين، وأكرم الناس أجمعين –صلوات الله وسلامه عليه-، ومع ذلك لم يتكلف في صداق زوجاته، ولا في الوليمةعليهن، أنس بن مالك –رضي الله عنه- يقول: "ما رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أولم على أحد من نسائه أكثر أو أفضل مما أولم على زينب بنت جحش –رضي الله تعالى عنها-"، كم تتوقع؟ كم تكلفة الوليمة؟ ذبح عشرين ناقة مع أنه الرسول الذي يقصده الجميع، والصحابة متوافرون في المدينة، وثمة أيضًا أناس من غير أهل الإسلام سينظرون، وكم دفع؟ وكم بذل؟ يقول أنس بن مالك –رضي الله تعالى عنه- لما سأله ثابت البناني، بم أولم؟ يعني كانت زينب أكثر ما أولم عليها النبي –صلى الله عليه وسلم-، بما أولم؟ قال: "أطعمهم –صلى الله عليه وسلم- خبزًا، ولحمًا حتى شبعوا"، وفي رواية: "أولم بشاة"[صحيح البخاري:ح5168]؛ هذه وليمة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
اليوم أفقر الناس إذا جاء يولم ما يولم بشاة، يولم بأشياء كثيرة، ويتحمل قصور، وأماكن زفاف؛ يعني عبء على الشاب، عبء على الفتاة، أو مانع للفتاة من سهولة الارتباط.
عبد الرحمن بن عوف –رضي الله تعالى عنه- من كبراء الصحابة وأغنيائهم رأى النبي –صلى الله عليه وسلم أثر صفرة، وهي في العادة كانوا لا يفعلونها؛ أي وضع الصفرة إلا بسبب، في مناسبة، وليس في الأحوال العادية، «رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن بن عوف وعليه أثر صفرة، فقال: ما هذا؟ قال: إنِّي تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب»، النواة: نوى التمر «على وزن نواة من ذهب، قال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: «بارك الله لك، ثمَّ قال: أَوْلِم ولو بِشَاةٍ»[صحيح البخاري:ح2048]، وقوله: «أولِم ولو بشاة» إشارة على الوليمة في العرس، وقوله: «ولو بشاة»؛ على وجه الأكثر في قول جماعة من شراح الحديث، وقال آخرون: على وجه الأقل، والذي يظهر والله –تعالى أعلم- من قوله –صلى الله عليه وسلم-، أنه على وجه الأكثر، أولم ولو بلغت في أكثر ما تولم شاة؛ لأن عبد الرحمن –رضي الله تعالى عنه- في الأصل لم يولم، ولم يذكر وليمة؛ لأنَّه لو كان قد أولم لقال: يا رسول الله قد أولمت، ولم يظهر هذا الأمر للناس، فقد يعرف؛ لأنَّ النبي سأله ما هذا؟ فقال: إنِّي تزوجت؛ بين له، المقصود: إنَّه ينبغي التيسير في الولائم، ينبغي خفض التكاليف؛ ليال الأفراح؛ هذه الليالي يتدين لها الشباب، وتتكلف أسرهم فيها، أو تتكلف في بعض الأعراف تكون على أهل الزوجة، يتكلف أهل الفتاة في هذا؛ هذا ينبغي أن يحد على القدر الذي يحقق الفرحة دون أن يتبعها مصاعب، وأحزان مشاق يتكبدها الشاب بعد زواجه سدادًا لديون، وما إلى ذلك.
الأمر الثاني: أيضًا موضوع السفر، وأن لا بد من إنَّه يسافر شهر عسل لبلاد في الداخل، أو في الخارج؛ هذا ينبغي أيضًا أن يرشد، وألا يكون هذا شيئًا مفروضًا ملازمًا لكلِّ ارتباط، فالناس متفاوتون في هذا، وقدراتهم متفاوتة، وإذا كان ولا بد من سفر فليكن على وفق القدرات المتاحة للفتيان، والفتيات دون إرهاق، ولا ينبغي أن يقال فلان وفلان؛ يعني الناس متفاوتون في قدراتهم المادية، فينبغي أن يراعى هذا الأمر، وما ذكره أحد المداخلين: من إن ولي المرأة يطالب في بناته يكونوا على نسق واحد من المهور، وتكاليف الزواج، وما إلى ذلك؛ هذا ليس عدلًا؛ لأن المتقدمين ليسوا على درجة واحدة؛ قد يتقدم مليء وغني لفتاة، ويتقدم لأختها من ليس كذلك، فينبغي مراعاة تفاوت الأحوال، ومراعاة أن هذا التفاوت ينبغي أن لا يغيب عن ذهن ولي المرأة، فيرهق من يتقدم إليه، ويكون سببًا للصد عن هذه الفتاة لسبب ما يطالب به من مطاليب.
مما يتعلق بتيسير أمر الزواج أيضًا: ما يتعلق بالهدايا التي تتصل سواء بما يعرف الآن عندنا شبكة، وبعد ذلك ملكة، وبعد ذلك دخلة، وبعد الدخلة الصباحية، وبعد هذا حفلة زواج زيارة؛ يعني القائمة هذه كلها من العوائق التي تمنع كثيرًا من الشباب من الإقدام، ليس عنده قدرة على هذا المسلسل الطويل من التكاليف، وبالتالي من المهم أن نتعاون جميعًا على إشاعة ثقافة اليسر في أمر الارتباط، ولا يعني هذا أن يبخس حق المرأة في تجهيزها، وإنما تعطى ما يحقق لها التجهيز المناسب، ويراعى الفروقات بين الناس في هذا دون أن يشق الإنسان على الشباب، ويحملهم ما لا يطيقونه.
بعض الشباب عنده أسرة مليئة تستطيع أن تبذل له، والأكثر والأغلب أسر متوسطة ليس عندها القدرة على مواكبة حال الأسرة الغنية، وثمة فئام ليسوا بالقليل هم من لا يجد من يعينه، فأبوه منشغل بنفقة أولاده، عنده إشكاليات مع نفقات صحة، أو تعليم، أو معيشة، فبالتالي ينبغي أن نتعاون جميعًا على التخفيف من تكاليف الزواج؛ وهذا من جانب، ومن جانب آخر ينبغي أن نحرص على إعانة كل من رغب في النكاح، فالإعانة في هذا الباب والتسابق في سد حوائج الشباب لإعفافهم هو من أجلِّ ما ينبغي أن تبذل فيه الأموال، وأنا أدعو المؤسسات الخيرية، وأدعو أهل الأموال ممن وسع الله تعالى عليهم، وأدعو من يرغب في الأوقاف، أو في الوصايا، أو في بذل مال الزكاة أن ينظر في حال هذه الفئة من الشباب الذين هم بحاجة إلى دعم، من الشباب من يكون مستحقًّا للزواج، من يكون راغبًا في الزواج، وليس عنده مال، يعطى من الزكاة لسد حاجته، ولو أعطي الزكاة كاملة لتغطية تكاليف زواجه، وإعانته على تهيئة مكان لأسرته الصغيرة على نحو مناسب؛ فهذا مما يندب إليه، وقد جاء في الحديث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «ثلاثة حقٌّ على الله عونهم»؛ أوجب الله بكرمه، وحسن إفضاله على عبادة إعانة هؤلاء الثلاثة، من هم؟ «المجاهد في سبيل الله، والمكاتِب الذي يريد الأداء»، والثالث: قال: «والناكِح الذي يريد العَفَافَ«[سنن الترمذي:ح1655، وقال:هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ]
فمن أراد النكاح، النكاح حقٌّ جعله الله مما أوجبه على نفسه أن يعينه على تحقيق مطلوبه، وبلوغ مقصوده في إعانته على الزواج؛ ولذلك نحن ينبغي أن نبذل ما نستطيع في إعانة الشباب على الزواج، في تشجيعهم، عندك ابن، عندك أخ تأخر؛ يعني يبلغ الثلاثين الحين، وتجاوز الثلاثين، وهو ما تزوج، والبنات أيضًا مثل هذا يمضي بهن السنوات وهن غير متزوجات؛ هذا الوضع غير طبيعي، هذا الوضع نذير شرٍّ في المجتمعات، ولنعتبر بالمجتمعات التي خرجت عن إطار الارتباط القويم، وأصبح الرجل والمرأة كلٌّ منه يقضي حاجته، وشهوته على وجه محرم، يترتب عليه فساد الدين وفساد الدنيا؛ كلُّ هذه أمور ينبغي أن تراعى، وأن تلاحظ، وأن يبادر إلى معالجتها، وأن نتكاتف جميعًا في إعانة الراغبين في الزواج بكلِّ أوجه الإعانة.
كثير من الناس عندما يأتي الحديث عن إعانة الشباب على الزواج، وتيسير أمور الزواج ينصرف الذهن فقط إلى العون المادي، فالعون المادي أساس وجوهري في تحقيق المقصود من هذا الموضوع، لكن ثمة تدابير أخرى مهم أن نراعيها، وهي ما يتعلق بتيسير أمر الزواج بتخفيف تكاليفه في كل مراحله، أسأل الله الإعانة على ذلك، والتيسير.
المذيع: نأخذ مجموعة من الاتصالات ونجيب عليها بشكل إجمالي، اتصال محمد من حائل، تفضل يا محمد.
السائل: السلام عليكم، جزاكم الله خيرًا أنت وشيخنا والسامعين، ومن يهمهم هذا الموضوع، الموضوع حقيقي –الله يعينه عليه-، أنا أرى من وجهة نظري لعل -إن شاء الله- يكون فيها فائدة، وهي متواضعة.
الآن قصور الأفراح عندما يكون هناك زواج، أنا أرى عكس ذلك، أن يكون هناك حتى لو أن فاعلي الخير يقسموا إذا كان فيها أكثر من متزوج بحيث إن الواحد؛ زواج جماعي، ويكون هناك رابطة بين المجتمع، فهي فيها فوائد عدة ما هي فقط ذلك، الحقيقة الجمعيات الخيرية مثل ما قال شيخنا لو تضافرت جميع الجهود لأجل ذلك، وأن يكون هناك حساب واحد خاص بمنطقة حائل، الله يجزيكم خير.
المذيع: الله يعطيك العافية، وإياك، شكرًا أخي محمد، أبو رايد من الرياض، تفضل أخي أبو رايد.
السائل: السلام عليكم ورحمة والله وبركاته، شيخ خالد في شيء انتشر الآن في زماننا هذا، وخاصة في الأقارب بالذات، فأنا حضرت في الميدان هذا يعني ولد أخي، ولد بنتي، أو شيء من هذا القريب، هل يجوز للأب أن يطلب مهر البنت مثلًا ريالًا، أو خمسة ريالات، يقول: هذا ولد أختي، هذا ما أستطيع أن أزيد عليه؟ أما هذا هضم لحق الزوجة يا شيخ؟ شكرًا، الله يعطيكم العافية.
المذيع: نكمل الإجابة يا شيخ حتى تأتي الأسئلة الأخرى.
الشيخ: فيما يتعلق بالمهور، فالمهر حق للمرأة، والأصل فيها أن يعطى مثلها، لكن في الغالب أنا أعرف أن مثل هذه الحالات يكون الأب قد تكفل بسد حاجة الناسب؛ بمعنى أنه يطلب ريال، ولكن في الحقيقة أنه يدفع لابنته من تجهيزاتها، وكل ما يتعلق بمهرها، المقصود إن اليوم يفرح بوجود من يقبل على الزواج، والإنسان يسعى لستر بناته، ويمكن أنا أعرف من أحوال الناس من أتاني والله من يقول لي: إن عرفت شابًّا لابنتي أنا متكفل بكلِّ تكاليف زواجه مع سكنه، مع مرتب حتى يجد وظيفة، فمنهم من حدثني بمثل هذا؛ يعني الناس يسعون إلى ستر بناتهم، اليوم البنت مع كثرة العزوف أصبح رغبة الآباء في ستر بناتهن، وعفافهن، والاطمئنان على ربطهن بأسر وأشخاص يحققون لهم الأمان مطلب عزيز، ولو بذل الإنسان في ذلك مالًا، وعلى كل حال يا أخي لندع الناس فيما ارتضى مثل هذا؛ يعني ينبغي ألا تشغل نفسك بهذه الدقائق التي تذهب ما في هذا النمط من التيسير.
المذيع: ومقابل ذلك يا شيخ بركة، وعون من الله –سبحانه وتعالى-، وأجر لهذا الأب الذي تنازل عن هذه التعقيدات حتى ييسر إعفاف الشباب؛ فهذه نقطة مهمة جدًا.
الشيخ: وأنا أجزم أن لن يقدم الإنسان على مثل هذا إلا لمن يرى أنَّه مستحق، وأنَّه أهل أن يكون كذلك، ولن يقدم على هذا مع من يعرف أنَّه غير ذلك، فهو لا يرمي بنته على الناس، ولا هو بزاهد في ثمرة فؤاده بأن يقدمها لشخص لا يعرف حقها، مثل هذا في الغالب تكون حالات خاصة، نسأل الله التوفيق للجميع.
المذيع: لعلنا يا شيخ خالد نتحدث عن أيضًا الزواج الجماعي بشكل مختصر إذا كان بإمكان؛ يعني هذه من الأمور
الشيخ: الأخ الذي تكلم منذ قليل عن الجمعيات، هناك جمعيات مشتركة في بلادنا المباركة بدعم ولاة أمرنا، ومن الجهات المختصة، وهي جمعيات مساعدة الشباب على الزواج، ولا يخلو منها منطقة من مناطق بلادنا الغالية، وفي كل الأحوال هذه الجمعيات تختص في مناطقها بضوابط، وقيود، وشروط عندهم، ودعمهم مما ينبغي أن يبادر إليه، فهم يقدموا القروض، والإعانات المقطوعة، وأيضًا يرتبون، وينظمون مسألة الزواج الجماعي الذي تدعمه الحقيقة كثير من إمارات بلادنا المباركة، أمراء المناطق ودعمهم، وإشراكهم، جزاهم الله خيرًا؛ وهذا استشعار من ولاة أمرنا بأهمية التيسير في أمر الزواج بما يترتب عليه من مصالح كبرى.
المذيع: نهى من مكة، تفضلي يا نهى.
السائلة: شكرًا لكم، الله يعطيكم العافية، يا شيخ عندنا نحن الفتيات –الله يصلح حالهم- لما يأتي أحد يخطبها تتشرط بشروط بأن يكون أثاث البيت غالي، وكثير من الأغراض، وغير ذلك، فنحن الفتيات ما نوفر على الشباب، نحن عندنا الشباب الأمور معسرة عليهم، عندهم شقق، وأثاثات غالية، والمهور غالية، فعندنا كثير من التشريط للبنات، فأتمنى أن تقدمون حلقة ثانية؛ لأجل أن توضحون مثل هذه النقطة.
المذيع: شكرًا لك يا نهى على سؤالك، تفضل يا شيخ إذا كان من تعليق.
الشيخ: والله يا أخي هذه من الآفات؛ يعني أحيانًا العقبة لا تتعلق بأولياء المرأة، إنَّما تكون الفتاة نفسها لم تع حاجتها للزواج، وقد تظن إن هذه الاشتراطات تحقق لها السعادة، السعادة الحقيقية في حسن اختيار الزوج، لو كان على حديدة؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أتاكم من ترضون دينه، وأمانته، فزوجوه إلا تفعلوا تكون فتنة، وفساد عظيم»[سنن الترمذي:ح1085، وقال:«هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ]، فضروري أن يتحقق من طيب الرجل، وإذا تحقق طيب المتقدم كل الأمور الأخرى تسهل، لو جاء الفتاة شخص لن يتحقق فيه السلامة في دينه، والاستقامة في خلقه، وحسن معاشرته، والله لو سكنها في قصر، في النهاية لن تسعد.
المذيع: نأخذ بشكل مختصر أسئلة الواتساب، سؤال الأخ صادق عبد الحق، مداخلة، أو مشاركة، يقول: لا شك أن الزواج من أعظم الأعمال التي تحمي الشاب والفتاة، لكن عندنا في منطقتنا مبالغة كثيرة في الزواج المبكر حدث عدد من القصص، وانتهت بنهاية سريعة إلى الطلاق، والسبب صغر السن لدى الفتاة، أو الشاب.
أيضًا الأخت أم محمد تقول: ماذا تفعل المرأة إذا لم يتقدم أحد أبدًا لخطبة ابنتها، رغم جمالها، وأخلاقها العالية؟
الشيخ: تبذل وسعها في البحث عن زوج لها، واليوم هناك وسائل عديدة مع الاجتهاد في الدعاء، وأنا أقول: الدعاء يفتح أبواب مغلقة لا يرد على الإنسان بال في إنَّها ستفتح، وبالتالي أنا أقول: تضغط الأبواب، تذكر ابنتها لمن له اهتمام بهذه الأمور، وتدعو الله، والزواج رزق في النهاية، أسأل الله أن ييسر لكل من رغب في الزواج، الزواج الذي يرضيه.
المذيع: نعتذر لبقية المتصلين، وكذلك أيضًا الإخوة الذين بعثوا بأسئلة عبر الواتساب لضيق وقت الحلقة، وبأننا قد وصلنا إلى ختم نهاية الحلقة، وفيها نشكر ضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور: خالد بن عبد الله المصلح؛ أستاذ الفقه بجامعة القصيم، المشرف العام على فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمي والإفتاء في منطقة القصيم، ونسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تفضلتم به فضيلة الشيخ في ميزان حسناتكم.
الشيخ: بارك الله فيكم، وحفظكم الله، وأسأل الله أن ييسر الأمر لشبابنا وشباتنا، وأن يوفق كلَّ من رغب نكاحًا إلى ما يصبو إليه، وأن يرزقنا وإياكم العفاف، والتقى، وأن يديم على بلادنا الأمن، والأمان، ويوفق ولاة أمرنا إلى ما يحبه ويرضاه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.