بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم مستمعينا الكرام إلى هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة.
نحييكم ونرحب بكم في مطلع هذا اللقاء، وفي هذه الحلقة التي يسعد بصحبتكم فيها من الإعداد والتقديم محدثكم عبد الله الداني، وينفذها لكم على الهواء زميلي مصطفي الصحفي، كما يسرني مستمعينا الكرام أن أرحب بضيفي وضيفكم الدائم في هذا البرنامج، صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، وعضو الإفتاء في منطقة القصيم.
المذيع: سلام عليكم ورحمة الله وأهلا وسهلا بفضيلة الشيخ.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك أخي عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات ونسأل الله أن يجعله لقاء نافعًا مباركًا.
المذيع: اللهم آمين، ونرحب كذلك بالمستمعين والمستمعات الذين يتواصلون معنا الآن عبر السمع، وكذلك أيضًا نبلغهم وننبه وننوه بأنه يمكنهم أن يشاركون في هذه الحلقة التي موضوعها -بإذن الله تعالى- هو عن "الذكر" ذكر الله –سبحانه وتعالى- حياة القلوب.
مستمعينا الكرام ذكر الله –عز وجل- قوت للقلوب، وقرة للعيون، وسرور للنفوس، به تُجلب النعم، وتُدفع النقم، فهو نعمة عظمى ومنحة كبرى، له لذة لا يدركها إلا من ذاقها.
هذا هو الحديث، وهذا هو الموضوع مستمعينا الكرام، نذكر بأرقام التواصل في بدء هذه الحلقة رقم الأول:- 0126477117 – 0126493028 ويمكنكم كذلك أن تبعثوا برسائل الواتس أب على الرقم: 0500422121 والتغريد أيضًا عبر هشتاج البرنامج "الدين والحياة" عبر التوتير هذه الحلقة تبث على الهواء مباشرة وكذلك يمكنكم أن تستمعوا إليها وتتابعونا عبر البث المباشر لإذاعة "نداء الإسلام" على اليوتيوب وكذلك أيضًا البث المباشر انستجرام ويوتيوب، وأيضًا حساب فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
شيخ خالد عندما نتحدث عن ذكر الله –سبحانه وتعالى- وأنه حياة للقلوب، الكثير من الناس يبحثون عن علاجات لأمراض يصابون بها، وهم أحيانًا بين مُقلٍّ ومُكثِر في البحث عن هذا العلاج أيًّا كان هذا العلاج، لكن دعونا يعني فضيلة الشيخ نتحدث عن ذكر الله –سبحانه وتعالى- الذي قال عنه –سبحانه وتعالى-: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد: 28 فتكون حياة القلوب بذكر الله –عز وجل- شيخ خالد.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد..
هذا الموضوع، موضوع "حياة القلوب"، موضوع في غاية الأهمية، والجميع يحتاجه صغيرًا كبيرًا، ذكرًا أو أنثي، ذاك أن حياة القلوب هي الحياة الحقيقية، فالإنسان في هذه الدنيا يحيي بحياتين:
- حياة بدن قوامها الطعام السليم، والوقاية من الأخطار التي تتهدد بدنه، وبقدر ما يحقق من هذين: الغذاء والقوت السليم، وتوقي ما يكون مفتتا للبدن من الأغذية والأعمال والحركات ينجو ويسلم.
- القلب كذلك له حياة، وحياته هي الحياة الحقيقية التي بها ينال مقصود الوجود، بها يدرك السعادة، بها يدرك السكن، بها يستطيع أن يتنعم بما في هذه الأرض، يستطيع أن يقضي هذه المرحلة من مراحل البشرية على نحو من الطيب والسلامة والسعادة والانشراح والبهجة، يحقق بها إزالة ما في هذه الدنيا من الأكدار والمنغصات والأكباد التي إذا خُلِّي بينه وبينها دون معين من قلب سليم، من قلب مطمئن، قلب مستروح بطاعة الله والتنعم بالقرب منه، فإنه سيصدق عليه قول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ طه: 124 وهذا باختصار وإيجاز لعظيم أثر موت القلب، وعظيم تأثير حياة القلب في تحقيق سعادة الإنسان.
الفارق كبير، الفارق بين حياة طيبة، وبين حياة ضنك، الله –جل وعلا- يقول: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ النحل: 97 ويقول –جل وعلا-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ طه: 124 .
الحياة الطيبة نصيب أولئك الذين حيت قلوبهم، واستنارت أفئدتهم بذكر الله وطاعته وقيام حقه، والحياة الضنك هي تلك الحياة التي هي من نصيب أولئك المُعرِضين عن الله –عز وجل- وعن دينه، وعما شرعه لعباده، وعن أسباب الحياة السعيدة في هذا المعاش، والذي هو مفتاح الحياة السعيدة في الميعاد عندما نعرف أهمية العناية بحياة القلوب، يحملنا هذا على التنقيب والبحث في كل ما يكون سببًا وموجبًا لحياة القلب.
حياة القلب هي الحياة السعيدة، حياة القلب هي الحياة الهنيئة، حياة القلب هي الحياة التي يدرك بها الإنسان مصالحه، هي التي يتجاوز ويجتاز بها المصاعب التي تعترضه في مسيره وحياته، وبقدر ما يكون في القلب من حياة، بقدر ما يكون في القلب من نور، بقدر ما يكون فيه من هداية، بقدر ما يكون فيه من طمأنينة، بقدر ما يكون فيه من سعادة، بقدر ما ينال مصالح هذه الدنيا ويسعد فيها.
ولذلك ذكر الله تعالى في تمثيل ما تكون عليه قلوب الناس من دون حياة التي أوحاها الله تعالى لرسله حتى يخرج الناس من الظلمات إلى النور، يقول –جل وعلا-: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ الأنعام: 122 ، هذه الآية الموجزة جاءت لتبيِّن الفرقَ بين حياة الغافلين عن غاية الخلق، الغافلين عن مقصود الوجود، الغافلين عن ما من أجَّله خلقهم الله –تبارك وتعالى-، وغيرهم ممن نور الله قلوبهم وأحيا أفئدتهم بما أوحاه لرسله، يعرف الإنسان مدى الفرق بين الصورتين، يقول الله تعالى طالبًا الموازنة والمفاضلة بين وصفين ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا﴾ بماذا؟ مات بإهمال قلبه، بفقده الحياة، الموت هنا ليس الموت البدني الذي يعتري الإنسان ويعتري كل حيوان ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ الأنبياء: 35 إنما هو الموت الروحي، الموت المعنوي، الموت الذي يحصل به خسارة المعاش والمعاد.
موت الأبدان يكون مفتاحًا لسعادة الدنيا والآخرة، ولذلك جعل الله تعالى الموت في سبيله من مفاتيح السعادة، من أبواب الجنة ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ آل عمران: 169 .
هذا موت بدني لكنه حياة للأرواح، ولذلك قال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾ فهم ليسوا أمواتًا في حساب الله –عز وجل-، وما أعده لأوليائه، الموت موت بدن لكن الحياة حياة روح، بخلاف أولئك الذين جعلوا أبدانهم مقابر لقلوبهم، فأظلمت هذه القلوب وماتت وانطمست أنوارها، وفقدت حياتها لما اعتراها من الظلمات ومن السيئات التي أهلكتها حتى لا حراك فيها، بل هي في ضيق وكدر ونكد وضنك وسائر ما يكون من سوء المعاش الذي هو مقدمة سوء الميعاد وسوء المآل. إن للحسنة بهاء في الوجه، ونورا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، وهنا الحسن يشمل جميع الحسنات والصالحات على شتى صنوفها الكونية والعملية والقلبية، الواجبة والمستحبة.
فكل حسنة قوليه أو عملية أو قلبية، أو واجبة أو مستحبة، ظاهرة أو باطنة، كل هذه الحسنات على شتى صورها تُلقي في الوجه نورًا وضياء، وتلقي في القلب نورًا وانشراحا، ثم أنها تمهد لحياة هنيئة، وسعة في الرزق وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، هذه المكاسب ما يدركها الإنسان بأموال الدنيا كلها، لا يمكن أن يملك هذه الفوائد المجموعة، قد يدرك سعة في الزرق، قد يدرك قوة في البدن، لكن لا يمكن أن يدرك نورًا في القلب، ولا ضياء في الوجه، ولا محبة في قلوب الخلق، إلا بهذه الحياة التي تكون في القلوب من أثر طاعة الله، والقيام بحقه.
إذًا نحن بحاجة إلى أن نعتني بقلوبنا، وأن نتفقد حال هذا القلب، لأن القلب إما أن يكون ميتًا، وإما أن يكون مريضًا، وإما أن يكون حيًّا صحيحًا مستنيرًا.
هي ثلاثة قلوب، وكل عاقل وبسيط يفتش عن قلبه أين هو من هذه الأقسام الثلاثة؟ فإن كان ميتًا فعليه إحياؤه، وإن كان مريضًا فعليه إبراؤه وصحته وسلامته، وإن كان صحيحًا زاد من صحته وقوته ونوره، وحمد الله على ما فتح له من أبواب الهداية والنور الذي يشرح به الصدر.
القلب الميت هو القلب الذي خلا من عبادة الله، فهو قلب الكافر وقلب المنافق، وقد أشار الله تعالى إليهم في قوله: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ الأنعام: 122 هذا النمط من القلوب هو قلب من انصرف عن طاعة الله، وجهل حق ربه، فلم يقم بما يصلحه، فهو بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة، ولا يدفع عنها من المكروه، فإذا جعلوا الإسلام والهدايةقصدهم ملأت الحياة القلب، هذا بالنسبة للقلب الأول.
القلب الثاني القلب المريض المعتلُّ، طبعا هذا النمط ذكره الله في كتابه كثيرًا، يعني لما يقول الله –عز وجل-: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ الأنعام: 36 من هم الموتى هنا؟ المقصود الموتى موتى الأبدان، لكن هو إشارة إلى موت القلوب، كأن الله تعالى جعل الذين لا يستجيبون للوحي، ولا يستجيبون للرسالة في عداد الأموات الذين لا يسمعون صوتًا ولا يعقلون دعاء، ولا يفقهون قولًا، ولا يتدبرون حججًا، ولا يمتثلون أمرًا.
وقد ذكر الله تعالى في عتابه لأصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ الحديد: 16، ثم بعد ذلك ضرب الله مثلًا لأثر الوحي في حياة القلوب واستنارتها قال تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ الحديد: 17 فكما أن الله يحيي الأرض بعد موتها وجدبها وهلاك ما فيها، فهو يحيي القلوب بعد قسوتها وموتها.
أما القسم الثاني من الأقسام فهو: القلب المريض، والقلب المريض هو الذي يصيبه من الآفات، ما يخرجه عن الصحة والاستقامة والسلامة، والمرض قد يطلق على الكافر ويطلق على المنافق، ويطلق على من تشربت قلبه الشهوات، ولهذا أمراض القلوب نوعان:
- أمراض شبهات تجعله في شكٍّ وتورِّطُه في بدعة، وتورده نفاقًا، وتجعله مرتابًا، وهذا الذي قال عنه –جل وعلا-: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ البقرة: 10 .
- أما النوع الثاني من الأمراض أمراض القلوب: أمراض الشهوات التي تتملك القلب وتستحوذ عليه، فيصبح حبه للفواحش والمعاصي ومخالفة أمر الله ورسوله متأصلًا في هذه القلوب، وهو الذي أشار إليه في قوله تعالى: ﴿فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا﴾ الأحزاب: 33 فأمر الله –عز وجل- للمرأة أن تستقيم في قولها بأن تتكلم بكلام لا ليونة فيه، لا في ألفاظه، ولا صيغه، ولا في طريقة أدائه والتحدث به، لأجل أن يقطع الطريق على هؤلاء الذين يتربصون بهذه الأصوات ليصلوا إلى ما يؤملونه من المعاصي والسبل والشر.
هذا نتاج المعاصي التي تملأ القلب فتجعله مريضًا، والقلوب شديدة التأثر.
القلب أيها الإخوة والأخوات والمستمعون والمستمعات! شديد التأثر، يتأثر بأدنى ما يكون مما يطرقه، ولهذا يذكر الله تعالى في ذلك: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ المطففين: 14 ، وإن طبقة تعلو القلب وتغلب عليه، وهي أغلظ الحجب على القلب وأكثفها، وهو الذنب على الذنب كما قال مجاهد: "هو الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب وتغشاه فيموت القلب"[تفسير الطبري:24/287]، وقد قال مقاتل: "غمرت القلوب أعمالهم الخبيثة"[تفسير ابن القيم:ص564]، فخبث العمل يؤثر على القلب، وهو الذي قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ»[صحيح مسلم:ح144/231]، حتى تتوالي هذه النكات وهذه الآثار علىالقلب فيسوَدّ، وإذا كان النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو سيد الورىن يقول: «إنه ليُغَان على قلبي»أي يصيب قلبي طبقة الغيظ، وهي أرق الطبقات التي تغشى القلب، «وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة»[صحيح مسلم:ح2702/41] دليل على عظيم وشدة تأثر القلب إلى هذه الدرجة التي توجب على الإنسان الفطنة والتنبؤ والمبادرة إلى إحياء قلبه، وإزالة المرض الذي يمنعه من الإبصار، يمنعه من معرفة الحق، يحول دونه ودون الرغبة فيه والعمل به؛ لأن مرض القلب يقترف أمرين، أو يأتي في جانبين:
الجانب الأول:- في العلم فلا يعرف حقًّا، ولا يعرف معروفًا، ولا ينكر مُنكرًا.
الجانب الثاني:- العمل، فيعمى القلب فلا يبصر مواطن الهدى، يبقى حائرًا في ظلمات الجهل وهو يهدي الضلال، حتى لا يشاهد الحق كما أن الأعمى لا يشاهد المرئيات.
إذًا هذا ثاني أنواع ما يعتري القلب، أو هذا ثاني أقسام القلب وهو القلب المريض، أسأل الله السلامة لي ولكم وللمسلمين من القلوب الميتة والمريضة.
الثالث من أقسام القلوب: هي القلوب الصحيحة، وهي القلوب التي تنوَّرت بشرعية الله –عز وجل-، هي القلوب التي أحياها الله -جل في علاه- بمحبته، أحياها الله -جل في علاه- بتعظيمه، أحياها الله -جل في علاه- بأنوار شرعيته التي خرجت بها من الظلمات إلى النور.
القلب الصحيح السليم هو: القلب المحب لله –عز وجل-، هو القلب المعظم لله –عز وجل، هو القلب الذي يُؤْثِر مرضات الله تعالى ويطلب ما يحبه -جل في علاه-، ويقدم ذلك على غيره من المَحابّ التي تعترض القلب في سيرها إلى الله –عز وجل-، هذا ما يتعلق بأقسام القلوب، وضرورة العناية بحياة القلب.
الآن عندما أتحدث عن حياة القلب، حياة القلب لها أسباب كثيرة ومتعددة ومتنوعة، يجمعها على وجه الإجمال ذكر الله -جل في علاه-، فالذكر حياة القلوب ولهذا يعني اخترنا لهذا الموضوع هذا العنوان اختصارًا لمجمل الأسباب التي تحيا بها القلوب وتستقيم.
فذكر الله –جل وعلا- هو حياة القلوب، هو نورها، هو مفتاح هدايتها، وبقدر ما حفظ الناس من هذا الذكر في قلوبهم وأعمالهم ينالون من السعادة والطمأنينة والانشراح، عندما نقول: ذكر الله، كثير من الأحيان ينقدح في الذهن صورة واحدة من الأذكار، وهو ذكر اللسان، لكن عندما في الحقيقة نتحدث عن الذكر نحن لا نتحدث عن تسبيح وتحميد وتهليل وتلاوة قرآن فقط، بل نتحدث عن الذكر بمفهومه الواسع الذي يشمل جميع مناحي الحياة، فقوله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد: 28 هو بيان لأثر الاشتغال بالذكر في حياة القلب، هل هذا محصور فقط على التسبيح والتحميد والتكبير وقراءة القرآن ونحو ذلك؟ الجواب: لا؛ ذكر الله مفهوم واسع يشمل ذكر القلب، وذلك بأن يملأ القلب بذكر الله محبة وتعظيمًا، وهذا أرفع مراتب الذكر بالنظر للانفراد، يعني عندما نقول: ذكر قلب، ذكر لسان، ذكر جوارح، هذه ثلاثة أقسام للذكر، أعلاها وأشرفها ذكر القلب؛ لأنه مفتاح السعادة هو الذي إذا خُلِّي بينه وبين العلم بالله ومعرفة الله، جاءت الخيرات بعد ذلك؛ لأن القلب ملك الجوارح، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «ألا وإن في الجسد مُضْغَة إذا صَلَحَت صلح الجسد كله، وإذا فَسَدَت فسد الجسد كله»[صحيح البخاري:ح52] حديثنا إذًا هو عن الذكر الذي هو حائط القلوب، عرفنا ما هو، وأن مرادنا الذكر ليس صورة منه، ولا مفردة من مفرداته، بل الذكر بمفهومه العام الذي يشمل ما وصفت به عائشة رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- «كان يذكر الله على كل أحيانه»[أخرجه مسلم في صحيحه:ح373/117، وعلقه البخاري في صحيحه، ترجمة حديث:634]، وهذا يمكن أن يتأتى بمفهوم الذكر الواسع الذي يشمل القلب أولًا، ذكر اللسان بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وتلاوة القرآن وتعليم العلوم الشرعية، والدلالة على الخير عمومًا، يشمل كل ما أمر الله تعالى به من الأقوال واجبًا ومستحبًّا، حتى التحية كيف الحال؟ هي من ذكر الله إذا كان الإنسان يقصد بها إدخال السرور على أخيه، ويؤدي التحية التي تطيب به الصلة بين الناس.
يعني هذا مفهوم واسع للذكر، عندما يقول الأب لولده: افعل كذا ولا تفعل كذا، موجهًا إياه في دراسته في مصالح معاشه، في مصالح معاده، هذا من ذكر الله؛ لأنه قيام بالأمانة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ التحريم: 6، فبهذه يتسع المفهوم ليشمل كل ما يقوم بهالإنسان فيما يتعلق بالقيام بحق الله وحق الخلق، ذكر الجوارح هو أن تكون الجوارح مستعملة في طاعة الله، فلا يسمع إلا ما يرضي الله ولا يتكلم إلا بما يرضي الله، ولا يبصر إلا ما يرضي الله، ولا يبطش بيده إلا فيما يرضي الله، ولا يحرك قدمه إلا فيما يرضي الله، طبعا نقول فيما يرضي الله عندما يخرج الإنسان من بيته طالبًا للرزق ليكفَّ نفسه، هذا من ذكر الله؛ لأنه بهذا يحقق طاعة الله في كفاية نفسه وكفاية من يعوله.
إذًا مفهوم الذكر الذي هو حياة القلوب أوسع من أن يحصر فقط في أن يكون الإنسان في زاوية من زاويا المسجد، أو جانب من جوانب الخلوات يسبح أو يحمد أو يذكر الله أو يتلو القرآن أو نحو ذلك.
المذيع: جميل، إذًا مفهوم الذكر مفهوم عام، ولا يمكن حصره في صورة من الصور، حديثنا مستمر عن ذكر الله –سبحانه وتعالى- حياة القلوب، أرقام التواصل لمن أراد أن يشاركنا في هذه الحلقة سيكون ذلك متاحًا بالاتصال على رقم: 0126477117- 0126493028 ويمكنكم أيضًا مراسلتنا على الواتس أب على الرقم 0500422121 نأخذ الاتصال الأول من المستمع عبد العزيز الشريف من الرياض عبد العزيز أتفضل.
عبد العزيز: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز: حياكم الله يا أستاذ عبد الله، كيف أحوالك؟
المذيع: بخير الله، يحفظك، تفضل أخي عبد العزيز.
عبد العزيز: شكر الله لك هذا البرنامج، وأحييك وأحيي فضيلة الشيخ.
المذيع: أهلا وسهلا بك
عبد العزيز: بارك الله فيك بالنسبة لذكر الله –سبحانه وتعالى- الذي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَثُل الذي يَذْكُر ربَّه ومثل الذي لا يذكر ربه كمثل الحيِّ والميِّتِ»[صحيح البخاري:ح6407].
الذكر هذا حياة القلوب، وبه طمأنينة النفس، وبه الراحة والسعادة التي يجدها الإنسان، لكن قد تجد بعض الناس للأسف يسيء إلى هذا الذكر، فإذا وجد شخصًا يذكر الله، يقول: هذا موسوس، هذا فيه وسوسة، هذا مريض يعني أصبح الآن لما الإنسان يذكر الله –سبحانه وتعالى- كأن فيه بلاء، أو كأنه فيه مصيبة.
الأمر الثاني -بارك الله فيك-: النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض»[أخرجه أحمد في مسنده:ح4928، وصححه الألباني في الصحيحة]، الآن للأسف قد تجلس بجانب أحدهم فتجده يرفع صوته بالذكر، وأنت تذكر الله فيشغلك عن ذلك الشيء برفع صوته، ولهذا النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما مرَّ على أبي بكر وهو يغض صوته وعلى عمر يرفع صوته، فقال: «يا أبا بكر لماذا لا يعلو صوتك؟» قال: يا رسول الله أسمعتُ نفسي، وأسمعت من أناجي، وأنت يا عمر قال: أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، فقال: «يا أبا بكر ارفع من صوتك قليلا، ويا عمر أخفض صوتك قليلا»[سنن أبي داود:ح1329، ومستدرك الحاكم:ح1168، وقال:هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. وصححه الألباني في مشكاة المصابيح:ح1204] توجيه الشيخ لبعض الناس الذين للأسف قد يزعج غيره بالذكر برفع الصوت.
أيضًا بارك الله فيك تداخل الأصوات المساجد الآن، الآن في الحارة الواحدة تجد أكثر من مسجد فهذا يؤذن وهذا يصلي، بما يحدث خللا فما توجيه الشيخ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المذيع: شكرا لك أخي عبد العزيز.
الاتصال الثاني أم حنان، تفضلي أم حنان، معنا أم حنان، طيب لعلنا نعاود الاتصال بالأخت أم حنان.
الشيخ خالد! إذا كانت هناك نقطة قبل أن نأتي ربما على محورين مهمين طرحهما الأخ عبد العزيز، وأنا أتحدث يعني ناحية مهمة جدًا فيما يتعلق بالجهر والإخفاء، فيما يتعلق بذكر الله –سبحانه وتعالى-
الشيخ: فيما يتعلق يعني نحن الآن عندنا جانبان:
الجانب الأول: يتعلق بمفهوم الذكر بيَّناه، واتضح أن الذكر الذي تحيي به القلوب ليس مقصورًا على صورة منه، بتكبير أو تحميد أو تسبيح، بل هو أوسع من ذلك ليشمل كلَّ ما أمر الله تعالى به من الطاعات والحسنات والخيرات في القول أو القلب أو الجوارح والعمل.
هذا هو ذكر الله الذي تحيا به القلوب، ولاشك أن ذكر اللسان مما يفتح للإنسان أبوابًا عظيمة من الخير، ولذلك ينصرف الذهن في كثير من الأحيان إلى هذا النوع من الذكر عندما يطلق ذكر الله –عز وجل-، ولكن المعنى أوسع من هذا.
ذكر اللسان أخي الكريم، فيما يتعلق بحياة القلب، القلب يتأثر باللسان تأثرًا بالغًا، ولهذا جاء في الحديث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يستقيمَ قلبُه»، وهذا يبين ضرورة استقامة القلب في تحقيق الإيمان، وصلاح الحال، فمتى استقام القلب في معرفة الله وخشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وتعظيمه وسائر أعمال القلوب استقامت الجوارح تبعًا لذلك، وتحقق الإيمان الذي به يحصل الفوز والنجاة للإنسان.
فالحديث يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يستقيم قلبه» ثم قال: «ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»[مسند أحمد:ح13048، وحسنه الالباني في صحيح الترغيب والترهيب:ح2554]، وهذا يدل على ضرورة العناية باللسان في تحقيق حياة القلب واستقامته، كيف يكون ذلك؟ يكون ذلك بالمحافظة على القول المستقيم، القول القويم، أن يُبعد الإنسان لسانه عن كل ما حرمه الله –عز وجل- من قول الزور، ومن قول الباطل، ومن اللغو الذي يشمل شهادة الزور، يشمل السباب، يشمل الغيبة، يشمل النميمة، يشمل كل ما يمكن أن يكون سببًا لإفساد قلبه مما حرمه الله في القول، لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه.
فلنحرص على أن نكون في ألسنتنا على نحو من الاستقامة بقول الحق وتجنب كل زور أو باطل في ألسنتنا الله تعالى يقول: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ الأحزاب: 70، والقول السديد هو الصواب، القول الحق، القول الذي يجانب المحرمات من كذب وغيبة ونميمة وسباب وشتائم وزور وبهتان، وما إلى ذلك من سيء القول وفاحش البيان.
فإن هذا أول مراحل حفظ اللسان الذي يستقيم به القلب، هذا أول مراحل استقامة اللسان الذي ينعكس على القلب استقامة.
الثاني:- أن يعمر هذا القلب بالقول الطيب، فإن القول الطيب نعمة من الله –جل وعلا- على عبده، وتوفيق من الله –عز وجل- لعباده، ولذلك جعل الله تعالى الطيبَ من القول هداية يمنُّ بها على من يشاء من عباده قال: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾ الحج: 24، هذه الآية الكريمة جعل الله الهداية إلى طيب القول مفتاح لما يأمل الإنسان من استقامة العمل وصلاح الحال والهداية إلى الصراط المستقيم، فإنه إذا قال الإنسان قولًا مستقيمًا كان هذا منعكسًا على عمله استقامة، كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ الأحزاب: 70 لذلك من المهم أن يفهم الإنسان أن الطيب من القول إنما هو مفتاح خير عظيم له في دينه وفي دنياه وفي معاشه ومعاده.
إذا تحقق له هذا بأن منع لسانه من القول الرديء، تقدم خطوة إلى ما يحب ويرضي ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾ الحج: 24.
الأمر الثاني: عندك مداخلة؟
المذيع: إذا كان باختصار، شكلنا عندنا اتصالان نأخذهم قبل نهاية الحلقة.
الشيخ: طيب الأمر الثاني:- أن من الهداية إلى الطيب من القول من ذكر الله باللسان، ومن استقامة اللسان أن يعمره الإنسان بالذكر المشروع من تلاوة القرآن، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تعليم العلم، الأذكار بأنواعها، ونأتي عليه بعد استقبال الاتصالين.
المذيع: الأخت أم حنان، تفضلي يا أم حنان.
أم حنان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: أهلا وسهلا، تفضلي.
أم حنان: شيخي جزاك الله خيرًا، أنا مقلدة لك بعد الشيخ ابن عثيميين –رحمه الله-، فالآن سمعت أنا مقاطعك عن التسويق الشبكي، وعفوا أن السؤال خارج عن هذا، لكنه مهم جدا بالنسبة لي.
المذيع: طيب الأخت حنان لأن الوقت ضيق فممكن التواصل مع الشيخ بعد الحلقة -إن شاء الله- يفيدك إن شاء الله.
أم حنان: طيب هل سيرد؟
المذيع: بالجواب الشافي إن شاء الله بإذن الله يرد عليكي الشيخ بعد الحلقة -بإذن الله-، شكرا لك يا أخت أم حنان.
الاتصال الثاني: من معنا مصطفي؟ طيب انقطع الاتصال حتى يعود الاتصال.
شيخي هنا سؤال من أحد الإخوة المستمعين عبر الواتس أب ويقول: السلام عليكم ما هي الأذكار التي تقال بعد صلاة الفجر حتى الشروق؟ هذا سؤال.
السؤال الثاني: يقول لشيخنا الكريم: أريد منك فكرة تجعلني أذكر الله بشكل متواصل لأنني للأسف أغفل عن الذكر في بعض الأحيان، أخوكم أبو فهد.
الشيخ: والله يا أخي هذا الذي نتحدث عنه الآن في محور، طيب اللسان يتعلق بأمرين:
الطيب من القول، السداد من القول بمنع اللسان من الرديء والكلمات والألفاظ، وعمارته بالطيب من القول، فإن الطيب من القول يحيي القلوب، ويقيمها على الجادة والطيب من القول الذكر ينقسم إلى قسمين:
أذكار واجبة، وأذكار مستحبة.
الأذكار الواجبة:- كقراءة الفاتحة في الصلاة، لو صلاة لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وكسائر الأسباب في الصلاة التي أوجبها الله تعالى على عباده من قراءة التشهد، والصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- ونحو ذلك.
الأذكار المستحبة، أو المندوب إليها وهي بحرٌ لا ساحل له تنقسم إلى قسمين:
أذكار مقيدة بزمان أو بحال أو بوقت أو بمكان، فمنها ما هو مقيد بزمان كأذكار الصباح والمساء، منها ما هو مقيد بمكان كالأذكار التي يقول الإنسان عند دخوله الخلاء وخروجه من الخلاء، كالأذكار التي يقولها مثلا على الصفا وعلى المروة، هذه أذكار تعلقت بأماكن.
أذكار تتعلق بأحوال، بحال عند الاستيقاظ، وعند النوم، وعند الفزع، وعند الفرح، وما إلى ذلك من الأذكار التي جاءت الشريعة بها، هذه الأذكار في جملة تصل هذا النوع من الذكر، وهو الذكر المستحب.
ذكر مقيد ينبغي للإنسان أن يحرص عليه، وأن يستكثر منه، كأذكار أدبار الصلوات، والصباح والمساء، النوم والاستيقاظ، أذكار دخول الخلاء، أذكار السفر والقدوم وهناك مؤلفات عديدة من أيسرها وأسهلها تناولًا كتاب حصن المسلم الذي قرئ على شيخنا عبد العزيز الباز –رحمه الله- وهو في متناول اليد من حيث سهولته، ومن حيث يسره، ومن حيث زمنه، ومن حيث انتشاره، فأوصي باقتناء هذا الكتاب والحرص على الإتيان بالأذكار التي فيه، فيما يتعلق بأذكار الصباح والمساء وغيرها.
الذكر يحتاج الإنسان فيه إلى أن يصبر نفسه بعض الشيء؛ لأن النفس تدعو إلى الإسراع في الخروج من المسجد، الإسراع في القيام من المصلي حتى في البيوت بالنسبة للأخوات، والنساء تسلم مباشرة تقوم بدون أن تكمل الذكر، وبالتالي يفوتها حظ عظيم من حياة القلوب؛ لأنها فقدت القوت.
الذكر قوت القلوب، غذاء القلوب هو ذكر الله –جل وعلا- بقدر ما يكون معك هذا الغذاء، بقدر ما تنال من حياة القلب واستقامته واستنارته وطمأنينته وذلك ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد: 28 عندما يفزع الإنسان ويطلب الطمأنينة كأن يكثر ويلهث في ذكر الله –عز وجل- فإنه مما تطمئن به القلوب.
من الذكر المستحب ذكر مُطلَق، كل تسبيحة صدقة، كل تحميدة صدقة، كل تكبيرة صدقة، كل تهليلة صدقة، أحب الكلام إلى الله: سبحان الله، والحمد لله. كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وما إلى ذلك من الندب الواسع للذكر، الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وسلم، تلاوة القرآن، تعليم العلوم الشرعية، تعلمها.
المذيع: ما أفضل الذكر شيخ خالد؟
الشيخ: هو من ذكر الله يعني الآن نحن أخي عبد الله أيها الإخوة والأخوات نحن في ذكر، يعني نحن الآن سواء المتحدث، أو المشارك في الحديث، أو السائل، أو المنصت المستمع في سيارته أو في بيته، أو حيث كان هو في الحقيقة في ذكر، نسأل الله أن يذكرنا في على وجه الرضا والمحبة.
المذيع: الجهر أو الإخفات بالصوت التوسط في ذلك؟
الشيخ: نعم هو فيما يتعلق بالجهر والإخفات الأصل في الذكر، أن يكون بين الإنسان ونفسه ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾يعني بدعائك ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ الإسراء: 110، هذا هو الأصل في الذكر، ولكن ورد الجهر بالذكر في بعض المواطن، كالتلبية مثلا، وكأذكار أدبار الصباح بما لا يحصل به إزعاج وتشويش وأذية للآخرين، لأنه إذا كان يترتب عليه أذية وتشويش وإزعاج وخصومات عند ذلك ترك السنة أولى من العمل بما يمكن أن يفضي إلى خصومة ويوقع في محرم.
المذيع: وأفضل الذكر شيخ خالد؟
الشيخ: أفضل ذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الذكر هو تلاوة كتاب الله –عز وجل- فالقرآن العظيم هو الذكر كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ الحجر: 9 وكما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ الزخرف: 44، وفي آيات عديدة سمى الله القرآن ذكرا﴿صٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِي ٱلذِّكۡرِ﴾[ص:1]، في آيات عديدة ذكر الله تعالى القرآن وسماه ذكرًا؛ لأه به يتذكر الإنسان منافع الدنيا ومصالح الآخرة، وبه يُذكر الله –عز وجل- وينال مرضاته -جل في علاه-.
المذيع: أحسن الله إليكم شيخنا، المحاور كثيرة، والموضوع كبير ومتشعب، ولكن -إن شاء الله- نأتي إلى جوانبه فيما يأتي من أو في الحلقات القادمة -بإذن الله تعالى-، نشكركم في ختم هذا اللقاء، ونسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يجعل ما تفضلتم في هذا الحديث، وفي هذا الحلقة في ميزان حسناتكم
الشيخ: آمين، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من الذاكرين الشاكرين، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ووفقنا إلى ما تحب وترضي، احفظ بلادنا من كل سوء وشر، ووفق ولاة أمرنا إلى ما تحب وترضى، وسائر ولاة أمر المسلمين، وانصر أهل الإسلام حيث كانوا.
وإلى أن نلقاكم في حلقة قادمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شكرا لفضيلة الشيخ وشكرا لكم أيها المستمعون الكرام.