المقدم: في هذه الحلقة يسرني أن نرحب بضيفي وضيفكم الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة القصيم، وعضو الإفتاء في منطقة القصيم،فالسلام عليكم ورحمة الله، أهلاً وسهلاً بكم شيخ خالد.
الشيخ خالد: أهلاً وسهلاً، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك، وأهلاً وسهلاً بالإخوة والأخوات، نسأل الله أن يجعله نفعًا مباركًا.
المقدم: اللهم آمين، أهلاً وسهلاً فضيلة الشيخ، وأهلاً بكم أيضًا مستمعينا الكرام في هذه الحلقة على نحو ساعة من الآن سوف نتحدث فيها عن هذه الفريضة العظيمة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، نتحدث عن الصلاة وقدرها وقيمتها وأهميتها، وأهمية الحث عليها وخصوصًا حث الأبناء وتعويدهم عليها.
أرقام التواصل: 0126477117، 0126493028، رقم الواتس آب:0500422121، ويمكنكم مشاركتنا بالتغريد في هشتاج البرنامج "الدين والحياة" على تويتر، ويمكنكم أيضًا متابعتنا مستمعينا الكرام بواسطة حساب الإذاعة على اليوتيوب بالبث المباشر، وكذلك أيضًا على حساب فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح عبر البسكوم، وصفحته على تويتر حساباته، الحساب الرسمي للدكتور خالد المصلح، وكذلك يمكنكم متابعتنا عبر التطبيقات الذكية المتاحة بواسطة الأجهزة الذكية التي تتيح لكم من خلالها متابعتنا في هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة".
مستمعينا الكرام مما يعين المرء على أداء ما أمره الله به –سبحانه وتعالى-، معرفته ما له وما عليه من الأجر والثواب وغير ذلك إن فعل ما يجب عليه، ويقينه بما عليه من الوزر والعقاب إن هو تهاون وقصَّر، وأن يستحضر أنه بأداء ما أمر به مُنقاد لربه محقِّق للعبودية التي خلق لأجلها، وإن ثمة عبادةً عظيمة تتعلق بعبادة عظيمة أخرى، عبادة فعلها الأنبياء، وصبر عليها الصالحون، وشعر بأهميتها الأولياء، وأمر بها المتقون، إنها أمر الأبناء بالصلاة وحثهم عليها والصبر على ذلك والاحتساب فيه، وتفقدهم في هذا الشأن العظيم، وتتبعهم لتعويدهم عليها، وتنشئتهم على حبها، وغرس قدرها في قلوبهم.
ذلك أن غرس قدر الصلاة في نفوس النشأة مما يعين بعد الله –سبحانه وتعالى- على تمسك الأبناء بها حال كبرهم.
إذًا هذا هو حديثنا مستمعينا الكرام، ويسرنا أن نبدأ هذا الحديث مع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح عن أهمية مثل هذا الأمر.
إن هذه العبادة التي تتفرع أيضًا من عبادة أخرى التي هي الصلاة.
شيخ خالد! عندما نتحدث عن مسألة الصلاة، وكذلك حث الأبناء وتعويدهم عليها وتنشئتهم على ذلك منذ الصغر، ربما نحن نتحدث عن شيء أحيانًا البعض يصف هذا الحديث بأنه سابق لأوانه، كيف يمكن لكم أو كيف يمكن أن نعلق على هذا الأمر بالتحديد؟ بارك الله فيكم.
الشيخ خالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ خالد: مرحبًا أخي عبد الله، وحيا الله الإخوة والأخوات، وأسأل الله تعالى أن يجعله لقاء نافعًا مباركًا.
فيما يتعلق بموضوعنا هو موضوع في قضية من القضايا الكبرى التي تبوأت في الشريعة منزلة عظمة، موضوعنا الحديث عن الصلاة، وعلى وجه الخصوص الحديث عن الوصية بالصلاة؛ لأن الحديث عن الصلاة له جوانب عديدة، الصلاة ركن من أركان الإسلام بل هي عمود الإسلام، وهي أول الأركان بعد الشهادتين، وهي الحد الفاصل الذي جعله النبي –صلى الله عليه وسلم- بين الإسلام والكفر، «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»[سنن الترمذي:ح2621، وحسنه] وقال: «بين الرجل والشرك أو الكفر ترك الصلاة».[صحيح مسلم:ح82/134]
والأحاديث في بيان وجوب المحافظة على الصلاة، وبيان خطورة إضاعة الصلاة، وبيان الأجور المرتبة على فعل الصلاة، وبيان المنافع والفوائد التي يجنيها مَن حافظ على الصلاة أكثر من أن يحاط بها أو تحصر في لقاء أو في لقاءات.
لكن ينبغي أن يُعلم أنه لم يرد في الشريعة من الحثِّ وبيان الفضل والحديث عن عبادة من العبادات كما ورد في شأن الصلاة، ولهذا تبوأت هذه المنزلة العظمى في منازل العبادات ومراتبها لعلو مقامها وسمو منزلتها، هي الصلة بين العبد وربه، هي التي خصها الله تعالى بجليل الخصائص وعظيمها، فإنه فرضها -جل وعلا- على رسوله من أول البعثة: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ المزمل:1-5.
فأول فريضة عملية فرضها الله تعالى على أهل الإسلام هي هذه الصلاة التي جعلها فرضًا في أوائل بعثة سيد الأنام -صلوات الله وسلامه عليه-.
معرفة منزلة الصلاة مما يبين خطورة التفريط فيها، فقد جاء في آيات الكتاب الحكيم، وفي أحاديث الرسول الكريم –صلوات الله وسلامه عليه- ما يبين منزلة عظيم هذه العبادة، وكبير مكانتها، وخطورة إضاعتها.
قال الله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ مريم:59، وقال -سبحانه وبحمده-: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الماعون:4-5، وقال -جل وعلا-: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ المدثر:42-44.
فأول ما ذكروا مما أوجب دخولهم النار -أعاذنا الله وإياكم منها- أول ما ذكروا ترك الصلاة، أنهم لم يكونوا من المصلين، وقوله: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ أي من أهل الصلاة، وقيل: أهل الإسلام، وكلاهما في المعنى سواء، فإن أهل الإسلام يميزهم عن غيرهم في أبرز ما يكون من العبادات والأعمال الصالحات هذه الصلاة.
الصلاة أخي الكريم عبد الله! أيها الإخوة والأخوات! أوصى الله تعالى بها النبيين، فقد قال عيسى بن مريم –عليه الصلاة والسلام- فيما قصه القرآن عندما حدث بني إسرائيل ببراءة أمه، وأن الله تعالى أرسله قال: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ مريم:31، هذه بيان لوصية الله لنبي كريم من أولي العزم من الرسل أنه أوصاه بالصلاة، قال: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ مريم:30-31، وأوصاني من الذي أوصاه؟
الله -جل في علاه-، ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾. وكذلك لتعرف مكانة الصلاة في قلوب النبيين وفي شرائعهم، هذا إبراهيم –عليه السلام-، يقول الله -جل وعلا- في شأنه في دعائه: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ إبراهيم:40، فإبراهيم –عليه السلام- أمره الله تعالى بما أمره به من الأدعية، وكان منها أن دعا ربه بهذا الدعاء أن يجعله مقيمًا للصلاة، ومن ذريته من يقيم الصلاة، وهي وصية لقمان لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ﴾ لقمان:17.
إذًا هذه لمحات من آيات كريمات بينت منزلة الصلاة، وبينت عظيم مكانتها في الشرائع، وفي شريعة خاتم النبيين -صلوات الله وسلامه عليه-.
ونحن لسنا بصدد الحديث عن فضائل الصلاة وعما يتعلق بأهميتها ومنزلتها، نحن في لقائنا هذا نضع النقاط حول جانب من جوانب الصلاة، وهو الوصية بالصلاة، الوصية بالصلاة لنفسك ولأهلك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ التحريم:6، نحن نحتاج إلى أن نتواصى بالحق، ونتواصى بالصبر، نتواصى بالمرحمة.
وحديثنا اليوم هو حول التواصي بالصلاة وكيف نتعاون جميعًا على أن تكون الصلاة حاضرة في أذهاننا، فإن الصلاة هي الضمانة التي تقينا الشر، هي الصلة بيننا وبين الله تعالى، هي طريق المناجاة الذي إذا أُغلق فإننا فقدنا وأغلقنا بابًا من الرحمات والفضائل.
يا أخي عبد الله، أيها الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، الصلاة محلُّ تنزل الرحمات على العبد وعلى المكان الذي هو فيه، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورًا»[صحيح البخاري:ح432] وذكر –صلى الله عليه وسلم- في حثه على أن لا تخلى البيوت من الصلاة قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن الله تعالى جاعل بصلاته في بيته خيرًا»، وهذا يدل على أن إقامة الصلاة في البيوت مما يدرك الإنسان به خيرًا وبركة وبرًّا.
ولذلك قال –صلى الله عليه وسلم-: «فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا» جاء ذلك في قوله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته» فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، «فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا».[صحيح مسلم:ح778/210].
وهذا يؤكد هذا المعنى أن الصلاة مفتاح للخيرات، أن الصلاة بها يدرك الإنسان من الخير والفضل والبر والإحسان ما يكون خيرًا له وللمحيط الذي يحيط به.
وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر –رضي الله تعالى عنه-، أُكرِّر: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا» أي من الصلاة وهي الصلاة النافلة، «فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته» يعني بسببها «خيرًا».
نحن نحتاج إلى أن نتواصى بالصلاة؛ لأن الصلاة عندما يغفل عنها الإنسان ولا يجد من يوصي بها قد يضعف في سيره، لاسيما من لا يشهد الجماعات، من يكون قد أشغله أعمال ومهام وانشغالات في أمور دنياه فنحتاج إلى التذكير؛ لذلك لأهمية هذه الصلاة شرع الله تعالى النداء لها، فينادى بالصوت العالي في البلدان وهو من شعائر الإسلام، في المآذن يؤذن للصلاة، ويُظهر النداء إليها لأجل أن يذكَّر الناس بالمجيء وبأوقات الصلوات حتى الذين لا يجيئون يتذكرون أوقات الصلوات فيصلون.
نحن بحاجة إلى أن نتواصى بالصلوات؛ لأن التواصي بالصلاة هو تواصي بالحق الذي رتَّب الله تعالى عليه الخير والفلاح في قوله -جل وعلا-: ﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ العصر:2-3، هذه لمحة عن ما سنتحدث عنه في هذا اللقاء، أسأل الله تعالى أن يجعله لقاء نافعًا مباركًا.
المقدم: اللهم آمين، شكر الله لكم هذه المقدمة وهذه التوطئة لحديثنا في هذه الحلقة عن الصلاة، وأمر الأهل والأبناء بها وحثهم عليها، وربط قلوبهم بهذه العبادة العظيمة.
نتواصل معكم مستمعينا الكرام عبر هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم الدين والحياة، يمكنكم أن تتواصلوا معنا بالاتصال على الرقم 0126477117، والرقم الآخر: 0126493028، وكذلك أيضًا راسلونا بواسطة تطبيق الواتس آب على الرقم: 0500422121ـ وكذلك عبر هشتاج البرنامج الدين والحياة عبر تويتر.
إذا هناك من أسئلة؟ طبعًا كان هناك سؤال ولكن ربما هو خارج الموضوع سؤال عام عن الصلاة في مسألة حكم تغيير نية الصلاة بعد الدخول فيها، لعلنا نتحدث عن هذا الموضوع يمكن في آخر الحلقة إذا كان هناك وقت.
شيخ خالد! عندما نتحدث عن تعويد الأبناء منذ الصغر، لعل البعض يتناسى ما هي الأهمية، وربما أيضًا يظن أن هذا الأمر هو اختيار وليس أمرًا مأمور به هذا الشخص أو هذا الأب أو هذه الأم فيما يتعلق باتجاه أبنائها أو الأبناء والبنات على حد سواء، فيما يتعلق بحث الأبناء والبنات على الصلاة خاصة من سن مبكرة، وكما يعني ثبت لدى المراقبين والمهتمين والمربِّين وغيرهم أن تعويد الأبناء منذ الصغر على الصلاة مُعين لهم بعد الله –سبحانه وتعالى- على التزام هذه الصلاة وتحبيبها في نفوسهم حال كبرهم، وربما العكس أيضًا صحيح.
عندما نتحدث عن هذا الأمر شيخنا، هل هو فعلاً يعني يعتبر من نوافل الأمور، أو أنها هي ربما من الأمور التي يسأل عنها العبد يوم القيامة إذا فرط في هذا الأمر ولم يقم بواجبه تجاه أبنائه وأهله في هذا الجانب؟ خاصة وأن هناك أمرًا من الله –سبحانه وتعالى- في نص القرآن الكريم في سورة طه عندما قال –سبحانه وتعالى-: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ طه:132؟
الشيخ خالد: عندما نتحدث أخي الكريم عن موضوع الوصية بالصلاة، نحن نحتاج أن نتحدث عن ما ذكره الله -جل وعلا- في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو أَنفُسا َكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ التحريم:6، وعن قوله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما-: «كلُّكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رَعيَّتِه، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته» ثم قال –صلى الله عليه وسلم-: «والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته» ختم ذلك بقوله: «وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»[صحيح البخاري:ح893، وصحيح مسلم:ح1829/20] تأكيد للمعنى السابق.
فانتظام هذين النصين: النص القرآني الذي أمر بوقاية النفس والأهل النار ﴿قُو أَنفُسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ ، والنص النبوي:«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها»يبين أن المسئولية في صيانة الأسرة، في صيانة الأبناء والبنات، صيانة أهلك، الأهل في كل تقاسيمهم وتنوع صلاتهم من أبناء وأبناء وإخوة وأخوات وزوجات، أمهات... وما إلى ذلك.
كلهم يندرجون في معنى الأهل، يتبين أن الوصية بالصلاة من آكد ما يكون من حقوق هؤلاء على الإنسان، فإن الوصية بالصلاة هي وصية بمفتاح الخيرات التي يدرك بها الإنسان خيرًا عظيمًا وأجرًا كبيرًا، وقد قال النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه»[صحيح البخاري:ح405] في الرواية الأخرى قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن المؤمن إذا كان في الصلاة فإنما يناجي ربه»[صحيح البخاري:ح413]، فالصلاة هي المناجاة أي المحادثة، محادثة بين العبد وبين ربه –جل في علاه-.
ونحن عندما نشهد بعض من يصرف أوقاتًا طويلة في المحادثات الفارغة أو المحادثات التي لا تعود عليه بنفع وفائدة، نعجب من الغفلة عن أجلِّ المحادثات وأعظمها، وهي محادثة العبد لربه في صلاته، هذا ليس ترغيبًا تخيليًّا أو ترغيبًا لا يستند إلى أصل، فإنه ما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك –رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجي ربه».[سبق]
ولذلك عندما نتواصى بالصلاة نوصي أنفسنا وأبناءنا وأهلينا، فإننا نتواصى بأجلِّ المحادثات، أجل المواقف، أعظم المقامات عندما يقوم الإنسان بين يدي ربه -جل في علاه-، فإن الله تعالى ينصب وجهه الكريم للمصلي، والله –جل وعلا- غني عنا وعن عباداتنا، لكن من كرمه ولطفه أنه إذا قام الإنسان يصلي فإنه يناجي ربه وهو قد نصب الله تعالى له وجهه وأقبل عليه -سبحانه وبحمده-، فجدير بالمؤمن أن يعرف قدر هذا المقام وأن يحرص على ندب أبنائه وبناته وأهله أن يأخذوا من هذا المقام الفضل والأجر، وأن يشاركوا في هذا الخير العظيم.
الصلاة أيها الإخوة والأخوات على مرتبتين:
صلوات مفروضات جعلها الله تعالى فرضًا على كل مسلم ومسلمة، وهذه الصلوات هي الصلوات المكتوبات الخمس، وقد جاء فرضها في القرآن وفي السنة ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ الإسراء:78، هذه الآيات اشتملت على أوقات الصلوات الخمس بالإجمال وقد جاء الخبر عنها تفصيلاً في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-، وما ثبت عنه.
من ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث طلحة بن عبيد الله أن رجلاً جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- ثائر الرأس، يُسمع دَويُّ صوته ولا يُفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيان الإسلام: «خمس صلوات في اليوم والليلة»، بدأه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بهذا البيان الذي أكد فيه أهمية هذه الصلوات وتصديها في أعمال الإسلام، فإن هذا الرجل يسأل عن الإسلام قال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: «خمسُ صلوات في اليوم والليلة» فقال له الرجل: هل علي غيرها؟ فقال: «لا، إلا أن تطَّوع».[صحيح البخاري:ح46]
وفي حديث عبد الله بن عباس في بعث معاذ إلى اليمن، أمره النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال له: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك إلى ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة».[صحيح البخاري:ح7372].
وبالتالي هذه الصلوات جاء فرضها على نحو بيِّن في كلام النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهي أولى وآكد وأوجد ما ينبغي أن نتواصى به من الأعمال، نتواصى به فيما بيننا، نوصي به أنفسنا وأهلينا وأبناءنا.
إن الصلاة لما كانت بهذه المنزلة العظيمة، وأدرك ذلك النبيون والصالحون وعرفوا عظيم مكانتها كانت الصلاة في ميزان اهتمامهم في مقام سام، فهذا إبراهيم –عليه الصلاة والسلام- إمام الحنفاء يسأل الله تعالى أن يجعله وذريته ممن يقيمون الصلاة، قال: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ إبراهيم:40، فإقامة الصلاة كانت همًّا يُسأل الله تعالى، ويُدعى -جل في علاه- أن يوفِّق إليه، وأن يعين عليه في نفسه وفي أهله.
عيسى –عليه السلام- أوصاه الله تعالى بالصلاة، كما قال تعالى فيما ذكر –عليه السلام- مما أمره الله تعالى به، قال: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ مريم:31، وهذا لقمان –عليه السلام-، وهو من أهل الصلاح والبر والتقى يقول لابنه في وصيته لابنه في أوائل ما أوصاه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ لقمان:17.
هذه وصايا الصالحين لأبنائهم في الصلاة، وقد أثنى الله تعالى على نبي كريم، وهو إسماعيل –عليه السلام- أثنى الله تعالى عليه بأنه كان يأمر أهله بالصلاة، قال الله تعالى: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ مريم:55، هذا الثناء الجميل، هذه الصفة الحميدة، هذه الخصلة الكريمة، هذه الخُلَّة السديدة، أخبر الله تعالى بها عن نبي من الأنبياء كريم، وهو رسول الله إسماعيل –عليه السلام- حيث كان مثابِرًا على طاعة ربه، آمرًا بذلك ربه، كما أمر الله تعالى المؤمنين في هذا الموضوع، أمر الله تعالى النبيين بإقامة الصلاة فقال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ طه:132.
ولذلك حق على كل من له ولاية، كل من له كلمة مسموعة، من أب، أو أخ، أو أم، أو أخت، أو والد، أو ولد، أو لرحم، أو جار، أو صديق، أو صاحب منزلة أو مكانة أن يأمر بالصلاة من يأتمر بأمره، ومن يسمع قوله، وأن يشيع هذا ولا يقصره حتى إذا مرَّ الإنسان بالناس في خارج بيته، وكان الوقت وقت صلاة أمرهم بالصلاة ليتحقق ما هو من خصال المؤمنين، فقد قال الله تعالى في خصال المؤمنين: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ التوبة:71 يعني بعضهم يحب بعضًا، وبعضهم ينصر بعضًا، ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ التوبة:71 وهذا فيما يتعلق بالصلاة الفرض والواجب، يجب أن نتواصى عليها.
وقد جاء فيها ما جاء في الحديث الصحيح عند أحمد وأصحاب السنن من حديث عمر بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر»[سنن أبي داود:ح495، مسند أحمد:ح6689، وصححه الألباني في صحيح أبي داود:ح509 ]، وهذا خطاب لكل من له ولاية، وبالمركز الأول وبالدرجة الأولى الآباء والأمهات، فإن الأولاد يتفرعون عن أب وأم، والخطاب لهم «مروا أولادكم بالصلاة» أي بفعلها، وهي الصلوات المكتوبات لسبع، أي إذا تم للولد سبع سنين، «واضربوهم عليها لعشر»، انظر لهذه المدة، وهذه المهلة الوافرة وقتًا مدة ثلاث سنوات: الثامنة، والتاسعة، وتمام العاشرة ثلاث سنوات كلها لترغيب وندب وحثِّ وتشجيع وتحفيز وتحريض على إقامة هذه العبادة والمحافظة عليها.
فإذا مضت هذه الثلاث ولم يكن استجابة انتقل في معالجة التفريط والتقصير في شأن الصلاة إلى العقوبة التي تحمل على أداء الواجب، لأن الإنسان يعيش بين ترغيب وترهيب، ولذلك قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «واضربوهم عليها لعشر» وهذا في الصلوات المفروضات الواجبات.
فالجدير بالمؤمن أن يعي هذا التوجيه النبوي، والأمر لم تأت عبادة يؤمر بها الإنسان مبكرًا قبل الصلاة، ما في عبادة يُشرع أن يؤمر بها الإنسان قبل الصلاة لأنها رأس العبادات؛ لأنها عمود الإنسان، لأنها بالمنزلة العالية السامية التي إذا حصل التفريط فيها انهدم البناء، وتهاوى صرح الخير؛ لأنه لا خير بلا صلاة.
المقدم: شيخنا عندما يعني ربط الرزق بهذه الصلاة والأمر بها، والحث عليها، والاهتمام بها كذلك، هل هناك سر يا شيخ بين هذين الأمرين، بين الصلاة والحث عليها، والاهتمام بها كذلك، هل هناك سرٌّ يا شيخنا بين هذين الأمرين بين الصلاة والحث عليها والاهتمام بها وأمر الأهل والأبناء بها، وكذلك أيضًا في مسألة تكفل الله –سبحانه وتعالى- برزق العبد إذا هو اهتم بهذا الجانب الذي أمره الله –سبحانه وتعالى- به؟
الشيخ خالد: يعني هو أكيد يعني هناك ارتباط، فالله –عز وجل- يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ الأعراف:96، فطاعة الله -عز وجل- فيما أمر موجبة لجلب الخيرات ودفع الشرور والمضرات، ولهذا في آية طه قال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ طه:132، تأمل هذا المعنى، ﴿وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾، يعني عالج نفسك، لأن الصلاة ليست شيئًا عارضًا ويزول وينتهي مرة ولا عودة إليه، الصلاة عبادة مستديمة، عبادة مستمرة كما قال عيسى –عليه السلام- في أمر الله له قال: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ مريم:31، فهي عبادة لا عِدل لها، لا نهاية لها، هي عبادة العمر التي ترافق الإنسان منذ تمييزه بسبع سنوات إلى أن تؤيه الأجداث.
ثم قال: ﴿لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ طه:132 أي لا نطلب منك أن تسعى لتحصيل الرزق الذي يشغلك عن الطاعة والعبادة، فنحن لم نكلفك بالرزق الذي يكون مشغلاً لك عن طاعة الله، بل ما قسمه الله لك سيأتيك، والطاعة تفتح أبواب الرزق، ولهذا هذا تنبيه إلى أنه اشتغالك بالرزق عن الصلاة هو إضاعة للأمرين، لن تدرك الرزق الذي تأمل من جهة سعادتك به وبركة الله لك فيه؛ لأن الرزق الذي يأتي بالاشتغال عن طاعة الله مذموم، وقد سماه الله تعالى لهوًا كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ الجمعة:11.
المقدم: أحسن الله إليكم، بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم، نتواصل معكم مستمعينا الكرام ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، في حديث شيق عن الصلاة والحث عليها في برنامج "الدين والحياة"، نحن متواصلون معكم يمكنكم الاتصال على الرقم: 0126477117، 0126493028- رسائل الواتس آب نستقبلها على الرقم:0500422121، وكذلك يمكنكم مشاركتنا بطرح السؤال عبر البرسكوب بث مباشر أو كذلك أيضًا عبر هشتاج البرنامج: الدين والحياة.
إذًا مستمعينا الكرام فاصل ونعود بعده لمواصلة هذه الحلقة، وبعد هذا الفاصل -بإذن الله- سنطرح أسئلتكم ونتلقى اتصالاتكم التي هي -بإذن الله تعالى- سوف تنال اهتماماتنا، وكذلك أيضًا يجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح.
إذًا شيخ خالد إذا كان هناك من تعليق في دقيقتين على شيء ربما تودون طرحه قبل أن نأخذ الاتصالات التي تنتظر.
الشيخ خالد: نعم يعني الوصية بالصلاة يا إخواني وأخواتي قضية كبيرة ينبغي أن تكون حاضرة، كثير من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات قد يتساهلون في الأمر بالصلاة من السن الذي أمر فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- بالأمر والصلاة، ويقول: لسه صغير، ويكبر وليش يعني أشد عليه، وليش يعني...!
الأمور تحتاج إلى أن يبادر الإنسان إلى امتثال ما أمر الله تعالى به ويصبر على ذلك، ابن عمر يقول: أدب ابنك فإنك مسئول عن ولدك، ماذا علمته؟ الله سيسألك ماذا علمته، والولد إذا فرطت في توجيهه وتربيته فإن هذا سينعكس عليه في مستقبل حياته، ولذلك يقول ابن القيم –رحمه الله-: "وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبَل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه
ولذلك إذا أضعت الولد صغيرًا فإنه لن تستطيع أن تكسبه كبيرًا، يقول: "فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آبائهم كبارًا".[تحفة المودود:ص229].
ولذلك من الضروري أن نعي هذه القضية ونحن يعني على وعيد بأهمية الصلاة ومعرفة قدرها، أن نعي أهمية أن ننقل هذا المعنى لآبائنا وبناتنا.
وقد ندب النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى التذكير بالصلاة حتى في غير الفريضة؛ لأنه إذا قال: مر أهلك بالصلاة تشمل الفريضة ابتداء وكذلك تشمل السنن والمستحبات وما ندب إليه من الصلوات، النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ»[سنن أبي داود:ح1308، ومستدرك الحاكم:ح1164، وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]وفي الحديث الآخر: «إذا استيقظ رجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كُتب من الذاكرين الله كثيًرا والذاكرات»[سنن أبي داود:ح1451، وصححه الألباني في صحيح أبي داود:ح1305 ] والنبي –صلى الله عليه وسلم- قال ليلة: «من يوقظ صاحب الحجرات؟»[صحيح البخاري:ح1126].
وكان عمر –رضي الله عنه- إذا مضى من الليل ما مضى، صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي، حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، ويقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو قول الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ طه:132، رواه مالك في الموطأ.[موطأ مالك:ح5، ومصنف عبد الرزاق:ح4743، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح:ح1240 ]
المقصود أنه ينبغي أن نبادر وأن نترفَّق، وهذا الأمر لا يقتصر بالذكور من الأولاد، بل يشمل الذكور والإناث الصغار من سبع سنوات والمتابعة إلى أن يشرح الله تعالى صدورهم ويبردوا ويحافظوا على هذه الصلاة، والأجر في هذه الصلاة للصغار المصلين ولوالديهم، ولكل من أمرهم بالصلاة نسأل الله أن يجعلنا من الحريصين على الصلاة.
المقدم: مع مراعاة أيضًا فضيلة الشيخ أن يكون هذا الأمر وهذه الدعوة بتحبيبهم للصلاة ومكافأة، خاصة الصغار حتى تحبب إليهم الصلاة، وتحبب إلى نفوسهم وبالتالي يستمرون عليها، يكون هناك أيضًا تنافس بين الإخوة وغير ذلك حتى يكون هناك أيضًا دعوة بالتي هي أحسن حتى لا ينفر الأبناء، أيضًا من الصلاة ربما أحيانًا يكون هناك خطأ في بعض الأساليب التي أحيانًا تنفر الأبناء من هذه الصلاة في سن مبكرة.
نأخذ اتصالات في البداية يا شيخنا أبو سعد، تفضل يا أبو سعد.
المتصل: حياك الله شيخنا وحيا الله المقدم الفاضل.
المقدم: حياك الله.
المتصل: شيخنا الله يحفظك من يوم الجمعة نعاني ما نعاني، ما بين أن يبكر الأب ويأخذ الصف الأول وأن يتأخر مع أولاده الجامعيين، فماذا رأيك يعني؟
المقدم: فيه سؤال ثاني؟
المتصل: السؤال الثاني على بقية الفروض، المقياس عندما تقام الصلاة لابد أن يخرج هذا الكبير أو أنت تخرج وتترك البيت، فالمقياس هل نخرج أو يخرج معك يعني لابد؟ حفظك الله.
المقدم: شكرًا جزيلاً يا أبو سعد.
أختنا عائشة تفضلي عائشة.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله تفضلي.
المتصل: سؤالي يا شيخ أنه عادي نسوي جدول للأطفال على أساس أنه كل ما يصلوا نحط لهم صح عند الصلاة، ونجيب لهم هدية كل أسبوع؟ هذا السؤال.
المقدم: طيب شكرًا لك يا أختنا عائشة، فيه سؤال ثاني مصطفى.
المتصل: لا.
المقدم: طيب شكرًا لك، عبد العزيز تفضل، عبد العزيز! طيب لئن يجهز معنا عبد العزيز، إذا كان من هناك تعليق سريع شيخنا حول النقطتين:
مسألة ولعلها يعني يدخل ضمنها مسألة ما طرحه أحد المستمعين عبر البسكوب يسأل أنه مسألة دخول الأبناء الأطفال للصلاة في المساجد وإزعاج المصلين وغير ذلك ويذكر هذا الأمر، وكيف نوفق بين هذا الأمر وأمر الأبناء بالصلاة؟
الشيخ خالد: لا الأبناء الذين بلغوا السن التي يؤمرون فيها بالصلاة يحضرون للمساجد، ويؤدبون ويقال لهم: يعني لابد من الهدوء، ويعني ولابد أن تتسع الصدور؛ هؤلاء أبناؤنا وهؤلاء فلذة أكبادنا، ينبغي أن نترفق ونرحم ونعذر ونفرح بمجيئهم إلى المسجد ونُسَرّ، وإذا كان من ثمة ما يؤذي أو يزعج أو يشوش ينبه إليه بالأصوات الطريقة التي تنهيه، أما أن يقال: لا يأتوا المساجد، ويصلون في بيوتهم فهذا خروج عما أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم- في قوله: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع»[سبق] والأمر هنا أمر بالصلاة الصفة التي شرعت بها، فالصلاة المشروعة على الجماعة يؤمرون بها جماعة، والصلاة التي شرعت في غير الجامعة كصلاة الأولاد من الإناث البنات، يصلون في بيوتهم.
المقدم: تأخر الأبناء الجامعيين يقول الكبار، يعني هل ما الصحيح أتركهم وأمرهم بالصلاة وأخرج قبلهم أو يخرجوا معي؟
الشيخ خالد: على كل حال يعني المطلوب هو بذل الوسائل في ترغيب أبنائنا بالصلاة، وفي حثهم وبيان أهمية هذه العبادة، كونك تنتظر حتى يخرجوا معك أو يخرجوا تخرج ويلحقون بك هذه مسألة تختلف باختلاف أحوال الناس، لكن في الجملة إذا أمر الإنسان ووعى المأمور ما أمر به، فيكون قد أدى ما عليه.
المقدم: أن يوضع جدول للأطفال وهدايا كما ذكرت أنا في بداية هذا الفاصل.
الشيخ خالد: هو على كل حال يعني الأمر في هذا يسند إلى ويرجع إلى ما يراه الإنسان مناسبًا، والتشجيع والحث ووسائلهم المتنوعة، المقصود تحقيق الغرض الشرعي، والوسائل التي تسند في ذلك الأمر فيها يسير إن شاء الله.
المقدم: أحدهم يسأل، ربما سائلان نفس السؤال يا شيخنا: ما هي السن التي يصحبن الأبناء أو الأطفال إلى المساجد؟ يقول: إذا كان دون السابعة هل يصحبني إلى المسجد؟ هل آخذه معي إلى المسجد؟ هل هناك سن معينة ...
الشيخ خالد: دون السابعة صغار، الصغار مجيئهم إلى المسجد لا بأس به، فقد جاء النبي –صلى الله عليه وسلم- بأُمامة بنت زينب وحملها في الصلاة وهو إمام[صحيح البخاري:ح516]، وجاء الحسن والحسين والنبي يخطب[سنن الترمذي:ح3774، وحسنه]، وجاء أحدهم واعتلى النبيَّ –صلى الله عليه وسلم-، وهو ساجد في الصلاة بأصحابه[سنن النسائي الصغرى:ح1141، من حديث شداد، وفيه:«ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ» وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي]، فمجيئه معارضًا لا بأس به، يعني المجيء العارض لا بأس به، وينبغي أن تتسع الصدور لذلك، لكن المجيء الدائم يعني كل شخص كلما جاء إلى الصلاة جاء بغير مميز معه للصلاة، وقد يحصل به تشويش، فهذا غير مناسب.
لكن أحيانًا يضطر الإنسان إلى هذا سواء من الأخوات أو من النساء أو من الرجال، يأتي يكون في السوق ومعه أولاده وين يحطهم؟ يعني يتركهم في الشارع؟ سيدخلون معه، كذلك الأم قد تصلي في مكان في مسجد أو في طريق فتصطحب أولادها، يعني تتسع الصدور لمثل هذا إن شاء الله.
المقدم: عبد العزيز الشريف تفضل باختصار، تأخرت علينا اليوم عبد العزيز.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: السلام عليكم ورحمة الله.
المتصل: حياكم الله شيخ عبد الله، كيف حالك؟
المقدم: أهلاً وسهلاً بك، تفضل أخي عبد العزيز.
المتصل: تحية لفضيلة الشيخ.
من الصلاة التي يعاني فيها الأبناء تجاه الأبناء صلاة الفجر، يعني الآن الأب يأتي ويوقظ أولاده ثم أنهم ينتبهون، ثم يقومون ويخشى أن تفوته الصلاة، ثم يذهب ويتركهم على الفراش وهم قد أيقظهم وقاموا وتحركوا، ولما يطمئن أنهم سوف يتوضؤون ذهب للمسجد، ثم رجع ولم يصلوا ماذا يفعل الأب في هذه الأحوال؟ يعني إذا اتسع هذا الأمر واشتد ما هي الطريقة المثلى للأب تجاه هؤلاء الأولاد والبنات الذين أيقظهم لآذان الفجر، وعادوا إلى النوم؟ هو عمل المستحيل، وعمل كل شيء فيوقظهم ثم يناموا، يخاف أن تفوته الجماعة مع أنه أخر معهم وجلس معهم لئن يوقظوا ... هل هذا سائغ؟ والسلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: طيب شكرًا لك وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل يا شيخ.
يقول: إذا أيقظ أبناءه للصلاة وتأكد يعني من يقظتهم، وأنهم قاموا للوضوء يخرج فإذا بهم يعودون للنوم مرة أخرى، يعني ماذا يلحق هذا الأمر؟
الشيخ خالد: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ طه:132، يوسع الصدر ويعينه الله، نحن نحتاج إلى الصبر وإلى أن نعاود؛ لأنه أحيانًا ما يصيب يعني أحيانًا توقظ الولد أو توقظ النائم ويجي تقول: ما انتبهت لك، ما تذكرت من شيء ثاني، فيصير هذا فيحتاج إلى صبر؛ ولذلك الله –عز وجل- يقول: ﴿وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾، يحتاج الموضوع إلى صبر.
المقدم: جميل أبو محمد يقول: السلام عليكم أنا مقيم في السعودية وأنا حريص على الصلاة في المسجد، والناس الذين أعمل معهم يجبرونني بعض المرات أن أصلي في الغرفة؟
الشيخ خالد: إذا أُجبرت ما عليك شيء، ما تصوَّرت كف تجبر؟ لكن إذا كان فعلاً كما تذكر ما عليك شيء إن شاء الله، يعني أنت مكره ولا شيء عليك.
المقدم: طيب هذا سؤال الأخ من سوريا يقول: ما حكم تارك الصلاة؟ وهل كما نقل الحازمي أنه لم يكن يوجد بين الصحابة خلاف في كفره، وإنما في أحد الأئمة، هل هذا صحيح؟ إن كان خطأ نرجوا التبليغ.
الشيخ خالد: نعم هو نعم، لم يكن خلاف، الشيخ عبد الله بن شقيق يقول: لم يكن أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- يرون عملاً تركه كفر إلا الصلاة، هذا يدل على منزلة الصلاة وعظيم مكانتها.
مسألة التكفير بها مسألة خلافية بعد ذلك، وهي مشهورة في كتب الفقهاء والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن الترك الذي يوجب الكفر هو الترك الكلي الذي يترك الصلاة بالكلية، لا يصلي لا جمعة ولا جماعة، وأما الترك والفعل فهذا من عظائم الإثم وكبائر الذنوب، نسأل الله أن يتوب على عصاة المسلمين.
المقدم: اللهم آمين، هذا المستمع يقول: ليتكم تُفرِدون حلقة لمن يجوِّز التيمم للمرضى وأصحاب الأعذار، لعلنا -إن شاء الله- يا شيخ خالد أن نفرد حلقة فيما يتعلق بالطهارة وخاصة الطهارة للصلاة، ونطرح هذه الأسئلة لعل العديد منها طرح الآن، ونعتذر لبقية الإخوة الذين بعثوا بأسئلة ولم نستطع الإجابة عليها لانتهاء وقت البرنامج، وهذا يعني أحدهم أيضًا يسأل الدعاء لأبنائه بأن يوفقه الله –سبحانه وتعالى- لحثه على الصلاة.
نتمنى من الله –سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم وأبناءنا وأهلينا وذرارينا لإقامة الصلاة والاهتمام بها والمحافظة عليها، وتحبيبها إلى نفوسنا.
وفي ختم هذه الحلقة نتقدم بالشكر لفضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح، شكر الله لكم فضيلة الشيخ وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الشيخ خالد: آمين، بارك الله في الجميع، وأن يجعلنا وإياكم من مقيمي الصلاة، مؤتي الزكاة، قائمين بطاعة الله في السر والعلن، وأن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا من كل شر، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
المقدم: السلام عليكم ورحمة الله.