×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (108) محطات تنقية الذنوب

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3833

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله مستمعينا الكرام في بدأ هذه الحلقة المباشرة من برنامجكم "الدين والحياة" والتي تأتيكم عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، نحييكم ونرحب بكم ونسعد دائمًا وأبدًا بالتواصل معكم، ومواصلة استماعكم لنا من خلال هذه الحلقة، ومن خلال هذا البرنامج الأسبوعي الذي يأتيكم في تمام الثانية ظهرًا من كل يوم أحد.

نحييكم ونرحب بكم، وهذه تحيات محدثكم عبد الله الداني، ومن التنفيذ على الهواء زميلي مصطفى الصحفي، كما يسرني أن أرحب في بدء هذا اللقاء بضيفي وضيفكم الدائم في هذا البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح، أستاذ الفقه في كلية الشريعة بجامعة القصيم، وعضو الإفتاء في منطقة القصيم، فالسلام عليكم ورحمة الله، وأهلاً وسهلاً بكم شيخ خالد.

الشيخ: وعليكم السلام رحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أخي عبد الله، حياك الله، وحيا الله الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.

المقدم: أهلاً بفضيلة الشيخ، وأهلاً بكم أيضًا مستمعينا الكرام نرحب بكم في هذه الحلقة، وموضوعنا في هذا اللقاء عن (مراحل تنقية العبد من الذنوب في الدنيا والآخرة)، هذا هو موضوعنا مستمعينا الكرام ويمكنكم أن تتواصلوا معنا بالاتصال على الرقم: 0126477117، والرقم الآخر: 0126493028، ويمكنكم كذلك أيضًا إرسال الرسائل النصية عبر الواتساب على الرقم: 0500422121، يمكنكم أيضًا متابعتنا عبر البث المباشر على اليوتيوب على إذاعة نداء الإسلام، قناة الإذاعة في اليوتيوب إذاعة نداء الإسلام، وكذلك أيضًا قناة الشيخ عبر البيرسكوب في حساب فضيلة الشيخ الكتور خالد المصلح على تويتر.

نحييكم مستمعينا الكرام وفي هذا الحديث الشيق، وفي هذا الحديث الماتع عن محطات تنقية العبد من الذنوب في الدنيا والآخرة، فإن المرء يشعر بالتقصير تجاه خالقه -عز وجل-، ينبع هذا التقصير من ضميره، أو ينبع هذا الشعور من ضميره الحي والواعي، إذ أن هذا الشعور بثقل ذنوبه عليه وكأنه يحمل حملاً ثقيلاً على كاهله يولِّد لدى هذا الإنسان المسلم المؤمن بالله -سبحانه وتعالى-، يولد الحاجة الماسة لتنقية قلبه، ونفسه مما علق بهما من ذنوب وآثام، وهي بداية طريق خير وصلاح.

إذًا هذا هو حديثنا مستمعينا الكرام وشيخ خالد في البداية عندما نتحدث عن محطات تنقية الذنوب للعبد في الدنيا والآخرة، ما هو المقصود بهذه المحطات، وأيضًا ما هي الفائدة من وجود هذه المحطات، وما هي أهميتها لتنقية ذنوب العبد في الدنيا والآخرة؟

الشيخ: أولاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: تحية طيبة لك أخي عبد الله، ولجميع الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا اللقاء نافعًا مباركًا للجميع.

 فيما يتصل بقضية التخفف من الذنوب، وما أهمية هذا بالنسبة لمسيرة الإنسان في معاشه وحياته، وفي معاده ومآله يوم القيامة.

لا شك أن هذا ينبثق عن فهم حقيقة الحياة، هذه الحياة دار اختبار وابتلاء وهي مرحلة من مراحل العمر التي يمر بها الإنسان، وهي معبر وطريق لما بعدها من الدور كما قال تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍالانشقاق:19 ، فالبشرية تمر بمراحل وأطباق، يؤمن بذلك من شرح الله صدره، واستجاب لداعي الفطرة، وداعي الشواهد السمعية والنقلية المرئية والأدلة العقلية، أن الناس لهم دار يعودون إليها، يُجازون فيها على أعمالهم، فلم يخلقهم الله تعالى عبثًا ولا سدى ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًاالمؤمنون:115 .

فليس الله تعالى -جل في علاه- قد خلق الناس على هذا النحو مما قد يتصوره الإنسان، إذا اكتملت هذه الصورة في ذهن الإنسان، وأنه لم يُخلق عبثًا وإنما خلق لغاية، فالاختبار والامتحان هو في تحقيق هذه الغاية، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًاالملك:2 ، ويقول -جل وعلا-: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةًالأنبياء:35، فالحياة الدنيا دار اختبار وامتحان يمتحن الناس فيها بتحقيق طاعة الله -عز وجل-، برضاه -جل في علاه- تهيئة لهم أن ينتقلوا إلى الدار الآخرة التي يرتهنون فيها بأعمالهم، ويُجازون فيها على ما كان من عملهم في دنياهم، فمن كان قد وجد خيرًا فإنه يحمد الله ويثني عليه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

وفي الخطاب الإلهي الذي حدَّث الله تعالى فيه الناس بجملة من القضايا، قال الله تعالى: «يا عبادي إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ»صحيح مسلم (2577)

فهذه الحياة ليست عبثًا، ولا لهوًا، ولا باطلاً إنما هي فترة وجيزة من حياة البشرية في مرحلة من مراحل تنقلاتهم، والله تعالى يوم القيامة يذكِّرهم بهذا فيقول: ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ*قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَالمؤمنون:112-113  ثم يبين حقيقة هذه الدار، وأنها وجيزة مختصرة ﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًاالمؤمنون:114  ما لبثتم، (إن) هنا بمعنى (ما) النافية ﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَالمؤمنون:114 .

بعد ذلك بيَّن أن هذا اللبث ليس عبثًا ولا بلا غرض لها، بل هو لغاية عظمى، ومقصد أسمى ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَالمؤمنون:115 ، فنحن كلنا إلى الله راجع، وبالتالي نحن نحتاج في هذا الرجوع إلى التهيؤ له، والتهيؤ له بأمرين:

- الأمر الأول: الاستكثار من الصالحات، وقد أمر الله تعالى به في قوله: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىالبقرة:197 .

- وأمرنا أيضًا بأمر ثانٍ نتهيأ به للقاء ربنا، وهو أن نتخفف من المعاصي والسيئات، والذنوب، والخطايا بكل أوجه التخفف التي يخرج بها الإنسان عن أن يحمل يوم القيامة وزرًا، أن يأتي يوم القيامة ومعه ذنوب وآثام يحاسب عليها.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في خطبة: «مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ» هذا تنبيه إلى ضرورة التخفف من السيئات، فليتحلله اليوم يعني يطلب الاستباحة منه، والتخفف من أوزار يوم القيامة بالتحلل اليوم، «فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ»صحيح البخاري (2449) .

هذا الحديث الشريف الذي يبين أن الإنسان ينبغي له أن يتخفف من كل المظالم قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، إنما هي الحسنات والسيئات ينبه إلى ضرورة السعي في التخفف من ثقل السيئات، والأوزار التي هي يوم القيامة حمل على سائر من ورد إلى القيامة، وفي يوم عظيم يقول الله تعالى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًاطه:111  خاب من حمل ظلمًا، فكل من حمل ظلمًا في حق الله أو في حق أحد من الخلق جاء يوم القيامة يُسأل عن ذلك، ويحاسب مرتهنًا على هذا العمل الذي سرب فيه.

ولذلك يقول الله تعالى في حق من جاء يوم القيامة بهذه الأعمال السيئة وهي: الإعراض عن ذكر الله، الاشتغال بالدنيا، الغفلة عن الآخرة ﴿مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا * خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًاطه:100،101 ، أسوأ ما تحمله يوم القيامة هو أن تحمل الأوزار، وأن تأتي يوم القيامة بأثقالك، ويسوء الأمر عندما تحمل أثقالك وأثقالًا مع أثقالك من أثقال من أضللتهم، ومن زينت لهم السوء والشر، وسيء الأعمال فإن الأمر في ذلك اليوم عظيم، وإنما يحبِس الناس يوم القيامة ما كان من أوزارهم وسيئات أعمالهم.

بهذا نحن نحتاج إلى أن نفكر في التخفف من هذه الأثقال التي تثقل الكواهل يوم القيامة، فإنها سيئات وخطايا تكون على الناس تعيقهم عما يؤملون من النجاة يوم القيامة، الله تعالى يقول: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْالعنكبوت:12  يعني نحن نتحمل السيئات التي تقارفونها وتقعون فيها يوم القيامة، الله -عز وجل- يقول: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَالعنكبوت:12 ، ثم يقول -جل وعلا-: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَالعنكبوت:13 .

كل سيئة، كل ذنب، كل خطيئة، كل معصية هي حمل يحمله الإنسان يوم القيامة إن لم نتخلص منه قبل ذلك، ونحن في هذه الحلقة نتحدث عما يخفِّف هذه الأحمال، ما الذي يخففها؟ ما الذي يجعلها لا تثقلك في سيرك إلى الله -عز وجل- في الدنيا؟ ولا تحول بينك وبين بلوغ مرضاة الله -عز وجل- وفضله وإحسانه يوم القيامة؟

لهذا نحن نحتاج إلى أن نعتني بهذا الموضوع؛ لأنه موضوع يحمل قضية خطيرة تتعلق بكل واحد منا، ذكرًا كان أو أنثى، صغيرًا كان أو كبيرًا أن يسعى لفكاك نفسه من تلك الأثقال ليفك نفسه من الشرور التي تحيط به بسبب سيئاته، فالسيئات شؤم وهي تتراكم على الإنسان حتى إذا أحاطت به أهلكته، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ» محقرات الذنوب يعني الذنوب التي تخفُّ في أعينكم، ولا يُؤبه لها، ويُستَخفُّ بها أو أن هذه لا تضر، وهذه لا تؤثر، وهذه ليست مما يُتَّقى، وما إلى ذلك من الكلام الذي مآله أن يستكثر الإنسان من سيء الأعمال.

النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ» نزلوا منزلاً في سفر، واحتاجوا إلى النزول، «فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ» يعني جمعوا حطبًا احتطبوا حتى يوقدوا نارًا إما لتدفئة أو لغير ذلك، وإما لطبخ طعامهم كما هو في المثل المضروب «حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ» يعني طعامهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْه»مسند أحمد (22808) وقال محققو المسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين  نعوذ بالله من الهلاك والخسران

لذلك من المهم أننا نفهم نحن عندما نتحدث عن التخفف من الذنوب، نحن نتحدث عن قضية فيها سعادتنا، فيها نجاتنا من الذنوب يا إخواني وأخواتي أثرها ليس مقصورًا على الدار الآخرة إنما الذنوب يجني الإنسان شرها وضرها في العاجل قبل الآجل، فالحسنة لها نور، ولها أثر وانشراح في الصدر، وسعة في الرزق، وخير يدركه الإنسان عاجلاً قبل الآجل، فكيف إذا كان ذلك لا ينتهي فقط بما يدركه الإنسان من ثواب عمله الصالح في الدنيا فقط بل يدرك ثواب هذا العمل في الدنيا، ويدركه في الآخرة يوم العرض على الله -عز وجل- عندما يرى نتائج عمله؟

خلاصة ما أحب أن أُنَبِّه إليه في هذه المقدمة أننا نحتاج إلى العناية بهذا الموضوع، موضوع التخفف من الخطايا والسيئات؛ لأنه غاية وغرض في حياة الإنسان، فالإنسان بين أمرين: بين صالح يتزود منه، وبين عسار وغلط وخطأ يتخفف منه، فيتزود من الصالحات، ويتخفف من السيئات، وبهذا يستقيم سيره، وبهذا يصلح معاشه، ويدرك سعادة الدنيا وفوز الآخرة.

المقدم: أحسن الله إليكم، بارك الله فيكم على هذه المقدمة التي جلت هذا الموضوع ووضحته وبينته، ونحن -بإذن الله- نتواصل لبيان هذه المحطات التي تُسهم في تنقية العبد من الذنوب في الدنيا وفي الآخرة.

 أرقام التواصل كما نوهنا وأعلنا، وكذلك أيضًا يمكنكم أن تواصلوا الاستماع إلينا عبر البث المباشر على قناة الإذاعة إذاعة نداء الإسلام عبر اليوتيوب، وكذلك أيضًا عبر حساب فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح على البيرسكوب، ومنه أيضًا يمكنكم أن تطرحوا ما لديكم من أسئلة واستفسارات تتعلق بهذا الموضوع الذي هو حديثنا في هذه الحلقة.

السؤال الأول من محمد من حائل، أخي محمد تفضل.

المتصل: السلام عليكم.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله.

المتصل: الله يجزيكم خيرًا أنتم، وشيخنا، والمستمعين، ومن همه هذا الموضوع.

أنا حقيقة شيخنا وفَّى وكفى -جزاه الله خيرًا- لكن ودنا على ما جاء وجهة نظرنا، عن عمارة يعني يكون هناك حلاوة فعل الخير، وتكفير السيئة حتى تشتغل بالمصلحة العامة، يعني من المصلحة العامة الآن الدولة جزاهم الله خيرًا مرت يعني فواتير المسجد فوق ثماني مليار أنا شفتهم في أحد المقاطع، بس فواتير تسديد الفواتير الكهرباء، بعضها... عندما يشارك الإنسان بـ... لكن بعض الناس يصيبه ملل أنا سمعت فلان يقول: أنه ليه يسوي كذا، خلوه يقول طالما أنه ما له حق شرعي خليه يتعظم أجرك، قلة الصبر هذه، وكثرة التسمع هذه وقفت بعض الناس اللي قريب تفكيرها، أنا أنصح حقيقي على الصبر، الصبر وخدمة المجتمع، وبالذات التقصير بيوت الله -سبحانه وتعالى- إذا كان هناك شيء، والله يجازيكم خير.

المقدم: جزاك الله خيرًا، شكرًا لك أخي محمد.

 الاتصال الثاني عبد العزيز الشريف من الرياض، عبد العزيز تفضل.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: حياكم الله يا شيخ عبد الله، عساك طيب، أحييك وأحيي فضيلة الشيخ، وبارك الله فيكم.

المقدم: حياك الله، تفضل.

المتصل: الموضوع طيب وجميل، وجزاكم الله كل خير، وأحسن الله إليكم.

 محطات تنقية الذنوب بارك الله فيك يعني الآن الإنسان غير معصوم، قد يقع في الخطأ، قد يقع في الذنب، لكن بعض الناس تجده بارك الله فيك يتحسر من هذا الذنب الذي وقع فيه، فتجده يسوِّف للتوبة، للرجوع إلى الله -سبحانه وتعالى-.

 من أهم المحطات في تنقية الذنوب أن الإنسان يسارع، ولهذا الله -عز وجل- يقول: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِالزمر:53 ، ولهذا يقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إن هذه الآية هي أرجى آية في كتاب الله".[تفسير الطبري:ح21/308]

فأنا أود من الشيخ -بارك الله فيه- أن يوجه نصيحة لهؤلاء الناس الذين يذنبون ويقعون في الذنب، ثم يخالجهم الهمُّ والغم وأيضًا الحسرة والندامة على أن الله لا يغفر لهم، وأن ذنبهم عظيم، وأنهم كذا وكذا، فتجدهم يتركون التوبة ويتحسرون لذلك مع أن من أهم المحطات هو أن الله -عز وجل- يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَالنور:31 ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيُّها النَّاسُ توبوا إلى ربِّكم»[صحيح مسلم:ح(2702) (42)]، التوبة من أهم المحطات.

 أنا أتمنى من الشيخ أن يركز على التوبة، ويحث الناس عليها، ويرغبهم بها، وخاصة أننا مقدمون على أيام عظيمة، وأيام كريمة وهي شعبان وشهر رمضان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: شكرًا لك أخي عبد العزيز.

 شيخ خالد يعني نقاط مهمة ذكرها وأشار إليها الأخ عبد العزيز، وربما من أهمها مسألة التوبة، وأيضًا نقطة مهمة يطرحها أحد المستمعين الكرام عبر البيرسكوب يسأل يعني كيف أترك الذنوب؟ فما هي نصيحتكم في هذا الصدد؟ بارك الله فيكم.

الشيخ: نحن نحتاج إلى معرفة ما هي المحطات، بعد أن عرفنا أننا بحاجة إلى التخفف من السيئات، بحاجة إلى أن نخرج من دائرة الخطأ، فلابد أن نعرف كيف يتم التخفف؟

 كلنا نخطئ كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»سنن الترمذي (2499)، وحسنه الألباني ، وهذا ندب إلى التوبة، وكما قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُم»صحيح مسلم (2749) .

نحن أهل التقصير والخطأ، ما منا أحد لا ذنب له، لكن الكلام أننا نتفاوت في معالجة أخطائنا، في الخروج من آثار هذه الأخطاء وتلك الذنوب.

 النبي صلى الله عليه وسلم في الحديثين، الحديث الأول حديث أنس: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ»، وفي حديث أبي هريرة في صحيح الإمام مسلم: «لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُم»، كلاهما يقرُّ بوجود الخطأ ولكن يندب الناس إلى المبادرة إلى التخفف من الخطأ بالتطهر منه، التطهر من الخطأ هو بأخذ الأسباب التي تزول بها الأخطاء، وتذهب بها السيئات، وذلك من خلال ما يسَّره الله تعالى من الأسباب، فالأسباب التي يحصل بها تمحيص الذنوب، وإزالتها كثيرة ونحن نحتاج إلى أن نستعرضها إجمالاً.

التخفف من الذنوب منها ما هو في الدنيا، ومنها ما هو في دار البرزخ، ومنها ما هو يوم القيامة، لكن الذي يهمنا نحن بالنسبة لما كلفنا به هو ما يتعلق بأمر الدنيا كيف يتخفف الإنسان من السيئات، ويطيب قلبه وعمله حتى يَرِدَ الآخرة وهو سالم من المعاصي والسيئات وآثارها؟

أول ذلك وأهمه ورأسه هو: التوبة، التوبة هي أعظم ما يمحو الله تعالى به الخطايا ويزيل السيئات، ولذلك أمر الله تعالى بالتوبة في كتابه كثيرًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْالتحريم:8  هذا نتيجة التوبة، ﴿وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْالتحريم:8  هذه البركات والخيرات الكثيرة وهي تكفير السيئات، وهي دخول الجنة، وهي الأمن من الخزي، وهي مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان، والنور الذي يُعطَونه يوم القيامة، إنما سبيل تحصيله وطريق إدراكه بالتوبة.

والتوبة عمل قلبي مبدأه الندم، أن يندم الإنسان على سيء عمله، أن يجد في نفسه ألمًا لمخالفته أمر ربه -جل في علاه-، هذا هو البوابة التي بها يدرك الإنسان المطلوب في التوبة، وهو أن يقلع عن الذنب، ويرجع إلى الرب -جل في علاه-.

 إن التوبة هي الرجوع إلى الله -عز وجل-، وهي طلب وقاية شرِّ ما يخافه من آثار ذنوبه في المستقبل، فإنه لابد وللذنب من أثر، طريقة السلامة من هذا الذنب هو التوبة إلى الله، وقد بشر الله -عز وجل- عباده الصالحين بأنه تواب، وأنه يقبل التوبة -جل في علاه-، وأنه قريب مجيب، وأنه رحيم ودود للذين يتوبون ويستغفرون، وليس ثمة ذنب يكبر على التوبة، بل كل الذنوب تشملها التوبة صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها، ما كان في حق الله، وما كان في حق الخلق.

والله -عز وجل- يقول: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًاالزمر:53 ، وتتم التوبة بالإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم العودة إليه، هذا فيما يتعلق بحقوق الخالق، ينضاف إلى هذين فيما يتعلق بحقوق الخلق أن يتحلل الإنسان من أصحاب المظالم، من أصحاب الحقوق قبل أن لا يكون درهم ولا دينار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:  «مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ»[سبق]، ولذلك جدير أن يبادر الإنسان بطلب العفو ممن له حق، أو برد المظالم إلى أهلها إذا كان ذلك ممكنًا، وبهذا تتحقق التوبة.

والتوبة ليست عملاً مرهونًا بوقت أو موقوتًا بزمن لا يكون إلا فيه، بل التوبة تكون في كل وقت، وفي كل زمان، وفي كل حال، ولا ينفك منها الإنسان، ما دام حيًّا فإنه بحاجة إلى أن يتوب؛ لأن التقصير قرين الإنسان، والقصور يتاب منه أيضًا، فلابد من إدامة التوبة والاستغفار، والعودة إلى العزيز الغفار، ولهذا يقول الله تعالى لرسوله في ختم حياته: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ سورة النصر ، فجدير بالمؤمن أن يعتني بهذا الأمر.

إذًا أول ما يحصل به التخفف من السيئات جميعًا التوبة الصادقة التي بها تمحى الخطايا، فالتوبة تهدم ما كان قبلها.

المقدم: جميل، أحسن الله إليكم شيخنا، هنا أيضًا سؤال يقول: يعني كيف أترك الذنوب؟ وإذا تطلبت التوبة واقتضت التوبة ترك الذنوب، كيف يمكن للإنسان أيضًا أن يترك هذا الذنب؟

الشيخ: أما ترك الذنب فيحتاج إلى معالجة، وجهد، وإيمان، وصدق، وصبر، ومصابرة، نحتاج إلى أن نصبر أنفسنا على المعاصي، نصبر أنفسنا على طاعة الله، ما يدرك الإنسان أي نجاح في دينه ودنياه إلا بالصبر، من استسلم لشهواته، وملاذِّه، ومحابِّه لم يحقق، ولن يحقق شيئًا من النجاح لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا يصل إلى المعالي والخيرات والبر والفوز والنجاح إلا على جسر من التعب، إلا على جسر من المصابرة، ولذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَآل عمران:200 ، والله تعالى يقول: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِمريم:65 ، والعبادة تقوم بأمرين: بفعل ما أمر الله تعالى، وترك ما نهى.

ينبغي البعد عن كل ما يوقع الإنسان في الشر من أسباب الفساد، من صحبةٍ سيئة تزين له الباطل، من إتيان وغشيان مواقع الشر والفساد فإنها تزين للإنسان الباطل، ألا يغتر الإنسان بلذة المعصية، فلذَّةُ المعصية تعقبها حسرة في القلب، وظلمة في الوجه، وعثرة في السير إلى الله -عز وجل-.

 كل هذه المعاني مما يزهد الإنسان في مواقعة السيئات، وينشطه ويشجعه ويقويه على فعل الطاعات والخيرات.

المقدم: أحسن الله إليكم، هنا سؤال عبر الواتساب يسأل أحد المستمعين الكرام يقول: هل هناك فرق بين الذنب والخطيئة والسيئة بحيث أن يكون هناك تصنيف معين، يعني مثلاً هو يذكر أنه مثلاً هل الذنب يكون ما كان بين العبد وربه، والسيئة ما كان بين العبد والعبد، هل هناك تصنيف معين؟ هل هناك فرق بين هذه المصطلحات؟

الشيخ: هذه أسماء لشيء واحد، وقد تتناوب، قد يكون هناك أحيانًا فروقات دقيقة عند اقترانها لكن في الجملة الذنب هو السيئة هو الخطيئة، وهو المخالفة لما أمر الله تعالى به ورسوله، إذا أذنت أننا نواصل فيما يتعلق بأسباب التخفف؟

 نحن ذكرنا التوبة إلى الله -عز وجل-، من التخفف أيضًا الاستغفار وكثرته، فإن الاستغفار موجب لمحو السيئات، والذنوب، والخطايا، جاء في السنن من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ المُؤْمَنَ إذَا أذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ» وهذا أثر الذنب، وهذه النكتة السوداء كالبقعة على الثوب الأبيض، إذا أُهملت زادت، وتراكم القَذَر والوسخ على الثوب، كذلك إذا أهملت النكتة السوداء في القلب اتسخ القلب، فتطييبه قال: «فإن تابَ وَنـزعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ» أي طهر،«فإنْ زَادَ زَادَتْ حتى تَعْلُو قَلْبَهُ» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فذلكَ الرَّانُ الَّذي قَالَ الله: كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُون»مسند أحمد (7952)، وقال محققو المسند: إسناده قوي 

فجدير أن يعتنى بالتوبة والاستغفار، وهي باب عظيم من أبواب الخروج من آثار الذنوب، فالذنوب لها آثار، مما يوقي الإنسان الشر هو الاستغفار، وهو طلب الوقاية من شر ذنبه، ويحمله على الحذر من مواقعته

بعض الناس يقول: طيب هي التوبة هي الاستغفار؟ 

التوبة ليست هي الاستغفار بإطلاقها، يعني التوبة قد تكون بالاستغفار، وقد تكون بغير الاستغفار، لكن التوبة مضمَّنة الاستغفار، الاستغفار يتضمن التوبة، والتوبة تتضمن الاستغفار، وكلٌّ منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق يعني لما أقول: أستغفر الله، فأنا أسأل الله أن يتوب علي، لما أقول: أتوب إلى الله، فأنا أسأل الله أن يغفر لي، لكن قد تأتي التوبة والاستغفار في سياق واحد كأن يقول: أستغفر الله وأتوب إليه، أو كما قال شعيب وصالح لقومهما: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِهود:61  فهنا يكون كل منهما له معنى يخصُّه. الاستغفار يتعلق بطلب وقاية الشر مما مضى، والتوبة هي الرجوع إلى الله وطلب وقاية الشر مما يخافه من آثار سيئاته في المستقبل، فيكون هذا وذاك يعني لإزالة آثار الذنوب، فالاستغفار محوٌ لما سبق ومضى، وإزالة لآثاره الماضية، وتوقِّي شرور ما كان من سيء عمله، وأما التوبة فهي رجوع إلى الله -عز وجل- بالصالح، وطلب لوقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله.

فهما هنا يتعلقان بأمرين مختلفين، وفي كل الأحوال التوبة هي الاستغفار عند الإطلاق، وإذا اقترنا كانت التوبة رجوعًا إلى الله، والتوبة طلبًا للعفو والتجاوز عما كان من سيء العمل، ووقاية الشر السابق.

 هذا هو الطريق الثاني من طرق محو السيئات والذنوب، والتخفف منها.

 ذكرنا أولاً التوبة ثم الاستغفار.

 أما الثالث: فهو الحسنات الماحية، وهذا الذي ذكره الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِهود:114 ، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح فقال: «إنَّ رَجُلًا أصابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فأتَى النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فأخْبَرَهُ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ﴾ هود: 114  فقالَ الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللَّهِ ألِي هذا؟ قالَ: لِجَمِيعِ أُمَّتي كُلِّهِمْ»صحيح البخاري (526)، ومسلم (2763)  هذه ثالث ما يكفِّر الله تعالى به الخطايا، ويحصل به التخفف من السيئات.

أما الرابع: فهو المصائب المكفرة، فإن المصائب التي تنزل بالإنسان تكفر من سيئاته.

المقدم: شيخ خالد يعني أودُّ أن يكون هناك إفراد لمسألة المصائب، وأنها تسهم بفضل الله -سبحانه وتعالى-، وبحلمه ورحمته في تكفير السيئات والذنوب، وهو ما لا يشعر به الإنسان أحيانًا، قد يعني يكون في دوَّامة هذه المصيبة ولا يشعر بأن هناك منحًا وحسنات توهَب له من الله -سبحانه وتعالى-، وهو لو علم وأيقن ما يصله من خير وهدى ورحمة من الله -سبحانه وتعالى-، وتكفير للسيئات والذنوب، وحماية له مما قد يحصل في مستقبل الأيام وحاضرها من نَكْبات وكربات لتمنِّي العبد أن يزاد عليه في هذه المصيبة حتى يأتيه الخير الوفير من الله -سبحانه وتعالى-.

الشيخ: بالتأكيد، المصائب أخي هي مما تتضمن منحًا من الله -عز وجل-، من أبرز ذلك أنها سبب للتخفيف من الأخطاء، والتقصير الواقع من الإنسان.

 في الصحيحين من حديث أبي سعيد، ومن حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ»، وهذه أصول المكروهات التي تنزل بالناس: «نصب»:تعب «وَصَب»، غاية في التعب، ومنه المرض، «ولا همٌّ»وهو ما يتعلق بخوف ما كان في المستقبل، «ولا حُزن»وهو ألم نازل، وأذى حاصل وواقع حاضر، «ولا أذى»وهذا يشمل كل ما يؤذي سواء أن كان أذى بدنيًا أو أذى نفسيًا، سواء كان أذًى في مالك، أو في أهلك، أو في بلدك، «ولا غَمٌّ»،وهو ما يتعلق بالضغوط التي تضغط على القلب فيما يتعلق بأمر المستقبل، الغم فيما يتعلق بالأمر الماضي يقابل الهم، الهم في المستقبل، والغم في الماضي «حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه»صحيح البخاري (5641) .

المقصود أن كل المكروهات على تنوعها، سواء كانت البدنية، أو كانت النفسية، حتى أقل ما يكون من الأذى وهو الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه أي أجرى الله تعالى بسببها من التكفير، والمحو للخطايا ما يتخفف به الإنسان من الذنوب. وقد جاء في صحيح الإمام البخاري من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شوْكَةٌ فَمَا فوْقَهَا إلاَّ كَفَّر اللَّه بهَا سَيِّئَاتِهِ، وَحُطَّتْ عنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا تَحُطُّ الشَّجرةُ وَرقَهَا»صحيح البخاري (5648)، ومسلم (2572)، وكل هذا مما يطيب الإنسان، وإذا سلم من سيئاته بهذه الأسباب، وتزوَّد بالصالح كان عند مغادرة الدنيا على أحسن حال، كما قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَالنحل:32، وكما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَفصلت:30 .

هذا الجزاء هو لِقَوم خرجوا من الدنيا طيبين، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل الطيب والاستقامة، طابوا بماذا؟ طابوا بالعمل الصالح، وطابوا بالسلامة من آثار الذنوب والمعاصي.

المقدم: وهل يدخل يا شيخنا فيما يتعلق بما يصيب العبد من بلاء ومصائب في الحياة الدنيا، وعلاقة هذا الأمر بتخفيف الذنوب وتخفيف السيئات عنه، وحديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي قال فيه -عليه الصلاة والسلام-: «فما يَبْرحُ البلاءُ بالعبدِ حتى يتركَه يمشي على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ»سنن الترمذي (2398)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح  أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

الشيخ: أي نعم هذا هو، هذا الفضل هو بسبب ما يكون من أسباب التكفير والتخفيف التي تقدمت، ومنه ما يجري من مصائب ونوازل ومكروهات تكون مخفِّفة لذنبه، وماحية للسيئات، وقد يبلغ به ذلك أن تمحى عنه كل خطيئة، فما يصيبه بعد ذلك من البلاء هو رفعة في درجاته، وعلو في منزلته، فالله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، هذا فضلاً عن أنه يؤجر بالصبر على المكروه، فإن الصبر على المكروه يوجب الفضل من الله -عز وجل-.

المقدم: أحسن الله إليكم، نتواصل معكم مستمعينا الكرام ومع فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح في برنامجكم "الدين والحياة"، وحديثنا المستمر عن محطات تنقية العبد من الذنوب في الدنيا والآخرة، يمكنكم أن تطرحوا ما لديكم من أسئلة فيما تبقى من وقت هذه الحلقة على الأرقام التالي: 0126477117 و 0126493028، وعلى الواتساب: 0500422121، ويمكنكم أن تتواصلوا معنا أيضًا مستمعينا الكرام بالاتصال، أو بإرسال الرسائل، وبالمتابعة عبر البيرسكوب عبر حساب فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح عبر تويتر.

نأخذ اتصالًا من المستمعين أيضًا، معنا اتصال من الأخ المستمع محمد القحطاني، تفضل يا أخ محمد.

المتصل: حياكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أحبكم في الله شيخ عبد الله وشيخ خالد.

المقدم: أحبك الله.

المتصل: وعندي ثلاثة أسئلة، أول شيء تعظيم الله -سبحانه وتعالى-، فلابد للعبد أنه يعظم الله جل جلاله، كذلك تلاوة كتابه -سبحانه وتعالى-، وأيضًا نريد من الشيخ -جزاه الله خيرًا- الشيخ خالد أن يعطينا علاجًا للتسويف، التسويف هذا هو الذي حقيقة قطع علينا أمورًا كثيرة من الخير، ونحتاج إلى علاجها نسأل الله التوفيق.

المقدم: اللهم آمين، شكر الله لك أخي محمد.

 الاتصال الثاني من الأخ محمد بن مسعود، تفضل أخي محمد.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: جزاكم الله جميعًا من فضله، حياكم الله جميعًا. أقول: أخي المستمع هل تعلم أن هناك رقيبًا عليك، رقيبًا من نفسك؟ هل تعلم النفس والأعضاء التي تريد أن تُمتِّعها سوف يكون هناك فعلاً منها عليك، أعضاؤك هذه سوف تشهد عليك على هذه الأعمال التي تفعلها.

وأيضًا الناس كذلك يشهدون عليك، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال للذي وجبت له الجنة، قال: «أنتُم شُهَدَاءُ اللَّهِ في الأرضِ»، وأيضًا الآخر الذي أثنوا عليه شرًّا قال: «وهَذَا أَثْنَيتُم عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ»صحيح البخاري (1367)، ومسلم (949) ، أما فوق ذلك وأعظمه ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًاالنساء:1 ، تذكر هذه الأمور الثالثة وبارك الله فيكم.

المقدم: شكرًا لك أخي محمد أهلاً وسهلاً فيك، وعليكم السلام ورحمة الله. شيخ خالد نقاط مهمة ذكرها الإخوة المستمعون في أسئلتهم، ولعل أهم شيء هنا مسألة التسويف في التوبة، يعني هذه كثير من الناس يقعون فيها، ويحتاجون إلى ربما علاج لهذه المشكلة

الشيخ: هو يا أخي على كل حال التسويف، هو من حبائل الشيطان التي يزينها للناس ليمدَّهم بأنواع من الغرور والمُضيِّ في الخطأ، التسويف آفة علاجها المبادرة، وإدراك أن تسويفك في الرجوع إلى الله -عز وجل- هو زيادة في الشر، هو غرق في الخطأ، وعاقبة ذلك وشؤمه على الإنسان عظيم وكبير.

 لذلك ينبغي أن يُقطع التسويف بالعزم، ويقطع التسويف بالمبادرة، والله -جل وعلا- يقول: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَآل عمران:133 ، ويقول: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِالحديد:21 ، فليس للعبد أنفع من أن يبادر، ولا أضرُّ عليه من التسويف وطول الأمل، ولذلك التسويف وطول الأمل هو امتداد للغرق في الخطأ، امتداد للإسراف على النفس، وله أسباب كثيرة.

قد يكون التسويف سببًا لترك ما يجب، بسبب ترك ما يجب، غفلة عن الآخرة، صحبة سيئة، لكن لو أنه عقل وعرف أن هذه الآفة ستُعيقه عن كل الفضائل، وتأخيره ومماطلته في التوبة هي مما يحيق الإثم به، ويجعله محاصرًا له، والله تعالى يقول: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَالحجر:3 .

 وهذا تهديد عظيم أنه إمهال الله لك، وإعطاء الله تعالى لك الفرصة للأوبة مع تركك لها، هو استدراج كما قال تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌالقلم:45 ، يُملي لهم ما يعطيهم لكن عاقبة هذا العطاء هو المؤاخذة على سيء العمل.

لذلك أنا أقول: من الآفات الكبرى التي تصيب الناس هو استجابتهم لطول الأمل، التأخير، التأجيل، المماطلة في التوبة، ظن أن السيئة لن تحيط بك، وقد ينضاف إلى هذا أن الله تعالى يعطي العبد شيئًا من العطايا فيظن أن ذلك لرضاه -جل وعلا-، وهذا قد يجعله يمدُّ حبالاً طويلة في الخطأ والإساءة؛ لأن الله لم يؤاخذه.

 ولذلك من الحكمة والحرمة أن يتنبه الإنسان أن العطاء قد يكون استدراجًا، وأن الإمهال ليس عن رضى، وأن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، فينبغي أن لا يفتنه طول البقاء، ولا يغرَّه طول الأمل، بل يبادر إلى صالح العمل، وإلى الاستعتاب لعل الله تعالى أن يتوب عليه، وأن يتجاوز عنه.

المقدم: وإقلاعنا يا شيخنا عن الذنوب، والتوبة، والإسراع إليها يعني أعتقد أن هناك الكثير من الخير الذي سيصل هذا العبد إذا ما هو أقبل على الله -سبحانه وتعالى-، وأقلع عن الذنوب والمعاصي، ومن أهم هذه الفوائد التي تعود على المسلم في الدنيا قبل الآخرة هي حلاوة الإيمان التي يجدها في صدره، ولذَّة الإيمان إضافة إلى أن الله -سبحانه وتعالى- سيعوِّض هذا العبد بأكثر مما تركه، ويبدله خيرًا -سبحانه وتعالى-.

 أيضًا هنا سؤالان ربما نختم بهما هذه الحلقة باختصار، أحد المستمعين يسأل: هل تجوز تحية المسجد وقت الكراهية؟

الشيخ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»صحيح البخاري (1163) .

المقدم: والأمطار هل تعني رحمة من الله؟

الشيخ: ما فيه شك أن المطر رحمة، وقد يكون عذابًا لكن الأصل فيه أنه رحمة كما قال تعالى: ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاالروم:50 ، لكن عوقب قوم بأن أمطروا مَطَر السوء، والأصل أن المطر رحمة إلا أن يكون ذلك عقوبة على نحو ما ذكره الله تعالى في كتابه من أخبار الأمم السابقة التي أُمطِرَت بما أُمطِرَت به من العقوبات، لكن هذا ليس هو الأصل، الأصل فيما يسوقه الله تعالى من السماء أنه رحمة.

المقدم: هذا الأخ المستمع عبر الواتساب يقول: السلام عليكم ورحمة الله، أنا حسان عمران، يقول: كنت طالبًا عند الشيخ خالد قبل ثلاثين عامًا، وأسأل الله أن يجزيه خير الجزاء، وفرحتي بسماع صوته لا تقدر بثمن، وتعجز الكلمات عن وصف فضيلته، وأسأل الله أن يجعله في أعلى المراتب، ويبلغكم السلام، ويطلب الدعاء، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- في ختم هذا اللقاء وهذه الحلقة أن يجعل ما تفضلتم به فضيلة الشيخ في ميزان حسناتكم، وأن يجزيكم خير الجزاء.

الشيخ: آمين، بارك الله فيك، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم اليقظة، وأن يعيذنا من الغفلة، وأن يرزقنا قلوبًا حاضرة حية، وأن يصلح لنا العمل والسر والعلن، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يصد عنا كل شر، وأن يؤيد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، وولي عهده، وأن ينصر المجاهدين في سبيله من جنودنا المرابطين، وأن يحفظ على المسلمين ديارهم، وأن يعم الخير والبر والفضل سائر بلاد المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا لفضيلة الشيخ، وشكر لكم موصول أيضًا مستمعينا الكرام على حسن استماعكم لنا، ومتابعتكم لنا في هذه الحلقة.

 لقاؤنا يتجدد بكم بإذنه -سبحانه وتعالى- في مثل هذا الوقت من الأسبوع المقبل، حتى ذلكم الحين تقبلوا تحياتي أنا عبد الله الداني، وزميلي من التنفيذ على الهواء مصطفى الصحفي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

4. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات93793 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات89654 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف