قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"من أسباب فتن تقع بين الأمة فإن أقواما يقولون ويفعلون أمورا هم مجتهدون فيها وقد أخطئوا فتبلغ أقواما يظنون أنهم تعمدوا فيها الذنب أو يظنون أنهم لا يعذرون بالخطأ وهم أيضا مجتهدون مخطئون فيكون هذا مجتهدا مخطئا في فعله وهذا مجتهدا مخطئا في إنكاره والكل مغفور لهم .
وقد يكون أحدهما مذنبا كما قد يكونان جميعا مذنبين .
وخير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة . والواحد من هؤلاء قد يعطى طرفا بالأمر والنهي، فيولي ويعزل ويعطي ويمنع فيظن الظان أن هذا كمال وإنما يكون كمالا إذا كان موافقا للأمر فيكون طاعة لله وإلا فهو من جنس الملك وأفعال الملك : إما ذنب وإما عفو وإما طاعة . فالخلفاء الراشدون أفعالهم طاعة وعبادة وهم أتباع العبد الرسول. وهي طريقة السابقين المقربين .
وأما طريقة الملوك العادلين فإما طاعة وإما عفو ؛ وهي طريقة الأنبياء الملوك ؛ وطريقة الأبرار أصحاب اليمين .
وأما طريقة الملوك الظالمين : فتتضمن المعاصي ؛ وهي طريقة الظالمين لأنفسهم .
قال تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير } فلا يخرج الواحد من المؤمنين عن أن يكون من أحد هذه الأصناف : إما ظالم لنفسه وإما مقتصد وإما سابق بالخيرات . و " خوارق العادات " إما مكاشفة وهي من جنس العلم الخارق وإما تصرف وهي من جنس القدرة الخارقة ؛ وأصحابها لا يخرجون عن الأقسام الثلاثة.
"مجموع الفتاوى" ( 10/546- 547).