قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" قال الخطابي " الشح " أبلغ في المنع من البخل والبخل إنما هو من أفراد الأمور وخواص الأشياء والشح عام فهو كالوصف اللازم للإنسان من قبل الطبع والجبلة. وحكى الخطابي عن بعضهم أنه قال : " البخل " أن يضن الإنسان بماله و " الشح " أن يضن بماله ومعروفه وقيل " الشح " أن يشح بمعروف غيره . على غيره و " البخل " أن يبخل بمعروفه على غيره والذين يتبعون الشهوات ويتبعون أهواءهم يحبون ذلك ويريدونه فاتبعوا محبتهم وإرادتهم من غير علم فلم ينظروا هل ذلك نافع لهم في العاقبة أو ضار . ولهذا قال : { فاعلم أنما يتبعون أهواءهم } ثم قال : {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } .
و " اتباع الهوى " درجات : فمنهم المشركون والذين يعبدون من دون الله ما يستحسنون بلا علم ولا برهان كما قال : {أرأيت من اتخذ إلهه هواه } أي يتخذ إلهه الذي يعبده وهو ما يهواه من آلهة ولم يقل إن هواه نفس إلهه فليس كل من يهوى شيئا يعبده فإن الهوى أقسام بل المراد أنه جعل المعبود الذي يعبده هو ما يهواه فكانت عبادته تابعة لهوى نفسه في العبادة فإنه لم يعبد ما يحب أن يعبد ولا عبد العبادة التي أمر بها . وهذه حال " أهل البدع " فإنهم عبدوا غير الله وابتدعوا عبادات زعموا أنهم يعبدون الله بها فهم إنما اتبعوا أهواءهم فإن أحدهم يتبع محبة نفسه وذوقها ووجدها وهواها من غير علم ولا هدى ولا كتاب منير . فلو اتبع العلم والكتاب المنير لم يعبد إلا الله بما شاء لا بالحوادث والبدع.
"مجموع الفتاوى" ( 10/591- 592)