قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" فالمريد إرادة جازمة مع فعل المقدور هو بمنزلة العامل الكامل وإن لم يكن إماما وداعيا كما قال سبحانه : {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما}.
فالله تعالى نفى المساواة بين المجاهد والقاعد الذي ليس بعاجز ؛ ولم ينف المساواة بين المجاهد وبين القاعد العاجز ؛ بل يقال : دليل الخطاب يقتضي مساواته إياه .
ولفظ الآية صريح، استثنى أولو الضرر من نفي المساواة فالاستثناء هنا هو من النفي وذلك يقتضي أن أولي الضرر قد يساوون القاعدين وإن لم يساووهم في الجميع ويوافقه ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة تبوك :« إن بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم . قالوا : وهم بالمدينة . قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر ».
فأخبر أن القاعد بالمدينة الذي لم يحبسه إلا العذر هو مثل من معهم في هذه الغزوة .
ومعلوم أن الذي معه في الغزوة يثاب كل واحد منهم ثواب غاز على قدر نيته فكذلك القاعدون الذين لم يحبسهم إلا العذر".
"مجموع الفتاوى" ( 10/371- 372).