بابُ الأَذانِ والإقامةِ
وهما فرضُ كفايةٍ، على الرِّجالِ، للصّلواتِ الخمسِ، وَيُقَاتَلُ أهلُ المِصْرِ بتركِهِمَا، وهو خَمسَ عَشْرَةَ، وهي إحدى عَشْرَةَ.
ويسنُّ مؤذّنٌ صَيِّتٌ، عالِمٌ بالوقتِ، يُثوِّبُ بعدَ الحيعلةِ في الصّبحِ، ولا يُؤذَّنُ قبلَ الوقتِ إلاَّ لها، وإنَّمَا يَجُوزُ مُرَتَّباً، لا بِفَصلٍ كثيرٍ، ومُحَرَّمٍ، ويقولُ مُستمعُهُ مثلَهُ، إلاَّ في حيعلةٍ فيُحَوْقِل، وَيَسْأَلُ بَعْدَهُ الوسيلةَ.
وتُسنُّ له الطّهارةُ، وقيامُه مستقبلاً، على علوٍّ، يَجعلُ إصْبَعَيهِ في أُذنيه، مُلتَفتاً في حَيعَلَتِه يميناً وشمالاً، ولا يُزِيلُ قدميهِ، وتَرَسُّلُهُ، وحَدْرُهَا .
بابُ شروط الصّلاة
هي ستةٌ: دخولُ الوقتِ، والطّهارةُ مِنَ الحدثِ، ومِنَ الخَبَثِ، بدناً، وثوباً، وموضعاً، لا إنْ عَجَزَ، وسترُ مَنْكِبَيهِ وعورَتِه، بِمَا لا يَصفُ البشرةَ، من سُرَّتِه إلى ركبَتَيهِ، والأَمَةُ ونَحْوُهَا مثلُهُ، والحرَّةُ سِوى وجْهِهَا وكفَّيهَا، وَالدُّبُرُ أولى، والعورةُ أولى مِنَ المنكِبِ، فلو عَدِمَ فقاعداً إيماءً، وإن صلى قائماً جاز.
ويَحْرُمُ على الرّجلِ الذّهبُ، ومَا هُوَ أو غَالِبُهُ حريرٌ، فلا تصحُّ الصلاةُ فيه، كالمغصوبِ، والحُشِّ، والحمَّامِ، والمَقْبَرَةِ، وَعَطَنِ الإبلِ، وإنَّمَا تصحُّ في الكعبةِ وعلى ظهرِهَا نفلاً.
الخامسُ: استقبالُ عينِ الكعبةِ للقريبِ، وجِهتِها للبعيدِ، وإن اشتَبَهَتْ سفراً اجتَهَدَ بشمسٍ، وقمرٍ، ونجومٍ، وريحٍ، ومياهٍ، وحضراً بخبرِ ثقةٍ، عَن عِلمٍ، ومَحَاريبِ مسلمٍ ، والعاجزُ يُقلّدُ عارفاً ، فلو اختلفا قلَّدَ أوثقَهُما عندهُ ، ويجدِّدُهُ ، ولا يعيدُ ولو أخطأ، إلاَّ الحاضرَ، ويسقط لعجزٍ ، ويُصَلِّي كيفَ أمكنَ وتوجَّه، كنفلِ السّفرِ للسَّائِرِ، والهارِبِ من سيلٍ أو سَبُعٍ.
السَّادسُ: النيّةُ، فيُعَيِّنُ المُعَيَّنةَ، وَيُقَارِنُ بها التّكبيرَ، فإن تقدمتْ يسيراً جازَ ما لم يَفْسَخْها، ويَجِبُ استصحابُ حُكمِهَا، ويُسنُّ ذِكْرُهَا .
بابُ صفةِ الصَّلاةِ
يَمشي إليها بسكينةٍ ووقارٍ، بتقريبِ خُطاهُ، قائلاً ما وردَ، غَيرَ مُشَبِّكٍ، ويقومُ عندَ كلمةِ الإقامةِ إن رأى الإمامَ، وإِذَا أُقيمَتْ فَلا صلاةَ إلاَّ المكْتُوبَةُ، ثُمَّ يُسوِّي الإمامُ صفَّهُ، ويكبِّرُ جَهراً، وغَيرُهُ سِرَّاً، كالقِرَاءة، ويَرْفَعُ يديهِ عندَ ابتداءِ التكبيرِ حَذْوَ منكبيهِ، ثُمَّ يَضَعُ اليُمنَى على كُوعِ اليُسرى تحتَ سُرَّتِه، ناظراً موضعَ سجودِه، ثُمَّ يقولُ: سبحانَكَ اللهُمَّ وبحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالَى جدُّكَ، ولا إله غيرُكَ، ثُمَّ يتعوَّذُ، ثُمَّ يُسَمِّي سِرَّاً، ثُمَّ يقرأُ الحمدَ، بإحدَى عَشْرَة شَدَّةً، مُرَتَّبَةً متواليةً، فإن لم يُحْسِنْهَا تَعَلَّمَهَا، فإنْ ضاقَ الوقتُ قرأ قَدْرَهَا، ولو عَلِمَ آيةً كرَّرَها، فإنْ لم يُحسِنْ قُرآناً ذكرَ اللهَ، وإنْ لم يعرِفْ وَقَفَ قَدْرَهَا، ثُمَّ يُؤَمِّنُ جهراً فِي الجَهْرِيَّةِ، ثُمَّ يَقرأ سورةً، في الصُّبحِ من طِوَالِ المُفَصَّلِ، والمغربِ من قِصَارِه، والباقي من أوساطِه، ويَجهرُ الإمامُ بالصّبحِ، وَأُولَيَي المغربِ والعشاءِ، ثُمَّ يرفَعُ يَدَيهِ ويركع مكبراً، مَادَّاً ظَهْرَهُ، مستوياً رَأْسُهُ حِيَالَهُ ، واضعاً يديه على ركبتيهِ مفرَّجَتَي الأصابع، فيقول: سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ ثلاثاً، ثُمَّ يَرفعُ قائلاً: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، ويرفعُ يَدَيهِ، فيقولُ: رَبَّنَا ولكَ الحمدُ، مِلْءَ السَّماءِ وَمِلْءَ الأَرضِ، وَمِلْءَ ما شئتَ من شيءٍ بَعدُ، ثُمَّ يسجدُ مُكَبِّراً، بركْبَتَيهِ، ثُمَّ يَديهِ، ثُمَّ جبهتِهِ وأنْفِهِ، ويكونُ على أطرافِ أصابعِه، مُجافياً، واضعاً يديهِ حَذْوَ مَنكِبيهِ، ويجبُ سجودُه على هذه الأعضَاءِ السّبعةِ، ثُمَّ يقولُ: سبحانَ ربِّيَ الأَعلى ثلاثاً، ثُمَّ يَرْفَعُ مكبراً، ويجلسُ مفترشاً، يَفْرِشُ يُسراهُ فيجلسُ عليهَا، ويَنْصِبُ يُمناهُ، فيقول: ربِّ اغفر لي ثلاثاً،
ثُمَّ يسجدُ الثانِيةَ كذلك، ثُمَّ يرفعُ مكبراً فيقومُ على صدورِ قدميهِ معتمداً على ركبتيهِ، ما لم يَشُقَّ فبالأرضِ، ثُمَّ يُصلي الثانِيةَ كالأولى، سوى الاستفتاحِ والتحريمِ، ثُمَّ يَجلسُ مفترشاً، يضعُ يَديهِ على فَخِذَيهِ، يَقْبِضُ الخِنْصِرَ والبِنْصِرَ من يُمناهُ مُحلِّقاً إبْهَامَهُ مَعَ الوسطى، مشيراً بِسَبَّاحَتِهَا في تشهُّدِه، فيقولُ: التَّحيَّاتُ للهِ، والصّلواتُ والطّيباتُ، السلامُ عليكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، ورحمةُ اللَّهِ، وبركاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصّالحين، أشهدُ أن لا إِلهَ إلا اللَّهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه .