فَصْلٌ
وَمَنْ سَافَرَ لا لمعصِيَةٍ، سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخَاً، سُنَّ له قصرُ رُبَاعِيَّةٍ مُؤداةٍ إلى ركعتينِ، إذا جاوزَ السُّورَ، أو العمرانَ، أو الخيامَ، ونَواهُ عندَ التَّحريمِ، ولو أَحْرَمَ مُقيمَاً ثُمَّ سَافَرَ، أو عَكَسَ، أو ائتمَّ بِمُقيمٍ، أو مشكوكٍ، أو نوى إقامةً أَكْثَرَ من إحدى وعشرينَ صلاةً، أو ذَكَرَ صلاةَ سفرٍ في حضرٍ، أو بِالعَكْسِ، أو مَلاَّحَاً معه أهلُهُ ولا ينوي إقامةً في مَوضِعٍ، أو ذَكَرَ صلاةَ سفرٍ في آخَرَ أتَمَّ، لا إن سَلَكَ البُعْدَى .
فَصْلٌ
يَجوزُ الجَمْعُ بَينَ: الظهرِ والعصرِ، والعشاءين، في وقتِ إحداهما، لسفرِ قَصْرٍ، وَمَرَضٍ يَشُقُّ، ومَطَرٍ يَبُلُّ، وَوَحْلٍ، وَعُذْرٍ يُبِيحُ تَرْكَ الجُمُعَةِ، فلو قَدَّمَ اشْتُرِطَ نِيَّتُهُ، والموالاةُ، لا قَدْرَ إقامةٍ ووُضِوءٍ، وَوجودُ العذرِ عندَ افتتاحِهما، وإن أَخَّرَ فَنِيَّتُهُ، ما لَم يَضِقْ وَقتُ الأولى عَنْ فِعْلِهَا، واستمرارُ العذرِ إلى وَقتِ الثانيةِ .
بابُ صلاةِ الخوفِ
تَجُوزُ بكلِّ صِفَةٍ صَحَّتْ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فمنها: إذا كان عَدُوُّهُ في غير قبلةٍ، فَلتَحْرِسْ فِرْقَةٌ، وَيُصَلِّي بِأُخرى بركعةٍ، ثُمَّ تُتِمُّ، وتَذْهَبُ فَتَحْرِسُ ، وتأتي تلك فيصلي بها الثانيةَ، ثُمَّ تُتِمُّ فَيُسَلِّمُ بها.
وإن كان قِبْلَةً، أَحْرَمَ بهم صَفَّين فسجدَ مَعَهُ المُقَدَّمُ، فإذا رَفَعَ، سَجَدَ الحَارِسُ، وَلَحِقَهُ، ثُمَّ تَعْكِسُ في الثانية، وسَلَّمَ بهم.
ولو صَلَّى بكلٍّ صلاةً صَحَّ، كما لو أَتَمَّ وَقَصَرَتْ كلُّ فِرْقَةٍ خَلفَهُ، فإن اشتدَّ الخَوفُ، صَلَّوا رِجَالاً ورُكباناً، إلى القبلة وغيرها، يُومِئونَ إِيماءً على قَدْرِ الطاقةِ .
بابُ صَلاةِ الجُمُعَةِ
وهي ركعتانِ على ذَكَرٍ، مُكَلَّفٍ، حُرٍّ، صحيحٍ، مقيمٍ، ليسَ أبعدَ من فَرْسَخٍ.
وشَرْطُهَا: الأبنيةُ، أو قريبُها، وحضورُ أربعينَ ممن تلزَمُهُ، وإذَا حَضَرَهَا مَنْ لا تَلزَمُهُ أَجزَأَتهُ، والمعذورُ تلزَمُهُ وتنعقدُ به، والوَقتُ، من أولِ السادسةِ، إلى آخِرِ وَقْتِ الظهرِ، فإن فَاتَ، أو أَدرَكَ أقلَّ من ركعةٍ، أو نَقَصَ العددُ قَبْلَ ركعةٍ أتَمُّوا ظهراً.
وَيُقَدِّمُ خُطبتين، يَجِبُ في كلٍّ حَمدُ اللهِ ، والصلاةُ على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والوصيةُ بالتقوى، وقراءةُ آيةٍ، وحضورُ الأربعينَ.
فَصْلٌ
وسُنَّ لها التنظفُ، والتطيبُ، ولبسُ بياضٍ، ماشياً بسكينةٍ، مبكراً، وخُطْبَتُهُ قائماً، على عُلُوٍّ، متوكئاً على شيءٍ، وَجُلُوسُهُ بَينَ الخطبتين، وقَصدُهُ تلقاءَ وَجْهِهِ، وقِصَرُ خُطبتِهِ، وَطُوْلُ صَلاتِهِ، وَيُسَلِّمُ عليهم إذا صَعَدَ وَقَبْلَهُ ، وجُلُوسُه للأذانِ، والدُّنوُّ مِنَ الإمام، وقراءةُ الكهفِ يومَها، والجُمُعَةِ في أوَّلَتِهَا، والمنافِقِينَ في الثانيةِ، والسجدةِ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ } في صُبْحِهَا، ويُوجِز الدَّاخلُ حالَ الخطبةِ بركعتينِ، ويحرُمُ الكلامُ، إلا للإمامِ، ومَنْ كلَّمَهُ، ويجوزُ أكثرُ من جُمعةٍ إن احتيجَ، وإلا فالأولى الصحيحةُ، ثُمَّ جُمُعَةُ الإمامِ، فإن جُهِلَتْ أو تساوتا بَطَلَتَا.
بابٌ
صلاةُ العيدِ، فَرْضُ كِفَايَةٍ، تَسْقُطُ بِفِعْلِ أَرْبَعِينَ، وتُسَنُّ في الصَّحْرَاءِ، إلا من عُذرٍ، وتعجيلُ الأَضْحَى، والإمساكُ حتى يُصَلِّيَ، عَكْسَ الفطرِ، وأولُ وَقْتِهَا إذا ارتفعت الشمس إلى الزوال.
فيخرج على أحسنِ هيئةٍ، إلا المُعْتَكفَ ففي ثيابِ اعتكافِهِ، (فيصلي ركعتينِ، يُكبِّرُ)(1) في الأولى بَعْدَ استِفتاحِهِ ستاً، وفي الثانيةِ بَعْدَ الرَّفعِ خَمساً، يَرفَعُ يَدَيهِ مَعَ كُلٍّ، ويذكرُ اللَّهَ تعالى ، ويُصلِّي على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وَتُدْرَكُ بتكبيرةٍ، وإن فاتتهُ سُنَّ له قضاؤها على صِفَتِهَا، ثُمَّ يَخْطُبُ ثنتينِ، يستفتحُ الأولى بتسعِ تكبيراتٍ والثانيةَ بسبعٍ، يَحُثُّهُمْ في الفطرِ على الصدقةِ، وفي الأضْحَى على الأُضْحِيَة، مبيناً أَمْرَهُما.
وَيُسَنُّ التكبيرُ ليلتَي العيدينِ، وفي الأَضْحَى خَلفَ الفريضةِ جَماعةً، من فَجْرِ عَرَفَةَ إلى عصرِ آخرِ أيَّامِ التشريقِ ، إلا المُحْرِمَ فمن ظُهْرِ النَّحرِ ، وهو شَفْعٌ ، والتكبيراتُ الزوائدُ والخطبتانِ سنةٌ، ولا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا ولا بَعْدَهَا في مَوضِعِهَا .
بابٌ
صَلاةُ الاستسقاءِ سُنَّةٌ، وَصِفَتُهَا وأحكامُها كالعيدِ، وَيأمرُ بالتوبةِ وتَرْكِ الظلمِ، والصيامِ، والصدقةِ، ثُمَّ يَخرجُ بهم ليومٍ يَعِدُهُم، ببِذْلَةٍ وَتَخَشُّعٍ وَتَذَلُّلٍ وَتَضَرُّعٍ بلا طِيبٍ، فيصلي ركعتينِ، ثُمَّ يَخْطُبُ واحدةً، يُكْثِرُ فِيهَا الاستغفارَ، والدعاءَ، والمأثورُ أحسنُ، ثُمَّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ، وَيُفْرَدُ أهلُ الذِّمَّةِ ناحيةً إن خرجوا، لا بيومٍ، وإن خِيفَ كثرةُ المياهِ قال: اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَينَا، رَبَّنَا ولا تُحَمِّلنَا ما لا طاقة لنا به .
بابُ صلاةِ الكسوفِ
إذا كَسَفَتِ الشَّمسُ أو القمرُ، فَزِعُوا جَماعةً وَفُرَادَى، إلى صلاةِ ركعتينِ يَجْهَرُ فيهما، كُلُّ ركعةٍ بركوعين، يُطِيلُ الأُولى نَحوَ البقرةِ، وَيُقَصِّرُ الثانيةَ يسيراً، وَيُنَادَى لها وللعيد: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ.
وسُنَّ: الدعاءُ، والصدقةُ، والتوبةُ.
وَيُصَلَّى لِزَلزَلةٍ دائِمَةٍ فَقَطْ.
كِتابُ الجَنَائزِ
تُسَنُّ عِيَادةُ المريضِ، وتذكيرُه التوبةَ، والوصيةَ، وإذا نُزِلَ به بَلَّ حَلقَهُ، ولقِّنْهُ: لا إلهَ إلا اللهُ، مرةً، فإن تَكَلَّمَ أعادَهُ بِلُطْفٍ، وَيَقْرَأُ { يس } ، وَيُوَجِّهُهُ القبلةَ، فَإِذَا قُبِضَ غَمَّضَهُ، وَشَدَّ لَحْيَيهِ، وَثَقَّلَ بَطْنَهُ.
فَصْلٌ
غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلاةُ عَليهِ وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وأولَى النَّاسِ به وَصِيُّهُ، ثُمَّ أبوهُ، ثُمَّ جَدُّهُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَاتِهِ، والأُنثَى الأَقربُ من نِسَائِهَا، إلا الصلاةَ فإن الإمامَ أحقُّ بها بعد وَصِيِّهِ، ولكلِّ زَوجٍ غَسْلُ الآخَرِ، ولا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مَعرَكَةِ كُفَّارٍ، إلا أن يكونَ جُنُبَاً، وَيُنَحَّى عَنهُ الجُلودُ، والحَديدُ، ويُزَمَّلُ في ثِيابهِ نَدْبَاً، ولا يُصَلَّى عليهِ، وَيُغَسَّلُ سِقْطُ الأربعةِ أَشهُرٍ، وَتُسْتَرُ عَورَتُهُ، ثُمَّ يَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ، وَيُنَجِّيهِ بِوَضْعِ خِرْقَةٍ على يدهِ، ولا يُسَرِّحُهُ، وَيَأخُذُ من شَارِبهِ وَظُفْرِهِ إنْ طَالَ، وَيُظْفَرُ شَعْرُهَا ثَلاثَةَ قُرُونٍ وَيُسدَلُ مِن ورائِهَا.
وَيُسَنُّ إِيتَارُ الغُسْلِ، بِسِدرٍ في الأُولَى، وكَافورٍ في الآخِرَةِ، وَمَنْ تَعذَّرَ غُسْلُهُ يُمِّمْ، وَتُجَمَّرُ أَكفَانُهُ، وَيُذَرُّ الحَنُوطُ فيها، وَفِي مَغَابِنِهِ وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ، وإنْ خَرَجَ منه شَيءٌ غَسَلهُ وسَدَّهُ بِقُطْنٍ، ثُمَّ بِطِيْنٍ حُرٍّ، وإن لم يُنْقِ زادَ إلى سَبْعٍ، وَيُطَيَّبُ، إلا المُحْرِمَ فعَلَى حَالَتِهِ، وَيُكَفَّنُ الذَّكَرُ فِي ثَلاثِ لفائفَ بيضٍ، والأنثى بإزارٍ وخِمَارٍ وَقَمِيصٍ ولِفَافتينِ، والواجبُ سَتْرُهُ .
فَصْلٌ
في الصلاة يَقِفُ الإِمَامُ عِنْدَ صَدْرِ الذَّكَرِ، ووسَْطَ الأُنثَى، وَفَرْضُهَا: أن يُكَبِّرَ نَاوِيَاً، ثُمَّ يَقْرَأَ الحَمْدَ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيُصَليَ على مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كالتَّشَهُّد، ثُمَّ يُكبِّرَ فَيَدعُوَ لِلمَيِّتِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيُسَلِّمَ واحدةً عن يَمينِهِ، ويُصَلَّى علَى القَبرِ، وعَلَى الغَائِبِ بِالنيَّةِ إلى شَهْرٍ، ويَقْضِي ما فَاتَهُ، ولا يُصَلِّي الإمامُ عَلى غَالٍّ، وَلا قَاتِلٍ نَفْسَهُ.
فَصْلٌ
يُسَنُّ الإِسْرَاعُ بها، وَالتَّرْبِيعُ بِوَضعِ المُقَدَّمَةِ اليُسرَى عَلى كَتِفِهِ اليُمنَى إلى الرِّجْلِ، ثُمَّ اليُمنَى عَلى كَتِفِهِ اليُسرَى إلى الرِّجْلِ، وَالمُشَاةُ أَمَامَهَا، ولا يَجلِسُ حَتَّى تُوضَعَ، ولا يُقامُ لَهَا، ويُسَجَّى قَبْرُ الأُنثَى، وَيَجِبُ دَفْنُهُ مُسْتَقْبِلاً، وسُنَّ في لَحْدٍ، وَيُرفَعُ قِيدَ شِبْرٍ، مُسَنَّماً، ويُكرَهُ تَجْصِيصُهُ، والبِنَاءُ والوَطءُ عَلَيهِ، والاتِّكاءُ عَلَيهِ، وَلا يُدْخِلُهُ خَشَبَاً، ولا مَا مَسَّتهُ نارٌ، وَيُنْصَبُ عَلَيهِ اللَّبِنُ، وَيَحثُو عَلَيهِ التُّرَابَ ثَلاثاً، ثُمَّ يُهَالُ التُّرَابُ.