بسم الله الرحمن الرحيم
المذيع: مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم تحيةً طيبةً، في هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، والذي نستمر معكم فيه على مدى ساعة إلا قليلة بمشيئة الله تعالى.
في بداية هذه الحلقة تقبلوا تحيات الزميل/ عبد الرحمن الأحمدي من إخراج هذه الحلقة وتنفيذها على الهواء.
وتقبلوا أجمل تحية مني محدثكم/ وائل حمدان الصبحي.
أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم.
المذيع: مستمعينا الكرام، في حلقات برنامج "الدين والحياة" ضيفنا الكريم هو فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح - أستاذ الفقه في جامعة القصيم، وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم -، فضيلة الشيخ خالد، السلام عليكم، وأهلًا وسهلًا، وحياك الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أخي وائل، وحياك الله، وأسأل الله أن يجعله لقاءً نافعًا مباركًا، حياكم الله.
المذيع: اللهم آمين، فضيلة الشيخ، بمشيئة الله تعالى سنكون مع المستمعين الكرام في حديث على مدى ساعة إلا قليلا -بمشيئة الله تعالى-، وسيكون حديثنا في هذه الساعة تحت عنوان "أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي" نسعد بجميع المستمعين الكرام.
المذيع: فيما يتعلق بموضوعنا لهذه الحلقة، فضيلة الشيخ أبدأ معك في حديثنا حول موضوعنا لهذه الحلقة "أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي".
في البداية نقول: من منا لا يملك جهازًا ذكيًّا أو حاسوبًا في بيته أو من خلال مكتبه، ويتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهذا الأمر بطبيعة الحال ينسحب على الأبناء والأطفال في البيوت، سنتحدث في ثنايا هذه الحلقة -بمشيئة الله تعالى-، كيف نجعل من هذه الأدوات المتاحة بين أيدينا جميعًا نعمةً ونستخدمها فيما يرضي الله - عز وجل -، حتى برنامجنا هذا فضيلة الشيخ يبث على وسائل التواصل الاجتماعي عبر قنوات الإذاعة، وأيضًا عبر صفحتكم في تويتر.
سنتكلم - بمشيئة الله تعالى - عن بعض التوجيهات والإرشادات فيما يتعلق بموضوعنا في هذه الحلقة "أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي".
في البداية فضيلة الشيخ، نريد أن نعرف حاجتنا للحديث عن مثل هذا الموضوع.
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: تحية طيبة لأخي وائل ولجميع الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، في هذه الحلقة التي نتناول فيها موضوعًا من مهمات موضوعات هذا الوقت؛ ذلك أن شبكات التواصل حاضرة في حياة الناس صغارًا وكبارًا، وحضورها لا يقتصر على نمط معين، بل حضورها بصور متعددة، إما من خلال الحروف والبنان الذي يكتب، أو من خلال الصوت، أو من خلال الصورة، أو من خلال جميع هذه الأمور مشتركةً، وبالتالي موضوع يمسُّ حياة الناس بهذا الحجم ويتخلل ساعات غير قليلة من يومهم؛ جدير بأن يُخَصَّ ويُعنى بتسليط الضوء على جوانب مما يهم المستخدمين لهذه الشبكات ويحقق الأمن الفكري، يحقق الأمن الصحي، يحقق الأمن النفسي، يحقق الأمن الوطني، يحقق الأمن الاجتماعي، الاقتصادي، هذه الشبكات في الحقيقة أصبحت مؤثرةً في حياة الناس ليس في جانب من جوانب المعاش، بل بلا استثناء في كل جوانب حياة الناس.
المذيع: جميل.
الشيخ: ليس في شريحة ولا في مجموعة أو فئة في المجتمع، بل على جميع شرائح المجتمع الصغار والكبار، الذكور والإناث، المتعلم وغير المتعلم، جميع الناس يتأثرون بصورة أو بأخرى بما يكون في هذه الوسائل التي دخلت حياة الناس وبقوة بحيث أصبحت حاضرةً صباحًا ومساءً، في بيوتهم وفي اجتماعاتهم، وفي حال انفرادهم، على نحو يتطلب العناية وتكاتف الجهود في التوعية والتفصيل بما ينبغي أن يكون تجاه هذه الوسائل التي بلغت من الحجم هذا المبلغ العظيم.
المذيع: جميل، فضيلة الشيخ ابتداءً قبل أن تتكلم عن بعض الآيات وبعض النصوص النبوية التي تتعلق بهذا الجانب، نقول: إنه يجب على الناس الاعتناء بالأحكام الشرعية المتعلقة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ فيما يتعلق بنشر الإشاعات، بالكذب، بالسب، بالشتم، وغيرها من هذه الأمور؛ هل يجب على الناس أن يتفقهوا في هذا الجانب، ويعتنوا به إذا ما قلنا: إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت من الممارسات اليومية أو الاطلاع اليومي لأفراد المجتمع؟
الشيخ: بالتأكيد التوعية في استعمال هذه الوسائل يحتاج إلى تناول جوانب عدة، ومن الجوانب الرئيسة الجانب الشرعي الديني؛ لأننا عبيد لله - عز وجل -.
الله - عز وجل - أمرنا بحفظ اللسان، أمرنا بحفظ القلب، أمرنا بحفظ السمع، أمرنا بحفظ البصر، أمرنا بحفظ أنفسنا عن أن نلقيها في مواطن السوء والهلكة والشر، وبالتالي لابد من أن يشار إلى جانب الحلال والحرام في هذه الوسيلة التي أصبحت حاضرةً وبهذه القوة.
لكن لا يقتصر التوعية والتنبيه على هذا الجانب فقط؛ لأن الجوانب التي تتعلق بهذه الوسائل لا تقتصر على جانب الحلال والحرام فقط، ثمة جوانب نفسية، جوانب فكرية، جوانب سلوكية، جوانب اجتماعية، جوانب أمنية، جوانب سياسية، تحتاج هذه الوسائل إلى أن يُنَبَّه مستعملوها والمتعاملون معها إلى قواعد تنتظم شئون حياتهم، لاشك أن الشرع يأمر بكل هذا؛ لأن الله - جل وعلا - أمرنا بحفظ أنفسنا، وأمرنا بتحقيق العبودية له -جل في علاه-، وأمرنا بتوقي الفساد والشر وعدم التعاون على الإثم والعدوان، والأوامر الشرعية تنتظم كل هذه الجوانب، لكن للتنبيه أن التركيز في الحديث عما يتعلق بالتوعية في هذه الوسائل لا يقتصر على شيء محدد، لكن من الضروري أن يعلم مستعمل هذه الوسائل سواء كان كاتبًا أو قارئًا، سواء كان مبصرًا مشاهدًا، أو كان باثًّا وناشرًا - أن يعلم الجميع أنهم محاسبون ومسئولون عن كل ما يصدر عنهم، هذه المسئولية مسئوليةٌ شرعية في الأساس أمام الله - عز وجل -؛ قال الله تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، وقال: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء: 36]، مسئولون أيضًا أمنيًّا، مسئولون اجتماعيًّا، مسئولون أخلاقيًّا، مسئولون أسريًّا، فالمسئولية المتعلقة باستعمال هذه الوسائل لا تقتصر على جانب من الجوانب.
فلذلك من الضروري أن نستفسر، وأن نخصص جانبًا غير قليل في حديثنا عن هذه الوسائل ومخاطرها، ومحاولة تلمُّس ما يقينا هذه المخاطر، ويجعلنا نحصِّل الفوائد المرتقبة من هذه الوسائل.
أخي وائل، أيها الإخوة والأخوات المستمعون والمستمعات، نحن عندما نتحدث عن وسائل لسنا نتحدث عن مخاطر ومخاوف تتعلق بمجتمع معين، الدراسات والأبحاث التي تتعلق بوسائل التواصل وتتعلق بتأثيرها على المجتمعات، على الأفراد، على الصغار، على الكبار، هي شيء عالمي، وليست خاصة ببلد أو مجتمع أو بأهل ديانة دون سائر الناس، ثمة دراسات في جامعات مختلفة في الغرب والشرق وفي جميع أرجاء الدنيا تتفرَّغ لهذه الموضوعات بالرصد والإحصاء والتحليل والدراسة، والامتثال لأدوات ووسائل لمعالجة ما يمكن أن ينتج عن هذه الوسائل.
المذيع: جميل، فضيلة الشيخ من الوقفات التي سنقف معها مطولًا في هذه الحلقة، ومن الجوانب التي ذكرتها قبل قليل فيما يتعلق بالجوانب المختلفة أو الكثيرة لما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، من الفقه فيها، ومن الحذر من استخدامها فيما لا ينبغي على المسلم أن يستخدمها فيه، من هذه الجوانب العناية بالأبناء والأولاد في المنزل؛ بأن ينتبه الإنسان أو الشخص أو المسلم لما يستخدمه أبناؤه من خلال هذه الوسائل المختلفة، نريد في البداية أن ننطلق من خلال الآية الكريمة عند قوله - تبارك وتعالى -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾[التحريم: 6].
الشيخ: في هذه الآية الكريمة أمر الله تعالى المؤمنين بصيانة أنفسهم ابتداءً، ثم بعد ذلك صيانة من تحت أيديهم ورعايتهم، من أبناء وبنات وأهل، على شتى مراتب هؤلاء واختلاف أعمارهم.
فالمسئولية في حفظ النفس وحفظ الأسرة أو حفظ الذرية هي مسئولية صريحة في كتاب الله - عز وجل – بمنحيين:
المنحى الأول: هو ما ذكره الله تعالى في هذه الآية؛ الوقاية والصيانة والحفظ لكل ما يكون سببًا للهلاك؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6] والوقاية من النار تكون بأمرين:
الأمر الأول: بفعل ما أمر الله تعالى به من الفرائض والشرائع والواجبات.
والأمر الثاني: بالصيانة والحماية، باجتناب ما حرم الله تعالى من المعاصي والسيئات؛ فإن تلك المعاصي والسيئات لا ريب أنها سبيل للوقوع في النار، فكان من لازم الوقاية من النار أن يجتنب الإنسان ما يكون من موجبات ولوجها ودخولها ومن ذلك: المعاصي والسيئات.
وقد جاء الأمر بعناية الإنسان بأهله في أهم المهمات، وهي الصلاة؛ قال الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾[طه: 132].
وهذه الآية الكريمة فيها الأمر بحثِّ الأهل على أداء الصلاة، وهذا يشمل الأولاد ذكورًا وإناثًا، والزوجات، وسائر من لك ولاية عليهم بنوع من التوجيه، والحث على الخير؛ يقول الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ﴾ والصلاة هي رأس الأمر وعمود الإسلام، وهي أهم المهمات العملية، وهي الواجب المتكرر في اليوم مرات؛ ولذلك قال: ﴿وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ مما يدل على الملازمة والمداومة وعدم الملل والانقطاع في التوجيه للقيام وأداء هذه العبادة العظيمة التي بها يصون الإنسان نفسه ويصون أهل بيته من الشرور العظيمة؛ فالصلاة قال الله تعالى فيها: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾[العنكبوت: 45].
هذا المعنى ينبغي أن يُستحضر بمفهومه الشامل الواسع، وأن الأمر هنا لا يقتصر فقط على جانب من جوانب الطاعات أو المشروعات؛ بأمرهم فقط بصلاة أو بنهيهم فقط عن أنماط معينة من المحرمات، بل هي عنوان لرعاية الأولاد في كل ما يصلح به معاشهم، تصلح به دنياهم وتصلح به آخرتهم، كما قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «كُلُّكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».[صحيح البخاري:ح893]
ومن الجدير بالذكر، وحريٌّ وحفيٌّ بالتنبيه أن نعلم أن المسئولية في توجيه النشء، وفي صيانة الأولاد، وفي صيانة الأهل لا تقتصر فقط على فردٍ من أفراد أسرة، بل هي مهمة مشتركة، وعملية تكاملية، يكون فيها الأب مسئولًا، تكون فيها الأم راعيةً ومسئولةً في بيتها، يكون الأخ الأكبر راعيًا ومسئولًا عمن تحت يده من إخوانه، بل حتى على أبيه وأمه في التوجيه والإرشاد والتقويم والإصلاح في حال الخلل، هي عملية يبيِّنها قول الحق -جل في علاه-: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾[التوبة: 71]؛ لذلك إذا حصل تقصير من طرف من أطراف الأسرة أو المجتمع في تحقيق المطلوب من الحث على الفضائل والندب إلى المعروف، والتأكيد عليه، والنهي عن الرذائل والمستقبحات، فإنه ينبغي أن نتكامل جميعًا في تحقيق الرقي بالمجتمع، في تحقيق الحفاظ على أفراده من الأخطار المُحدِقة بهم.
المذيع: كنت أسألك فضيلة الشيخ فيما يتعلق بـ: هل يلحق الأب ملامٌ أو تلحقه ملامة ويكون مقصرًا بتركه الأطفال يقضون الساعات الطوال على وسائل التواصل الاجتماعي؟
لكن يبدو من الجواب قبل قليل أن المسألة تكاملية، وتكون بين جميع أفراد المجتمع، وأن المسألة تكبر حتى خارج نطاق الأسرة الضيق؟
الشيخ: بالتأكيد؛ ولذلك المسئولية ليست خاصة بطرف، لاسيما ونحن نشهد أن التوجيه اليوم لا يمكن أن ينفرد به طرف من الأطراف، الموجِّهون المؤثِّرون في المجتمع على وجه العموم، وفي النشء على وجه الخصوص، ليس طرفًا واحدًا، إنما هي أطراف متعددة؛ أطراف ينبغي أن تتكامل في تحقيق الغاية والمقصود، وأن تبعد عن كل ما يمكن أن يكون معكِّرًا للوئام والاجتماع الذي يحقِّق البناء الصحيح السليم للفرد، والذي يتوقى أخطار ما يحيط به.
اليوم يا أخي، الرقابة الذاتية هي العنصر الرئيس الذي ينبغي أن يؤكَّد عليه في حماية الأفراد، في حماية النشء، في حماية المجتمع، في حماية الناس من المخاطر المتنوعة.
الخطر ليس اليوم محدودًا في نمط من أنماط المخاوف؛ في السابق كانت المخاطر التي يخشاها الأب على أبنائه محدودةً في قائمة يمكن السيطرة عليها؛ يخاف من صديق يدعو إلى مخدرات، يخاف من تورُّط في أنواع من اللوثات الأخلاقية، من لواط، أو زنى، أو استدراج، أو تحرش، محدودة وفي نطاق محدود، اليوم الأخطار أوسع من هذا بكثير، هي موجودة هذه الأخطار، لكنها لا تنحصر في صاحب، لا تنحصر في صديق، لا تنحصر في لقاء مباشر، الأخطار هذه تأتي إلى أبنائنا وبناتنا وإلينا نحن كمجتمع بكل شرائحه، ليس في شارع أو في سوق، بل هي في فرشنا وفي أيدينا، ونصبح ونمسي عليها، ولا تنحصر في جانب من الجوانب؛ أخطار فكرية، أخطار عقدية، أخطار سلوكية، أخطار حياتية؛ أحيانًا تهدِّد حياة الإنسان باستدراجه إلى الانتحار أو نحو ذلك، كما هو معروف فيما جرى من حوادث قريبة هنا وهناك، أخطار تتعلق أيضًا بأمن المجتمع؛ الأمن السياسي، الأمن على النفس والمال والأهل، الأمن الغذائي، الأمن الاجتماعي، الالتئام الاجتماعي للناس، أخطار متعددة تهدِّد الحاضر والمستقبل.
من المهم أن نتكاتف جميعًا لاستشعار هذا الخطر الذي نراه في ظواهر تبدو هنا وهناك من حوادث تتعلق بانحرافات فكرية، انحرافات سلوكية، تدمير للإنسان بدعوته إلى أن يضر بنفسه أو بمجتمعه أو بأسرته، لابد من استشعار الخطر وبذل الوسع في توجيه النشء، وتوجيه أولًا أصحاب التوجيه إلى أن الخطر لا ينحصر في صورة معينة، ولا ينحصر في نمط معين، بل الأخطار لها صور كثيرة؛ ما سبيل الوقاية من هذه الأخطار المتنوعة التي تحيط بنا؟
ثمة أسباب كثيرة يجب العناية بها، وهي ليست مسئولية طرف، لكن عندما نقول: ليست مسئولية طرف، فنحن لا نخلي المسئولية من كل أحد، بل يجب على كل إنسان أن يبذل وسعه، حتى لو قصَّر الطرف الآخر فيما يجب عليه، فأنت مسئول عما يجب عليك: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»[سبق] فأنت مسئول عما بذلت، كون الطرف الآخر يقصِّر في المشاركة، في المعالجة، سواء على المستوى الأسري، أو حتى على المستوى الاجتماعي، أو حتى على المستوى عموم المجتمع؛ بعدم التكاتف في حل إشكالية هذه الشبكات، فإن ذلك لا يعفي الأسرة من أن تقوم بدورها، ولا يعفي المسجد من أن يقوم بدوره، ولا يعفي الإعلام بشتى وسائله أن يقوم بدوره، ولا يعفي التعليم أن يقوم بدوره؛ فالمسئولية مشتركة، يجب أن يبذل كل أحد منا وسعه في صيانة المجتمع وحفظه من أخطار هذه الفتنة.
المذيع: جميل، اسمح لي فضيلة الشيخ أن نذهب إلى فاصل أول في هذه الحلقة، بعده نكمل الحديث - بمشيئة الله تعالى - عن هذا الموضوع "أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي"، سنتحدث -بمشيئة الله تعالى- بعد الفاصل مباشرة عن وقفة مع حديث النبي -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، ومن هذه الرعاية هي التوعية للأولاد سواء كانوا من الذكور أو الإناث بخطورة شبكات التواصل الاجتماعي، سنذهب إلى فاصل أول مستمعينا الكرام بعدها نكمل الحديث، ابقوا معنا.
المذيع: أهلًا وسهلًا بكم مستمعينا الكرام مجددًا، في هذه الحلقة المباشرة عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة وبرنامج "الدين والحياة"، ونتحدث تحت عنوان "أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي"، ضيفنا الكريم الشيخ الدكتور خالد المصلح - أستاذ الفقه في جامعة القصيم، وعضو لجنة الإفتاء لمنطقة القصيم -، فضيلة الشيخ خالد أهلًا وسهلًا، وحياك الله.
الشيخ: مرحبًا بكم، حياكم الله، وأهلًا وسهلًا بالإخوة والأخوات المستمعين.
المذيع: فضيلة الشيخ اسمح لي أن نأخذ اتصالات من المستمعين الكرام ومن ثم نكمل الحديث فيما يتعلق بموضوعنا نأخذ الأخت أم صالح من جدة؛ أم صالح أهلًا وسهلًا.
أم صالح: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلًا وسهلًا.
أم صالح: الله يرضى عليك، بالنسبة لموضوع التواصل بالنسبة للجوالات والأطفال هذه الأمور صراحة متعبة، أنا من وجهة نظري أنا أتكلم عن نفسي، وجهة نظري أن يكون هناك رقابة مشددة، خصوصًا في حق الجوالات، لا يتواصل أيُّ طفل إلا عن طريق والديه، بالنسبة للعائلة تعطيهم معلومات أن هذا الشيء غلط، وأنك ما تحمل اسمك وحدك، بل تحمل اسم عائلة كاملة، سواء كان الطفل بنتًا أو ولدًا، هذه وجهة نظري، والله يعطيكم العافية، وربي يكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
المذيع: آمين.
أم صالح: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا للأخت أم صالح من جدة.
الأخ عبد العزيز الشريف أهلًا وسهلًا، حياك الله.
عبد العزيز: حياك الله.
المذيع: أهلًا وسهلًا، الأخ عبد العزيز، أهلًا وسهلًا.
عبد العزيز: السلام عليكم، كيف حالك؟
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز: أحييكم، وأحيي فضيلة الشيخ، نتمنى لكم التوفيق والصدق في هذه الدعوة المباركة.
معالي فضيلة الشيخ، الآن هذه الأجهزة وأماكن التواصل الاجتماعي، الأب بتوجيهه للأبناء هل يصير مراقبًا لهم؟ هل يصير دائمًا وأبدًا على رؤوسهم؟ بمعنى أعطني جوالك يا بنت، أعطني جوالك يا ولد، وما هي المواقع التي تدخلها؟ وما هي المواقع التي تشترك فيها؟ هل هذا من حق الأب أن يفعل هذا الشيء؟ أو مجرد أن يربطهم بالله -عز وجل-، راقبوا الله تعالى...؟ هل فقط التوجيه والإرشاد، أم لابد من المراقبة والملاحظة؟ لأنك تعرف يا أخي أن هذه الأجهزة دائمًا في يد الأولاد، وفي يد البنات، والأب في عمله وفي أشغاله، كذلك الأم؛ ما هو الضابط للأبناء والبنات تجاه هذه الوسائل التي أصبحت منتشرةً حتى في أيدي الصغار قبل الكبار؟
السؤال الثاني: الآن أئمة المساجد وخطباؤها، للأسف غاب الخطاب الديني على المنابر في توجيه الأبناء والبنات في استعمال هذه الوسائل، فلا نجد خطيبًا يخطب عنها أو إمامًا يتحدث عنها، وإنما للأسف نسمع خطبًا وتوجيهات كلها حشو، حتى إن الإنسان يدخل المسجد ويخرج ولا يستفيد من هذه الخطب شيئًا، نحن نريد أشياء تحمي أبناءنا وبناتنا من هذه الأشياء والأدوات.
على الأئمة والخطباء والدعاة أيضًا أن يكون جلُّ اهتمامهم أن يحذِّروا من هذه الوسائل، وأن يربطوا الإنسان بالله -سبحانه وتعالى-، ومراقبته - عز وجل - في كل صغيرة وكبيرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ اتصالات الإخوة المستمعين يبدو أنها في جزء واسع فيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية للتوعية بهذه الأخطار التي قد تحصل وبتوعية الأبناء بمسألة وسائل التواصل الاجتماعي.
الأخت أم صالح من جدة ذكرت جزءًا من التوعية الاجتماعية فيما يتعلق بالجهات الرقابية.
أيضًا الأخ عبد العزيز ذكر جزءًا آخر، وهو رسالة لأئمة المساجد بكيفية توجيه وتوعية الأبناء في قضية التواصل الاجتماعي.
الشيخ: أنا أحب أن أنبه إلى أننا عندما نتحدث عن هذا الموضوع، وعن مخاطر شبكات التواصل؛ فنحن لا نعني بهذا أن يتوقف الناس عن استعمالها، الناس يستعملونها، ولابد لهم من استعمالها في مصالح عديدة، لكن الإشكالية هي أننا نحتاج أن نعرف أن هذا الاستعمال قد يؤدي إلى مخاطر، تمامًا كما لو أنك أمسكت بآلة حادة؛ تحتاج إلى الآلة الحادة، ولا يمكن أن يمنعك ما فيها من مخاطر الاستعمال أن تستعملها، فنحن حتى لا يقول بعض أبنائنا وبناتنا والشباب والفتيات وبعض المستعملين: يعني ماذا تريدون؟ نتوقف عن استعمالها؟ لا، أبدًا، ليس المقصود التوقف عن الاستعمال، وإنما المقصود الترشيد في استعمالها؛ بتوقي أخطارها، كما أنك عندما تستعمل آلة حادة تكون حَذِرًا في حملها، وفي التعاطي معها حتى لا تجرح نفسك؛ كذلك عندما تستعمل هذه الوسائل وشبكات التواصل أنت بحاجة إلى أن تكون حَذِرًا حتى لا تجرح نفسك بما قد يفضي إلى هلاكك بموتك، أو بتدمير أخلاقك، أو بتدمير فكرك، أو بالجناية على نفسك وبلدك ووطنك وأسرتك، وما إلى ذلك مما يكون من أخطار كثيرة تتعلق باستعمال هذه الوسائل.
ما في شك أن هناك تدابيرَ ينبغي أن تتخذ، مثلما ذكرت المسئولية مشتركة، ومسئوليتنا في حماية أنفسنا وأبنائنا لا تقتصر على جهة، هناك جهات رسمية تتولى جانبًا من المسئولية، جهات اجتماعية، جهات أسرية، جهات شرعية، خطابية، توجيهية، إعلامية، كلنا نحتاج إلى أن نتكاتف في تحقيق غاية، وهذه الغاية هي الاستعمال الراشد، الانتفاع المفيد من هذه الوسائل، مع الأمن على النفس، وعلى المال، وعلى الأهل، وعلى البلد، طبعًا وعلى الدين قبل ذلك؛ من مخاطر هذه الوسائل.
ونقول: مخاطر هذه الوسائل تتحدث عنها مجتمعاتٌ مفتوحةٌ، مجتمعاتٌ كل شيء من الأمور المحرمة متاحٌ لها، ومع ذلك تتحدث عن مخاطر هذه الشبكات؛ فبالتالي نحن أولى بأن نعتني بدراسة وتناول هذه الموضوعات بالعناية.
موضوع المنع؛ مثلما ذكرت قبل قليل؛ قد لا يجدي كثيرًا، واليوم ثمة من طرق الالتفاف والتحايل في وصول الإنسان إلى مبتغاه بطرق عديدة، وبالتالي ليس مجديًا ولا نافعًا أن يكون الطريق الأوحد هو المنع، المنع بالتأكيد هو من المهمات فيما يضر، والدولة - جزاها الله خيرًا - تبذل جهدًا واسعًا في ذلك منذ زمن، عبر مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وعندما أيضًا يظهر ما يمكن أن يكون خطرًا؛ تبادر الجهات إلى تلافيه، لكن المخاطر أكبر من أن يقف أمامها سدٌّ، إنما نحتاج مع هذه السدود التي تمنع المخاطر إلى التوعية في التعامل مع ما يتجاوز هذه السدود وينفذ إلى حياة الناس من طرق كثيرة ووسائل عديدة، وبالتالي أنا أقول: المرتكز كما ذكرت قبل قليل أن نبني في نفوس أولادنا وأهلينا ومجتمعنا الرقابة الذاتية، الحصانة الذاتية؛ الخوف من الله - عز وجل -، يا أخي ليس الموضوع موضوع خوف من الله فقط، وإن كان هذا جانب يعتني به المؤمن، لكن حتى الخوف على حياة الناس؛ عندما تتحدث الجامعات الغربية وغيرها من الجامعات الشرقية عن سلبيات وإيجابيات مواقع التواصل، وتُعقد دراسات عديدة من مواقع متعددة لا يحكمها دين ولا يحكمها شرع، إنما يحكمها تحقيق مصلحة الإنسان، بالتأكيد إن الموضوع يدل على خطورة.
في بعض الدراسات مما جاءت فيه التوصية مقدمة من جهة - على سبيل المثال - موقع فوكس الألماني؛ قدم مجموعة من الخطوات تسهم في حماية الأطفال من أخطار مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها الحديث بشكل دوري مع الأطفال من أجل بناء الثقة معهم، توضيح بعض العادات التي توجد على هذه المواقع وكيفية التعامل معها، بالإضافة إلى تحديد المخاطر الموجودة في هذه المواقع، مثل: عدم قبول دعوة صداقة من أشخاص غير معروفين، الابتعاد عن تحميل بعض الملفات غير القانونية؛ كملفات الموسيقى، أو الأفلام الإباحية ونحو ذلك، كل هذه قضايا تصدر عن جهات قد لا يكون الوازع الديني هو الحامل لها، إنما أن الدين جاء لحفظ الإنسان.
الدين ليس شيئًا لتقييد الإنسان، إنما لأجل حفظه وتحقيق مصلحته وبنائه على نحو يحفظ به نفسه، يحفظ به عقله، يحفظ به ماله، يحفظ به عِرْضه، يحفظ به مجتمعه، هذا مقصود الأحكام الشرعية، وبالتالي نحن نتحدث عن مخاطر بشرية وليست فقط مخاطر على الإنسان نفسه، وليست مخاطر تتعلق بدين فقط أو بمجتمع دون مجتمع آخر.
لاشك أن المجتمعات لها خصوصياتها، وينبغي أن تراعَى هذه الخصوصيات، وتؤخذ في الحسبان عند المعالجة، لكن الموضوع أصبح همًّا عالميًّا، وليس فقط قضية تتعلق بفرد أو باجتناب محرم معين.
فيما يتعلق بموضوع مراقبة الأولاد؛ لاشك أن توجيه الأولاد أولى وأحرى، والمراقبة لا تكون حلًّا، قد تكون من وسائل الحل أحيانًا، لكن ليست هي الحل الأجدى والأنفع والأدوم والذي ينبغي أن يُستصحب؛ لأن الرقيب يغفل ووسائل الإفلات من الرقابة كثيرة.
وبالتالي من المهم أن نبني الخير في نفوس أولادنا، أن نوعيهم ونثقفهم في كيفية استعمال هذه الوسائل، ولا يعني هذا أن الموضوع كله كلمة في مجلس ثم تنتهي، لا، التوجيه يكون مستمرًّا، يكون بوسائل متعددة، يا أخي، أنا أقول: المخاطر الآن لا تتعلق فقط بالأطفال، حتى الكبار من الرجال والنساء ثمة مخاطر كثيرة تستدرجهم وتستغويهم، وتنحرف بهم إلى إما انحراف فكري، أو انحراف عقلي، أو انحراف سلوكي، أو انحراف وطني، وكلها مخاطر ينبغي أن تعالَج، وأن تُحلّ بالطرق التي تكفل تحقيق الأمن، الاستعمال الآمن الراشد لهذه الوسائل.
المذيع: جميل، فضيلة الشيخ، هناك نقطة مهمة أشار إليها الأخ عبد العزيز، لكن دعنا نأخذ الأخ المستمع الكريم عبد الله الخالدي من الرياض، ومن ثم نكمل معك هذه النقطة، الأخ عبد الله أهلًا وسهلًا، حياك الله.
عبد الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المذيع: المعذرة، أبقيناك على الهاتف كثيرًا.
عبد الله: تغيرت الأمور حولنا كلها، فيجب أن نواكب هذا العصر بأساليب مقنعة، أنا أقول مثل ما ذكر الشيخ: المنع ليس حلًّا، يجب أن نتعامل مع أبنائنا بالمحبة والاحترام والتقدير والانتماء، يجب أن نشبع احتياجاتهم النفسية، نبادلهم الحب، نبتعد عن القسوة، القسوة ليست حلًّا في مثل هذه الأمور، نختار برامج وألعابًا مناسبة لهم، هناك برامج تطويرية للذكاء والتخطيط، هناك ألعاب إسلامية جميلة جدًّا، نعطيها أبناءنا ويستفيدون منها، شاكر لكم وبارك الله فيكم.
المذيع: شكرًا جزيلًا للأخ عبد الله، فضيلة الشيخ يبدو أن جل الاتصالات تدور حول نقطة التوعية، والبعد عن المنع، وأن المنع ليس حلًّا، لكن الأخ عبد الله أشار إلى نقطة أخرى وهي إيجاد البديل للأبناء حتى يُقِلُّوا من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالأصح نقول: إن الأخطار تقل عندما يجد الأبناءُ البديلَ.
الشيخ: البديل أكيد، والبدائل كثيرة، ينبغي التنبيه إلى أن إدمان استعمال هذه الوسائل مدمر لنفسيات الناس، مدمر لأفكارهم مدمر لصحتهم، مدمر لحياتهم وتعاملهم مع الناس، هذا مهم، هناك مَن يعالَج من إدمان استعمال وسائل التواصل أو وسائل التقنية الحديثة بشكل يخرجه عن أن يعيش في عالم حقيقي؛ فيبقى عائشًا في عالم افتراضي، كل ما حوله هو شيء لا حقيقة له؛ ولذلك يا أخي أحيانًا أنا أتساءل، نقرأ بعض ردود الأفعال، نطلع على كلام ونوع من الحديث ونوع من الأفكار عندما ننزل إلى واقع الناس لا نشاهد هذا، والسبب في هذا أن العالم الافتراضي يتيح لكل أحد أن يتكلم بلا حد، بلا نوع من الضبط، وبالتالي تجد كل أحد يشارك في كل شيء، ويتكلم عن كل قضية بكل ما يكون، دون أن يراعي في ذلك شرعًا أو يراعي في ذلك مجتمعًا أو يراعي أسرةً أو يراعي عاداتٍ وأعرافًا. وبالتالي تخرج عن نطاق كل المعايير التي يمكن أن تضبط الإنسان، يظهر في بعض هذه المشاهد والمواقع قول الله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾[الأحزاب: 72] ﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ وهاتان السوءتان متى ما تركَّزَتا في سلوك الإنسان هوى عن كل معنى فاضل، وتورَّط في كل معنى رذيل قبيح؛ لهذا أقول - وباختصار -: أهم مرتكز في توقِّي أخطار هذه الوسائل هو أن نبني الإنسان الراشد المتوازن، بإيجاد بدائل، بتقنين استعمال، يا أخي أنا أسأل: من منا يقرأ التعليمات التي في الأجهزة عند تفعيلها لأول مرة؟! أكثرنا لا يعرف ولا له جهد في أن يقرأ حرفًا واحدًا.
المذيع: ويكون لها سن، يحددون السن.
الشيخ: هذه الأجهزة التي صنَّعها أناس ليس عندهم ضوابط دينية تحكمهم، مع هذا ثمة ضوابط إنسانية، قواعد عامة لحفظ البشرية، في استعمال هذه الأجهزة؛ من حيث السن؛ أن تشتري لابنك بعمر مثلًا ثلاث سنوات، خمس سنوات، عشر سنوات آيباد، أو تشتري له جهازًا آخر من أجهزة الكمبيوترات اللوحية؛ هل أنت تنظر في ضوابط الاستعمال؛ تدخل عمر الولد حتى يجنِّبه ذلك الوصول إلى مواقع معينة؟ هل هناك نوع من الضبط؟ الواقع ليس ثمة توعية، لا عند الآباء، ولا عند الباعة لهذه الأجهزة، وبالتالي يكون الطفل الذي عمره ثلاث، أربع، خمس، ست سنوات أو أكثر من ذلك، معه هذا الجهاز، هو في الحقيقة معه هو يعني معه مفتاح مليء بالأخطار، إن لم يُرَشَّد ويُنَبَّه.
بعض الناس يكون عنده نوع من الرقابة، يا ولدي (لا تشوف) الصورة القبيحة، ويحفظ الابن أو البنت هذا المعنى فتجده يتجنب الصورة القبيحة، وإذا جاءت صورة قبيحة صد عنها، لكن ليست الأخطار فقط منحصرةً في صورة قبيحة، الصورة القبيحة هي خطر، لكن ثمة أخطار قد تكون أكبر من هذا الخطر الذي أنت تركِّز عليه وتنبه إليه، وهو ما يتعلق بالأفكار، العقائد، السلوك، أحيانًا خطر على الابن نفسه باستدراجه إلى نوع من خطوات الهلاك؛ بانتحار أو بالإضرار بنفسه أو بالإضرار بأهله أو بالإضرار بمجتمعه، كل هذه لابد من العناية بها، أن هذه الوسائل أيضًا مرتع لأصحاب الأفكار الهدامة؛ من دعاة الإرهاب، وكذلك دعاة الانحلال، كل هؤلاء يجب أن يُحذَّر منهم ويتوقَّى من أخطارهم بالتوعية والمتابعة.