الحَمْدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِيِنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَفِيُّهُ وَخَليِلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، لازِمُوا تَقْواهُ؛ فَتَقْواهُ سَبيلُ النَّجاةِ مِنْ كُلِّ ضائِقَةٍ وَكُرْبَةٍ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ الطلاق: 2 .
أَيُّها المؤْمِنُونَ، عِبادَ اللهِ، نِعَمُ اللهِ عَلَيْكُمْ لا تُحْصَى؛ فَإِنَّ اللهَ – جَلَّ وَعَلا – يَتَفَضَّلُ عَلَيْكُمْ بِأَلْوانٍ مِنَ النِّعَمِ؛ قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ إبراهيم: 34 فَنِعَمُهُ عَلَى عِبادِهِ تَتْرَى، تَتَتابَعُ صَباحًا وَمَساءً، لَهُ –جَلَّ وَعَلا – عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا نِعَمٌ مَعَ كُلِّ نَفَسٍ، وَمَعَ كُلِّ لَحْظِ عَيْنٍ، وَمَعَ كُلِّ نَبْضِ عِرْقٍ، لا يَنْفَكُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا مِنْ نِعَمٍ تَتْرَى عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ – جَلَّ في عُلاهُ–.
تِلْكَ النِّعَمُ تَسْتَوْجِبُ شُكْرَهُ، فَلَهُ الحَمْدُ كَثِيرًا كَثِيرًا، لا نُحْصِي ثَناءً عَلَيْهِ، هُوَ كَما أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ عِبادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تَعالَى عَلَى عِبادِهِ بَعْدَ اسْتِقامَةِ الدِّينِ وَمَعْرِفَةِ غايَةِ الوُجُودِ وَالعَمَلِ عَلَى تَوْحِيدِ رَبِّ العالمينَ؛ أَنْ يُحَقِّقَ العَبْدُ في نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمالِهِ وَبَلَدِهِ الأَمْنَ، وَقَدْ فَسَّرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ – قَوْلَ اللهِ – جَلَّ في عُلاهُ –: ﴿لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ التكاثر: 8 فَقالَ في بَيانِ النِّعَمِ المَسْئُولِ عَنْها: "الأَمْنُ وَالصِّحَّةُ"أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ في تَفْسِيرِهِ(24/582). وَهَذا تَفْسِيرٌ لِلآيَةِ بِبَعْضِ صُوُرِها.
عِبادَ اللهِ، إِنَّ نِعْمَةَ الأَمْنِ تَنْتَظِمُ بِها كُلُّ النِّعَمِ، وَتَصْلُحُ بِها كُلُّ العَطايا، وَتَسْتَقِيمُ بِها كُلُّ الأَحْوالِ، فَجَمِيعُ النِّعَمِ تَخْتَلُّ وَتَفْسَدُ إِذا غابَ الأَمْنُ وَفَسَدَ؛ فَالأَمْنُ جِماعُ النِّعَمِ؛ قالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ –: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سِرْبِهِ، مُعافًى في جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّما حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا»أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ(2346), وَقالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
فَإِذا غابَ الأَمْنُ لمْ تَسْتَقِمْ حَياةٌ، إِذا غابَ الأَمْنُ لمْ يَطِبْ عَيْشٌ، إِذا غابَ الأَمْنُ لمْ تَْصلُحِ الدُّنْيا، إِذا غابَ الأَمْنُ لا يَقُومُ الدِّينُ، وَلا يَعْرِفُ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ إِلاَّ مَنْ فَقَدَها.
وَقَدْ أَقامَ اللهُ لَكُمْ – أَيُّها المؤْمِنُونَ – فِيمَنْ حَوْلَكُمْ وَفِيما تَرَوْنَهُ وَتَسْمَعُونَهُ مِنْ أَحْوالِ النَّاسِ، أَقامَ لَكُمْ عِظاتٍ وَعِبَرًا، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.
فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ، وَاشْكُرُوا اللهَ كَثيرًا عَلَى ما تَنْعَمُونَ بِهِ مِنْ نِعَمٍ وَفِيرَةٍ، مِنْ أَعْظَمِها نِعْمَةُ الإيمانِ وَالأَمْنِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ أَعْظَمَ ما يُزَعْزِعُ نِعْمَةَ الأَمْنِ أَنْ يَتَخَلَّفَ في سُلُوكِ الفَرْدِ وَالجَماعَةِ تَقْوَى اللهِ – جَلَّ وَعَلا –؛ فَتَقْواهُ تَفْتَحُ بَركاتِ السَّماءِ وَالأَرْضِ: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ الأَعْراف: 96 .
وَمِنْ أَعْظَمِ ما يَخْتَلُّ بِه مِيزانُ التَّقْوَى أَنْ يَفْسَدَ الاعْتِقادُ؛ فَإِنَّهُ لا قِوامَ لِلتَّقْوَى إِلاَّ بِعَقِيدَةٍ صَحيحَةٍ وَعَمَلٍ صالحٍ؛ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحاتِ هُمْ أَهْلُ الإيمانِ وَالأَمْنِ؛ ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ الأَنْعامُ: 82 ، فاللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْهُمْ يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ، عِبادَ اللهِ، إِنَّ اخْتِلالَ الفِكْرِ وَفَسادَ الاعْتِقادِ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَأَنْواعِهِ مُوجِبٌ لِفسادٍ عَرِيضٍ في حَياةِ النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّ أَخْطَرَ ذَلِكَ وَأَعْظَمَهُ ضَرَرًا وَأَكْبَرَهُ شَرًّا الغُلُوُّ في الدِّينِ؛ بِالتَّكْفِيرِ بِالهَوَى وَاسْتِباحَةِ دِماءِ المسْلِمينَ؛ فَإِنَّهُ إِذا اخْتَلَّ عَقْلُ الإنْسانِ وَتَوَرَّطَ في نَوْعٍ مِنْ لَوْثاتِ التَّكْفِيرِ أَوِ الدُّخُولُ في هَذِهِ المداخِلِ الرَّدِيئَةِ مِنَ الأَفْكارِ المنْحَرِفَةِ - وَقَعَ في اسْتِباحَةِ الدِّماءِ وَاسْتِحْلالِ الأَمْوالِ وَتَدْمِيرِ البُلْدانِ؛ فَالتَّكْفِيرُ بِالهَوَى وَالباطِلِ عَبْرَ التَّارِيخِ بَوَّابَةُ كُلِّ فتْنَةٍ وَمَدْخَلُ كُلِّ شَرٍّ وَفَسادٍ وَبَلاءٍ.
قالَ القاضِي عِياضٌ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ: "الَّذِي يَجِبُ الاحْتِرَازُ مِنَ التّكْفِير فِي أَهْل التَّأْوِيلِ فَإِنّ اسْتِبَاحَةَ دِمَاءِ المُصَلِّينَ المُوَحّدِِينَ خَطَرٌ وَالخَطَأُ فِي تَرْك ألْفِ كافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الخَطَإِ فِي سَفْكِ مَحْجَمَةٍ مِنْ دَمِ مُسْلِم وَاحِد ".الشفا له(2/277).
وَلهذا - أَيُّها المؤْمِنُونَ - تَوارَدَتْ النُّصُوصُ الصِّحاحُ عَنِ النَّبِيِّ المخْتارِ في التَّحْذِيرِ مِنْ فِتْنَةِ الخَوارِجِ وَبَيان ضَلالَتِهِمْ وَعَظِيمِ فَسادِهِمْ؛ فَهَُمْ أَعْظَمُ مَنْ اشْتُهِرَ بِالتَّكْفِيرِ، وَكُلُّ الطَّوائِفِ الَّتي تَوَرَّطَتْ في التَّكْفِير هِيَ مُنْساقَةٌ في هَذِهِ النُّصُوصِ الَّتي جاءَ فِيها الوَعِيدُ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ اسْتِباحَةِ دِماء المسْلِمينَ، وَالتَّحْذِيرُ مِنْ هَذِهِ الفِتْنَةِ العَمْياءِ؛ ذَمَّ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَسْلَكَ هَؤُلاءِ المنْحَرِفينَ، وبيَّن سَبَبَ انْحِرافِهِمْ في كَلامٍ مُوجَزٍ فَقالَ: «يَقْرُءونَ القُرْآنَ» فَهُمْ مِمَّنْ يَتْلُو كِتابَ اللهِ لَكِنَّ ذَلِكَ لا أَثَرَ لَهُ في قُلُوبِهِمْ بِصلاحِ اعْتِقادٍ وَسَلامَةِ إِيمانٍ، بَلْ هُمْ كَما قالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «لا يُجاوِزُ حَناجِرَهُمْ» فَالقُرْآنُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ قَدْ خَلَتْ مِنْهُ قُلُوبُهُمْ، وَعَرِيَتْ مِنْهُ أَفْعالُهُمْ وَأَعْمالهُمْ، يَقُولُ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثانِالبخاري(7432), ومسلم(1064)مِنْ حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ.نَعَمْ إِنَّهُمْ يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، لَكِنَّهُمْ لا يَفْقَهُونَ مَعانِيَهُ، وَلا يُصْلِحُونَ العَمَلَ بِهِ، إِنَّهُمْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى ضَلالَتِهِمْ بِكَلامِ اللهِ فَيُنْزِلُونَهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ.
وَقَدْ قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُما - عَنْ هَؤُلاءِ مُنْذُ سالِفِ العَصْرِ: «إنَّهُمْ انْطَلقُوا إِلَى آياتٍ نَزَلَتْ في الكُفَّارِ فَجَعَلُوها عَلَى المؤْمِنِينَ»أَخْرَجَهُ البُخارِيِّ في صَحِيحِهِ: كِتَابِ اسْتِتَابَةِ المُرْتَدِّينَ وَالمُعَانِدِينَ, بَابُ قَتْلِ الخَوَارِج (9/16) ط: طَوْقُ النَّجاةِ. مُعَلِّقًا, وَقالَ الحافِظُ: وَصَلَهُ الطَّبَرِىُّ فى تَهْذِيبِ الآثارِ, وَإِسْنادُهُ صَحيحُ (فَتْحُ البارِيِ 286/12).
أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ تَوَرُّطَ فِئاتٍ مِنَ النَّاسِ في تَكْفِيرٍ؛ مِنَ الهَوَى مِنْ غَيْرِ بَصِيرَةٍ وَلا هُدَى، حَمَلَهُمْ عَلَى الإجْرامِ في حَقِّ أَنْفُسِهِمْ، وَالإِجْرامِ في حَقِّ أَهْلِيهِمْ وَبَنِي جِلْدَتِهِمْ وَبُلَدِانهِمْ وَمَنْ يَنْتَمُون إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الإسْلامِ، حَمَلَهُمْ عَلَى الإِفْسادِ في الأَرْضِ، وَإِهْلاكِ الحَرْثِ وَالنَّسْلَ، وَشاهِدُ هَذا ما نَراهُ وَما نَسْمَعُهُ مِمَّا يَجْرِي عَلَى الإِسْلامِ وَالمسْلِمينَ مِنْ فَسادِ الخَوارِجِ الطَّاغِينَ البُغاةِ التَّكْفِيرِيِّينَ؛ فَإِنَّ فَسادَهُمْ عَرِيضٌ وَشَرُّهُمْ مُسْتَطِيرٌ؛ بِسَبَبِ هَؤُلاءِ الغُلاةِ التَّكْفِيرِيِّينَ في شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِها شُوِّهِ الإسْلامُ، وَما أَصْدَقَ قَوْلِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في وَصَفَهُمْ: «رِجالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّياطِينِ في جُثْمانِ إِنْسٍ»مسلم(1847).
وَقَدْ سُئِلَ عَلِيٌّ بْنُ أَبي طالِبٍ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – عَنْ قَوْلِ اللهِ – جَلَّ وَعَلا –: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ الكهف: 103 - 104 قالَ: «هُمْ أَهْلُ حُرُوراءَ»أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ في تَفْسِيرِهِ(1724)بِإِسْنادٍ جَيٍّدٍ, أَيْ: الخَوارِجُ، وَنَسَبَهُمْ إِلَى هَذِهِ المنْطِقَةِ أَوْ إِلَى هَذا الموْضِعِ لأَنَّهُمْ ظَهَرَ شَرُّهُمْ وَبِدْعَتُهُمْ مِنْ ذَلِكَ المكانِ، أَوَّلُ ظُهُورِهِمْ كانَ في هَذِهِ البَلْدَةِ؛ بَلْدِةِ حَرورَاءَ، وَكَفَّرُوا أَهْلَ الإِسْلامِ، وَاسْتَحَلُّوا دِماءَهُمْ، وَسَعَوْا في قَتْلِ أَهْلِ الإِسْلامِ مِنَ الصَّحابَةِ – رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُمْ –وَالتَّابِعِينَ الأَخْيارِ، فَكانَ شَرُّهُمْ مُسْتَطِيرًا، وَامْتَدَّ أَذاهُمْ عَبْرَ القُرُونِ، كُلَّما ذَهَبَتْ طائِفَةٌ مِنْهُ ظَهَرَتْ أُخْرَى، إِلاَّ أَنَّ اللهَ قَيَّدَ لهذا الدِّينِ أَقْوامًا بيَّنوا الحَقَّ وَأَرْشَدُوا الخَلْقَ وَهَدَوْا إِلَى السَّبِيلِ المُسْتَقِيمِ وَبَيَّنُوا أَنَّ الإِسْلامِ مِنْهُمْ بَراءُ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ، إِنَّ الغُلُوَّ في التَّكْفِيرِ إِذا اسْتَوْلَى عَلَى العُقُولِ فَقَدَتْ وَعْيَها، وَعَمِيَتْ بَصائِرُها، وَخَرَجَتْ بِأَصْحابها إِلَى مَتاهاتِ الطَّيْشِ وَالعَبَثِيَّةِ، في مُسَلْسِلٍ دامٍ مِنَ التَّدْمِيرِ وَالتَّفْجِيرِ وَالتَّكْفيرِ وَقَتْلِ الأَنْفُسِ المَعْصُومَةِ غَدْرًا وَخِيانَةً؛ صَدًّا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَتَشْوِيهًا للإِسْلامِ وَعَوْنًا لأَعْداءِ اللهِ.
إِنَّهُمْ لا يَرْقُبُونَ في مُؤْمِنٍ وَلا في بِلادِ الإِسْلامِ إِلاَّ وَلا ذِمَّةً؛ فَهَؤُلاءِ ما دَخَلُوا بَلَدًا إِلاَّ أَفْسَدُوهُ، وَلا تَبَنَّوْا قَضِيَّةً إِلاَّ كانُوا شَرًّا عَلَى الأُمَّةِ فِيها، فَلا هُمْ للإِسْلامِ نَصَرُوا وَلا للِشَّرِّ
وَالكُفْرِ وَالفَسادِ كَسَرُوا، بَلْ أَصْبَحَ هَؤُلاءِ الغُلاةُ مَطِيَّةً لأَعْداءِ الدِّينِ يُوَجِّهُونَهُمْ بِمَكْرِهِمْ وَدَسائِسِهِمْ للإِضْرارِ بِبِلادِ الِإسْلامِ، وَالنَّيْلِ مِنْهُمْ بِكُلِّ سَبِيلٍ.
قامُوا بِكُلِّ ما يُرِيدُهُ أَعْداءُ الإِسْلامِ مِنَ النَّيْلِ مِنَ المسْلِمينَ، وَوَجَّهُوا سِهامَهُمْ إِلَى بِلادِ الإسْلامِ، وَخَصُّوا بِلادَ الحَرَمَيْنِ – المَمْلَكَةَ العَرَبِيَّةَ السُّعُودِيَّةَ – بِنَصيبٍ كَبيرٍ مِنْ كَيْدِهِمْ وَسَبِّهِمْ وَذَمِّهِمْ وَتَرَبُّصِهِمْ، فاسْتَهْدَفُوا بَعْضَ أَبْنائِنا وَغَرَّرُوا بِهِمْ؛ تَحْتَ شِعاراتِ كاذِبَة، وَدَعاوَىَ مُضَلِّلَةٍ، وَأَحْزابٍ مُنْحَرِفَةٍ سَخَّرُوهُمْ لِقَتْلِ أَبْنائِهِمْ وَزَعْزَعَةِ أَمْنِهِمْ، خابُوا وَخَسِرُوا هَذا الَّذِي تَرَكُوا مِنْ أَجْلِهِ الحَقَّ وَذَهَبُوا إِلَى الباطِلِ كُلُّ ذَلِكَ بِالكَيْدِ وَالمَكْرِ وَالدَّسائِسِ وَتَزْيِيِنِ البَاطِلِ بِأَلْوانٍ مِنَ الكَلامِ المُنْحَرِفِ، كُلُّ ذَلِكَ لمْ يُغَيِّبِ الحَقيقَةَ؛ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ ضَلالٍ وَانْحِرافٍ، تَسَلَّطُوا عَلَى أَهْلِ الإسْلامِ قَتْلًا وَذَبْحًا وَأَذِيَّةً وإفْسادًا وَتَدْمِيرًا.
جَرائِمُهُمْ مُتلاحِقَةٌ؛ وَمِنْ آخِرِها ما جَرَى مِنَ اسْتِهْدافِ شِرْذِمَةٍ مِنَ الضُّلَّالِ المُجْرِمِينَ لِنُقْطَةٍ أَمْنِيَّةٍ في هَذِهِ المِنْطَقَةَ العامِرِة باِلخَيْر، الذَّاخِرَةِ بِالعِلمِ وَأَهْلِ الفَضْلِ، فَاعْتَدَوْا عَلَى رَجُلِ أَمْنٍ؛ فَقَتَلُوهُ وَهُوَ يَحْرُسُ بِلادِ الإِسْلامِ يَحْرُسُ أمننَا وَيَحْمِي دِماءَنا وَيَذُبُّ عَنْ أَعْراضِنا، قَتَلُوهُ بِلا جَرِيرَةٍ، إِلاَّ بِفِكْرٍ مُنْحَرِفٍ وَضَلالَةٍ عَمْياء وَفَتْنِةٍ لا تَقُودُ إِلاَّ إِلَى فَسادِ الدِّين والدُّنْيا.
أَيُّها المُؤْمِنُونَ، إِنَّ هَذِهِ العَمَلِيَّاتِ البائِسَةِ العَبَثِيَّةِ تَفْضَحُ سَبِيلَ هَؤُلاءِ الغُلاةِ التَّكْفِيرِيِّينَ، تُبَيِّنُ خَطَرَهُمْ وَخَطَرَ فِكْرِهِمْ، وَأَنَّنا بِحاجَةٍ إِلَى تَحْصينِ أَنْفُسِنا وَأَبْنائِنا وَمُجْتَمعِنا مِنْ ضَلالاتِهِمْ وَانْحرافاتِهِمْ؛ حِفاظًا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتي نَنْعَمُ بِها؛ يَخْرُجُ أَحَدُنا مِنْ بَيْتِهِ إِلَى أَقْصَى الدُّنْيا آمِنًا عَلَى سِرْبِه، آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ، آمِنًا عَلَى مالِهِ، لا يَخْشَى إِلاَّ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ، وَذَاكَ فَضْلُ اللهِ الَّذِي يَسَّرَهُ –تَعالَى – لَنا في هَذِهِ البِلادِ بِما حَقَّقْنا بِهِ مِنَ الخَيْرِ في أَنْفُسِنا وَفي بِلادِنا مِنْ إِقامَةِ التَّوْحِيدِ وَالعَمَلِ الصَّالِح وِفْقَ الطَّاقَةِ وَالـمُكْنَةِ، فَإِذا اجْتَمَعَ المؤْمِنُونَ عَلَى كَلِمَةِ الحَقِّ وَالْتَأَمَتْ قُلُوبُهُمْ؛ كانَ هَذا أَعْظَمَ سَبِيلٍ لِرَدِّ فِتْنَةِ هَؤُلاءِ، وتَحَقَّقَ بِذلكِ الخَيْرُ، وَخابَتْ تِلْكَ الدَّعاوَى المُضَلِّلَةُ.
وَلِذَلِكَ أَقْرَبُ طَرِيقٍ لِإبْطالِ كَيْدِ هَؤُلاءِ؛ اجْتِماعُ الرَّاعِي مَعَ الرَّعِيَّةِ، الاجْتِماعُ عَلَى الحَقِّ، وَلُزُومُ الجَماعَةِ، وَالبُعْدُ عَنْ كُلِّ طَرِيقٍ يُفْضِي إِلَى الفُرْقَةِ وَالخِلافِ وَالنِّزاعِ، أَسْأَلُ اللهَ العَظيمَ رَبَّ العَرْشِ الكَرِيمِ أَنْ يَرُدَّ كَيْدَ هَؤُلاءِ في نُحُورِهِمْ، وَأَنْ يَحْمِيَ بِلادَنا وَبِلادَ المسْلِمينَ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَأَنْ يَجْمَعَ كَلِمَتَنا عَلَى الحَقِّ وَالدِّينِ وَالهُدَى، وَأَنْ يُدِيمَ أَمْنَنا، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلادَنا مِنْ كُلِّ سُوءٍ؛ إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرٌ.
أَقُولُ هَذا القَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظيمَ لي وَلَكُمْ؛ فاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمِ.
***
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ، عِبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ أَيُّها المؤْمِنُونَ؛ فَإِنَّ أَعْداءَ الإِسْلامِ لَنْ يَأْلُوا جُهْدًا في الإِضْرارِ بِبِلادِ المسْلِمينَ وَالنَّيْلِ مِنْهُمْ بِكُلِّ وَسَيلَةٍ وَطَرِيقٍ، وَإِنَّ بِلادَكُمْ هَذِهِ مَأْرِزُ الإيمانِ وَحِصْنُهُ، فِيهِ قِبْلَةُ المسْلِمينَ وَمَسْجِدُ سَيِّدْ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، هِيَ مُقِيمَةٌ لِدِينِ الإِسْلامِ ومُعَظِّمَةٌ لِشَرائِعِهِ وَمُحَكِّمَةٌ لأَحْكامِهِ، لا تَأْلُو هَذِهِ البِلادُ جُهْدًا في القِيامِ بِما فِيهِ عِزُّ الإِسْلامِ وَالمسْلِمينَ، قَدْ حَبَاها اللهُ مَعَ ذلِكَ أَمْنًا وَاسْتِقْرارًا وَرَغَدًا في العَيْشِ وَسَعَةً في الرِّزْقِ وَثَرْوَةً وَاقْتِصادًا، فَكانَتْ في أَعْيُنِ الحاسِدِينَ قَذًى وفي حُلُوقِ الحاقِدِين غُصَّةً؛ لِذلكَ كانَ نَصِيبُها مِنْ أَعْداءِ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِها مِنْ بِلادِ المسْلِمينَ، فَسَعَىَ المفْسِدُونَ لِلنَّيْلِ مِنْها بِكُلِّ وَسِيلَةٍ وَسَبِيلٍ، وَنَحْنُ عَلَى يَقينٍ بِأَنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ المفْسِدِينَ، وَأَنَّ اللهَ سَيُخَيِّبُ سَعْيَ هَؤُلاءِ المُخَرِّبِينَ الَّذينَ يَسْعَوْنَ في الأَرْضِ فَسادًا وَلا يُصْلِحُونَ.
ومِنْ أُولئِكَ الأَعْداءِ هُؤلاءِ التَّكْفِيريُّونَ الَّذينَ صارُوا لأَعْداءِ اللهِ أَداةً لِلنَّيْلِ مِنْ هَذِهِ البِلادِ المبارَكَةِ؛ مِنْ عَقِيدَتِها، وَعُلَمائِها، وَوُلاتِها، وَسائِرِ مَنْ فِيها مِنْ أَهْلِها المقِيمِينَ فِيها. وَإِنَّ مَسْئُولِيَّةَ الأَمْنِ مَسْئُولِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، إِنَّ مَسْئُولِيَّةَ الأَمْنِ مَسْئُولِيَّةُ الجَمِيعِ؛ فَكُلُّنا مَسْئُولٌ عَنْ نِعْمَةِ الأَمْنِ شُكْرًا وَحِفْظًا، وَصَدًّا لِكُلِّ ما يُزَعْزِعُها وَيَسْعَىَ إِلَى إِفْسادِها؛ «كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»البخاري(5200), ومسلم(1829)، وَفي الصَّفِّ الأَوَّلِ رِجالٌ الأَمْنِ – حَرَسَهُمُ اللهُ – الَّذينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ أَمْنِنا؛ فَلَهُمْ مِنَّا وافِرَ الثَّناءِ وَالدُّعاءِ وَصادِقِ سُؤالِ اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – أَنْ يَحْفَظَهُمْ، وَأَنْ يُسدِّدهُمْ؛ فَواجُبُهُمْ عَظيمٌ، وَحَقُّهُمْ عَلى بَقِيَّةِ الأُمَّةِ كَبِيرٌ؛ حَقُّهُمْ بِالمؤازَرَةِ وَالنُّصْرَةِ بما نَسْتَطِيعُ مِنْ إِعانَةٍ وَدُعاءٍ؛ فَنَحْنُ جَميعًا في سَفِينَةٍ واحِدَةٍ إِذا غَرَقَتْ فَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ. فَواجِبُنا أَنْ نَكُونَ صَفًّا مَعَهُمْ في تَحْقِيقِ الأَمْنِ؛ بَأَنْ تَكُونَ أَعْيُننا بَصِيرَةً بِكُلِّ ما يَخِلُّ بِالأَمْنِ، وَأَنْ نُعَوِّضَهُمْ بِالدُّعاءِ؛ فَإِنَّ اللهَ يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الإِسْلامِ بِالدُّعاءِ ما لا يَرِدُ عَلَى بالٍ وَلا خاطِرٍ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُمُورِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فِيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ.
الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَنا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْه بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَاكْفِنا شَرَّهُ بما شِئْتَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.
الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقِ وَلِيَّ أَمْرِنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَأَنْ تَأْخُذَ بِناصِيَتِهِ إِلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَنْ تُسَدِّدَهُ في قََوْلِهِ وَعَمَلِهِ، وَأَنْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطانًا نَصْيرًا، يا قَوِيُّ يا عَزيزٌ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَى، اللَّهُمَّ ارْزُقْنا شُكْرَ نِعَمِكَ، وَأَدِمْ عَلَيْنا فَضْلَكَ.
اللَّهُمَّ لا تُؤاخِذْنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا، اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتنا عَلَى الحَقِّ وَالهُدَى يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرَامِ، وَوَفِّقْنا إِلَى ما تُحِبُّ وَتَرَضَى، أَرِنا في أَنْفُسِنا وَبِلادِنا وَوُلاتِنا وَسائِرَ المسْلِمينَ ما نُحِبُّ ونَرْضَى يا ذا الجَلالِ والإِكْرامِ.
الَّلهُمَّ أَقِرَّ أَعْيُنَنا بِعِزِّ الإِسْلامِ وَأَهْلِهِ وَذُلِّ البِدَعِ وَالكُفْرِ وَالشِّرْكِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.
رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لم تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلإِخْوانِنا الَّذينَ سَبَقُونا بِالإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحيمٌ.
اللَّهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنا المقاتِلِينَ الَّذينَ يَحْرُسُون بِلادَنا، وَيَذُبُّونَ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُمْ بِنَصْرِكَ، وَأَعِزَّهُمْ بِقُوَّتِكَ، وَأَمِدَّهُمْ بِعَوْنِكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرادَ المسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَخْطِيطَهُ وَتَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ يا قَوِيُّ يا عَزِيزُ.
رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْراهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
***