قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم خلق مما يخلق منه البشر ؛ ولم يخلق أحد من البشر من نور ؛ بل قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : { إن الله خلق الملائكة من نور ؛ وخلق إبليس من مارج من نار ؛ وخلق آدم مما وصف لكم }.
وليس تفضيل بعض المخلوقات على بعض باعتبار ما خلقت منه فقط ؛ بل قد يخلق المؤمن من كافر ؛ والكافر من مؤمن ؛ كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر ؛ وآدم خلقه الله من طين : فلما سواه ؛ ونفخ فيه من روحه ؛ وأسجد له الملائكة ؛ وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء وبأن خلقه بيديه ؛ وبغير ذلك .
فهو وصالحوا ذريته أفضل من الملائكة ؛ وإن كان هؤلاء مخلوقين من طين ؛ وهؤلاء من نور، وهذه " مسألة كبيرة " مبسوطة في غير هذا الموضع ؛ فإن فضل بني آدم هو بأسباب يطول شرحها هنا .
وإنما يظهر فضلهم إذا دخلوا دار القرار : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } .
والآدمي خلق من نطفة ؛ ثم من مضغة ؛ ثم من علقة ثم انتقل من صغر إلى كبر ثم من دار إلى دار فلا يظهر فضله وهو في ابتداء أحواله ؛ وإنما يظهر فضله عند كمال أحواله ؛ بخلاف الملك الذي تشابه أول أمره وآخره .
ومن هنا غلط من فضل الملائكة على الأنبياء حيث نظر إلى أحوال الأنبياء .
وهم في أثناء الأحوال، قبل أن يصلوا إلى ما وعدوا به في الدار الآخرة من نهايات الكمال".
"مجموع الفتاوى" ( 11/95).