"مِنْ سُنَّةِ اللهِ، أَنَّ مَنْ لَمْ يَهْرُبْ مِنْ عَذابِ اللهِ يَقَعْ فِيهِ. وَلِذا أَمَرَ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يَرْكَبَ السَّفِينَةَ مَعَ مَنْ آمَنَ، وَأَمَرَ لُوطا عَلَيْهِ السَّلامُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ قَوْمِهِ، بَلْ أَمَرَهُ أَنْ لا يَلْتَفِتَ إِلَيْهِمْ. وَلَوْ كانَ العَذابُ يَقَعُ عَلَى بَلَدٍ، وَيَنْجُو مِنْهُ المؤْمِنُونَ لَتَمَيَّزَ الحَقُّ عَنِ الباطِلِ قَبْلَ أَوانِهِ، وَلَمْ تَبْقَ هَذِهِ الدَّاُر دَارَ الابْتِلاءِ. وَإِنَّما أَرادَ اللهُ سُبْحانَهُ مِنَ التَّمْحِيصِ وَالتَّمْييزِ في الدُّنْيا بِقَدْرِ ما لا يُوجِبُ رَفْعَ التَّكْلِيفِ، وَالإِيمانِ بِالغَيْبِ، فَلَمْ يَزَلِ التَّمْحِيصُ وَالتَّمْييزُ، وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ مَقاصِدِ الغَزَواتِ، إِلَّا أَنَّهُ كانَ في ذَيْلِ الأَسْبابِ". "فَيْضُ البارِي شَرْحُ صَحِيحِ البُخارِي"(4/387).