×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

خطب المصلح / خطب مطبوعة / خطبة: وقفات مع قضية النكاح

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:6422

الخُطْبَةُ الأُولَىَ 

إِنَّ الحَمْدَ  للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد.
فَيا أَيُّها المؤْمِنُونَ.
اَّتقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، عِبادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعالَى بِكُمْ، وَمِنْ لَطِيفِ إِحْسانِهِ إِلَيْكُمْ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجَاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، فَأَحَلَّ بِفَضْلِهِ النِّكاحَ، بَلْ أَمَرَكُمْ بِهِ، وَرَغَّبَكُمْ فِيهِ، وَحَثَّكُمْ عَلَيْهِ، فَقالَ سُبْحانَهُ : ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ سُورَةُ النُّورِ (32)، وَقالَ جَلَّ ذِكْرُهُ :﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ سُورَةُ النِّساءِ (3)، وَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يا مَعْشَرَ الشَّبابِ، مَنِ اسْتَطاعَ مِنْكُمُ الباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلفَرْجِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2485) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَالباءَةُ هِيَ القُدْرَةُ عَلَى النِّكاحِ بِالمالِ وَالبَدَنِ. 
أَيُّها المؤْمِنُونَ.
إِنَّ مَنْزِلَةَ النِّكاحِ في الشَّرْعِ عَظِيمَةٌ، وَفَوائِدُهُ جَلِيلَةٌ، فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ ما يُعينُ عَلَى الاسْتِقامَةِ، وَيُجَنِّبُ المؤْمِنَ الضَّلالَ وَالغِوايةَ، فَبِهِ يَحْصُلُ قَضاءُ الوَطَرِ، وَسُرُورُ القَلْبِ، وَتَحْصِينُ الفَرْجِ، وَغَضُّ البَصَرِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الفَوائِدِ وَنَفائِسِ الغِرَرِ.
فَتَعاوَنُوا أَيُّها المؤْمِنُونَ جَمِيعاً عَلَى تَكْثِيرِ النِّكاحِ وَتَيْسِيرِهِ، وَإِشاعَتِهِ وَتَذْلِيلِ سُبُلِهِ وَإِزْاحَةِ عَوائِقِهِ. 
أَيُّها المؤْمِنُونَ.
إِنَّنا بِحاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى أَنْ نَقِفَ مَعَ قَضِيَّةِ النِّكاحِ وَالزَّواجِ وَقفاتٍ عَدِيدَةً، نُعالِجُ فِيها بَعْضَ أَخْطائِنا، وَنُصَوِّبُ فِيها سَيْرَنا، وَنُقَوِّمُ مُعْوَجَّنا، وَنُنَبِّهُ غافِلَنا، فَإِنَّ مَوْضُوعَ النِّكاحِ مَوْضُوعٌ حَسَّاسٌ، اخْتَلَطَتْ فِيهِ العادَةُ بِالعِبادِةِ، حَتَّى الْتَبَسَ الأَمْرُ فِيهِ عَلَىَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ. 
أَيُّها المؤْمِنُونَ.
إِنَّ أَهَمَّ مَسْأَلَةٍ نَبْدَأُ بِها وَقْفاتِنا مَعَ النِّكاحِ هِيَ ضَرَورَةُ المبادَرةِ إِلَيْهِ، عِنْدَ قِيامِ دَواعِيَهُ، اسْتَجابَةً لِنداءِ الفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ النَّاسَ عَلَيْها:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ سُورَةُ الرُّومِ: 21 وَطاعَةً لأَمْرِ اللهِ تَعالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلا يَجُوزُ لمؤْمِنٍ تَأْخِيرُ النِّكاحِ مَعَ الحاجَةِ إِلَيْهِ، وَتَوافُرِ أَسْبابِهِ وَشُروطِهِ، سَواءٌ كانَ التَّأْخِيرُ لأَجْلِ إِكْمالِ الدِّراسَةِ، أَوْ تَحْصِيلِ الوَظِيفَةِ، أَوْ زَواجِ الأَخِ، أَوْ البِنْتِ الكُبْرَىَ قَبْلَ الصَّغْيرِ أَوِ الصُّغْرَىَ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الحِجَجِ وَالدَّعاوَىَ البارِدَةِ الواهِيَةِ. 
أَيُّها المؤْمِنُونَ.
إِنَّ مِمَّا يَدْعُو إِلَى القَلَقِ، وَيُنْذِرُ بِالأَخْطارِ وَالفِتَنِ ظاهِرَةَ تَأْخِيرِ نِكاحِ الذُّكُورِ وَالِإناثِ، لا سِيَّما في هَذِهِ الأَوْقاتِ، الَّتِي رَاجَتْ فِيها سُوقُ الشَّهَواتِ، وَتَيَسَّرَتْ أَسْبابُ الوُقُوعِ في الفَواحِشِ وَالموبِقاتِ. 
عِبادّ اللهِ، إِنَّ سَلَفَ الأُمَّةِ الصَّالِح ِقدْ شَدَّدُوا في تَرْكِ النِّكاحِ مَعَ قِيامِ دَواعِيهِ وَانْتِفاءِ مَوانِعِهِ، فَهَذا الفارُوقُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  يَقُولُ:"لا َيمْنَعْ مِنَ النِّكاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ" أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنِ مَنْصُورٍ في سُنَنِهِ (491)..
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ أَيُّها الشَّبابُ، اتَّقُوا اللهَ أيُّها الأَوْلِياءُ، وَامْتَثِلُوا أَمْرَهُ في المبادَرَةِ إِلَى النِّكاحِ، فَإِنَّهُ حِصْنٌ حَصِينٌ، يَقِي الأُمَّةَ شَرًّا كَبِيراً، وَفَساداً عَرِيضاً ﴿والله يُريدُ أن يَتُوبَ عَليكُم ويريدُ  الَّذِينَ يَتَّبِعُونَّ الشَّهواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمَاً يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعِيفاً﴾ سُورَةُ النِّساءِ: 27 
عِبادَ اللهِ، إِنَّ مِمَّا يُوقَفُ عِنْدَهُ في قَضِيَّةِ النِّكاحِ اخْتيارَ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّ اخْتِيارَها لَهُ أَهَمِيَّةٌ فائِقَةٌ، وَعاقِبَةٌ عُظْمَىَ، يُحْتاجُ مَعها إِلَى تَرِوٍّ وَبُعْدِ نَظَرٍ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُنْكََحُ المرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لمالهِا وَلِحَسبِها وَلِجَمالِها وَلِدينِها، فاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2661)
عباد الله، إن أهمِّ الصفاتِ التي يجبُ أن يعتنى بها عند اختيارِ الزوجةِ استقامةَ الدِّينِ والخُلق، فإن المرأةَ كلما كانت أدينَ وأكملَ خلقاً كانت أحبَّ إلى النفسِ، وأقربَ إلى حسن العشرة، فالمرأةُ ذاتُ الدِّينِ قائمةٌ بأمرِ اللهِ، حافظةٌ لحقوقِ زوجِها وفراشِه ومالِه، راعيةٌ لأولادِها، قال تعالى :﴿فالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ سورة النساء: 34، والمرأةُ ذاتُ الخُلقِ -أَيُّها المؤْمِنُونَ- تَتَودَّدُ لِزَوْجِها وَتَحْتَرِمُه،ُ وَتَتَلَطَّفُ لَهُ وَتُحْسِنُ مُعاشَرَتَهُ، فاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ . 
أيها المؤمنون.
وَإِنَّ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُهْتَمَّ بِهِ، وَيُعْتَنَىَ بِهِ عِنْدَ اخْتِيارِ الزَّوْجَةِ أَنْ تَكُونَ حَسَنَةَ المنْظَرِ، مُحَصَّلاً بِها مَقْصُودُ النِّكاحِ، مِنْ إِعْفافِِ النَّفْسِ وَالفَرْجِ وَالبَصَرِ، دُونَ غُلُوٍّ وَلا إِجْحافٍ، فَإِنَّ بَعْضَ الشَّبابِ هَداهُمُ اللهُ يُبالِغُونَ في الشُّرُوطِ وَالمواصَفاتِ، حَتَّى لا تَكادَ تُرَى تِلْكَ الصِّفاتُ مُجْتَمِعَةً في امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتَرَىَ هَذا المسْكِينَ مُعَطَّلاً عَنِ النِّكاحِ سَنَواتٍ، يَطْلُبُ هَذِهِ الأَوْصافَ العَزِيزَةَ، الَّتِي لا تُوجَدُ إِلَّا في النَّوادِرِ مِنَ النِّساءِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ هَؤُلاءِ الشَّبابُ، فَإِنَّ جَمالَ الصُّورةِ سَرِيعُ الزَّوالِ، وَالَّذِي يَبْقَىَ هُوَ جَمالُ الباطِنِ، قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ سُورَةُ الأَعْرافِ: 26، فَلَوِ اكْتَفَىَ هَذا بِبَعْضِ الجَمالِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ المقْصُودُ لَكانَ خَيْرا ًلَهُ، وَأَحْسَنَ تَأْوِيلاً. 
أَيُّها المؤْمِنُونَ إِنَّ مِنَ الواجِبِ عَلَىَ أَوْلِياءِ النِّساءِ أَنْ يَطْلُبُوا لِنِسائِهِمْ مِنَ الرِّجالِ كُلَّ ذِي خُلِقٍ فاضِلٍ، وَدِينٍ مُسْتَقِيمٍ، فَقَدْ قالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذا أَتاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمانَتَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأَرْضِ، وَفَسادٌ كَبِيرٌ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (1108) وَحَسَّنَهُ.
فانْظُرُوا أَيُّها الأَوْلِياءُ في هَذِهِ الأَمانَةِ العَظِيمَةِ، الَّتِي حُمِّلتُمُوها، تَحَرَّوْا في حالِ مَنْ يَتَقَدَّمُ لَكُمْ طالِباً النِّكاحَ مِنْ نِسائِكُمْ، سَلُوا عَنْ دِينِهِ وَاسْتِقامَتِهِ، ابْحَثُوا عَنْ أَخْلاقِهِ وَمُعامَلَتِهِ، انْظُرُوا في أَصْحابِهِ وَأَقْرانِهِ، وَلا تَغُرَنَّكُمُ المظاهِرُ أَوِ المناصِبُ أَوِ الأَمْوالُ.
وَاعْلَمْ أَيُّها الأَبُ، وَأَيها الوليُّ على المرأةِ أن اللهَ الوليَّ الكَبِيرَ، العَلِيَّ العَلِيمَ، الغالِبَ الطَّالِبَ، الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَىَ، يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، اعْلَمْ أَنَّ اللهَ تَعالَى سائِلُكَ عَنْ هَذِهِ الأَمانَةِ يَوْمَ القِيامَةِ، كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَأَعِدَّ -بارَكَ اللهُ فِيكَ- لِلسُّؤالِ جَواباً، وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُزَوِّجَ ابْنَتَكَ، أَوْ أُخْتَكَ مَنْ لا يُصَلِّي، أَوْ مَنْ يَشْرَبُ الخَمْرَ، أَوْ يَأْكُلُ الرِّبا، أَوِ يَأْتِي الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنَ، أَوْ مَنْ لا تُرْضَىَ أَخْلاقُهُ وَسَجاياهُ، فَإِنَّ هَذا خِيانَةٌ لِلأَمانَةِ وَغِشٌّ لِلرَّعِيَّةِ. 
أَيُّها الأَوْلِياءُ، إِنَّ مِنْ أَداءِ الأَمانَةِ أَنْ تُشاوِرَ النِّساءَ فِيمَنْ يَتَقَدَّمُ لَهُنَّ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تُكْرِهُوا النِّساءَ عَلَى نِكاحِ مَنْ لا يُرِدْنَ نِكاحَهُ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهاكُمْ عَنْ ذَلِكَ، سَواءٌ كانَتِ المرْأَةُ بِكْراً أَوْ ثَيِّباً، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالبِكْرُ يَسْتَأْذِنُها أَبُوها) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (2546) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَقالَ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ (4741)، وَمُسْلِمٌ (2543) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلْيَنْتَبِهِ الأَوْلِياءُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ المشاوَرَةَ إِنَّما تَكُونُ بَعْدَ التَّحَقُّقِ مِنَ اسْتِقامَةِ دِينِ المتَقَدِّمِ لِلخِطْبَةِ، وَصَلاحِ أَخْلاقِهِ، فَإِنَّ المرْأَةَ لا حِيلَةَ لَها في مَعْرِفَةِ أَحْوالِ الرِّجالِ وَصلاحِهِمْ، فَإِذا ثَبَتَ لَكَ اسْتِقامَةُ دِينِ المتَقَّدِمِ وَخُلُقُهُ، فَشاوِرْ ابْنَتَكَ أَوْ أُخْتَكَ، وَبَيِّنْ لَها حالَهُ تَمامَ البَيانِ، وَحُثَّها عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنَّ أَبَتْ فالأَمْرُ إِلَيْها. 

 
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ.
فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَاحْذَرُوا أَسْبابَ سَخَطِهِ، وَمُوجِباتِ عُقُوبتِهِ.
أيها المؤمنون.
إِنَّ مِنَ الخِيانَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيها بَعْضُ أَوْلِياءِ النِّساءِ عَضْلَهُنَّ، وَمَنَعَهُنَّ مِنْ نِكاحِ الصَّالِحينَ الأَكْفاءِ مِنَ الرِّجالِ، إِمَّا طَمَعاً في المهُورِ العالِيَةِ، أَوِ الرَّواتِبِ الجارِيَةِ، إِنْ كانَتِ المرْأَةُ موظفةً أَوْ عامِلَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَسْبابِ الواهِيَةِ. 
أيها المؤمنون.
ّإِنَّ عَضْلَ النِّساءِ، وَمَنْعَهُنَّ مِنْ نِكاحِ مَنْ يُرضِى دِينُهُ وَخُلَقُهُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبائِرِ، وَسَبَبٌ لِشُرورٍ وَفِتَنٍ وَعَظائِمَ، فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الأَوْلِياءُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ قَدْ قالُوا: إِنَّهُ إِذا عَضَلَ الوَلِيُّ الأقَرْبُ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ، فَإِنَّ  الوِلايَةَ تَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى الوَلِيِّ الأَبْعَدِ، فَإِذا امْتَنَعَ الأَبُ مَثَلاً مِنْ تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ كُفْؤًا في دِينِهِ وَخُلُقِهِ، وَقَدْ رَغِبَتْ فِيهِ المرْأَةُ وَرَضِيَتْ، فَإِنَّهُ يُزوِّجُها أَوْلَى النَّاسِ بِها بَعْدَهُ، مِنْ إِخْوتِها أَوْ أَعْمامِها وَبَنِيها إِنْ كانَ لَها أَبْناءٌ، فَإِنِ امْتَنَعَ هَؤُلاءِ، فَإِنَّ السُّلْطانَ -أَيْ: الحاكِمُ الشَّرْعِيُّ- وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ. 
فاتَّقُوا اللهَ أَيُّها الأَوْلِياءُ، وَأَصْلِحُوا أَعْمالَكُمْ، وَسارَعُوا إِلَى إِعْفافِ نِسائِكُمْ بِنِكاحِ مَنْ يُرْضَىَ دِينَهُ وَخُلُقُهُ.
أَيُّها المؤْمِنُونَ.
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ العَضْلِ وَأَشَدِّ الظُّلْمِ ما تَفْعَلُهُ بَعْضُ القَبائِلِ، مِنْ تَحْجِيرِ المرْأَةِ عَلَى ابْنِ عَمِّها أَوْ قَرِيبِها، فَلا تَتَزَوَّجْ لِلأَبَدِ، وَلَوْ كانَتْ كارِهَةً لَهُ وَلا تُرِيدُهُ، وَإِذا تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِهِ هُدِّدَ بِالقَتْلِ وَالإفسادِ، وهذه العادةُ الجاهليةُ عادةٌ قَبِيحَةٌ باطِلَةٌ، تَأْباها النُّفُوسُ السَّوِيَّةُ، وَالعُقُولُ الرَّاجَحَةُ، فَيَجِبُ عَلَيْنا جَمِيعاً أَنْ نَتَخَلَّىَ عَنْ هَذِهِ العادَةِ الباطِلَةِ، وَغَيْرِها مِنَ العَوائِدِ القَبِيحَةِ المحَرَّمَةِ. 
أيها المؤمنون.
تَعاوَنُوا جَمِيعاً عَلَى تَكْثِيرِ النِّكاحِ بَيْنَ المسْلِمينَ، بِتَسْهِيلِ أَسْبابِهِ وَالإِعانَةِ عَلَيْهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ مِنْ نِعَمِ اللهِ الجَلِيلَةِ الَّتِي يُصْلِحُ اللهُ بِها العِبادَ وَالبِلادَ.
 اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَىَ وَالتُّقَىَ وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَىَ.
المادة السابقة

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات86323 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80737 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات75002 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات62249 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56532 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53510 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات51222 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50981 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46227 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45767 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف