(ثم قال: - باب الإيمان بالكرسي قال محمد بن عبد الله: ومن قول أهل السنة أن الكرسي بين يدي العرش وأنه موضع القدمين. ثم ذكر حديث أنس الذي فيه التجلي يوم الجمعة في الآخرة وفيه : (فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين على كرسيه ثم يحف الكرسي على منابر من ذهب مكللة بالجواهر؛ ثم يجيء النبيون فيجلسون عليها)([1]) وذكر ما ذكره: يحيى بن سالم " صاحب التفسير المشهور ": حدثني العلاء بن هلال عن عمار الدهني؛ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((إن الكرسي الذي وسع السموات والأرض لموضع القدمين؛ ولا يعلم قدر العرش إلا الذي خلقه))([2]). وذكر من حديث أسد بن موسى؛ ثنا حماد بن سلمة عن زر عن ابن مسعود قال: ((ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عام وبين الكرسي والماء خمسمائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه))([3]))
الكرسي اختلف فيه أهل العلم على قولين: القول المشهور هو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنه أنه موضع القدمين. والأثر الذي جاء عن ابن عباس في هذا أثر ضعيف ولذلك قال بعض أهل العلم : إن الكرسي خلق عظيم من مخلوقات الله جل و علا الله أعلم به وهو كما وصف الله سبحانه في كتابه: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾([4]) ولكن هل هو موضع القدمين أم لا؟ ! هذا جاء في أثر عن ابن عباس وهذا الأثر فيه نظر. قال الشيخ رحمه الله : (ثم قال في باب الإيمان بالحجب قال: ومن قول أهل السنة إن الله بائن من خلقه يحتجب عنهم بالحجب فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾([5]) وذكر آثارا في الحجب.
الحجاب المذكور هو ما ورد في الحديث من أن حجابه النور جل وعلا لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه. فهو جل وعلا احتجب بهذا الحجاب العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث عنه ولما سئل : هل رأيت ربك؟ ! قال :(نور أنى أراه؟ !!)([6])
قال: (ثم قال في باب الإيمان بالنزول قال: ومن قول أهل السنة أن الله ينزل إلى سماء الدنيا ويؤمنون بذلك من غير أن يحدوا فيه حداً وذكر الحديث من طريق مالك وغيره. إلى أن قال: وأخبرني وهب عن ابن وضاح عن الزهري عن ابن عباد. قال: ومن أدركت من المشايخ مالك وسفيان و فضيل بن عياض وعيسى بن المبارك ووكيع: كانوا يقولون: إن النزول حق قال ابن وضاح: وسألت يوسف بن عدي عن النزول قال: نعم أومن به ولا أحد فيه حداً وسألت عنه ابن معين فقال: نعم أقر به ولا أحد فيه حداً)ما ذكره أهل السنة هو ألا يكيفوه بكيفية معينة وإلا فهم يعلمون معنى النزول الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه و لكن حد ذلك وحقيقته لا يعلمها إلا الله. والنزول صفة من الصفات الفعلية وهي لا تستلزم اللوازم الباطلة التي يذكرها المتكلمون بل يثبتها أهل السنة والجماعة على الوجه الذي يليق به سبحانه وتعالى.
(قال محمد: وهذا الحديث يبين أن الله عز وجل على العرش في السماء دون الأرض وهو أيضاً بين في كتاب الله وفي غير حديث عن رسول الله صلى الله عليه)فالنزول يقتضي أنه في العلو ولذلك كان من أدلة علو الله سبحانه وتعالى وأنه سبحانه وتعالى على عرشه.
(قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾([7]) ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ﴾([8]) وقال تعالى: ﴿أم أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً﴾([9]) وقال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَـدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَـمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ وقال: ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾([10]) وقال تعالى: ﴿يا عيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ﴾([11]) وقال: ﴿بلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾([12])كل هذا دال على علو الله سبحانه وتعالى وقد تقدم ذكر أدلة العلو وأن العلو دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والفطرة والعقل فاجتمعت في إثباته جميع الدلائل. والشيخ رحمه الله إنما ذكر بعض الآيات الدالة على علوه سبحانه وتعالى و إلا فالآيات كما تقدم في كلام شيخ الإسلام رحمه الله أنها أكثر من أن تحصى.
قال: (وذكر من طريق مالك: قول النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء. قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله. قال: فأعتقها)([13])قال: والأحاديث مثل هذا كثيرة جداً فسبحان من علمه بما في السماء كعلمه بما في الأرض لا إله إلا هو العلي العظيم. وقال قبل ذلك في " الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه " قال: واعلم بأن أهل العلم بالله وبما جاءت به أنبياؤه ورسله يرون الجهل بما لم يخبر به عن نفسه علماً)
وهذا من كمال علمهم بالله عز وجل أنهم يسكتون عما سكت وأن العلم فيما لم يذكره الله سبحانه و تعالى عن نفسه أو لم يذكره عنه رسوله هو السكوت والجهل و هو تمام الانقياد والعبودية لله عز وجل لأنهم يعلمون أنه جل وعلا لا يحيطون به علما ومن تمام كماله أن عجزت العقول عن إدراك حقيقة ما أخبر فضلا عن أن تدرك كل أسمائه وصفاته جل وعلا.
قال: (يرون الجهل بما لم يخبر به عن نفسه علما والعجز عن ما لم يدع إليه إيمانا وأنهم إنما ينتهون من وصفه بصفاته وأسمائه إلى حيث انتهى في كتابه على لسان نبيه. وقد قال - وهو أصدق القائلين - ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾([14])وقال: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾([15])صفة الوجه من الصفات الخبرية و المؤولة يؤولون هذه الصفة يقولون : إن الوجه يراد به الذات فأطلق الوجه وأراد به الذات فيكون الكلام " كل شيء هالك إلا ذاته" وهذا وإن كان صحيحاً أن الوجه يطلق ويراد به الذات و لكن هذا لا ينفي أن تكون الآية دالة على إثبات صفة الوجه لله عز وجل لأنه لا تضاف هذه الصفة إلا لمن كان له وجه. أما من لم يكن له وجه فلا تضاف إليه.
وبعضهم قال: كل شيء هالك إلا وجهه أي إلا جهته يعني كل شيء فان وذاهب إلا ما قصد به الله جل وعلا. هذا من تأويلاتهم وهو معنى صحيح لكن هذا أيضاً لا ينفي ما فروا منه أي . من إثبات هذه الصفة.
(وقال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾([16])يؤخذ من قوله : ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾إثبات النفس لله سبحانه وتعالى وقد جاء ذلك في بعض كلام أهل العلم. وبعضهم يقول: إن (نفسه) في هذا الموضوع وأمثاله إنما يراد بها الذات يعني (يحذركم الله ذاته).
قال : (وقال تعالى ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾([17]) ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾([18]) وقوله : ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾فيه إثبات التسوية له سبحانه وتعالى وقد جاءت الآيات مبينة أنه سبحانه وتعالى سواه بيده. و فيه إثبات النفخ له سبحانه وتعالى. وأما قوله (من روحي) ف (من) هنا ليست للتبعيض بل هي (من) البيانية. والإضافة ليست إضافة صفة بل إضافة تشريف وإضافة خلق. يعني من الأرواح التي خلقها.
قال : (وقال: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾([19]) اليدان يؤولها المؤولة بأنها النعمة ويجاب عليهم بأن التثنية تنفي هذا المعنى هذا وجه.
والوجه الآخر أن اليد لا تضاف إلا لمن كان متصفا بها. فهذان وجهان في بيان دلالة هذه الآية على إثبات صفة اليد لله سبحانه وتعالى وهي صفة خبرية.
قال: وقال تعالى: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾([20])وقال سبحانه :﴿ا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾([21]) هذه ثلاث صفات له سبحانه وتعالى المعية والسمع و الرؤية.
قال: (وقال: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾([22])دل على أن الله تعالى يتكلم وأكد هذا الفعل بالمصدر لتأكيد معناه. وقد أول أهل التعطيل هذه الآية فقالوا : فيها نوعين من التأويل. قالوا: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً﴾فجعلوا المكلم هو موسى والمكلم هو الله جل وعلا حتى ينفوا عنه سبحانه صفة الكلام , وأولها آخرون فقالوا : المعنى أنه جرحه بأظافير الحكمة تجريحا. فأولوا ﴿وَكَلَّمَ﴾وهذا من التأويل المذموم لأنهم حرفوا الكلم عن مواضعه وحملوا اللفظ على معنى مرجوح يحتمله النص لغير قرينة فالأصل أن يحمل الكلام على التكليم وهم حملوه على الجرح.
قال : (وقال تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾([23])وقال: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾([24])وقال: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾([25])ومثل هذا في القرآن كثير)قوله : ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ هذه الآية فيها إثبات الإحاطة المكانية والإحاطة الزمانية له جل وعلا فهو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء والظاهر الذي ليس فوقه شيء والباطن الذي ليس دونه شيء وبهذا يصدق قوله جل وعلا: ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾([26])زماناً ومكاناً. (ومثل هذا في القرآن كثير) أي الآيات التي فيها إثبات الصفات له سبحانه وتعالى.
قال : (فهو تبارك وتعالى نور السموات والأرض كما أخبر عن نفسه وله وجه ونفس وغير ذلك مما وصف به نفسه ويسمع ويرى ويتكلم هو الأول لا شيء قبله والآخر الباقي إلى غير نهاية ولا شيء بعده والظاهر العالي فوق كل شيء والباطن بطن علمه بخلقه فقال: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قيوم حي لا تأخذه سنة ولا نوم. وذكر: " أحاديث الصفات " ثم قال: فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها نبيه وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾([27])لم تره العيون فتحده كيف هو؟ ولكن رأته القلوب في حقائق الإيمان ا هـ. وكلام الأئمة في هذا الباب أطول وأكثر من أن تسع هذه الفتيا عشره. وكذلك كلام الناقلين لمذهبهم. مثل ما ذكره أبو سليمان الخطابي في رسالته المشهورة في " الغنية عن الكلام وأهله " قال: " فأما ما سألت عنه من الصفات وما جاء منها في الكتاب والسنة فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف) هذان فريقان أو هذان أصول الفرق الضالة في باب الأسماء والصفات: المعطلة والممثلة ، المعطلة نفوا ما أثبته الله لنفسه فعطلوه جل وعلا عن صفاته والممثلة غلوا في الإثبات فمثلوه سبحانه بخلقه وكذبوا بقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾وقالوا : سمعه كسمعنا ، وبصره كبصرنا وما إلى ذلك مما قالوه مما يتعالى الله جل وعلا عنه. والقصد هو ما سلكه أهل السنة والجماعة الذين قصدوا إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. وهذا يبين لك وسطية أهل السنة والجماعة في باب الأسماء و الصفات بين الممثلة والمعطلة.
قال : (وإنما القصد في سلوك الطريقة المستقيمة بين الأمرين ودين الله تعالى بين الغالي فيه والجافي والمقصر عنه. والأصل في هذا: أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات)هذه قاعدة كلية في باب الأسماء والصفات أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات فمن قال لك: كيف صفته؟ قل كيف ذاته؟.
قال : (ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلوما أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف)هذا كلام جيد في تفصيل هذه القاعدة و في التدليل لها أي (أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات). يقول: (فإذا كان معلوما أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية)فالخلق كلهم إلا من شذ يثبتون رباً يعبد يقصدونه فيما يحتاجون ,يثبتون له الملك والرزق والخلق والتدبير ولكنهم لا يكيفون هذا الوجود. فما منهم أحد قال : كيف وجوده ؟ فكذلك أسماؤه وصفاته وهي فرع عن ذاته عز وجل فكما أنه لا يسأل : كيف وجوده ؟ فكذلك لا يسأل : كيف أسماؤه وصفاته لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات.
قال: (فإذا قلنا يد وسمع وبصر وما أشبهها فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه؛ ولسنا نقول: إن معنى اليد القوة أو النعمة ولا معنى السمع والبصر العلم؛ ولا نقول إنها جوارح ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل ونقول: إن القول إنما وجب بإثبات الصفات؛ لأن التوقيف ورد بها؛ ووجب نفي التشبيه عنها لأن الله ليس كمثله شيء؛ وعلى هذا جرى قول السلف في أحاديث الصفات " هذا كله كلام الخطابي).
كثير من القواعد التي يذكرها شيخ الإسلام رحمه الله في باب الأسماء والصفات وفي غيره إنما يحكي فيها قول من سلف وهذا يفيد طالب العلم في محاجة المبتدعين لأن بعض المبتدعة ينكر هذه القواعد فإذا قيل له :إن فلاناً من العلماء الذين يجلهم ويعرف مكانتهم هو الذي قالها كان ذلك داعياً إلى قبوله وإلى نزوعه عن الضلال الذي هو فيه. فمعرفة أصول الأقوال والقواعد مهم في مناظرة ومناقشة أهل البدع. لأنك لو قلت لهم : قال شيخ الإسلام قد يردونه. يردون هذا القول ويقولون : شيخ الإسلام ابتدع و أتى بكلام من عنده كما يقوله بعض المبتدعة لكن إذا بين أن ما جاء به الشيخ رحمه الله من القواعد إنما أخذه من كلام المتقدمين كان ذلك أدعى إلى القبول وأقوى في الحجة.
قال: (وهكذا قاله أبو بكر الخطيب الحافظ في رسالة له أخبر فيها أن مذهب السلف على ذلك. وهذا الكلام الذي ذكره الخطابي قد نقل نحوا منه من العلماء من لا يحصى عددهم مثل أبي بكر الإسماعيلي والإمام يحيى بن عمار السجزي وشيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي صاحب " منازل السائرين "و" ذم الكلام "وهو أشهر من أن يوصف وشيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني وأبي عمر بن عبد البر النمري إمام المغرب وغيرهم).
أهم ما في هذه النقول معرفة أن مذهب السلف و مذهب أهل السنة واحد في هذا الأمر لا خلاف فيه بل هم متفقون وإن تنوعت عباراتهم إلا أن مدلولاتها متفقة في أنهم يثبتون الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : (وقال أبو نعيم الأصبهاني صاحب " الحلية " في عقيدة له قال في أولها: " طريقتنا طريقة المتبعين الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ قال فمما اعتقدوه أن الأحاديث التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرش واستواء الله يقولون بها؛ ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه وأن الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه: لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم وهو مستو على عرشه في سمائه دون أرضه وخلقه) دون أرضه وخلقه أي إنه جل وعلا بائن من خلقه كما جاءت العبارات السابقة في تقرير هذا.