×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الفتوى الحموية الكبرى / الدرس (27) من شرح الحموية الكبرى

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس (27) من شرح الحموية الكبرى
00:00:01

 (ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة؛ مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾([1])وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه)([2]) ونحو ذلك فإن هذا غلط. وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: (والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه)([3]) وذلك أن كلمة مع في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة؛ من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى. فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا. ويقال: هذا المتاع معي لمجاعته لك؛ وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة).   ذكر المؤلف رحمه الله بعد أن قال:(ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه البعض ألبتة) ذكر مثالا لما قد يتوهم من التناقض فيما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه فقال رحمه الله: (مثل أن يقول القائل ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه في الظاهر قوله: ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه)ونحو ذلك يعني من الأحاديث أو النصوص سواء من الكتاب أو السنة التي تدل على معيته سبحانه وتعالى قال: (فإن هذا غلط)أي اعتبار نصوص المعية مخالفة لنصوص العلو والاستواء غلط وذلك أن الله معنا حقيقة أي كما أخبر به عن نفسه سبحانه وتعالى لا نحتاج في ذلك إلى تأويل أي لا نحتاج في ذلك إلى تحريف بل نثبته كما أثبته سبحانه وتعالى لنفسه في كتابه(وهو فوق العرش حقيقة)يعني كما أخبر في كتابه وكما أخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم (كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه ﴿هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ﴾([4])فجمع بين هذين المعنيين وبين هاتين الصفتين في آية واحدة,فدل ذلك على أنه لا تعارض بينهما ولا تناقض بل إثبات علو الله سبحانه وتعالى على عرشه لا يناقض أنه سبحانه وتعالى مع خلقه حقيقة ثم قال : (فأخبر أنه فوق العرش) يعني في هذه الآية يعلم كل شيء (وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال) وهو حديث مشهور رواه الترمذي بسند لا بأس به وفيه ((والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه))([5])  وأضيف الحديث للأوعال لأن فيه ذكر الأوعال , والأوعال : جمع وعل وهو في اللغة تيس الجبل ويطلق أيضا في اللغة على الأشراف والكبراء من كل شيء ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تقوم الساعة حتى تعلو السفول وتهلك الوعول)). قيل : وما السفول يا رسول الله؟ قال فيما معناه : أنهم أردأ القوم , قيل وما الوعول يا رسول الله ؟ قال: أهل البيوت الصالحة أي الأشراف من أهل الخير والصلاح. فالوعول : هم الأشراف وهم من أشرف خلق الله سبحانه وتعالى , كما ثبت أنهم ثمانية يحملون العرش في هذا الحديث حديث الأوعال (والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه)فالله جل وعلا على عرشه وهو فوقه سبحانه وتعالى ومع ذلك هو يعلم سبحانه وتعالى ما أنتم عليه وهذا تفصيل وبيان لمعنى المعية المذكورة في الآية وأنها ليست المعية التي تقتضي المخالطة والممازجة بل هي معية العلم كما فسرها بذلك المفسرون من أهل السنة والجماعة قال: (وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب ممارسة أو محاذاةعن يمين أو شمال)أو عن أي جهة الذي تفيده كلمة (مع) المقارنة والمصاحبة لكن لا يستلزم ذلك وجوب المماسة أو المحاذاة من أي جهة من يمين أو شمال أو فوق أو تحت (فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى)إذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة ولم تهب المحاذاة والمماسة , يقول في ضرب الأمثال على صحة هذه القاعدة : (وأن (مع) في اللغة تدل على المعية أنها تدل على المقارنة المطلقة من المحاذاة والمماسة)تقول : مازلنا نسير والقمر معنا ومعلوم أن القمر ليس مخالطا ولا محاذيا ولا مماسا لمن قالوا هذا القول قال أو النجم معنا أو قال: هذا المتاع معي لمجامعته لك وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة فلا تعارض بين معنى العلو و معنى المعية و لما كان بعض من يفهم المعارضة بين هاتين الصفتين جرى كثير من أهل العلم على ذكر الصفتين مقترنتين فإذا ذكر بحث العلو أو الاستواء ذكر معه بحث المعية ليبين عدم التعارض بين هاتين الصفتين كما جمع الله سبحانه وتعالى بينهما في آية الحديد ﴿هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير﴾([6]). (ثم هذه " المعية " تختلف أحكامها بحسب الموارد فلما قال: ﴿يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها﴾ إلى قوله: ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾ دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم؛ شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. وكذلك في قوله: ﴿ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو﴾([7]) إلى قوله: ﴿هو معهم أين ما كانوا﴾ الآية. ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار:(لا تحزن إن الله معنا)([8]) كان هذا أيضا حقا على ظاهره ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد. وكذلك قوله تعالى ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾([9]) وكذلك قوله لموسى وهارون: ﴿إنني معكما أسمع وأرى﴾ هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد). الشيخ رحمه الله بعد أن فرغ من بيان عدم التعارض بين إثبات صفة المعية وإثبات صفة العلو بين أن المعية تطلق ويختلف معناها بحسب موردها يعني بحسب السياق الذي وردت فيه فهي تدل على معنى مشترك في الجميع إلا أنها تختص في مواردها بمعان خاصة فقوله جل وعلا في سورة الحديد: ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾وفي سورة المجادلة: ﴿ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ﴾([10])هذه المعية معناها معية العلم وهي على حقيقتها وهي التي فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال يعلم ما أنتم عليه (والله فوق العرش ويعلم ما أنتم عليه) فهي معية العلم التي تقتضي تمام علمه سبحانه وتعالى وإحاطته بخلقه وبما يجري منهم وهذه المعية تسمى المعية العامة وهو القسم الأول منها وهي مع كل أحد ومع كل شيء يعلم سبحانه وتعالى به, فهو الظاهر الباطن الأول الآخر وهو سبحانه وتعالى بكل شيء محيط ,القسم الثاني من أقسام المعية هو المعية الخاصة التي تدل على معنى زائد على معنى العلم والإحاطة وهي معية النصر والتأييد والحفظ وما إلى ذلك من المعاني التي يدل عليها هذا اللفظ في موارده فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابه كما قص الله في كتابه: ﴿لا تحزن إن الله معنا﴾([11])قال: (كان هذا حقا على ظاهره لا تأويل فيه ولا تحريف ودلت الحال على أن حكم هذه المعية يخالف حكم المعية السابقة)فإنما حكم المعية في الآيتين السابقتين الإحاطة والعلم أما هنا فهو أمر زائد على الإحاطة والعلم وهي معية الاطلاع والنصر والتأييد والحفظ وما إلى ذلك من المعاني , قال : (وكذلك قوله تعالى: ﴿إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون﴾([12])وقوله ﴿إنني معكما أسمع وأرى﴾قال: (هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد)وهذا هو القسم الثاني من أقسام المعية الخاصة التي لا تكون إلا لعباد الله الصالحين من المحسنين والمتقين والمرسلين وهي تختلف باختلاف الإحسان وباختلاف التقوى وباختلاف مرتبة الرسول.فعلى قدر تحقق هذه الأوصاف التي أخبر الله سبحانه وتعالى فيها بأنه مع أهلها على قدر التفاوت بينهم في هذه الأوصاف على قدر تحقق هذه الصفة لهم. (وقد يدخل على صبي من يخيفه فيبكي فيشرف عليه أبوه من فوق السقف فيقول: لا تخف؛ أنا معك أو أنا هنا؛ أو أنا حاضر ونحو ذلك. ينبهه على المعية الموجبة بحكم الحال دفع المكروه؛ ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها؛ وربما صار مقتضاها من معناها. فيختلف باختلاف المواضع. فلفظ " المعية " قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع يقتضي في كل موضع أمورا لا يقتضيها في الموضع الآخر؛ فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها - وإن امتاز كل موضع بخاصية - فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها)سواء قلنا : إن المعية في كل موضع تختص بمعنى خاص أو:إن المعية تشترك في هذه المواضع كلها بمعنى عام مشترك وفي كل موضع تختص بمعنى خاص بها مع وجود المعنى العام المشترك فعلى كلا التقديرين ليست هذه الصفة معارضة لما ثبت من علو الله سبحانه وتعالى على خلقه (فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال : قد صرفت عن ظاهرها ونظيرها. ونظيرها من بعض الوجوه " الربوبية والعبودية " فإنهما وإن اشتركتا في أصل الربوبية والعبودية فلما قال: ﴿برب العالمين﴾([13])﴿رب موسى وهارون﴾([14])كانت ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق؛ فإن من أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره فقد ربه ورباه ربوبية وتربية أكمل من غيره)إضافة معنى الربوبية إلى جميع الخلق ليس كإضافته إلى بعض الخلق فإن الربوبية هي الإصلاح والرعاية والتنمية والتدبير وربوبية الله للعالمين ليست على درجة واحدة فربوبيته لعموم الخلق ليست كربوبيته لموسى وهارون ولأوليائه الصالحين من عباده المتقين بل هي متفاوتة فكذلك المعية وهذا وجه ذكر الربوبية هنا هو تنظير المعية بها فالمعية معناها العام مشترك واحد ولكن هي تختص في كل موضوع بمعنى يقتضيه ذلك المورد أو ذلك الموضوع ؟ فكذلك الربوبية﴿برب العالمين﴾وقوله: ﴿رب موسى وهارون﴾الربوبية هنا في موسى وهارون ليست هي الربوبية التي أضيفت للعالمين على العموم بل هي أمر زائد علي ذلك المعنى. (وكذلك قوله: ﴿عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا﴾([15]) و ﴿ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ﴾([16]) فإن العبد تارة يعني به المعبد فيعم الخلق كما)كما يقال : طريق معبدة أي مذللة فالخلق كلهم عبيد لله عز وجل بهذا المعنى العام أي إنهم ذليلون لله لا مناص لهم ولا إمكانية لهم أن يخرجوا عن أحكامه سبحانه وتعالى عن أحكامه القدرية الكونية . المراد العابد بالأمر الشرعي لا العابد بالأمر الكوني القدري فالعابد بالأمر الكوني القدري يدخل مثل قوله: ﴿إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا﴾([17]) وتارة يعني به العابد فيخص).  ﴿إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا﴾يدخل في ذلك الكفار والمشركون وأهل الكتاب والنصارى والمحادون لله ورسوله لكن المعنى الخاص في مثل قوله: ﴿عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا﴾هنا المقصود أهل العبادة الشرعية الدينية الذين امتثلوا أمر الله عز وجل الشرعي فقاموا به كذا قول : ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا﴾هنا العبودية التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم هي أعلى أنواع العبادة الشرعية الدينية التي تطلق ويراد بها العابد (فمن كان أعبد علما وحالا كانت عبوديته أكمل؛ فكانت الإضافة في حقه أكمل مع أنها حقيقة في جميع المواضع. ومثل هذه الألفاظ يسميها بعض الناس " مشككة " لتشكك المستمع فيها هل هي من قبيل الأسماء المتواطئة أو من قبيل المشتركة في اللفظ فقط) الأسماء المتواطئة هي: ما اتحد لفظه ومعناه كالإنسان يطلق على زيد وعمرو ومحمد وعلي بمعنى واحد فاللفظ واحد والمعنى واحد أو من قبيل المشتركة فاللفظ فقط دون المعنى فهي مشتركة في الفظ لكن معناها يختلف باختلاف الأفراد فتقول مثلا: نور القمر ونور الشمس ونور المصباح .هل معنى النور في هذه الإضافات واحد أو مختلف , مختلف من جهة القوة والشدة والضعف وما إلى ذلك .  (والمحققون يعلمون أنها ليست خارجة عن جنس المتواطئة) لأن اللفظ المشترك داخل في الأسماء المتواطئة يعني ما اتحد لفظه ومعناه. (إذ واضع اللغة إنما وضع اللفظ بإزاء القدر المشترك وإن كانت نوعا مختصا من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ)العبودية فيها معنى مشترك وهو الذلة لكن هذا المعنى يختلف فالعابد لله عز وجل شرعا تحقق فيه كمال العبودية القدرية التي يشترك فيها جميع المخلوقات وتحقق فيها العبادة الخاصة وهي العبادة الشرعية التي يتميز بها عباد الله فالمعنى المشترك موجود بين من تعبد لله شرعا وبين من لم يتعبد لله شرعا يعني الكافر والمؤمن يشتركان في ماذا؟ في أنهما عبدان لله من جهة , أن أمر الله الكوني القدري يمضي على هذا وعلى هذا لكن الذي تميز به المؤمن أنه تعبد لله شرعا أطاع أمره ونهيه فتميزه بالعبادة الشرعية هل يخرجه عن وصف العبودية لا يخرجه عن وصف العبودية. (ومن علم أن " المعية " تضاف إلى كل نوع من أنواع المخلوقات - كإضافة الربوبية مثلا - وأن الاستواء على الشيء ليس إلا للعرش) الاستواء لا يضاف إلا للعرش ليست المعية والربوبية والعبودية تضاف إلى عموم الخلق ,الاستواء لم يضفه الله عز وجل إلا إلى عرشه . (وأن الله يوصف بالعلو والفوقية الحقيقية ولا يوصف بالسفول ولا بالتحتية قط لا حقيقة ولا مجازا: علم أن القرآن على ما هو عليه من غير تحريف) إثبات هذه الصفات على الوجه الذي دلت عليه ألفاظ الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل وأنه لا اضطراب بينها ولا تناقض بينها في إثبات ما أثبتته وما حوته من معان. إذا اللفظ المتواطئ ما هو؟ ما اتحد لفظه ومعناه مثل الإنسان ولقد ذكرت لكم النور في المشترك و هذا غلط النور في المتواطئ لأنه متحد لفظا ومعنى لكن القدر مختلف ولكن المثال الصحيح للمشترك هو المشتري أو العين , المشتري يطلق على الذي أخذ الشيء بثمن ويطلق على الكوكب فاللفظ واحد والمعنى مختلف والعين تطلق على الذهب وتطلق على الماء وتطلق على العين الباصرة , اللفظ واحد والمعنى مختلف إذا المشترك ما اتحد لفظه فقط وأما المتواطئ فهو ما اتحد لفظه ومعناه مثل الإنسان ومثل النور هذا والله تعالى أعلم. ([1]) سورة :الحديد: الآية (4).       ([2]) البخاري (406) ، ومسلم (547).        ([3]) جزء من حديث الأوعال الذي سبق تخريجه وهو عند أحمد (1773) ، وأبي داود (4723) ، والترمذي (3320) وهو ضعيف . ([4]) سورة : الحديد : آية (4).        ([5]) سبق الكلام عليه قريبا وهو ضعيف.        ([6]) سورة : الحديد : آية (4).        ([7]) سورة: المجادلة: آية (7).          ([8]) البخاري (3615) ، مسلم (2009). ([9]) سورة: النحل:آية (128). ([10]) سورة: المجادلة:آية (7). ([11]) سورة: التوبة: آية (40).        ([12]) سورة: النحل:آية (128).       ([13]) سورة: الأعراف: آية (121).   ([14]) سورة:الأعراف: آية (122).    ([15]) سورة : الانسان: آية (6). ([16]) سورة: الاسراء: آية (1) ([17]) سورة: مريم: آية (93).

المشاهدات:4519


 (ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً ألبتة؛ مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾([1])وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه)([2]) ونحو ذلك فإن هذا غلط. وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: (والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه)([3]) وذلك أن كلمة مع في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة؛ من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى. فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا. ويقال: هذا المتاع معي لمجاعته لك؛ وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة).



 



ذكر المؤلف رحمه الله بعد أن قال:(ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه البعض ألبتة) ذكر مثالاً لما قد يتوهم من التناقض فيما أخبر الله سبحانه وتعالى به عن نفسه فقال رحمه الله: (مثل أن يقول القائل ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه في الظاهر قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه)ونحو ذلك يعني من الأحاديث أو النصوص سواء من الكتاب أو السنة التي تدل على معيته سبحانه وتعالى قال: (فإن هذا غلط)أي اعتبار نصوص المعية مخالفة لنصوص العلو والاستواء غلط وذلك أن الله معنا حقيقة أي كما أخبر به عن نفسه سبحانه وتعالى لا نحتاج في ذلك إلى تأويل أي لا نحتاج في ذلك إلى تحريف بل نثبته كما أثبته سبحانه وتعالى لنفسه في كتابه(وهو فوق العرش حقيقة)يعني كما أخبر في كتابه وكما أخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم (كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾([4])فجمع بين هذين المعنيين وبين هاتين الصفتين في آية واحدة,فدل ذلك على أنه لا تعارض بينهما ولا تناقض بل إثبات علو الله سبحانه وتعالى على عرشه لا يناقض أنه سبحانه وتعالى مع خلقه حقيقة ثم قال : (فأخبر أنه فوق العرش) يعني في هذه الآية يعلم كل شيء (وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال) وهو حديث مشهور رواه الترمذي بسند لا بأس به وفيه ((والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه))([5])  وأضيف الحديث للأوعال لأن فيه ذكر الأوعال , والأوعال : جمع وعل وهو في اللغة تيس الجبل ويطلق أيضا في اللغة على الأشراف والكبراء من كل شيء ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا تقوم الساعة حتى تعلو السفول وتهلك الوعول)). قيل : وما السفول يا رسول الله؟ قال فيما معناه : أنهم أردأ القوم , قيل وما الوعول يا رسول الله ؟ قال: أهل البيوت الصالحة أي الأشراف من أهل الخير والصلاح. فالوعول : هم الأشراف وهم من أشرف خلق الله سبحانه وتعالى , كما ثبت أنهم ثمانية يحملون العرش في هذا الحديث حديث الأوعال (والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه)فالله جل وعلا على عرشه وهو فوقه سبحانه وتعالى ومع ذلك هو يعلم سبحانه وتعالى ما أنتم عليه وهذا تفصيل وبيان لمعنى المعية المذكورة في الآية وأنها ليست المعية التي تقتضي المخالطة والممازجة بل هي معية العلم كما فسرها بذلك المفسرون من أهل السنة والجمـاعة قال: (وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب ممارسة أو محاذاةعن يمين أو شمال)أو عن أي جهة الذي تفيده كلمة (مع) المقارنة والمصاحبة لكن لا يستلزم ذلك وجوب المماسة أو المحاذاة من أي جهة من يمين أو شمال أو فوق أو تحت (فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى)إذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة ولم تهب المحاذاة والمماسة , يقول في ضرب الأمثال على صحة هذه القاعدة : (وأن (مع) في اللغة تدل على المعية أنها تدل على المقارنة المطلقة من المحاذاة والمماسة)تقول : مازلنا نسير والقمر معنا ومعلوم أن القمر ليس مخالطاً ولا محاذياً ولا مماساً لمن قالوا هذا القول قال أو النجم معنا أو قال: هذا المتاع معي لمجامعته لك وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة فلا تعارض بين معنى العلو و معنى المعية و لما كان بعض من يفهم المعارضة بين هاتين الصفتين جرى كثير من أهل العلم على ذكر الصفتين مقترنتين فإذا ذكر بحث العلو أو الاستواء ذكر معه بحث المعية ليبين عدم التعارض بين هاتين الصفتين كما جمع الله سبحانه وتعالى بينهما في آية الحديد ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾([6]).



(ثم هذه " المعية " تختلف أحكامها بحسب الموارد فلما قال: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا﴾ إلى قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم؛ شهيد عليكم ومهيمن عالم بكم. وهذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. وكذلك في قوله: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ﴾([7]) إلى قوله: ﴿هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ الآية. ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار:(لا تحزن إن الله معنا)([8]) كان هذا أيضاً حقاً على ظاهره ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الاطلاع والنصر والتأييد. وكذلك قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾([9]) وكذلك قوله لموسى وهارون: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد).



الشيخ رحمه الله بعد أن فرغ من بيان عدم التعارض بين إثبات صفة المعية وإثبات صفة العلو بين أن المعية تطلق ويختلف معناها بحسب موردها يعني بحسب السياق الذي وردت فيه فهي تدل على معنى مشترك في الجميع إلا أنها تختص في مواردها بمعان خاصة فقوله جل وعلا في سورة الحديد: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْوفي سورة المجادلة: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾([10])هذه المعية معناها معية العلم وهي على حقيقتها وهي التي فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال يعلم ما أنتم عليه (والله فوق العرش ويعلم ما أنتم عليه) فهي معية العلم التي تقتضي تمام علمه سبحانه وتعالى وإحاطته بخلقه وبما يجري منهم وهذه المعية تسمى المعية العامة وهو القسم الأول منها وهي مع كل أحد ومع كل شيء يعلم سبحانه وتعالى به, فهو الظاهر الباطن الأول الآخر وهو سبحانه وتعالى بكل شيء محيط ,القسم الثاني من أقسام المعية هو المعية الخاصة التي تدل على معنى زائد على معنى العلم والإحاطة وهي معية النصر والتأييد والحفظ وما إلى ذلك من المعاني التي يدل عليها هذا اللفظ في موارده فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابه كما قص الله في كتابه: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾([11])قال: (كان هذا حقاً على ظاهره لا تأويل فيه ولا تحريف ودلت الحال على أن حكم هذه المعية يخالف حكم المعية السابقة)فإنما حكم المعية في الآيتين السابقتين الإحاطة والعلم أما هنا فهو أمر زائد على الإحاطة والعلم وهي معية الاطلاع والنصر والتأييد والحفظ وما إلى ذلك من المعاني , قال : (وكذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾([12])وقوله ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾قال: (هنا المعية على ظاهرها وحكمها في هذه المواطن النصر والتأييد)وهذا هو القسم الثاني من أقسام المعية الخاصة التي لا تكون إلا لعباد الله الصالحين من المحسنين والمتقين والمرسلين وهي تختلف باختلاف الإحسان وباختلاف التقوى وباختلاف مرتبة الرسول.فعلى قدر تحقق هذه الأوصاف التي أخبر الله سبحانه وتعالى فيها بأنه مع أهلها على قدر التفاوت بينهم في هذه الأوصاف على قدر تحقق هذه الصفة لهم.



(وقد يدخل على صبي من يخيفه فيبكي فيشرف عليه أبوه من فوق السقف فيقول: لا تخف؛ أنا معك أو أنا هنا؛ أو أنا حاضر ونحو ذلك. ينبهه على المعية الموجبة بحكم الحال دفع المكروه؛ ففرق بين معنى المعية وبين مقتضاها؛ وربما صار مقتضاها من معناها. فيختلف باختلاف المواضع. فلفظ " المعية " قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر؛ فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها - وإن امتاز كل موضع بخاصية - فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها)سواء قلنا : إن المعية في كل موضع تختص بمعنى خاص أو:إن المعية تشترك في هذه المواضع كلها بمعنى عام مشترك وفي كل موضع تختص بمعنى خاص بها مع وجود المعنى العام المشترك فعلى كلا التقديرين ليست هذه الصفة معارضة لما ثبت من علو الله سبحانه وتعالى على خلقه (فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب عز وجل مختلطة بالخلق حتى يقال : قد صرفت عن ظاهرها ونظيرها. ونظيرها من بعض الوجوه " الربوبية والعبودية " فإنهما وإن اشتركتا في أصل الربوبية والعبودية فلما قال: ﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾([13])﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾([14])كانت ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق؛ فإن من أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره فقد ربه ورباه ربوبية وتربية أكمل من غيره)إضافة معنى الربوبية إلى جميع الخلق ليس كإضافته إلى بعض الخلق فإن الربوبية هي الإصلاح والرعاية والتنمية والتدبير وربوبية الله للعالمين ليست على درجة واحدة فربوبيته لعموم الخلق ليست كربوبيته لموسى وهارون ولأوليائه الصالحين من عباده المتقين بل هي متفاوتة فكذلك المعية وهذا وجه ذكر الربوبية هنا هو تنظير المعية بها فالمعية معناها العام مشترك واحد ولكن هي تختص في كل موضوع بمعنى يقتضيه ذلك المورد أو ذلك الموضوع ؟ فكذلك الربوبية﴿بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾وقوله: ﴿رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾الربوبية هنا في موسى وهارون ليست هي الربوبية التي أضيفت للعالمين على العموم بل هي أمر زائد علي ذلك المعنى.



(وكذلك قوله: ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً﴾([15]) و ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ﴾([16]) فإن العبد تارة يعني به المعبد فيعم الخلق كما)كما يقال : طريق معبدة أي مذللة فالخلق كلهم عبيد لله عز وجل بهذا المعنى العام أي إنهم ذليلون لله لا مناص لهم ولا إمكانية لهم أن يخرجوا عن أحكامه سبحانه وتعالى عن أحكامه القدرية الكونية . المراد العابد بالأمر الشرعي لا العابد بالأمر الكوني القدري فالعابد بالأمر الكوني القدري يدخل مثل قوله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾([17]) وتارة يعني به العابد فيخص).  ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً﴾يدخل في ذلك الكفار والمشركون وأهل الكتاب والنصارى والمحادون لله ورسوله لكن المعنى الخاص في مثل قوله: ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً﴾هنا المقصود أهل العبادة الشرعية الدينية الذين امتثلوا أمر الله عز وجل الشرعي فقاموا به كذا قول : ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾هنا العبودية التي وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم هي أعلى أنواع العبادة الشرعية الدينية التي تطلق ويراد بها العابد



(فمن كان أعبد علما وحالا كانت عبوديته أكمل؛ فكانت الإضافة في حقه أكمل مع أنها حقيقة في جميع المواضع. ومثل هذه الألفاظ يسميها بعض الناس " مشككة " لتشكك المستمع فيها هل هي من قبيل الأسماء المتواطئة أو من قبيل المشتركة في اللفظ فقط) الأسماء المتواطئة هي: ما اتحد لفظه ومعناه كالإنسان يطلق على زيد وعمرو ومحمد وعلي بمعنى واحد فاللفظ واحد والمعنى واحد أو من قبيل المشتركة فاللفظ فقط دون المعنى فهي مشتركة في الفظ لكن معناها يختلف باختلاف الأفراد فتقول مثلاً: نور القمر ونور الشمس ونور المصباح .هل معنى النور في هذه الإضافات واحد أو مختلف , مختلف من جهة القوة والشدة والضعف وما إلى ذلك .



 (والمحققون يعلمون أنها ليست خارجة عن جنس المتواطئة) لأن اللفظ المشترك داخل في الأسماء المتواطئة يعني ما اتحد لفظه ومعناه. (إذ واضع اللغة إنما وضع اللفظ بإزاء القدر المشترك وإن كانت نوعا مختصا من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ)العبودية فيها معنى مشترك وهو الذلة لكن هذا المعنى يختلف فالعابد لله عز وجل شرعاً تحقق فيه كمال العبودية القدرية التي يشترك فيها جميع المخلوقات وتحقق فيها العبادة الخاصة وهي العبادة الشرعية التي يتميز بها عباد الله فالمعنى المشترك موجود بين من تعبد لله شرعا وبين من لم يتعبد لله شرعا يعني الكافر والمؤمن يشتركان في ماذا؟ في أنهما عبدان لله من جهة , أن أمر الله الكوني القدري يمضي على هذا وعلى هذا لكن الذي تميز به المؤمن أنه تعبد لله شرعا أطاع أمره ونهيه فتميزه بالعبادة الشرعية هل يخرجه عن وصف العبودية لا يخرجه عن وصف العبودية.



(ومن علم أن " المعية " تضاف إلى كل نوع من أنواع المخلوقات - كإضافة الربوبية مثلا - وأن الاستواء على الشيء ليس إلا للعرش) الاستواء لا يضاف إلا للعرش ليست المعية والربوبية والعبودية تضاف إلى عموم الخلق ,الاستواء لم يضفه الله عز وجل إلا إلى عرشه .



(وأن الله يوصف بالعلو والفوقية الحقيقية ولا يوصف بالسفول ولا بالتحتية قط لا حقيقة ولا مجازا: علم أن القرآن على ما هو عليه من غير تحريف) إثبات هذه الصفات على الوجه الذي دلت عليه ألفاظ الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل وأنه لا اضطراب بينها ولا تناقض بينها في إثبات ما أثبتته وما حوته من معان.



إذاً اللفظ المتواطئ ما هو؟ ما اتحد لفظه ومعناه مثل الإنسان ولقد ذكرت لكم النور في المشترك و هذا غلط النور في المتواطئ لأنه متحد لفظا ومعنى لكن القدر مختلف ولكن المثال الصحيح للمشترك هو المشتري أو العين , المشتري يطلق على الذي أخذ الشيء بثمن ويطلق على الكوكب فاللفظ واحد والمعنى مختلف والعين تطلق على الذهب وتطلق على الماء وتطلق على العين الباصرة , اللفظ واحد والمعنى مختلف إذاً المشترك ما اتحد لفظه فقط وأما المتواطئ فهو ما اتحد لفظه ومعناه مثل الإنسان ومثل النور هذا والله تعالى أعلم.









([1]) سورة :الحديد: الآية (4).      




([2]) البخاري (406) ، ومسلم (547).       




([3]) جزء من حديث الأوعال الذي سبق تخريجه وهو عند أحمد (1773) ، وأبي داود (4723) ، والترمذي (3320) وهو ضعيف .




([4]) سورة : الحديد : آية (4).       




([5]) سبق الكلام عليه قريباً وهو ضعيف.       




([6]) سورة : الحديد : آية (4).       




([7]) سورة: المجادلة: آية (7).         




([8]) البخاري (3615) ، مسلم (2009).




([9]) سورة: النحل:آية (128).




([10]) سورة: المجادلة:آية (7).




([11]) سورة: التوبة: آية (40).       




([12]) سورة: النحل:آية (128).      




([13]) سورة: الأعراف: آية (121).  




([14]) سورة:الأعراف: آية (122).   




([15]) سورة : الانسان: آية (6).




([16]) سورة: الاسراء: آية (1)




([17]) سورة: مريم: آية (93).

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات86259 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80696 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74966 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات62206 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56499 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53477 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات51186 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50935 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46186 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45730 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف