×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / الفتوى الحموية الكبرى / الدرس (28) من شرح الحموية الكبرى

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس (28) من شرح الحموية الكبرى
00:00:01

 (ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب - إن نقله عن غيره - وضال - إن اعتقده في ربه - وما سمعنا أحدا يفهم هذا من اللفظ ولا رأينا أحدا نقله عن واحد ولو سئل سائر المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله " إن الله في السماء " إن السماء تحويه لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول : هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا. وإذا كان الأمر هكذا: فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئا محالا لا يفهمه الناس منه ثم يريد أن يتأوله؛ بل عند الناس "أن الله في السماء" "وهو على العرش" واحد؛ إذ السماء إنما يراد به العلو فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السموات والأرض). المؤلف رحمه الله ذكر في هذا صلة ما تقدم من صفة المعية وأن ما ورد من نصوص بأن الله سبحانه وتعالى في السماء ليس ظاهره ما قد أثاره بعض المتكلمين أو شكك فيه بعض المشككين من أن السماء تحويه أو تحيط به فتعالى الله جل وعلا عن ذلك علوا كبيرا , إنما المقصود أنه سبحانه وتعالى في العلو فقوله:﴿أأمنتم من في السماء﴾([1])أي أأمنتم من في العلو ؟ لأن السماء اسم جنس لما علا ولذلك قال المؤلف رحمه الله : إذا السماء إنما يراد به العلو فالسماء اسم جنس يراد به ما علا أو يراد به العلو فقوله :﴿أأمنتم من في السماء﴾أي أأمنتم من في العلو وليس المراد ما توهمه المتوهمون من أنه سبحانه وتعالى تحيط به السماء أو ما إلى ذلك من الظنون الكاذبة والأقوال الباطلة. ثم إن هذا الظاهر الذي يزعمونه في قوله :﴿أأمنتم من في السماء﴾لا يأتي إلا على آراء هؤلاء المشككين أما أهل اللسان وأهل الإسلام فإنهم لا يقولون بهذا ولا يوردون هذا على ظنونهم ولا على آرائهم لأن الله سبحانه وتعالى العلي الكبير فلا يحيط به شيء بل هو جل وعلا محيط بكل شيء. (وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السموات والأرض([2]) وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة([3]) وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقا يحصره ويحويه؟) مخلوقاته جل وعلا تحيط بالسماوات و الأرض كما قال في الكرسي ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾وكرسيه في عرشه كحلقة ملقاة بأرض فلاة فكيف به جل وعلا وهو الكبير المتعال فتعالى الله عن هذه الظنون التي ظنها هؤلاء علوا كبيرا. فإنه أبطل هذا المعنى بأنه لا يرد , أولا: لا يرد على أذهان أهل الإسلام بل لو سألت سائر أهل الإسلام لما ورد على أذهانهم هذا , ثانيا: أن اللغة لا تدل عليه إذ إن اللغة يراد بالسماء فيها العلو , ثالثا: أنه إذا كان بعض مخلوقاته وسع السماوات والأرض فكيف هو سبحانه و تعالى. (وقد قال سبحانه: ﴿ولأصلبنكم في جذوع النخل﴾([4]) وقال: ﴿فسيروا في الأرض﴾([5]) بمعنى: على ونحو ذلك وهو كلام عربي حقيقة لا مجازا وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه)([6]). هذا هو المعنى الثاني الذي يمكن أن تفسر به الآية:﴿أأمنتم من في السماء﴾أي أأمنتم من على السماء وليس المراد أن السماء تحويه كقوله ﴿ولأصلبنكم في جذوع النخل﴾ومعلوم أنه لم يشق النخل ويضعهم فيه وإنما علقهم عليها كذا﴿فسيروا في الأرض﴾ والمراد سيروا عليها لا بداخلها. (وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه) الحديث([7]) حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي؛ بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات. فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه؛ لا تشبيه الخالق بالمخلوق - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله هذا القمر كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله؛ فالله أكبر)([8]) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر)([9]) فشبه الرؤية بالرؤية وإن لم يكن المرئي مشابها للمرئي فالمؤمنون إذا رأوا ربهم يوم القيامة وناجوه كل يراه فوقه قبل وجهه؛ كما يرى الشمس والقمر ولا منافاة أصلا. ومن كان له نصيب من المعرفة بالله والرسوخ في العلم بالله: يكون إقراره للكتاب والسنة على ما هما عليه أوكد. واعلم أن من المتأخرين من يقول: مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ " مجمل " فإن قوله: ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين؛ مثل أن يراد بكون (الله قبل وجه المصلي) أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه وإن " الله معنا " ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد. ومن قال: إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع. اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيبا بهذا الاعتبار معذورا في هذا الإطلاق. فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية. وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظا ومعنى. وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم). هذا المعنى الأول من قول القائل : إن مذهب السلف إقرار النصوص على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد , الشيخ رحمه الله فصل في هذا الإطلاق في قول القائل: ظاهرها غير مراد فإن هذا لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل وهذا هو شأن الشيخ رحمه الله في كثير من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقا وباطلا هذا معنى قوله: (مجمل)مجمل أي أنه يشتمل على حق وعلى باطل ففي مثل هذه الألفاظ المجملة يجب الاستفصال فلا تثبت مطلقا ولا تنفى مطلقا بل يفصل قال:(فإن قوله ظاهرها)أي نصوص الصفات (غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين)يعني يحتمل أن مراده بظاهرها غير مراد يعني ما يفهم من هذه النصوص من أنها كصفات المخلوقين فالسمع الذي أثبته الله لنفسه والبصر الذي أثبته الله لنفسه إذا كان ظاهرها الذي يشير إليه صاحب هذه المقولة أنها كسمع الناس أو سمع الخلق وبصرهم فلاشك أن هذا ليس بصحيح ثم يقال : يناقش في هل أن هذا هو ظاهر النصوص أو لا لكن إذا كان هذا مراده فهل هذا إطلاق صحيح أم لا. . . إذا كان يراد أن ظاهر النصوص في قوله (وظاهرها غير مراد) أن ظاهرها المماثلة هل نفيه صحيح أولا؟ نفيه صحيح يعني قوله : ظاهرها غير مراد صحيح لكن يناقش في أمرين يناقش أولا : في أن هذا لفظ مجمل ينبغي ألا يطلق بل يفصل ويبين المعنى المراد ويناقش أيضا في : أن هذا اللفظ هل ظاهره ما ذكر أولا ؟ هل ظاهره يقتضي المماثلة أو لا ؟ وهذا لا شك أن ظاهر النصوص لا تقتضي المماثلة لأن الخالق له ما يناسبه والمخلوق له ما يناسبه وقد بين ذلك بيان واضحا في قوله: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾([10])(مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلي أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه وأن الله معنا ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك فلاشك أن هذا غير مراد ومن قال : إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب المعنى)انظر إلى دقة الشيخ أصاب في المعنى ولم يصب في ماذا؟ في اللفظ يعني لم يصب في قوله: (ظاهرها غير مراد)لأن هذا لفظ مجمل يحتمل حقا وباطلا لكن الخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث إذا هذا الخطأ الذي أشار إليه أولا وهو أن اعتقاد أن ظاهر النصوص وما ذكره هؤلاء باطل ليس صحيحا فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بينا في غير هذا الموضع ثم استدرك الشيخ رحمه الله فقال : (اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس)كأن يكون هذا في بعض البلدان أو في بعض الأماكن أو في بعض الجماعات يظهر لهم من هذا اللفظ ما ذكروه فهنا يكون الإطلاق صائبا باعتبار لأنه ظاهر بالنسبة لهم ولذلك قال : (معذورا في هذا الإظهار فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية فيخفى على شخص ما يظهر لغيره) ويظهر له ما يخفى على غيره وكان أحسن من هذا أن يبين أن هذا ليس هو الظاهر (ولا تطلق مثل هذه العبارات حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظا ومعنى وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا يختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازا ذهنيا أو جوازا خارجيا غير مراد فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب؛ فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل - لا نصا ولا ظاهرا - أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر ولا يد حقيقة. وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف ويقولون : إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف - بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى - ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك ويقولون: الفرق بين الطريقين أن هؤلاء قد يعينون المراد بالتأويل وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره. وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف: أما في كثير من الصفات فقطعا: مثل أن الله تعالى فوق العرش فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم - الذي لم يحك هنا عشره - علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قط وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك.وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا تختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازا ذهنيا أو جوازا خارجيا غير مراد). هذا الأمر الثاني أو الاحتمال الثاني لهذا الإطلاق الظاهر غير المراد عندهم, قال: إن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا تختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة يعني أن النصوص التي احتوت الصفات التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه وأنها تليق بالله سبحانه وتعالى وهي من صفاته الواجبة أو من صفاته الجائزة , من قال: إن هذه النصوص التي احتوت هذه الصفات غير أن ظاهرها غير مراد فقد أخطأ وقد ضل لأن ظاهر النصوص في مثل هذا لاشك أنه مراد لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين فلا يجوز لأحد أن يصرف هذا الظاهر ويقول: إن ظاهر النصوص غير مراد بل ظاهر النصوص مراد يجب الإيمان به و إلا لما كان في كلام الله سبحانه وتعالى ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فائدة إذا كان ظاهر كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم غير مراد إذا فهمنا المعنى الباطل من قوله : (الظاهر غير مراد)أي إن المعاني الصحيحة التي اشتملت عليها هذه الآيات وهذه الصفات غير صحيحة , هذا المعنى الباطل الذي احتملته هذه اللفظة والسلف منه براء ولذلك قال : فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب وهذا من العدل أن تذكر جميع الاحتمالات إما أن يكون أخطأ فيما نقله يعني وقف على نصوص فهم منها أن السلف لم يتطرقوا للمعاني ولم يثبتوا ظاهرها أو أنه كذب عليهم بعض مطالعته لما ذكروه رحمهم الله من إثبات معاني الصفات , فما يمكن أحدا قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصا ولا ظاهرا أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع و بصر ويد حقيقة , فذكر رحمه الله الصفات الذاتية وذكر الصفات الخبرية وذكر الصفات الفعلية , فقوله : أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش هذا فيه إثبات الصفات الفعلية لأنه استوى على العرش بعد أن لم يكن ولا أن الله ليس له سمع وبصر و هذا في الصفات الذاتية ويد حقيقة هذه من الصفات الخبرية وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف ويقولون إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف وهذا ليس بصحيح , طريقة أهل التأويل طريقة محدثة مبتدعة نهى عنها السلف وهي لا توصل إلى علم ولا إلى معرفة بالله سبحانه وتعالى , بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى لكنهم اختلفوا في أي شيء؟ في كيفية التعامل مع هذه النصوص فالمتأخرون خاضوا في هذه النصوص وأولوها وصرفوها عن ظاهرها وأما السلف على قول هذا. . . أما السلف فإنهم أمسكوا عن هذه النصوص ومعانيها وفوضوها دون نظر إلى معانيها إنما قالوا: الظاهر غير مراد. يقول: ولكن السلف سكتوا عن تأويلها وهو مذهب من؟ المفوضة والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك ويقولون : الفرق أن هؤلاء يعينون المراد بالتأويل وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف وهذا الكلام من الشيخ رحمه الله عود على بدء عود على ما تقدم في أول الرسالة من إبطال قول من قال: إن السلف يسلكون مسلك التفويض في باب الأسماء والصفات , قال رحمه الله : وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف أما في كثير من الصفات فقطعا لأنه ورد عنهم رحمهم الله تفسير هذه الصفات , فلما ورد عنهم تفسير هذه الصفات علم منه أن السلف يثبتون هذه الصفات ويثبتون معانيها وأن من قال: إن السلف أولوا ولم يخوضوا في المعاني فهذا كذب عليهم و ضرب أمثلة لما فسره الصحابة والتابعون رضي الله عنهم قال : مثل أن الله تعالى فوق العرش فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم الذي لم يحل هنا عشره علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قطعا وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك , يعني صرحوا بحقيقة معانيها وأن معانيها مرادة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح. ([1]) سورة: الملك: آية (16) ([2]) قال تعالى : ﴿وسع كرسيه السماوات والأرض﴾ (البقرة: من الآية255) ([3]) وهو ثابت من حديث أبي ذر عند ابن حبان ، قال ابن حجر في الفتح : (وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند جيد)    ([4]) سورة:طه: آية (71).          ([5]) سورة: آل عمران: آية (137).   ([6]) البخاري : (406) ، مسلم : (547).     ([7]) البخاري (406) ، ومسلم (547) . ([8]) أخرجه : أبو داود (4731) ، وابن ماجه (180) من طريق يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين ، حسنه الألباني وسبق الكلام عن وكيع بن حدس.      ([9]) متفق عليه: البخاري (554) ، مسلم (633)        ([10]) سورة: الشورى: آية (11).   

المشاهدات:3913


 (ثم من توهم أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه فهو كاذب - إن نقله عن غيره - وضال - إن اعتقده في ربه - وما سمعنا أحداً يفهم هذا من اللفظ ولا رأينا أحداً نقله عن واحد ولو سئل سائر المسلمين هل تفهمون من قول الله ورسوله " إن الله في السماء " إن السماء تحويه لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول : هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا. وإذا كان الأمر هكذا: فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئا محالاً لا يفهمه الناس منه ثم يريد أن يتأوله؛ بل عند الناس "أن الله في السماء" "وهو على العرش" واحد؛ إذ السماء إنما يراد به العلو فالمعنى أن الله في العلو لا في السُفل وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السموات والأرض).



المؤلف رحمه الله ذكر في هذا صلة ما تقدم من صفة المعية وأن ما ورد من نصوص بأن الله سبحانه وتعالى في السماء ليس ظاهره ما قد أثاره بعض المتكلمين أو شكك فيه بعض المشككين من أن السماء تحويه أو تحيط به فتعالى الله جل وعلا عن ذلك علواً كبيراً , إنما المقصود أنه سبحانه وتعالى في العلو فقوله:﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ([1])أي أأمنتم من في العلو ؟ لأن السماء اسم جنس لما علا ولذلك قال المؤلف رحمه الله : إذاً السماء إنما يراد به العلو فالسماء اسم جنس يراد به ما علا أو يراد به العلو فقوله :﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِأي أأمنتم من في العلو وليس المراد ما توهمه المتوهمون من أنه سبحانه وتعالى تحيط به السماء أو ما إلى ذلك من الظنون الكاذبة والأقوال الباطلة. ثم إن هذا الظاهر الذي يزعمونه في قوله :﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِلا يأتي إلا على آراء هؤلاء المشككين أما أهل اللسان وأهل الإسلام فإنهم لا يقولون بهذا ولا يوردون هذا على ظنونهم ولا على آرائهم لأن الله سبحانه وتعالى العلي الكبير فلا يحيط به شيء بل هو جل وعلا محيط بكل شيء.



(وقد علم المسلمون أن كرسيه سبحانه وتعالى وسع السموات والأرض([2]) وأن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة([3]) وأن العرش خلق من مخلوقات الله لا نسبة له إلى قدرة الله وعظمته فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقاً يحصره ويحويه؟)



مخلوقاته جل وعلا تحيط بالسماوات و الأرض كما قال في الكرسي ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾وكرسيه في عرشه كحلقة ملقاة بأرض فلاة فكيف به جل وعلا وهو الكبير المتعال فتعالى الله عن هذه الظنون التي ظنها هؤلاء علواً كبيراً. فإنه أبطل هذا المعنى بأنه لا يرد , أولاً: لا يرد على أذهان أهل الإسلام بل لو سألت سائر أهل الإسلام لما ورد على أذهانهم هذا , ثانياً: أن اللغة لا تدل عليه إذ إن اللغة يراد بالسماء فيها العلو , ثالثاً: أنه إذا كان بعض مخلوقاته وسع السماوات والأرض فكيف هو سبحانه و تعالى.



(وقد قال سبحانه: ﴿وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾([4]) وقال: ﴿فَسِيرُوا فِي الأرْضِ﴾([5]) بمعنى: على ونحو ذلك وهو كلام عربي حقيقة لا مجازاًَ وهذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف وأنها متواطئة في الغالب لا مشتركة. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه)([6]).



هذا هو المعنى الثاني الذي يمكن أن تفسر به الآية:﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِأي أأمنتم من على السماء وليس المراد أن السماء تحويه كقوله ﴿وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ومعلوم أنه لم يشق النخل ويضعهم فيه وإنما علقهم عليها كذا﴿فَسِيرُوا فِي الأرْضِ﴾ والمراد سيروا عليها لا بداخلها.



(وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه) الحديث([7]) حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي؛ بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات. فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضاً قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه؛ لا تشبيه الخالق بالمخلوق - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخلياً به فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله هذا القمر كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله؛ فالله أكبر)([8]) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس والقمر)([9]) فشبه الرؤية بالرؤية وإن لم يكن المرئي مشابها للمرئي فالمؤمنون إذاً رأوا ربهم يوم القيامة وناجوه كل يراه فوقه قبل وجهه؛ كما يرى الشمس والقمر ولا منافاة أصلاً. ومن كان له نصيب من المعرفة بالله والرسوخ في العلم بالله: يكون إقراره للكتاب والسنة على ما هما عليه أوكد. واعلم أن من المتأخرين من يقول: مذهب السلف إقرارها على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد وهذا اللفظ " مجمل " فإن قوله: ظاهرها غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين؛ مثل أن يراد بكون (الله قبل وجه المصلي) أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه وإن " الله معنا " ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك فلا شك أن هذا غير مراد. ومن قال: إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب في المعنى لكن أخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بيناه في غير هذا الموضع. اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس فيكون القائل لذلك مصيباً بهذا الاعتبار معذوراً في هذا الإطلاق. فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية. وكان أحسن من هذا أن يبين لمن اعتقد أن هذا هو الظاهر أن هذا ليس هو الظاهر حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظاً ومعنى. وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم).



هذا المعنى الأول من قول القائل : إن مذهب السلف إقرار النصوص على ما جاءت به مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد , الشيخ رحمه الله فصل في هذا الإطلاق في قول القائل: ظاهرها غير مراد فإن هذا لفظ مجمل يحتاج إلى تفصيل وهذا هو شأن الشيخ رحمه الله في كثير من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقاً وباطلاً هذا معنى قوله: (مجمل)مجمل أي أنه يشتمل على حق وعلى باطل ففي مثل هذه الألفاظ المجملة يجب الاستفصال فلا تُثبت مطلقاً ولا تنفى مطلقا بل يفصل قال:(فإن قوله ظاهرها)أي نصوص الصفات (غير مراد يحتمل أنه أراد بالظاهر نعوت المخلوقين وصفات المحدثين)يعني يحتمل أن مراده بظاهرها غير مراد يعني ما يفهم من هذه النصوص من أنها كصفات المخلوقين فالسمع الذي أثبته الله لنفسه والبصر الذي أثبته الله لنفسه إذا كان ظاهرها الذي يشير إليه صاحب هذه المقولة أنها كسمع الناس أو سمع الخلق وبصرهم فلاشك أن هذا ليس بصحيح ثم يقال : يناقش في هل أن هذا هو ظاهر النصوص أو لا لكن إذا كان هذا مراده فهل هذا إطلاق صحيح أم لا. . . إذا كان يراد أن ظاهر النصوص في قوله (وظاهرها غير مراد) أن ظاهرها المماثلة هل نفيه صحيح أولا؟ نفيه صحيح يعني قوله : ظاهرها غير مراد صحيح لكن يناقش في أمرين يناقش أولاً : في أن هذا لفظ مجمل ينبغي ألا يطلق بل يفصل ويبين المعنى المراد ويناقش أيضاً في : أن هذا اللفظ هل ظاهره ما ذكر أولا ؟ هل ظاهره يقتضي المماثلة أو لا ؟ وهذا لا شك أن ظاهر النصوص لا تقتضي المماثلة لأن الخالق له ما يناسبه والمخلوق له ما يناسبه وقد بين ذلك بيان واضحاً في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾([10])(مثل أن يراد بكون الله قبل وجه المصلي أنه مستقر في الحائط الذي يصلي إليه وأن الله معنا ظاهره أنه إلى جانبنا ونحو ذلك فلاشك أن هذا غير مراد ومن قال : إن مذهب السلف أن هذا غير مراد فقد أصاب المعنى)انظر إلى دقة الشيخ أصاب في المعنى ولم يصب في ماذا؟ في اللفظ يعني لم يصب في قوله: (ظاهرها غير مراد)لأن هذا لفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً لكن الخطأ بإطلاق القول بأن هذا ظاهر الآيات والأحاديث إذاً هذا الخطأ الذي أشار إليه أولاً وهو أن اعتقاد أن ظاهر النصوص وما ذكره هؤلاء باطل ليس صحيحاً فإن هذا المحال ليس هو الظاهر على ما قد بينا في غير هذا الموضع ثم استدرك الشيخ رحمه الله فقال : (اللهم إلا أن يكون هذا المعنى الممتنع صار يظهر لبعض الناس)كأن يكون هذا في بعض البلدان أو في بعض الأماكن أو في بعض الجماعات يظهر لهم من هذا اللفظ ما ذكروه فهنا يكون الإطلاق صائباً باعتبار لأنه ظاهر بالنسبة لهم ولذلك قال : (معذوراً في هذا الإظهار فإن الظهور والبطون قد يختلف باختلاف أحوال الناس وهو من الأمور النسبية فيخفى على شخص ما يظهر لغيره) ويظهر له ما يخفى على غيره وكان أحسن من هذا أن يبين أن هذا ليس هو الظاهر (ولا تطلق مثل هذه العبارات حتى يكون قد أعطى كلام الله وكلام رسوله حقه لفظا ومعنى وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا يختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازاً ذهنياً أو جوازاً خارجياً غير مراد فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب؛ فما يمكن أحد قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل - لا نصاً ولا ظاهراً - أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع ولا بصر ولا يد حقيقة. وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف ويقولون : إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف - بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى - ولكن السلف أمسكوا عن تأويلها والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك ويقولون: الفرق بين الطريقين أن هؤلاء قد يعينون المراد بالتأويل وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره. وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف: أما في كثير من الصفات فقطعاً: مثل أن الله تعالى فوق العرش فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم - الذي لم يحك هنا عشره - علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قط وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك.وإن كان الناقل عن السلف أراد بقوله: الظاهر غير مراد عندهم أن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا تختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة لله أو جائزة عليه جوازا ذهنيا أو جوازا خارجيا غير مراد).



هذا الأمر الثاني أو الاحتمال الثاني لهذا الإطلاق الظاهر غير المراد عندهم, قال: إن المعاني التي تظهر من هذه الآيات والأحاديث مما يليق بجلال الله وعظمته ولا تختص بصفة المخلوقين بل هي واجبة يعني أن النصوص التي احتوت الصفات التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه وأنها تليق بالله سبحانه وتعالى وهي من صفاته الواجبة أو من صفاته الجائزة , من قال: إن هذه النصوص التي احتوت هذه الصفات غير أن ظاهرها غير مراد فقد أخطأ وقد ضل لأن ظاهر النصوص في مثل هذا لاشك أنه مراد لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين فلا يجوز لأحد أن يصرف هذا الظاهر ويقول: إن ظاهر النصوص غير مراد بل ظاهر النصوص مراد يجب الإيمان به و إلا لما كان في كلام الله سبحانه وتعالى ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم فائدة إذا كان ظاهر كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم غير مراد إذا فهمنا المعنى الباطل من قوله : (الظاهر غير مراد)أي إن المعاني الصحيحة التي اشتملت عليها هذه الآيات وهذه الصفات غير صحيحة , هذا المعنى الباطل الذي احتملته هذه اللفظة والسلف منه براء ولذلك قال : فهذا قد أخطأ فيما نقله عن السلف أو تعمد الكذب وهذا من العدل أن تذكر جميع الاحتمالات إما أن يكون أخطأ فيما نقله يعني وقف على نصوص فهم منها أن السلف لم يتطرقوا للمعاني ولم يثبتوا ظاهرها أو أنه كذب عليهم بعض مطالعته لما ذكروه رحمهم الله من إثبات معاني الصفات , فما يمكن أحداً قط أن ينقل عن واحد من السلف ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش ولا أن الله ليس له سمع و بصر ويد حقيقة , فذكر ـ رحمه الله ـ الصفات الذاتية وذكر الصفات الخبرية وذكر الصفات الفعلية , فقوله : أنهم كانوا يعتقدون أن الله ليس فوق العرش هذا فيه إثبات الصفات الفعلية لأنه استوى على العرش بعد أن لم يكن ولا أن الله ليس له سمع وبصر و هذا في الصفات الذاتية ويد حقيقة هذه من الصفات الخبرية وقد رأيت هذا المعنى ينتحله بعض من يحكيه عن السلف ويقولون إن طريقة أهل التأويل هي في الحقيقة طريقة السلف وهذا ليس بصحيح , طريقة أهل التأويل طريقة محدثة مبتدعة نهى عنها السلف وهي لا توصل إلى علم ولا إلى معرفة بالله سبحانه وتعالى , بمعنى أن الفريقين اتفقوا على أن هذه الآيات والأحاديث لم تدل على صفات الله سبحانه وتعالى لكنهم اختلفوا في أي شيء؟ في كيفية التعامل مع هذه النصوص فالمتأخرون خاضوا في هذه النصوص وأولوها وصرفوها عن ظاهرها وأما السلف على قول هذا. . . أما السلف فإنهم أمسكوا عن هذه النصوص ومعانيها وفوضوها دون نظر إلى معانيها إنما قالوا: الظاهر غير مراد.



يقول: ولكن السلف سكتوا عن تأويلها وهو مذهب من؟ المفوضة والمتأخرون رأوا المصلحة في تأويلها لمسيس الحاجة إلى ذلك ويقولون : الفرق أن هؤلاء يعينون المراد بالتأويل وأولئك لا يعينون لجواز أن يراد غيره وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف وهذا الكلام من الشيخ ـ رحمه الله ـ عود على بدء عود على ما تقدم في أول الرسالة من إبطال قول من قال: إن السلف يسلكون مسلك التفويض في باب الأسماء والصفات , قال رحمه الله : وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف أما في كثير من الصفات فقطعاً لأنه ورد عنهم رحمهم الله تفسير هذه الصفات , فلما ورد عنهم تفسير هذه الصفات علم منه أن السلف يثبتون هذه الصفات ويثبتون معانيها وأن من قال: إن السلف أولوا ولم يخوضوا في المعاني فهذا كذب عليهم و ضرب أمثلة لما فسره الصحابة والتابعون رضي الله عنهم قال : مثل أن الله تعالى فوق العرش فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم الذي لم يحل هنا عشره علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة وأنهم ما اعتقدوا خلاف هذا قطعاً وكثير منهم قد صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك , يعني صرحوا بحقيقة معانيها وأن معانيها مرادة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.









([1]) سورة: الملك: آية (16)




([2]) قال تعالى : ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (البقرة: من الآية255)




([3]) وهو ثابت من حديث أبي ذر عند ابن حبان ، قال ابن حجر في الفتح : (وله شاهد عن مجاهد أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند جيد)   




([4]) سورة:طـه: آية (71).         




([5]) سورة: آل عمران: آية (137).  




([6]) البخاري : (406) ، مسلم : (547).    




([7]) البخاري (406) ، ومسلم (547) .




([8]) أخرجه : أبو داود (4731) ، وابن ماجه (180) من طريق يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين ، حسنه الألباني وسبق الكلام عن وكيع بن حدس.     




([9]) متفق عليه: البخاري (554) ، مسلم (633)       




([10]) سورة: الشورى: آية (11).   

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74768 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53356 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50921 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46029 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45574 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف