بسم الله الرحمن الرحيم
وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾([1]).
وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((احتج آدم وموسى، فقالموسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، فهل وجدت ذلك مكتوباً عليَّ قبل أن أخلق؟ قال: نعم. قال: فحج آدم موسى))([2]).
وآدم عليه السلام لم يحتج على موسى بالقدر، ظنًّا أن المذنب يحتج بالقدر، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل، ولو كان هذا عذراً لكان عذراً لإبليس، وقوم نوح، وقوم هود، وكل كافر، ولا موسى لام آدم أيضاً لأجل الذنب، فإن آدم قد تاب إلى ربه، فاجتباه وهداه، ولكن لامه لأجل المصيبة التي لحقتهم بالخطيئة، ولهذا قال: فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فأجابه آدم: إن هذا كان مكتوباً عليّ قبل أن أخلق).
طيب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فهذا الكلام، صلة ما تقدم من البحث في مسألة القدر، وهل يسوغ الاحتجاج بالقدر في معارضة الشرع؟
الجواب: أنه لا يجوز ولا يسوغ معارضة الشرع بالقدر؛ لأن الله -جل وعلا- تعبدنا بشرعه والإيمان بقدره، لا أن نعارض شرعه بقدره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
ثم بعد أن قرر هذا، فيما تقدم من كلام، وذكرنا أيضاً أن القدر يحتج به على المصائب أو يحتج به في المصائب؛ يعني إذا نزلت بالإنسان نازلة فإنه يقول: هذا قدَر الله، قَدّر اللهوما شاء فعل، قَدَر الله وما شاء فعل، فلا بأس أن يحتج بالقدر، لكن في المعايب، في ترك الصلوات، في ترك الواجبات، في فعل المنكرات، لا يسوغ للإنسان أن يقول:هذا قدر الله، ويجعل ذلك مسوَّغاً وعذراً له في ترك الطاعة، أو في ارتكاب المحرّم.
فالقدر يحتج به في المصائب لا في المعايب. المصائب جمع مصيبة، و المعايب جمع معيب، عيب، يعني لا يحتج به فيما يعاب فيه الإنسان؛ لأن العيب يمكن أن يتخلص منه وينفك بفعل ما يقتضي الفضل والمدح، ويسلم به من العيب. المؤلف -رحمه الله- بعد أن قرر ما تقدم، أتى بما هو شبهة لبعض من يحتج بالقدر في معارضة الشرع، وهو ما جرى من المحاجّة بين آدم وموسى -عليهما السلام- فالمحاجة بين آدم وموسى ثبتت في الصحيحين من قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (احتج آدم وموسى) والمحاجة هي المناقشة والمخاصمة، فقال موسى في معرض الاحتجاج على أبيه، على أبي البشر، آدم: (أنت آدم الذي خلقك الله بيده). وذكر خصائص أو بعض ما اختص الله به آدم -عليه السلام-:
· (خلقك الله بيده)هذا واحد.
· (ونفخ فيك من روحه)اثنان.
· (وأسجد لك ملائكته)ثلاثة.
· (وعلّمك أسماء كل شيء)أربعة.
ثم ما الذي وقع عليه الاعتراض والمحاجة؟ قال: (فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟) فالمعارضة من موسى -عليه السلام- والمحاجّة من موسى-عليه السلام- لآدم في أي شيء؟ هل هي في الذنب الذي كان سبب الإخراج؟ أو في ثَمَرَةِ وما ترتب على ذلك الذنب؟ الكلام والمحاجة كانت في ما ترتب على ذلك الذنب، وهو الإخراج.لم يقل له: لماذا عصيت الله؟ لماذا أكلت من الشجرة والله نهاك عنها؟ فإن هذا لم يكن محل المحاجة،ولا كان موسى قائلاً ذلك أو محتجّاً على آدم فيه؛ لأن موسى يعلم أنه قد تاب منه وغفر له، قال الله جل وعلا: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾([3]). وموسى من العلم بربه والمعرفة به وبشرعه، ما يجعله لا ينكر، أو لا يعيب على مذنب ذنباً تاب منه، ومعلوم أن الله -جل وعلا- نهانا أن نثرَّب على التائب بعد توبته، وعلى المذنب بعد ذنبه، فإن التوبة تهدم ما كان قبلها، والإصلاح يزيل الإفساد، والحسنات يذهبن السيئات.
فلم يكن محلّالمحاجة بين آدم وموسى في المعصية والذنب، إنما كانت المحاجة فيما ترتب على الذنب من المصيبة، وهي الخروج من الجنة.
ولذلك جاء المؤلف -رحمه الله- بهذه الرواية الصريحة في محل المحاجة قال: (فلماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟). ولو كانت المحاجة في الذنب، لما كان لنا دخل في الموضوع؛ لأن الذنب اختص بآدم -عليه السلام- والكلام هنا ليس فيما يتعلق بآدم، بنا أولاً ولذلك قال:(فلماذا أخرجتنا)ثم عاد (ونفسك من الجنة؟).فهذا يدل على أن المناقشة والمحاجةلم تكن فيما يتعلق بالذنب، إنما فيما ترتب على الذنب من مصيبة، وهي الخروج من الجنة.
قال: (فقال آدم –هذا جواب آدم عليه السلام-: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه). فذكر خاصتين من خصائص موسى -عليه السلام-:
أن الله اصطفاه برسالاته، وهذا لا يخص موسى عن غيره؛ بل هو مشترك لكل من خصه الله برسالة: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾([4]).
ثم أتى بما اختص به دون غيره، وهو قوله: (وبكلامه)، فموسى -عليه السلام- خصه الله بهذه الخاصية، التي ليست لأحد، وهي أنه كلّمه -جل وعلا-.
فما الذي اختص به موسى من الكلام؟ هل هو أصل الكلام؟
الجواب: لا؛ لأن الله كلم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وكلّم غيره من الرسل، لكن الذي خصّالله -جل وعلا- به موسى دون غيره من الرسل: أنه ابتدأ إليه الوحي بالتكليم مباشرة، بخلاف ما جرت به العادة في إرسال الرسل أنه يبعث إليهم رسولاً. هذا واحد.
الثاني الذي اختص به موسى -عليه السلام- عن بقية الرسل في مسألة الكلام: أن الله -جل وعلا- خصه بكلام لم ينله أحد، أو لم ينل أحد منه مثل ما نال موسى عليه السلام، أما كيف؟ فالله أعلم.
ويدل على تخصيص موسى -عليه السلام- أن الله-جل و علا- ذكر الإيحاء: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾([5]). وذكر من أوحى إليهم -جل وعلا- من الرسل، ثم ذكر بعد ذلك ما خص به موسى: ﴿وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾([6]). فدلّ ذلك على أن موسى اختص من الوحي بما لم ينله من قبله.
على كلِّ حال، هذا ليس محل الشاهد في الحديث، يقول في جواب آدم -عليه السلام- لموسى: (فهل وجدت ذلك) المشار إليه هل هو الذنب أو الخروج؟ الخروج. (فهل وجدت ذلك مكتوباً عليّ قبل أن أخلق؟ قال: نعم، فحج آدم موسى). فالمحاجة هنا ليست في الذنب، فلا دليل في هذا الحديث على جواز الاحتجاج بالقدر على الذنوب والمعاصي؛ بل المحاجة هنا في المصيبة التي ترتبت على الذنب، ومعلوم أن المصائب يحتج فيها بالقدر، وأما المعايب فلا يحتج.
هذا الوجه الذي أجاب به الشيخ -رحمه الله- عن هذا الاحتجاج، أو عن هذا الحديث، أو عمّن يستدل بهذا الحديث على جواز الاحتجاج بالقدر في الذنوب والمعاصي.
وأجاب ابن القيم -رحمه الله- جواباً آخر، وهو مسدّد وجيد، وهو أنّ على التسليم بأن المحاجة كانت في المعصية التي وقعت من آدم، فإنه يجوز الاحتجاج بالقدر على الذنب الذي تاب منه الإنسان. فمثلاً إنسان وقع في معصية، ثم تاب منها وندم واستغفر، وجاءه شخص، وقال: أنت فيك، وأنت وقعت في كذا وكذا من الذنوب، وقد تاب منها، فله أن يقول: ذلك أمر قدّره الله علي، وتبتُ منه.
وهذا وجه آخر مما يحتج فيه بالقدر على الذنب؛ لكن بعد التوبة منه، لا حال الإصرار عليه، فإن حال الإصرار عليه يلحق الإنسان بالمشركين والمعتدين، بل بإبليس، عليه من الله ما يستحق، حيث قَالَ: ﴿رَبِّبِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾([7]). فاحتج بقدر الله -عز وجل- على ما وقع منه من معصية. نعم.
قال -رحمه الله-:
(فكان العمل والمصيبة المترتبة عليه مقدراً، وما قدر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضا بالله ربّاً. وأما الذنوب، فليس للعبد أن يذنب).
معنى الاستسلام أي أن لا يضجر ولايسخط، أما إذا كان يمكن أن يرفع ويخفف فهذا مطلوب؛ فإذا نزلت بالإنسان مصيبة يمكنه تخفيفها بسؤال الله أو بأخذ ما يسّره الله من الأسباب فهذا مطلوب.
لكن إذا كان ذلك خارجاً عن قدرته وليس في مقدوره التخفيف، فهنا يجب أن يستسلم لقضاء الله عز وجل ولا يضجر، ويعلم أن ما قدّره الله عليه هو الخير؛ لأنه جل وعلا المقدم المؤخر الذي يقدم لعبده الخير ويؤخر عنه الشر، نعم.
(وأما الذنوب، فليس للعبد أن يذنب،وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب،فيتوبمن المعايب ويصبر على المصائب. قال تعالى:﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾([8]). وقال تعالى:﴿وَإِنتَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَيَضُرُّكُمْكَيْدُهُمْشَيْئًا﴾([9]). وقال: ﴿وَإِنتَصْبِرُواوَتَتَّقُوافَإِنَّذَلِكَمِنْعَزْمِالأُمُورِ﴾([10]). وقال يوسفعليه السلام:﴿إِنَّهُمَنيَتَّقِوَيِصْبِرْفَإِنَّاللّهَلاَيُضِيعُأَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾([11])).
كل هذه الأدلة تدل على ما ذكره المؤلف رحمه الله من وجوب التوبة من الذنوب ووجوب الصبر على المصائب، وهي ما يكرهه الإنسان وما لا يلائم الطبع مما ينزل به، فيجب عليه أن يصبر، وأن يحتسب حلاوة أجر ذلك عند الله عز وجل، وأن لا يضجر، فإن الصبر واجب، الصبر على أقدار الله واجب، والذي اختلف فيه العلماء من حيث الوجوب هو الرضا، هل يجب عليه أن يرضى أو لا ؟ على قولين، أما الصبر فلا خلاف في وجوبه، وهو من آكد الواجبات؛ بل لا يستقيم دين الإنسان إلا بالصبر، فإن الصبر به يحصل الإنسان ما يفوز به في الدنيا والآخرة: الصبر على الطاعة، الصبر عن المعصية، الصبر على أقدار الله المؤلمة.
وهذه الآيات كلها دالة على وجوب التوبة من الذنوب والصبر على المصائب: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾([12]). والآيات الباقية كهذه، فالرضا قيل: إنه واجب وقيل: إنه مستحب.نعم.
(فصل: وجوب الأمر بالمعروف
وكذلك ذنوب العباد، يجب على العبد فيها أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بحسب قدرته، ويجاهد في سبيل الله الكفار والمنافقين، ويوالي أولياء الله، ويعادي أعداء الله، ويحب في الله ويبغض في الله).
هذا الفصل فيه تقرير أن من تمام العبودية،بل من تحقيق العبودية لله –عز وجل- ما ذكره المؤلف -رحمه الله- من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمجاهدة في سبيل الله، وموالاة أولياء الله ومعاداةأعدائه، والحب والبغض فيه –جل وعلا-،هذا كله من موجَبات العبادة ومن مقتضياتها، ومما يترتب على تحقيق العبودية.
وهو بهذا يرد على الصوفية الذين يقولون بخلاف هذا،فيقولون: لا تحب، ولا تكره، فكل ما شاءه الله فهو محبوب له، كل ما يقع من خير أو شر فهو محبوب لله -عز وجل-،ولو لم يكن محبوباً له لما أراده وأوقعه. وهذا كذب على رب العالمين،فإن الله –جل وعلا- أخبر في كتابه أنه يحب المتقين، المحسنين، الصابرين، ويبغض الكافرين والفاسقين والظالمين، فيجب محبة من أحبه الله، ويجب بغض من أبغضه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولا تستقيم عبودية لشخص إلا بهذا. نعم.
(كما قالتعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾([13]). وقال تعالى:﴿لاتَجِدُقَوْمًايُؤْمِنُونَبِاللَّهِوَالْيَوْمِالآخِرِيُوَادُّونَمَنْ حَادَّاللَّهَوَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَكَتَبَفِيقُلُوبِهِمُ الإِيمَانَوَأَيَّدَهُمبِرُوحٍمِّنْهُ﴾([14])).
كل هذه الآيات تقرر وجوب محبة أولياء الله عز وجل ووجوب معاداة أعدائه سبحانه وتعالى، وأن الحب والبغض من أصول الإيمان التي لا يتم إيمان أحد إلا بها؛ فإنها من تمام محبة الله ومن تمام الكفر بالطاغوت.
من تمام محبة الله أن تحب أولياءه، وأن تعادي أعداءه.
ومن تمام الكفر بالطاغوت أن تبغض أعداء الله عز وجل الذين يؤمنون بالطاغوت ويعظمونه.
وهذا أصل لم يكن فيه ريب عند السلف الصالح؛ بل هو أمر واضح يدركه كل أحد ويفهمه كل من يفقه اللسان ويقرأ الكتاب، فإن الله جل وعلا قرّر ذلك بما لا شبهة فيه ولا شك ولا ريب؛ بل((أوثق عرا الإيمان- كما في حديث ابن عباس -:الحب في الله والبغض في الله))([15])أوثق عرا الإيمان وآكدها: الحب في الله والبغض في الله.
وما يدعى إليه اليوم من عدم كراهية الكافرين، ويسمون الولاء:إشاعة الكراهية والأحقادوالبغضبين بني الإنسان. هذا كله يرده القرآن، واسمع إلى ما ذكره الله -جل وعلا- في حق من سوّى بين أهل الإيمان وأهل الفسق، بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، يقول الله تعالى:
(وقال:﴿أَفَنَجْعَلُالْمُسْلِمِينَكَالْمُجْرِمِينَ ﴾([16])).
هذا استفهام إنكار، أي لا يمكن، لا يمكن أن نسوَّي بين المسلمين والمجرمين، فمقتضى عدل رب العالمين وحكمته ورحمته:أن لا يُسَوَّى بين أهل الإسلام وأهل الإجرام، وكل من سَوَّى بين أهل الإسلام وأهل الإجرام، فقد ضادَّ الله -عز وجل- في شرعه؛ لأن هذا مقرر في آيات عظيمة وكثيرة، منها هذه الآية وما سيأتي.
قال رحمه الله:
(وقال:﴿أَمْنَجْعَلُالَّذِينَآمَنُواوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِكَالْمُفْسِدِينَفِيالأَرْضِأَمْنَجْعَلُالْمُتَّقِينَكَالْفُجَّار﴾،([17]). وقال تعالى:﴿أًمْحَسِبَالَّذِينَاجْتَرَحُواالسَّيِّئَاتِأّننَّجْعَلَهُمْكَالَّذِينَ آمَنُواوَعَمِلُواالصَّالِحَاتِسَوَاءًمَّحْيَاهُموَمَمَاتُهُمْسَاء مَايَحْكُمُونَ﴾([18]). وقال تعالى:﴿وَمَايَسْتَوِيالأَعْمَىوَالْبَصِيرُ(19)وَلاالظُّلُمَاتُوَلاالنُّورُ (20) وَلاالظِّلُّوَلاالْحَرُورُ (21) وَمَايَسْتَوِيالأَحْيَاءُوَلاالأَمْوَاتُ﴾([19]). وقال تعالى:﴿ضَرَبَاللَّهُمَثَلاًرَّجُلاًفِيهِ شُرَكَاءُمُتَشَاكِسُونَوَرَجُلاًسَلَمًالِّرَجُلٍهَلْيَسْتَوِيَانِمَثَلاً﴾([20]) ).
(هل)هنا بمعنى: لا، استفهام، معناه النفي، أي لا يستويان مثلاً. نعم.
(وقال تعالى:﴿ضَرَبَاللّهُمَثَلاًعَبْدًا مَّمْلُوكًالاَّيَقْدِرُعَلَىشَيْءٍوَمَنرَّزَقْنَاهُمِنَّارِزْقًاحَسَنًا فَهُوَيُنفِقُمِنْهُسِرًّاوَجَهْرًاهَلْيَسْتَوُونَالْحَمْدُلِلّهِ بَلْأَكْثَرُهُمْلاَيَعْلَمُونَ (75)وَضَرَبَاللّهُمَثَلاًرَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَاأَبْكَمُلاَيَقْدِرُعَلَىَشَيْءٍ وَهُوَكَلٌّعَلَى مَوْلاهُأَيْنَمَايُوَجِّههُّلاَيَأْتِبِخَيْرٍهَلْيَسْتَوِيهُوَوَمَن يَأْمُرُبِالْعَدْلِوَهُوَعَلَىصِرَاطٍمُّسْتَقِيمٍ﴾([21]). وقال تعالى:﴿لايَسْتَوِيأَصْحَابُالنَّارِوَأَصْحَابُ الْجَنَّةِأَصْحَابُالْجَنَّةِهُمُالْفَائِزُون﴾([22])).
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.﴿لايَسْتَوِيأَصْحَابُالنَّارِوَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾لا في الدنيا ولا في الآخرة، فأعظم الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان يكون يوم القيامة عندما ينقسم الناس إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، وهم أيضاً يفترقون في الدنيا؛ يفترقون في الدنيا والآخرة.
أما افتراقهم في الدنيا: فللمسلم من الأحكام ما يخصه، وللكفار من الأحكام ما يخصه.
والكفار في الدنيا ليسوا على درجة واحدة، بل هم على درجات:
فمنهم الحربي مباح الدم والمال.
ومنهم المستأمن، والمعاهد، والذمي الذي حفظ الله دمه وماله وعصم دمه وماله بما له من عهد وذمة وأمان، وهو دون المسلم على كل حال؛ دون المسلم فيما يجب له من الحقوق وإن كان محفوظ الدم والمال، معصوم الدم والمال.
فقوله تعالى:﴿لايَسْتَوِيأَصْحَابُالنَّارِوَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾هذا في الدنيا وفي الآخرة، ولكنه يظهر تماماً في الآخرة، عندما ينقسم الناس إلى فريقين.
قال رحمه الله:
(ونظائر ذلك مما يفرق الله فيه بين أهل الحق والباطل، وأهل الطاعة وأهل المعصية، وأهل البر وأهل الفجور، وأهل الهدى والضلال، وأهل الغي والرشاد، وأهل الصدق والكذب.
فمن شهد الحقيقة الكونية دون الحقيقة الدينية، سوّى بين هذه الأجناس المختلفة التي فرّق الله بينها غاية التفريق).
رجع الشيخ الآن -بعد أن قرر ما يعتقده أهل السنة والجماعة، وما دلّت عليه النصوص، رجع- إلى الكلام عن المنحرفين في العبودية، وهم الصوفية، الذين سوّوا بين هؤلاء جميعاً، سوّوا بين أهل الطاعة وأهل المعصية، أهل البر وأهل الفجور، أهل الهدى وأهل الضلال، أهل الغي وأهل الرشاد، أهل الإسلام وأهل الإجرام، سوّوا بينهم.
رجع الشيخ -رحمه الله- إلى نقض كلامهم وبيان فساد قولهم، يقول: (فمن شهد الحقيقة الكونية دون الحقيقة الدينية). الحقيقة الكونية، ما هي؟ أن الجميع عبيد لله –عز وجل- وأن ما شاء الله كان، يعني وأن كل شيء في الكون فهو مراد لله -عز وجل- محبوب له، هذا معنى شهود الحقيقة الكونية.
أما شهود الحقيقة الدينية، فهذا هو الواجب، الذي تعبّد الله به الناس، تعبد الله به بني آدم؛ أن يشهدوا الحقيقة الدينية، وهو أن ينظروا ما يحبه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيفعلوه، وينظروا إلى ما يكره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيتركوه، (فمن شهد الحقيقة الكونية)وهم الصوفية (دون الحقيقة الدينية، سوّى بين هذه الأصناف المختلفة، التي فرق الله بينها غاية التفريق). نعم.
(حتى تؤول به هذه التسوية إلى أن يسوي بين الله و بين الأصنام، كما قال تعالى عنهم:﴿تَاللَّهِإِنكُنَّالَفِي ضَلالٍمُّبِينٍ(97)إِذْنُسَوِّيكُمبِرَبِّ الْعَالَمِينَ(98)﴾([23])).
ولا تعجب، لا تعجب أن يسوّى بين الأصنام وبين الله -عز وجل-، فإنّمآل هذا القول أنك لا تنكر على من عبد الأصنام؛ لأنه إنما عبد الله -جل وعلا- وهذه العبادة مرضية محبوبة له، ولو لم يكن يحبها -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لما وقعت، وهذا يضيق عنه تصوّر من سلمت قلوبهم من هذه الآفات، وهذه البدع. لكن إذا قرأت في كلام أمثال ابن عربي وابن سبعين، تجد أن هذا الكلام يقرّر تقريراً واضحاً بيّناً، حتى إنّ ابن عربي يقول:
"عقد الخلائق في الإله عقائداً***............................
يعني اعتقد الناس-الخلائق- في الإله عقائد مختلفة، والشطر الثاني، مفاده: (وقدجمعت تلك العقائد كلها) أي إنه اعتقد جميع ما يعتقده الخلائق، فاعتقد ما يعتقده عباد النار، اعتقد ما يعتقده عباد الصلبان، اعتقد ما اعتقده عباد الأوثان، اعتقد ما اعتقده كل من عبد غير الله -عز وجل-، ولاشك أن هذا كفر بالله العظيم؛ لأنه يرى أن كل من عبد شيئاً من دون الله، فهو قد عبد الله -جل وعلا-؛ لأن عنده أنّ الله هو كل هذا الكون، فليس فرق بين العبد والرب.
الرب عبد والعبد رب*** فليت شعري من المكلف
كما يقول، المراد أن مآل هذا القول: التسوية بين الله -عز وجل- والأصنام، كما هي حال أهل الشرك والأوثان: ﴿تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(98)﴾([24]).
(بل قد آل الأمر بهؤلاء إلى أن سوّوا الله بكل موجود، وجعلوا ما يستحقه من العبادة والطاعة حقّاً لكل موجود، إذ جعلوه هو وجود المخلوقات، وهذا من أعظم الكفر والإلحاد برب العباد.
وهؤلاء يصل بهم الكفر إلى أنهم لا يشهدون أنهم عباد، لا بمعنى أنهم مُعَبَّدُون([25])، و لا بمعنى أنهم عابدون،إذ يشهدون أنفسهم هي الحق، كما صرح بذلك طواغيتهم، كابن عربي صاحب الفصوص وأمثاله الملحدين المفترين كابن سبعين وأمثاله، ويشهدون أنهم هم العابدون والمَعْبُودُون).
والذي ينقل عنهم: ما في الجبة إلا الله، وسبحاني ما أعظم شاني، وما أشبه ذلك من الكلام الكفري، حيث يعتقدون أنهم أرباب، يعتقدون أنهم الله -جل وعلا- وأن الله قد حلّ فيهم واتحد بهم، وهؤلاء هم أهل وحدة الوجود، الذين يقولون بأن الله قد حل في كل شيء، فليس هناك فرق بين الخالق والمخلوق، وهذا معنى البيت الذي ذكرته قبل قليل عن ابن عربي:
الرب عبد والعبد رب*** فليت شعري من المكلف
فسوّى بين الرب والعبد، فالعبد هو الرب والرب هو العبد. فليس عنده خالق ومخلوق، ولا رب ومربوب، ولا إله معبود وعابد متأله، بل الجميع واحد، وهذه أقوال يَعجب كيف يقولها أصحابها، لكن :﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(46)﴾([26]). نعوذ بالله من الضّلال.
(وهذا ليس بشهود لحقيقة، لا كونية ولا دينية، بل هو ضلال وعمى عن شهود الحقيقة الكونية، حيث جعلوا وجود الخالق هو وجود المخلوق، وجعلوا كل وصف مذموم وممدوح، نعتاً للخالق والمخلوق، إذ وجود هذا هو وجود هذا عندهم، وأما المؤمنون بالله ورسوله، عوامهم وخواصهم، الذين هم أهل الكتاب- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:((إن لله أهلين من الناس))قيل: من هم يا رسول الله؟ قال:((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته))([27])-فهؤلاء يعلمون أن الله رب كل شيء، ومليكه وخالقه، وأن الخالق -سبحانه- مباين للمخلوق، ليس هو حالاًّ فيه ولا متّحداً به، ولا وجوده وجوده.
و النصارى إنّما كفّرهم الله بأن قالوا بالحلول واتحاد الرب بالمسيح خاصة، فكيف من جعل ذلك عامّاً، في كل مخلوق، ويعلمون مع ذلك أن الله أمر بطاعته وطاعة رسوله، ونهى عن معصيته ومعصية رسوله، و أنه لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنّ على الخلق أن يعبدوه، فيطيعوا أمره، ويستعينوا به على كل ذلك، كما قال في فاتحة الكتاب :﴿إِيَّاكَنَعْبُدُوإِيَّاكَنَسْتَعِينُ﴾([28])).
ذكر -رحمه الله- ما يعتقده أهل الإيمان بعد أن ذكر عقيدة أهل الإلحاد، من أهل وحدة الوجود الذين ذكرنا شيئاً من عقائدهم، قال:(وأمّا المؤمنون بالله ورسوله، عوامهم وخواصهم الذين هم أهل القرآن) وأضيفوا للقرآن لأنهم يعتدون به ويصدرون عنه، ويعظمونه ويأخذون به (كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((إن لله أهلين من الناس))، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال:((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)).فهؤلاء) ماذا يعتقدون؟ (يعلمون أن الله رب كل شيء، ومليكه، وخالقه، وأن الخالق –سبحانه- مباين للمخلوق). خلافاً لما يعتقده أهل وحدة الوجود الاتّحادية، الذين يعتقدون بأن الرب هو المربوب، وأن الخالق هو المخلوق، حتى إنه لما أورد عليهم، أورد على [العفيف] التلمساني، أن القرآن يفرّق بين الرب والمربوب، والخالق والمخلوق، فأجاب لمن أورد عليه، قال: القرآن كله شرك، والتوحيد في كلامنا. وهذا كفر بالله العظيم، ولماذا قال: إنالقرآن كله شرك؟لأن أي أحد يقرأ القرآن يدرك أن الله -عز وجل- فرّق بين العابد والمعبود: ﴿إِيَّاكَنَعْبُدُوإِيَّاكَنَسْتَعِينُ﴾. فهناك معبود مستعان به وهناك مستعين عابد، في فاتحة الكتاب، وهم عندهم أن المعبود هو العابد وأن المستعان هو المعين، لا فرق، فهم أهل التوحيد بزعمهم.
وهم أشد كفراً من النصارى؛ لأن النصارى اعتقدوا أن الله -عز وجل- حلّ في المسيح، فكفَّرهم الله -عز وجل- : ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾([29]). فكيف بمن يعتقد أن الله قد حلّ في كل شيء، لا ينزّهون الله عن الحشوش، لا ينزهون الله عن الحيوانات، بل المستحقرات من الحيوانات، كما ذكرنا في درس سابق حيث يقولون: (وما الكلب والخنزير إلا إلهنا)، فجعلوا الإله الكلب والخنزير، تعالى الله عما يقولون علوّاً كبيراً، (وما الله إلا راهب في كنيسةِ).
يجيب الشيخ عليهم يقول -رحمه الله-: (فهؤلاء يعلمون أن الله رب كل شيء، ومليكه، وخالقه، و أن الخالق سبحانه مباين للمخلوق، ليس هو حالاًّ فيه ولا متحداً به، ولا وجوده وجوده). أي وجود المخلوق.
ثم عاد فقالفي بيان ما يعتقده أهل السنة: (ويعلمون مع ذلك أن الله أمر بطاعته، وطاعة رسوله، ونهى عن معصيته، ومعصية رسوله، و أنه لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر) مع أنه قضى بأن يكون مؤمن وكافر، بأن يكون مؤمن به وكافر به، وهذا لا يعارض أنه يكره الكفر ولا يحبه؛ لأنه قضى ذلك لحكمة. (وأن على الخلق أن يعبدوه فيطيعوا أمره، ويستعينوا به على كل ذلك، كما قال في فاتحة الكتاب: ﴿إِيَّاكَنَعْبُدُوإِيَّاكَنَسْتَعِينُ﴾). نعم.
(ومن عبادته وطاعته: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بحسب الإمكان، والجهاد في سبيله لأهل الكفر والنفاق، فيجتهدون في إقامة دينه، مستعينين به، دافعين مزيلين بذلك ما قدّر من السيئات، دافعين بذلك ما قد يخاف من ذلك، كما يزيل الإنسان الجوع الحاضر بالأكل، ويدفع به الجوع المستقبل، وكذلك إذا آن أوان البرد دفعه باللباس، وكذلك كل مطلوب يدفع به مكروه، كما قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقاة نتقيبها، هل تردّ من قدر الله شيئاً؟ فقال: ((هي من قدر الله))([30]). وفي الحديث: ((إن الدعاء والبلاء ليلتقيان فيعتلجان بين السماء والأرض))([31])).
أي يتدافعان، يتدافعان فيقضي الله لهما: إما أن يمضي القدر، وإما أن يمضي الدعاء وفق حكمته -جل وعلا- وإرادته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.
([2]) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب وفاة موسى وذِكْرِه بعدُ، رقم: (3409)، ومسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، رقم: (2652) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة.
([15]) أحمد(18053)، والطيالسي(1/101) من طريق ليث بن أبي سليم عن عمرو بن مرة عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب .