×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / دروس العقيدة / رسالة العبودية / الدرس (12) والأخير من شرح رسالة العبودية

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس (12)  والأخير من شرح رسالة العبودية
00:00:01

 (ثم كثيرا ما يذكر بعض الشيوخ أنه يحتج على قول القائل: الله، بقوله: ﴿قل الله ثم ذرهم﴾([1]). ويظن أن الله أمر نبيه بأن يقول الاسم المفرد، وهذا غلط باتفاق أهل العلم، فإن قوله: ﴿قل الله﴾ معناه: الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى، وهو جواب لقوله: ﴿قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله﴾([2]) أي: الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى، رد بذلك قول من قال: ﴿ما أنزل الله على بشر من شيء﴾، فقال: ﴿من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى﴾ ثم قال: قل الله أنزله، ثم ذر هؤلاء المكذبين في خوضهم يلعبون). ما زال الشيخ –رحمه الله- يتكلم في مسألة ذكر الله -جل وعلا- بالاسم المفرد، هل يشرع ذكر الله –عز وجل- بالاسم المفرد أو لا؟ الجواب: أنه غير مشروع، بل هو بدعة، فإن الله –سبحانه وتعالى- لم يأمرنا في ذكر من الأذكار إلا بذكر فيه فائدة، أي إنه يفيد معنى، أما الاسم المفرد فلا فائدة منه، فهو لا يفيد نفيا ولا إثباتا، ولا إيمانا ولا كفرا، ولو قال إنسان: الله، الله ، الله. إلى أن يموت دون أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فإنه لا يعد بذلك مسلما. يقول: (ثم كثيرا ما يذكر بعض الشيوخ أنه يحتج على قول القائل: الله) يعني الذكر بالاسم المفرد (بقوله: ﴿قل الله ثم ذرهم﴾)  أي في قوله تعالى:﴿قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله﴾. واضح لكل من يفهم اللغة أن هذا جواب سؤال، وليس قولا مفردا مأمورا به على وجه الاستقلال، ويؤكد هذا ما يذكره الشيخ -رحمه الله- مما نقله عن أئمة اللغة.  (ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاما، ولا يحكون به ما كان قولا، فالقول لا يحكى به إلا كلام تام أو جملة اسمية أو جملة فعلية، ولهذا يكسرون إن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم، والله تعالى لا يأمر أحدا بذكر اسم مفرد، ولا شرع للمسلمين اسما مفردا). هذا واضح، يقول -رحمه الله-:(ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاما) يعني يحكون بعد القول ما كان كلاما، والكلام هو ما أفاد؛ لأنه لا يطلق في كلام العرب الكلام إلا على ما يفيد، كما سيبين الشيخ -رحمه الله- (لا يحكون به ما كان قولا) يعني: ما كان لا فائدة فيه من الكلام أو من القول فإنه لا يحكى به ما لا فائدة فيه. ومعلوم أنه إذا قال:﴿قل الله﴾والمقصود الاسم مفردا مقطوعا عن السؤال المتقدم وأنه ليس جوابا للسؤال فإنه لا يفيد . ما معنى قوله:﴿قل الله﴾؟  ما معنى (الله) مجردا عن إثبات أو نفي؟ فإنه لا يفيد معنى، يقول:(فالقول لا يحكى به إلا كلام تام) يعني: كلام تام يحصل به معنى مفيد(أو جملة اسمية أو جملة فعلية) الظاهر أن (أو) هذه إما زائدة(لا يحكى به إلا كلام تام جملة اسمية أو جملة فعلية)  (ولهذا يكسرون إن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم) كما يقول هؤلاء في ﴿قل الله﴾. (والله تعالى لا يأمر أحدا بذكر اسم مفرد)، ولا شرع للمسلمينذلك. ثم يقول -في الوجه الثاني، أو في ذكر أوجه رد هذا الأمر وهذه البدعة، وهي ذكر الله-عز وجل-بالاسم المفرد، يقول-: (والاسم المجرد لا يفيد شيئا من الإيمان باتفاق أهل الإسلام، ولا يؤمر به في شيء من العبادات ولا في شيء من المخاطبات). (الاسم المفرد المجرد لا يفيد شيئا من الإيمان) يعني لا يثبت به إيمان ولا اعتقاد؛ لأنه مجرد عن نفي أو إثبات، فلا فائدة من الذكر بالاسم المجرد يقول: (باتفاق أهل الإسلام). قال:(ولا يؤمر به في شيء من العبادات) أمر إيجاب ولا أمر استحباب، ما قال الله -جل وعلا-لنا في عبادة من العبادات: قولوا: الله هكذا مجردة (ولا في شيء من المخاطبات) يعني: سواء في خطابك لغيرك أو كتابتك أو ما إلى ذلك. يقول: (ونظير من اقتصر على الاسم المفرد ما يذكر أن بعض الأعراب مر بمؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله بالنصب فقال: ماذا يقول هذا؟ هذا الاسم فأين الخبر عنه الذي يتم به الكلام؟). نعم، فالذي يقول: أشهد أن محمدا رسول الله. ما أفاد معنى؛ لأن (رسول)ستكون صفة لمحمد وهو اسم لم يأت خبره؛ ولذلك قال هذا الذي سمع هذا القول: أين الخبر؟ يقول:(ماذا يقول هذا؟ هذا الاسم فأين الخبر عنه الذي يتم به الكلام؟). ولذلك من أذن بهذا الأذان فإن أذانه لا يصح، يعني إذا قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله ما صح أذانه؛ لأنه لم يأت بما أمر به من الشهادة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، ولا يأتي ذلك إلا بالرفع أن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله حتى يتم الجملة ويتم الكلام ويعطي كلاما مفيدا. (وما في القرآن من قوله: ‏﴿واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا(8)‏﴾([3])‏، وقوله: ‏﴿‏ سبح اسم ربك الأعلى‏﴾([4])‏‏، وقوله:‏﴿قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (15)﴾([5])‏‏، وقوله: ‏﴿‏فسبح باسم ربك العظيم (74)‏﴾‏([6])‏‏ ونحو ذلك لا يقتضي ذكره مفردا. بل في السنن أنه لما نزل قوله: ‏﴿فسبح باسم ربك العظيم (74)‏﴾‏ قال: ((اجعلوها في ركوعكم)). ولما نزل قوله:‏﴿سبح ‏اسم ربك الأعلى‏﴾‏ قال: ((اجعلوها في سجودكم))([7]). فشرع لهم أن يقولوا في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى. وفي الصحيح أنه كان يقول في ركوعه: ((سبحان ربي العظيم))، وفي سجوده: ((سبحان ربي الأعلى))([8]). وهذا هو معنى قوله: ((اجعلوها في ركوعكم، وسجودكم)) باتفاق المسلمين. فتسبيح اسم ربه الأعلى وذكر اسم ربه ونحو ذلك هو بالكلام التام المفيد، كما في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))([9]). وفي الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))([10]). وفي الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من قال في يومه مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. كتب الله له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه. ومن قال في يومه مائة مرة: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر))([11]). وفي الموطأ وغيره عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))([12]). وفي سنن ابن ماجه وغيره عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله))([13]). ومثل هذه الأحاديث كثيرة في أنواع ما يقال من الذكر والدعاء). كل هذه الأحاديث الكلام فيها مفيد؛ أي إن الذكر فيها ليس ذكرا باسم مفرد مجرد، بل ذكر بما له فائدة. فقول القائل: (سبحان الله) أي: أنزه الله، وتنزيه الله -جل وعلا- عن العيب وعن النقص في صفاته وعن مماثلة المخلوقين، هذا كله مما يدخل في قولك: سبحان الله.  (والحمد لله) هذا فيه إثبات صفات الكمال للرب -جل وعلا-، فيه إثبات الأفعال الجليلة والأسماء الحسنة والصفات العليا له -جل وعلا-. (لا إله إلا الله)فيه إثبات الإلهية. (الله أكبر)فيه إثبات الكبرياء له -جل وعلا- وأنه أكبر من كل شيء. كل هذا كلام مفيد يحيا به القلب ويورث إيمانا وبصيرة وعلما نافعا، بخلاف الذكر بالاسم المفرد. هذا مقصود الشيخ -رحمه الله- من ذكر هذه الأذكار. ثم هذه الفضائل المذكورة في هذه الأحاديث، لا بد أن نستحضر قاعدة مهمة في كل ما رتب عليه فضل من الأقوال والأعمال: أن الفضل في هذا متفاوت بين الناس تفاوتا عظيما، فالأقوال والعبادات الفعلية قدتتفق في الصورة إلا أنها تتفاوت تفاوتا عظيما بما يقوم بقلوب العباد، فإنه فرق بين من قال ذلك معظما مستحضرا ما في هذه الأذكار من المعاني العظيمة الجليلة مؤمنا بها، وبين من قالها لاهيا غافلا عنها، فالاتفاق في الصورة لا يلزم منه الاتفاق في الأجر والثواب، بل بينهما كما بين السماء والأرض من الفضل والرجحان، وهذا يشحذ الهمم إلى أي شيء؟إلى التدبر، وإلى التمعن في هذه الأقوال التي تقال والأذكار التي تذكر، وأن لا يقتصر الإنسان وأن لا يكون همه فقط في الإتيان بها لفظا مع تخلف القلب عن الإيمان بمقتضياتها وما تضمنته من المعاني. أعاننا الله وإياكم على ذلك. يقول رحمه الله: (وكذلك ما في القرآن من قوله تعالى: ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾([14])، وقوله: ﴿فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه﴾([15])إنما هو قول: باسم الله). كما جاء ذلك في السنة، فلو أن الذابح قال عند الذبح: الله. هل تحل ذبيحته؟ الجواب:لا؛ لأنه لم يذكر الذكر المشروع، وهو الذي تحصل به إباحة المذبوح من بهيمة الأنعام وغيره أن يقول: باسم الله. فإذا قال: الله. مجردا عن الاسم لم يستفد إباحة ولا حلا، ولم يتحقق فيه الأمر الذي أمر الله به في قوله: ﴿فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه﴾هذا في الصيد، وفي قوله:﴿فكلوا مما ذكر اسم الله عليه﴾([16])في الذبائح، يقول -رحمه الله-: (وهذا جملة تامة، إما اسمية على أظهر قولي النحاة أو فعلية). المشار إليه قول:(باسم الله)،باسم الله جملة تامة حيث ما وردت، إما جملة اسمية وهو الذي استظهره الشيخ -رحمه الله-، أو فعلية. يعني إما أن تكون جملة اسمية فيقدر فيها اسم، أو فعلية فيقدر فيها فعل. (والتقدير: ذبحي باسم الله). هذا إذا كانت جملة اسمية؛ لأن (ذبح) مصدر، (أو أذبح باسم الله) هذا إذا كانت فعلية. وظاهر كلام الشيخ -رحمه الله- أنه لا يرى ما يذكره كثير من المتكلمين في البسملة من أن التقدير لفعل مؤخر، بل لا بأس بتقديمه؛ لأن الذين يقدرون الجملة في المتعلق بالبسملة يقولون: الجار والمجرور متعلقان بفعل أو باسم مقدر مناسب مؤخر. فالظاهر من فعل الشيخ في التقدير أنه لا يقدره مؤخرا؛ لأن لعدم تقديره مؤخرا شواهد في القرآن كما سيأتي. (وكذلك قول القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، فتقديره: قراءتي "باسم الله" أو: "أقرأ باسم الله". ومن الناس من يضمر في مثل هذا: "ابتدائي باسم الله" أو: "ابتدأت باسم الله". والأول أحسن). يعني: ما يقدر فعلا مناسبا إنما يطلق التقدير بالبداءة، وهذا خلاف ما ينبغي؛ لأن التقدير بالفعل المناسب أولى ولذلك قال الشيخ رحمه الله:(والأول أحسن). ووجه ذلك قال: (لأن الفعل كله مفعول باسم الله، ليس مجرد ابتدائه). يعني: أول الفعل وآخره،معلوم أن الفعل له أول وآخر، فإذا كانت القراءة فإذا قلت:ابتدائي باسم الله. يعني: بقية القراءة ليست باسم الله. والفعل كله باسم الله، وكذلك الذبح، وكذلك الكتابة فيما إذا كان الإنسان يكتب، وكذلك التأليف كله باسم الله. (كما أظهر المضمر في قوله: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾([17])). وهذا يبين أنه لا بأس أن يقدر أن يكون المتعلق مقدما، بفعل مقدم؛ لأنه قال:﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾). (وفي قوله: ﴿بسم الله مجراها ومرساها﴾([18])). هنا متأخر وهو اسم: ﴿مجراها ومرساها﴾. (وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله))([19]). ومن هذا الباب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لربيبه عمر بن أبي سلمة: ((يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك))([20]). فالمراد أن يقول: باسم الله، ليس المراد أن يذكر الاسم مجردا. وكذلك قوله في الحديث الصحيح لعدي بن حاتم: ((إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل))([21]). وكذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل الرجل منزله فذكر اسم الله عند دخوله وعند خروجه وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء))([22]). وأمثال ذلك كثير. وكذلك ما شرع للمسلمين في صلاتهم وأذانهم وحجهم وأعيادهم من ذكر الله تعالى إنما هو بالجملة التامة. كقول المؤذن: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. وقول المصلي: الله أكبر، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، التحيات لله. وقول الملبي: لبيك اللهم لبيك. وأمثال ذلك. فجميع ما شرعه الله من الذكر إنما هو كلام تام، لا اسم مفرد لا مظهر ولا مضمر. وهذا هو الذي يسمى في اللغة كلمة، كقوله: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)). وقوله: ((أفضل كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: (ألا كل شيء ما خلا الله باطل)([23]). ومنه قوله تعالى: ﴿كبرت كلمة تخرج من أفواههم﴾([24]) ،وقوله: ﴿وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا﴾.([25]) وأمثال ذلك مما استعمل فيه لفظ الكلمة في الكتاب والسنة، بل وسائر كلام العرب، فإنما يراد به الجملة التامة، كما كانوا يستعملون الحرف في الاسم، فيقولون: هذا حرف غريب، أي لفظ الاسم غريب. وقسم سيبويه الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، وكل من هذه الأقسام يسمى حرفا، لكن خاصة الثالث أنه حرف جاء بمعنى ليس باسم ولا فعل، وسمى حروف الهجاء باسم الحرف وهي أسماء، ولفظ الحرف يتناول هذه الأسماء وغيرها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))([26]). وقد سأل الخليل أصحابه عن النطق بحرف الزاي من زيد، فقالوا: زاي. فقال: جئتم بالاسم، وإنما الحرف ز. ثم إن النحاة اصطلحوا على أن هذا المسمى في اللغة بالحرف يسمى كلمة، وأن لفظ الحرف يخص لما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، كحروف الجر ونحوها. وأما ألفاظ حروف الهجاء فيعبر تارة بالحرف عن نفس الحرف من اللفظ، وتارة باسم ذلك الحرف. ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده أنه هكذا في لغة العرب). المهم الشيخ -رحمه الله- استطرد في مسألة دلالة الحرف على الاسم، وأنه الأصل في استعمال العرب، وأن تخصيص الحرف بما لا يفيد معنى بذاته وليس باسم ولا فعل، أنه اصطلاح حادث، ولا يحكم بالاصطلاح الحادث على الاستعمال السابق. بل قد ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- في غير ما موضع أن من أسباب عدم فهم النصوص تنزيل معاني ألفاظ النصوص على الاصطلاحات الحادثة، فمثلا قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)). بعض الناس يفهم أن الأجر في قراءة القرآن مجزأ على الحروف الهجائية، يعني مثلا قول :  ﴿قل هو الله أحد﴾([27])يعد القاف حرفا، واللام حرفا، ويقول: إن القاف فيها عشر حسنات، واللام فيها عشر حسنات، وليس هذا المراد، مراد النبي أن كلمة ﴿قل﴾هي عشر حسنات، ولذلك :((لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، إنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف))؛ لأن هذه لا تقرأ ألم ،تقرأ: (ألف لام ميم)، عندنا ثلاث كلمات وليس كلمة واحدة، ولو كانت كلمة واحدة لقرأناها ألم، فالحرف في لغة العرب يطلق على الاسم،وليس على الحرف الهجائي وهو ما لا يفيد معنى في ذاته. فتنزيل النصوص على الاصطلاحات الحادثة يربك في فهم المعنى والمراد. مثل الشيخ -رحمه الله- بالحرف استطرادا، وإلا فالأصل في استعمال الكلمة، يقول -رحمه الله-: (وأمثال ذلك مما استعمل فيه لفظ الكلمة) عاد الكلام إلى الأصل في كلام العرب أن الكلمة لا تطلق إلا على الكلام المفيد، لا تطلق على ما ليس مفيدا من الكلام. حدث اصطلاح عند النحاة: إطلاق الكلمة على اللفظ المجرد الذي لا يفيد معنى تاما، فهم يطلقون الكلمة على الفعل، ويطلقون الكلمة على الاسم، ويطلقون الكلمة على الحرف،وهذا خلاف ما في القرآن وما في استعمال العرب. (ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده أنه هكذا في لغة العرب. ومنهم من يجعل لفظ الكلمة في اللغة لفظا مشتركا بين الاسم مثلا وبين الجملة، ولا يعرف في صريح اللغة من لفظ الكلمة إلا الجملة التامة. والمقصود هنا أن المشروع في ذكر الله سبحانه هو ذكره بجملة تامة، وهو المسمى بالكلام والواحد منه بالكلمة، وهو الذي ينفع القلوب ويحصل به الثواب والأجر، والقرب إلى الله ومعرفته ومحبته وخشيته، وغير ذلك من المطالب العالية والمقاصد السامية.  وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهرا أو مضمرا فلا أصل له، فضلا عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات، وذريعة إلى تصورات وأحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد، كما قد بسط الكلام عليه في غير هذا الموضع). يعني ذكر الشيخ -رحمه الله- في غير هذا الموضع كيف توصلوا بذكر الاسم المفرد إلى أنواع من الضلالات، وذلك أنهم يأمرون المريدين بأن يجلس أحدهم في غرفة مظلمة وينكس رأسه، ويكرر: الله الله الله، ثم يتلقى ما يلقى في قلبه من علوم ومعارف، ويقول: هذه فتوحات. ويقول بعضهم: إنه يتلقى في هذه الحال شيئا لم يتلقه الأنبياء، ويصل إلى مرتبة تفوق مرتبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة المعراج، ومرتبة موسى -عليه السلام-لما كلمه الله عند الطور. المهم أن أنواعا من البدع والضلالات تترتب على هذه البدعة وهي ذكر الله تعالى بالاسم المفرد. وما روي من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الله بالاسم المفرد لا يصح، بل هو حديث موضوع، فإنهم قالوا:إن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم علي بن أبي طالب فقال له: ((قل: الله الله الله)) ثلاث مرات، فكررها علي. وهذا حديث موضوع كما قال الشيخ -رحمه الله-. بل الذكر في شريعة الإسلام لا يكون إلا ذكرا نافعا مفيدا، يعني: يحصل به معنى تام. ********** فصل في جماع الدين وجماع الدين أصلان: 1-أن لا نعبد إلا الله.         2-ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع. كما قال تعالى: ‏﴿‏فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا(110)﴾([28]). وذلك تحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله. ففي الأولى أن لا نعبد إلا إياه. وفي الثانية أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله المبلغ عنه، فعلينا أن نصدق خبره ونطيع أمره، وقد بين لنا ما نعبد الله به، ونهانا عن محدثات الأمور وأخبر أنها ضلالة، قال تعالى: ‏﴿‏بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (112)‏﴾([29]).‏ كما أننا مأمورون أن لا نخاف إلا الله، ولا نتوكل إلا على الله، ولا نرغب إلا إلى الله، ولا نستعين إلا بالله، وأن لا تكون عبادتنا إلا لله، فكذلك نحن مأمورون أن نتبع الرسول ونطيعه ونتأسى به، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، قال تعالى: ‏﴿‏ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون (59)﴾،([30])‏ فجعل الإيتاء لله والرسول، كما قال: ‏﴿‏وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‏﴾([31])‏. وجعل التوكل على الله وحده بقوله: ‏﴿وقالوا حسبنا الله‏﴾([32])‏ ولم يقل: ورسوله، كما قال في وصف الصحابة –رضي الله عنهم- في الآية الأخرى: ‏﴿‏الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173)‏﴾        ([33])ومثله قوله: ‏﴿‏ يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64)﴾([34]) ‏ أي حسبك وحسب المؤمنين، كما قال: ‏﴿أليس الله بكاف عبده﴾‏([35]) .ثم قال:﴿سيؤتينا الله من فضله ورسوله﴾. فجعل الإيتاء لله والرسول، وقدم ذكر الفضل لله لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وله الفضل على رسوله وعلى المؤمنين، وقال: ﴿ إنا إلى الله راغبون (59)﴾([36]). فجعل الرغبة إلى الله وحده، كما في قوله: ﴿فإذا فرغت فانصب (7) وإلى ربك فارغب (8)﴾([37]). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس-رضي الله عنهما-: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله))([38]). والقرآن يدل على مثل هذا في غير موضع. فجعل العبادة والخشية والتقوى لله، وجعل الطاعة والمحبة لله ورسوله، كما في قول نوح عليه السلام: ‏﴿أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون‏﴾([39]).‏ وقوله: ﴿ ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون (52)﴾([40])وأمثال ذلك. فالرسل أمروا بعبادته وحده والرغبة إليه والتوكل عليه، والطاعة لهم، فأضل الشيطان النصارى وأشباههم، فأشركوا بالله وعصوا الرسول ف: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم ﴾([41]). فجعلوا يرغبون إليهم ويتوكلون عليهم ويسألونهم، مع معصيتهم لأمرهم ومخالفتهم لسنتهم. وهدى الله المؤمنين المخلصين لله أهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق واتبعوه، فلم يكونوا من المغضوب عليهم ولا الضالين، فأخلصوا دينهم لله، وأسلموا وجوههم لله، وأنابوا إلى ربهم وأحبوه، ورجوه وخافوه، وسألوه ورغبوا إليه، وفوضوا أمورهم إليه، وتوكلوا عليه، وأطاعوا رسله، وعزروهم ووقروهم، وأحبوهم ووالوهم واتبعوهم، واقتفوا آثارهم واهتدوا بمنارهم، وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، وهو الدين الذي لا يقبل الله من أحد دينا إلا إياه، وهو حقيقة العبادة لرب العالمين. فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه، ويكملنابه ويميتنا عليه، وسائر إخواننا المسلمين، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم). آمين، الحمد لله، الحمد لله، هذا الفصل الأخير تقدم تقريره في كلام المؤلف رحمه الله المتقدم، وجعله -رحمه الله،  وقدس روحه في جنات النعيم، وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، جعله- في خاتمة الرسالة جمعا لأصل الجواب وجامع الجواب، قال: (جماع الدين أصلان: أن لا نعبد إلا الله) وهذا معنى أشهد أن لا إله إلا الله(ولا نعبده إلا بما شرع) أي بما أمر به رسله أمر إيجاب أو أمر استحباب (لا نعبده إلا بما شرع) أي بما جاءت به الرسل، وهذا معنى شهادة أن محمدا رسول الله، وبهذا يتم الدين، وإذا لزم الإنسان هذين الأصلين فقد جمع الله له سبب السعادة، وتحققت له العبودية التي من لزمها تحققت له سعادة الدارين. نسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وسمعنا، وأن يسمعنا وأن يعلمنا ما ينفعنا. وبهذا تكون قد انتهت هذه الرسالة المباركة النافعة، وقد حوت قواعد جليلة وأصولا نافعة يحسن بطالب العلم أن يلخصها وأن يجعلها منه على بال حتى يستفيد. ([1]) سورة : الأنعام (91).  ([2])سورة :  الأنعام (91).  ([3])  سورة : المزمل (8).  ([4])  سورة : الأعلى (1).  ([5])  سورة : الأعلى(14-15).  ([6])  سورة : الواقعة (74).  ([7])أحمد(16961)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، رقم: (869)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسبيح في الركوع والسجود، رقم: (887) من طريق موسى بن أيوب عن عمه عن عقبة بن عامر ([8]) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم: (772) من طريق  سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة.   ([9])        مسلم، كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه، رقم: (2137)، وأحمد(19711) وهو لفظه ، من طريق هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب. ([10]) البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، رقم: (6406)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم: (2694) من طريق عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة. ([11]) البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم: (3293)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم: (2691) من طريق سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة. ([12])الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة، رقم: (3585) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: حديث حسن غريب. ([13])      الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، رقم: (3383)، وابن ماجه، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، رقم: (3800) من طريق موسى بن إبراهيم عن طلحة بن خراش عن جابر، صححه الحاكم وابن حبان. ([14])   سورة : الأنعام (121). ([15])   سورة : المائدة (4). ([16]) سورة : الأنعام (118). ([17]) سورة : العلق (1). ([18]) سورة : هود (41). ([19]) البخاري، كتاب الجمعة، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد وإذا سئل، رقم: (985)، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم: (1960) من طريق الأسود بن قيس عن جندب بن سفيان.       ([20]) البخاري، كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، رقم: (5376)، ومسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، رقم: (2022) من طريق سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان عن عمرو بن سلمة.          ([21]) البخاري، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان... الخ ، رقم: (175)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة، رقم: (1929) من حديث عدي بن حاتم.        ([22])      مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، رقم: (2018) من طريق أبي الزبير عن جابر. ([23])      البخاري، كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية، رقم: (3841)، ومسلم في كتاب الشعر، باب (دون تسمية)، رقم 2256 من طريق عبد الملك بن عمير بن سويد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه. ([24])    سورة : الكهف (5). ([25]) سورة : الأنعام (115). ([26]) الظاهر أن الشيخ رحمه الله أدخل حديثا على آخر، فالجزء الأول منه وهو قوله: (من قرأ القرآن فأعربه فله

المشاهدات:5620


 (ثم كثيراً ما يذكر بعض الشيوخ أنّه يُحتج على قول القائل: الله، بقوله: ﴿قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾([1]). ويظن أن الله أمر نبيه بأن يقول الاسم المفرد، وهذا غلط باتفاق أهل العلم، فإن قوله: ﴿قُلِ الله﴾ معناه: الله الذي أنـزل الكتاب الذي جاء به موسى، وهو جواب لقوله: ﴿قُلْ مَنْ أَنـزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ﴾([2]) أي: الله الذي أنـزل الكتاب الذي جاء به موسى، ردّ بذلك قول من قال: ﴿مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ﴾، فقال: ﴿مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى﴾ ثم قال: قل الله أنزله، ثم ذر هؤلاء المكذبين في خوضهم يلعبون).



ما زال الشيخ –رحمه الله- يتكلم في مسألة ذكر الله -جل وعلا- بالاسم المفرد، هل يشرع ذكر الله –عز وجل- بالاسم المفرد أو لا؟ الجواب: أنه غير مشروع، بل هو بدعة، فإن الله –سبحانه وتعالى- لم يأمرنا في ذكرٍ من الأذكار إلا بذكر فيه فائدة، أي إنه يفيد معنى، أما الاسم المفرد فلا فائدة منه، فهو لا يفيد نفياً ولا إثباتاً، ولا إيماناً ولا كفراً، ولو قال إنسان: الله، الله ، الله. إلى أن يموت دون أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فإنه لا يعدّ بذلك مسلماً.



يقول: (ثم كثيراً ما يذكر بعض الشيوخ أنه يُحتج على قول القائل: الله) يعني الذكر بالاسم المفرد (بقوله: ﴿قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾)  أي في قوله تعالى:﴿قُلْ مَنْ أَنـزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ﴾. واضح لكل من يفهم اللغة أن هذا جواب سؤال، وليس قولاً مفرداً مأموراً به على وجه الاستقلال، ويؤكد هذا ما يذكره الشيخ -رحمه الله- مما نقلـه عن أئمة اللغة.



 (ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاماً، ولا يحكون به ما كان قولاً، فالقول لا يحكى به إلا كلام تام أو جملة اسمية أو جملة فعلية، ولهذا يكسرون إن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم، والله تعالى لا يأمر أحداً بذكر اسم مفرد، ولا شرع للمسلمين اسماً مفرداً).



هذا واضح، يقول -رَحِمَهُ اللهُ-:(ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاماً) يعني يحكون بعد القول ما كان كلاماً، والكلام هو ما أفاد؛ لأنه لا يطلق في كلام العرب الكلام إلا على ما يفيد، كما سيبين الشيخ -رحمه الله- (لا يحكون به ما كان قولاً) يعني: ما كان لا فائدة فيه من الكلام أو من القول فإنه لا يحكى به ما لا فائدة فيه.



ومعلوم أنه إذا قال:﴿قُلِ الله﴾والمقصود الاسم مفرداً مقطوعاً عن السؤال المتقدم وأنه ليس جواباً للسؤال فإنه لا يفيد .



ما معنى قوله:﴿قُلِ الله﴾؟  ما معنى (الله) مجرداً عن إثبات أو نفي؟ فإنه لا يفيد معنى، يقول:(فالقول لا يحكى به إلا كلام تام) يعني: كلام تام يحصل به معنى مفيد(أو جملة اسمية أو جملة فعلية) الظاهر أن (أو) هذه إما زائدة(لا يحكى به إلا كلام تام جملة اسمية أو جملة فعلية)  (ولهذا يكسرون إن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم) كما يقول هؤلاء في ﴿قُلِ الله﴾. (والله تعالى لا يأمر أحداً بذكر اسم مفرد)، ولا شرع للمسلمينذلك.



ثم يقول -في الوجه الثاني، أو في ذكر أوجه رد هذا الأمر وهذه البدعة، وهي ذكر الله-عز وجل-بالاسم المفرد، يقول-:



(والاسم المجرد لا يفيد شيئاً من الإيمان باتفاق أهل الإسلام، ولا يؤمر به في شيء من العبادات ولا في شيء من المخاطبات).



(الاسم المفرد المجرّد لا يفيد شيئاً من الإيمان) يعني لا يثبت به إيمان ولا اعتقاد؛ لأنه مجرد عن نفي أو إثبات، فلا فائدة من الذكر بالاسم المجرد يقول: (باتفاق أهل الإسلام). قال:(ولا يؤمر به في شيء من العبادات) أمر إيجاب ولا أمر استحباب، ما قال الله -جل وعلا-لنا في عبادة من العبادات: قولوا: الله هكذا مجردة (ولا في شيء من المخاطبات) يعني: سواء في خطابك لغيرك أو كتابتك أو ما إلى ذلك. يقول:



(ونظير من اقتصر على الاسم المفرد ما يذكر أن بعض الأعراب مر بمؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله بالنصب فقال: ماذا يقول هذا؟ هذا الاسم فأين الخبر عنه الذي يتم به الكلام؟).



نعم، فالذي يقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله. ما أفاد معنى؛ لأن (رسولَ)ستكون صفة لمحمد وهو اسم لم يأت خبره؛ ولذلك قال هذا الذي سمع هذا القول: أين الخبر؟ يقول:(ماذا يقول هذا؟ هذا الاسم فأين الخبر عنه الذي يتم به الكلام؟). ولذلك من أذن بهذا الأذان فإن أذانه لا يصح، يعني إذا قال المؤذن: أشهد أن محمداً رسولَ الله ما صح أذانه؛ لأنه لم يأت بما أمر به من الشهادة للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرسالة، ولا يأتي ذلك إلا بالرفع أن يقول: أشهد أن محمداً رسولُ الله حتى يتم الجملة ويتم الكلام ويُعطي كلاماً مفيداً.



(وما في القرآن من قولـه: ‏﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً(8)‏﴾([3])‏، وقولـه: ‏﴿‏ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى‏﴾([4])‏‏، وقولـه:‏﴿قد أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)﴾([5])‏‏، وقولـه: ‏﴿‏فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)‏﴾‏([6])‏‏ ونحو ذلك لا يقتضي ذكره مفرداً.



بل في السنن أنه لما نـزل قولـه: ‏﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)‏﴾‏ قال: ((اجعلوها في ركوعكم)). ولما نـزل قولـه:‏﴿سبح ‏اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى‏﴾‏ قال: ((اجعلوها في سجودكم))([7]). فشرع لهم أن يقولوا في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى.



وفي الصحيح أنه كان يقول في ركوعه: ((سبحان ربي العظيم))، وفي سجوده: ((سبحان ربي الأعلى))([8]). وهذا هو معنى قولـه: ((اجعلوها في ركوعكم، وسجودكم)) باتفاق المسلمين.



فتسبيح اسم ربه الأعلى وذكر اسم ربه ونحو ذلك هو بالكلام التام المفيد، كما في الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهُنّ من القرآن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إلـه إلا الله، والله أكبر))([9]).



وفي الصحيح عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم))([10]).



وفي الصحيحين عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: ((من قال في يومه مائة مرة: لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له، لـه الملك ولـه الحمد، وهو على كل شيء قدير. كتب الله لـه حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه. ومن قال في يومه مائة مرة: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. حُطَّت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر))([11]).



وفي الموطأ وغيره عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: ((أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إلـه إلا الله وحده لا شريك له، لـه الملك ولـه الحمد، وهو على كل شيء قدير))([12]).



وفي سنن ابن ماجه وغيره عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((أفضل الذكر لا إلـه إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله))([13]).



ومثل هذه الأحاديث كثيرة في أنواع ما يقال من الذكر والدعاء).



كل هذه الأحاديث الكلام فيها مفيد؛ أي إن الذكر فيها ليس ذكراً باسم مفرد مجرد، بل ذكر بما لـه فائدة.



فقول القائل: (سبحان الله) أي: أنـزه الله، وتنـزيه الله -جل وعلا- عن العيب وعن النقص في صفاته وعن مماثلة المخلوقين، هذا كلـه مما يدخل في قولك: سبحان الله.



 (والحمد لله) هذا فيه إثبات صفات الكمال للرب -جل وعلا-، فيه إثبات الأفعال الجليلة والأسماء الحسنة والصفات العليا لـه -جل وعلا-.



(لا إلـه إلا الله)فيه إثبات الإلهية.



(الله أكبر)فيه إثبات الكبرياء لـه -جل وعلا- وأنه أكبر من كل شيء.



كل هذا كلام مفيد يحيا به القلب ويورث إيماناً وبصيرةً وعلماً نافعاً، بخلاف الذكر بالاسم المفرد.



هذا مقصود الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- من ذكر هذه الأذكار.



ثم هذه الفضائل المذكورة في هذه الأحاديث، لا بد أن نستحضر قاعدة مهمة في كل ما رُتِّب عليه فضل من الأقوال والأعمال: أن الفضل في هذا متفاوت بين الناس تفاوتاً عظيماً، فالأقوال والعبادات الفعلية قدتتفق في الصورة إلا أنها تتفاوت تفاوتاً عظيماً بما يقوم بقلوب العباد، فإنه فرق بين من قال ذلك معظماً مستحضراً ما في هذه الأذكار من المعاني العظيمة الجليلة مؤمناً بها، وبين من قالها لاهياً غافلاً عنها، فالاتفاق في الصورة لا يلزم منه الاتفاق في الأجر والثواب، بل بينهما كما بين السماء والأرض من الفضل والرجحان، وهذا يشحذ الهمم إلى أي شيء؟إلى التدبر، وإلى التمعن في هذه الأقوال التي تقال والأذكار التي تذكر، وأن لا يقتصر الإنسان وأن لا يكون همه فقط في الإتيان بها لفظاً مع تخلف القلب عن الإيمان بمقتضياتها وما تضمنته من المعاني. أعاننا الله وإياكم على ذلك.



يقول رحمه الله:



(وكذلك ما في القرآن من قولـه تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ﴾([14])، وقولـه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ﴾([15])إنما هو قول: باسم الله).



كما جاء ذلك في السنة، فلو أن الذابح قال عند الذبح: الله. هل تحل ذبيحته؟ الجواب:لا؛ لأنه لم يذكر الذكر المشروع، وهو الذي تحصل به إباحة المذبوح من بهيمة الأنعام وغيره أن يقول: باسم الله. فإذا قال: الله. مجرداً عن الاسم لم يستفد إباحةً ولا حلاًّ، ولم يتحقق فيه الأمر الذي أمر الله به في قولـه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِهذا في الصيد، وفي قولـه:﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ﴾([16])في الذبائح، يقول -رحمه الله-:



(وهذا جملة تامة، إما اسمية على أظهر قولي النحاة أو فعلية).



المشار إليه قول:(باسم الله)،باسم الله جملة تامة حيث ما وردت، إما جملة اسمية وهو الذي استظهره الشيخ -رحمه الله-، أو فعلية. يعني إما أن تكون جملة اسمية فيقدر فيها اسم، أو فعلية فيقدر فيها فعل.



(والتقدير: ذبحي باسم الله).



هذا إذا كانت جملة اسمية؛ لأن (ذبح) مصدر، (أو أذبح باسم الله) هذا إذا كانت فعلية.



وظاهر كلام الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- أنه لا يرى ما يذكره كثير من المتكلمين في البسملة من أن التقدير لفعل مؤخر، بل لا بأس بتقديمه؛ لأن الذين يقدرون الجملة في المتعلق بالبسملة يقولون: الجار والمجرور متعلقان بفعل أو باسم مقدر مناسب مؤخر. فالظاهر من فعل الشيخ في التقدير أنه لا يقدره مؤخراً؛ لأن لعدم تقديره مؤخراً شواهد في القرآن كما سيأتي.



(وكذلك قول القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم، فتقديره: قراءتي "باسم الله" أو: "أقرأ باسم الله". ومن الناس من يُضمر في مثل هذا: "ابتدائي باسم الله" أو: "ابتدأت باسم الله". والأول أحسن).



يعني: ما يقدر فعلاً مناسباً إنما يطلق التقدير بالبداءة، وهذا خلاف ما ينبغي؛ لأن التقدير بالفعل المناسب أولى ولذلك قال الشيخ رحمه الله:(والأول أحسن). ووجه ذلك قال:



(لأن الفعل كلـه مفعول باسم الله، ليس مجرد ابتدائه).



يعني: أول الفعل وآخره،معلوم أن الفعل لـه أول وآخر، فإذا كانت القراءة فإذا قلت:ابتدائي باسم الله. يعني: بقية القراءة ليست باسم الله. والفعل كلـه باسم الله، وكذلك الذبح، وكذلك الكتابة فيما إذا كان الإنسان يكتب، وكذلك التأليف كلـه باسم الله.



(كما أظهر المضمر في قوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾([17])).



وهذا يبين أنه لا بأس أن يقدر أن يكون المتعلق مقدماً، بفعل مقدم؛ لأنه قال:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾).



(وفي قولـه: ﴿بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾([18])).



هنا متأخر وهو اسم: ﴿مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾.



(وفي قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((من كان ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله))([19]). ومن هذا الباب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح لربيبه عمر بن أبي سلمة: ((يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك))([20]). فالمراد أن يقول: باسم الله، ليس المراد أن يذكر الاسم مجرداً.



وكذلك قولـه في الحديث الصحيح لعدي بن حاتم: ((إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل))([21]).



وكذلك قولـه -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل الرجل منـزلـه فذكر اسم الله عند دخولـه وعند خروجه وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء))([22]). وأمثال ذلك كثير.



وكذلك ما شرع للمسلمين في صلاتهم وأذانهم وحجهم وأعيادهم من ذكر الله تعالى إنما هو بالجملة التامة.



كقول المؤذن: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إلـه إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله.



وقول المصلي: الله أكبر، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي الأعلى، سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، التحيات لله.



وقول الملبي: لبيك اللهم لبيك. وأمثال ذلك.



فجميع ما شرعه الله من الذكر إنما هو كلام تام، لا اسم مفرد لا مُظهر ولا مضمر.



وهذا هو الذي يسمى في اللغة كلمة، كقولـه: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)). وقولـه: ((أفضل كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: (ألا كل شيء ما خلا الله باطل)([23]). ومنه قولـه تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾([24]) ،وقولـه: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً﴾.([25])



وأمثال ذلك مما استعمل فيه لفظ الكلمة في الكتاب والسنة، بل وسائر كلام العرب، فإنما يراد به الجملة التامة، كما كانوا يستعملون الحرف في الاسم، فيقولون: هذا حرف غريب، أي لفظ الاسم غريب.



وقسم سيبويه الكلام إلى اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، وكل من هذه الأقسام يسمى حرفاً، لكن خاصة الثالث أنه حرف جاء بمعنى ليس باسم ولا فعل، وسمى حروف الهجاء باسم الحرف وهي أسماء، ولفظ الحرف يتناول هذه الأسماء وغيرها، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: ((من قرأ القرآن فأعربه فلـه بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))([26]).



وقد سأل الخليل أصحابه عن النطق بحرف الزاي من زيد، فقالوا: زاي. فقال: جئتم بالاسم، وإنما الحرف زَ.



ثم إن النحاة اصطلحوا على أن هذا المسمى في اللغة بالحرف يسمى كلمة، وأن لفظ الحرف يخص لما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل، كحروف الجر ونحوها.



وأما ألفاظ حروف الهجاء فيعبر تارة بالحرف عن نفس الحرف من اللفظ، وتارة باسم ذلك الحرف.



ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده أنه هكذا في لغة العرب).



المهم الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- استطرد في مسألة دلالة الحرف على الاسم، وأنه الأصل في استعمال العرب، وأن تخصيص الحرف بما لا يفيد معنىً بذاته وليس باسم ولا فعل، أنه اصطلاح حادث، ولا يحكم بالاصطلاح الحادث على الاستعمال السابق.



بل قد ذكر شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ- في غير ما موضع أن من أسباب عدم فهم النصوص تنـزيل معاني ألفاظ النصوص على الاصطلاحات الحادثة، فمثلاً قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ-: ((لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)). بعض الناس يفهم أن الأجر في قراءة القرآن مجزأ على الحروف الهجائية، يعني مثلاً قول :  ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ([27])يعد القاف حرفاً، واللام حرفاً، ويقول: إن القاف فيها عشر حسنات، واللام فيها عشر حسنات، وليس هذا المراد، مراد النبي أن كلمة ﴿قُلْ﴾هي عشر حسنات، ولذلك :((لا أقول: ﴿الم﴾ حرف، إنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف))؛ لأن هذه لا تقرأ أَلَمْ ،تقرأ: (ألف لام ميم)، عندنا ثلاث كلمات وليس كلمة واحدة، ولو كانت كلمة واحدة لقرأناها أَلَمْ، فالحرف في لغة العرب يطلق على الاسم،وليس على الحرف الهجائي وهو ما لا يفيد معنى في ذاته.



فتنـزيل النصوص على الاصطلاحات الحادثة يُرْبك في فهم المعنى والمراد.



مثّل الشيخ -رحمه الله- بالحرف استطراداً، وإلا فالأصل في استعمال الكلمة، يقول -رحمه الله-: (وأمثال ذلك مما استعمل فيه لفظ الكلمة) عاد الكلام إلى الأصل في كلام العرب أن الكلمة لا تطلق إلا على الكلام المفيد، لا تطلق على ما ليس مفيداً من الكلام.



حدث اصطلاح عند النحاة: إطلاق الكلمة على اللفظ المجرد الذي لا يفيد معنىً تامّاً، فهُم يطلقون الكلمة على الفعل، ويطلقون الكلمة على الاسم، ويطلقون الكلمة على الحرف،وهذا خلاف ما في القرآن وما في استعمال العرب.



(ولما غلب هذا الاصطلاح صار يتوهم من اعتاده أنه هكذا في لغة العرب.



ومنهم من يجعل لفظ الكلمة في اللغة لفظاً مشتركاً بين الاسم مثلاً وبين الجملة، ولا يُعرف في صريح اللغة من لفظ الكلمة إلا الجملة التامة.



والمقصود هنا أن المشروع في ذكر الله سبحانه هو ذكره بجملة تامة، وهو المسمى بالكلام والواحد منه بالكلمة، وهو الذي ينفع القلوب ويحصل به الثواب والأجر، والقرب إلى الله ومعرفته ومحبته وخشيته، وغير ذلك من المطالب العالية والمقاصد السامية.



 وأما الاقتصار على الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فلا أصل له، فضلاً عن أن يكون من ذكر الخاصة والعارفين، بل هو وسيلة إلى أنواع من البدع والضلالات، وذريعة إلى تصوراتٍ وأحوال فاسدة من أحوال أهل الإلحاد وأهل الاتحاد، كما قد بُسط الكلام عليه في غير هذا الموضع).



يعني ذكر الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- في غير هذا الموضع كيف توصلوا بذكر الاسم المفرد إلى أنواع من الضلالات، وذلك أنهم يأمرون المريدين بأن يجلس أحدهم في غرفة مظلمة وينكس رأسه، ويكرر: الله الله الله، ثم يتلقى ما يلقى في قلبه من علوم ومعارف، ويقول: هذه فتوحات. ويقول بعضهم: إنه يتلقى في هذه الحال شيئاً لم يتلقه الأنبياء، ويصل إلى مرتبة تفوق مرتبة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ليلة المعراج، ومرتبة موسى -عليه السلام-لما كلمه الله عند الطور.



المهم أن أنواعاً من البدع والضلالات تترتب على هذه البدعة وهي ذكر الله تعالى بالاسم المفرد.



وما روي من أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر الله بالاسم المفرد لا يصح، بل هو حديث موضوع، فإنهم قالوا:إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علم علي بن أبي طالب فقال له: ((قل: الله الله الله)) ثلاث مرات، فكررها علي. وهذا حديث موضوع كما قال الشيخ -رحمه الله-.



بل الذكر في شريعة الإسلام لا يكون إلا ذكراً نافعاً مفيداً، يعني: يحصل به معنى تام.



**********



فصل في جماع الدين



وجماع الدين أصلان:



1-أن لا نعبد إلا الله.



        2-ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع.



كما قال تعالى: ‏﴿‏فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110)﴾([28]). وذلك تحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إلـه إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله.



ففي الأولى أن لا نعبد إلا إياه.



وفي الثانية أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله المبلغ عنه، فعلينا أن نصدق خبره ونطيع أمره، وقد بين لنا ما نعبد الله به، ونهانا عن محدثات الأمور وأخبر أنها ضلالة، قال تعالى: ‏﴿‏بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (112)‏﴾([29]).‏



كما أننا مأمورون أن لا نخاف إلا الله، ولا نتوكل إلا على الله، ولا نرغب إلا إلى الله، ولا نستعين إلا بالله، وأن لا تكون عبادتنا إلا لله، فكذلك نحن مأمورون أن نتبع الرسول ونطيعه ونتأسى به، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، قال تعالى: ‏﴿‏وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ (59)﴾،([30])‏ فجعل الإيتاء لله والرسول، كما قال: ‏﴿‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏﴾([31])‏. وجعل التوكل على الله وحده بقولـه: ‏﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ‏﴾([32])‏ ولم يقل: ورسولـه، كما قال في وصف الصحابة –رضي الله عنهم- في الآية الأخرى: ‏﴿‏الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)‏﴾        ([33])ومثلـه قولـه: ‏﴿‏ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)﴾([34]) ‏ أي حسبك وحسب المؤمنين، كما قال: ‏﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾‏([35]) .ثم قال:﴿سيؤتينا الله من فضلـه ورسولـه. فجعل الإيتاء لله والرسول، وقدم ذكر الفضل لله لأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ولـه الفضل على رسولـه وعلى المؤمنين، وقال: ﴿ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ (59)﴾([36]). فجعل الرغبة إلى الله وحده، كما في قولـه: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)﴾([37]).



وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابن عباس-رضي الله عنهما-: ((إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله))([38]). والقرآن يدل على مثل هذا في غير موضع.



فجعل العبادة والخشية والتقوى لله، وجعل الطاعة والمحبة لله ورسولـه، كما في قول نوح عليه السلام: ‏﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ‏﴾([39]).‏ وقولـه: ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52)﴾([40])وأمثال ذلك.



فالرسل أمروا بعبادته وحده والرغبة إليه والتوكل عليه، والطاعة لهم، فأضل الشيطان النصارى وأشباههم، فأشركوا بالله وعصوا الرسول فـ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾([41]). فجعلوا يرغبون إليهم ويتوكلون عليهم ويسألونهم، مع معصيتهم لأمرهم ومخالفتهم لسنتهم. وهدى الله المؤمنين المخلصين لله أهل الصراط المستقيم الذين عرفوا الحق واتبعوه، فلم يكونوا من المغضوب عليهم ولا الضالين، فأخلصوا دينهم لله، وأسلموا وجوههم لله، وأنابوا إلى ربهم وأحبوه، ورجوه وخافوه، وسألوه ورغبوا إليه، وفوضوا أمورهم إليه، وتوكلوا عليه، وأطاعوا رسله، وعزروهم ووقروهم، وأحبوهم ووالوهم واتبعوهم، واقتفوا آثارهم واهتدوا بمنارهم، وذلك هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، وهو الدِّين الذي لا يقبل الله من أحد ديناً إلا إياه، وهو حقيقة العبادة لرب العالمين.



فنسأل الله العظيم أن يثبتنا عليه، ويكملـنابه ويميتنا عليه، وسائر إخواننا المسلمين، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآلـه وصحبه وسلم).



آمين، الحمد لله، الحمد لله، هذا الفصل الأخير تقدم تقريره في كلام المؤلف رحمه الله المتقدم، وجعلـه -رحمه الله،  وقدس روحه في جنات النعيم، وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، جعلـه- في خاتمة الرسالة جمعاً لأصل الجواب وجامع الجواب، قال: (جماع الدين أصلان: أن لا نعبد إلا الله) وهذا معنى أشهد أن لا إلـه إلا الله(ولا نعبده إلا بما شرع) أي بما أمر به رسلـه أمر إيجاب أو أمر استحباب (لا نعبده إلا بما شرع) أي بما جاءت به الرسل، وهذا معنى شهادة أن محمداً رسول الله، وبهذا يتم الدين، وإذا لزم الإنسان هذين الأصلين فقد جمع الله لـه سبب السعادة، وتحققت لـه العبودية التي من لزمها تحققت له سعادة الدارين.



نسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وسمعنا، وأن يسمعنا وأن يعلمنا ما ينفعنا.



وبهذا تكون قد انتهت هذه الرسالة المباركة النافعة، وقد حوت قواعد جليلة وأصولاً نافعة يحسن بطالب العلم أن يلخصها وأن يجعلها منه على بال حتى يستفيد.







([1]) سورة : الأنعام (91). 




([2])سورة :  الأنعام (91). 




([3])  سورة : المزمل (8). 




([4])  سورة : الأعلى (1). 




([5])  سورة : الأعلى(14-15). 




([6])  سورة : الواقعة (74). 




([7])أحمد(16961)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، رقم: (869)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب التسبيح في الركوع والسجود، رقم: (887) من طريق موسى بن أيوب عن عمه عن عقبة بن عامر




([8]) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم: (772) من طريق  سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة.  




([9])        مسلم، كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه، رقم: (2137)، وأحمد(19711) وهو لفظه ، من طريق هلال بن يساف عن ربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب.




([10]) البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، رقم: (6406)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم: (2694) من طريق عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة.




([11]) البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، رقم: (3293)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم: (2691) من طريق سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة.




([12])الترمذي، كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة، رقم: (3585) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: حديث حسن غريب.




([13])      الترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، رقم: (3383)، وابن ماجه، كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، رقم: (3800) من طريق موسى بن إبراهيم عن طلحة بن خراش عن جابر، صححه الحاكم وابن حبان.




([14])   سورة : الأنعام (121).




([15])   سورة : المائدة (4).




([16]) سورة : الأنعام (118).




([17]) سورة : العلق (1).




([18]) سورة : هود (41).




([19]) البخاري، كتاب الجمعة، باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد وإذا سئل، رقم: (985)، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم: (1960) من طريق الأسود بن قيس عن جندب بن سفيان.      




([20]) البخاري، كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، رقم: (5376)، ومسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، رقم: (2022) من طريق سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان عن عمرو بن سلمة.         




([21]) البخاري، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان... الخ ، رقم: (175)، ومسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة، رقم: (1929) من حديث عدي بن حاتم.       




([22])      مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، رقم: (2018) من طريق أبي الزبير عن جابر.




([23])      البخاري، كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية، رقم: (3841)، ومسلم في كتاب الشعر، باب (دون تسمية)، رقم 2256 من طريق عبد الملك بن عمير بن سويد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه.




([24])    سورة : الكهف (5).




([25]) سورة : الأنعام (115).




([26]) الظاهر أن الشيخ رحمه الله أدخل حديثا على آخر، فالجزء الأول منه وهو قوله: (من قرأ القرآن فأعربه فلـه

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات86098 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80580 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74832 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات62060 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56422 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53411 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50988 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50765 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46073 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45645 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف