×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

نموذج طلب الفتوى

لم تنقل الارقام بشكل صحيح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (119) شكر الله تعالى على نعمة إتمام الحج

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:4581

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم تحية طيبة عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من "مكة المكرمة" وبرنامج "الدين والحياة"، الذي نستمر معكم فيها على مدى ساعة إلا قليلًا بمشيئة الله تعالى، هذه الحلقات لـبرنامج "الدين والحياة" تعاود البث بعد أن انتهت فترتنا لبرامج الحج وعيد الأضحى المبارك، تقبل الله منا ومنكم جميعًا صالح القول والعمل، في بداية هذه الحلقة مستمعينا الكرام تقبلوا تحياتي محدثكم "وائل الصبحي"، ومن الإخراج "ياسر زيدان" ومن الإشراف العام الأستاذ "علي الثقفي"، أهلا وسهلًا ومرحبًا بكم في حلقات "الدين والحياة"، ضيفنا الدائم فضيلة الشيخ الدكتور "خالد المصلح" أستاذ الفقه في "جامعة القصيم"، وعضو "لجنة الإفتاء في منطقة القصيم"، فضيلة الشيخ خالد السلام عليكم وأهلا وسهلا، وحياك الله، وكل عام وأنت بخير، وتقبل الله منا ومنك صالح العمل.
الشيخ:- مرحبًا حياك الله، السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا أخي وائل، وأهلا وسهلا بالإخوة والأخوات، وأسأل الله تعالى أن يقبل مني ومنكم، وأن يعيد علينا مواسم الخير والبر بأمن وإيمان وسلامة وإسلام، وأن يوفقنا في سائر أيامنا إلى صالح الأعمال حياكم الله.
المقدم:- اللهم آمين، أهلا وسهلا فضيلة الشيخ، مستمعينا الكرام لمن أراد المشاركة معنا في هذه الحلقة، يمكنكم أن تشاركونا عبر هاتف البرنامج على الرقمين: 0126477117 وعن الهاتف الآخر على الرقم: 0126493028 أيضًا يمكنكم أن تشاركونا بكتابة رسالة نصية عبر تطبيق الواتس آب على الرقم: 0500422121.
فضيلة الشيخ في هذه الحلقة -بمشيئة الله تعالى- سنتحدث عن (شكر نعمة الله تعالى بإتمام هذا الحج)، وقبل أن نتحدث عن الحج تحديدًا، وعن إتمام المناسك، والشكر لله تعالى على هذه النعمة.

 النعم كثيرة والواجب على المسلم أن يشكر هذه النعم سيكون حديثنا -بمشيئة الله تعالى- حول شكر النعم تحديدًا عمومًا، وحول شكر نعمة إتمام الحج لله –تبارك وتعالى-.

 ابتداء فضيلة الشيخ كيف يكون حال المسلم مع الشكر لله –تبارك وتعالى- متى يشرع له الشكر؟ وغيرها من النقاط قبل أن نتحدث عن شكر الله تعالى على إتمام مناسك الحج.
الشيخ:- الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد..
لا ينفك الإنسان دهرَه وزمانَه من نعم تتوالى عليه من الله –عز وجل-، منذ أن خلقه إلى أن يفارق هذه الدنيا، وهو يتقلب في نعم الله –عز وجل- كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ النحل: 18  فنعم الله تعالى جزيلة وكثيرة، فقد أعطانا الله على وجه الخصوص، وعلى وجه العموم، على وجه الانفراد، وعلى وجه مجموع ما يستوجب الشكر كما قال تعالى: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌإبراهيم: 34  لهذا من المهم أن يستحضر الإنسان تتابع النعم عليه؛ لأن الغفلة عن نعم الله تعالى التي ينعم بها تعالى على عباده يحمل القلوب على أن تغفل عن شكر هذه النعم، وبالتالي عندما تحصل نعمة الله تعالى عليك ولا تلحظ هذه النعمة لن يكون هناك شكر، لن يكون هناك ثناء، لن يكون هناك قيام بحق هذه النعم، فيتخلف بذلك ما أوجبه الله تعالى على الناس من شكر نعمه التي توجب مزيد عطائه، ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌإبراهيم: 7 .
ومِن كُفر النعم أن تُجحد، وأن يُغفل عنها، وألا يشكر الله تعالى عليها، فإن ذلك كله من كفر النعمة الموجب لزوالها، والمذهب لدوامها، والقاطع لتتابعها وتواليها، نعم الله تعالى على الإنسان كما ذكرت ليست محدودة ولا محصورة، ولا يمكن إحصاؤها فهو مع كل نفس، ومع كل نبض عِرق، ومع كل لحظ عين، تتوالى عليه نعم الله –عز وجل- إلا أن الإنسان في كثير من الأحيان عندما يكون غافلًا عن نعم الله –عز وجل- يتخلف في عمله الشكر.
ومن أعظم أسباب الغفلة عن نعم الله الأِلف، عندما تألف النعمة وتتابع عليك وتصبح وتمسي بها تغفل عنها، ولك أن تمثل بكثير من الأمثلة التي هي نعم من الله –عز وجل- على الإنسان ويغفل عنها لدوامها، نعمة البصر، نعمة السمع، نعمة العقل، نعمة القوة، نعمة الصحة، يألفها الإنسان وبالتالي لا يستشعر أهميتها، وقد يغفل عن شكر الله –عز وجل- عليها.
ولهذا تجدُّد النعم يوقظ القلوب، ويفتح البصائر على أنواع من العطايا والهبات التي تستوجب شكرًا وثناء على الله –عز وجل، والشكر والحمد لله –عز وجل- يوجب مزيد عطايا ويتابع على الإنسان إلى ربه -جل في علاه-، ولهذا الله –عز وجل- يرضى عن العبد يشكره على نعمة ولو كانت يسيرة في الصحيح من حديث أنس قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها»صحيح مسلم (2734)  والحمد هنا بمعنى الشكر، والشكر يأتي في مقام الشكر ومنه هذا، فالحمد على هذه النعمة اليسيرة شربة ماء، لقمة طعام يوصلها الإنسان إلى جوفه فيقول بعدها الحمد لله ماذا يوجب؟ يوجب رضا الله –عز وجل- فهي سبب لنيل رضا الله –عز وجل- الذي هو أشرف أحوال أهل الجنة، أن يرضى الله تعالى عن العبد هذا أعلى المقامات.
ولذلك في الجنة يقول الله تعالى لأهلها، إذا أراد أن يتفضل عليهم بغاية ما يؤملون قال: «أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أَسْخَطُ عليكم بعده أبدًا»صحيح البخاري (6549)، وصحيح مسلم (2829) ، فشكر نعمة الله –عز وجل- حتى على اليسير من النعم أو على الدائم، حتى على ما يغفل عنه يوجب رضا الله –عز وجل- فكيف بالشكر الدائم المسلم على النعم المتوالية المتتابعة المتجددة?

 لاشك أن ذلك له تأثير بالغ في تحقيق رضا الله –عز وجل-، وتتابع نعمه وعطاياه وهباته –سبحانه وبحمده-.
وكما ذكرت النعم متنوعة منها نعم دينية، ومنها نعم قلبية، ومنها نعم خاصة، ونعم عامة، ولذلك البصير هو من فتح الله عليه قلبه فشاهد إنعام ربه، ورأى إحسان خالقه، وشكر الله تعالى على ذلك، وكان هذا موجبًا لمزيد عطاء الله –عز وجل-وفضله وإحسانه.
المقدم:- فضيلة الشيخ نتحدث عن إتمام نعمة الحج، هذه النعمة العظيمة التي يمتنُّ الله –تبارك وتعالى- بها على عباده من إتمام هذه المناسك وهذه الشعيرة والفريضة العظيمة التي فرضها الله –تبارك وتعالى- عليهم، قد يغفل كثير من الناس عن أن الله –تبارك وتعالى- أنعم وتفضل عليه بإتمام هذا الحج وبتيسيره وتسهيله عليه، بأن قدم إلى مكة المكرمة، وأدى هذه الشعيرة العظيمة، فبالتالي يغفل عن شكر الله –تبارك وتعالى- على هذه النعمة التي أولاه إياها.

 نتحدث بشكل قليل عن هذه النعمة التي قد يغفل عنها كثير من الناس، وعن شكرها أيضًا.
الشيخ:- إن أذنت لي أخي وائل، قبل هذه النقطة ثمة موضوع مهمٌّ قد يغفل عنه الكثير وهو حقيقة الشكر، مثل ما تفضلت نعم الله علينا كثيرة، ومن هذه النعمة التي أتمَّها الله تعالى على كثير منا بما يسَّر من الطاعات في الموسم المبارك، سواء ممن حج أو ممن لم يحج، ممن استعمله الله تعالى في أنواع من الطاعات والعبادات، لكن قبل أن نتكلم عن شكر الله –عز وجل- على هذه النعمة على وجه الخصوص، ما هو الشكر؟
كثير من الناس يظن أن الشكر كلمة: شكرًا، أو قول: الحمد لله، أو أشكر الله أو نحو ذلك، وهذا في الحقيقة هو بعض الشكر، وليس هو كماله ولا حقيقته، شكر اللسان هو نوع من شكر النعمة التي تستوجب عطاء الله تعالى وإحسانه، إلا أن الشكر حقيقته ومعناه ومقتضاه يكون بما هو أوسع من مجرد شكر اللسان، شكر الله –عز وجل- عمل، شكر الله –عز وجل- ظاهر وباطن، شكر الله –عز وجل- قول وفعل، ولهذا يقول الله –عز وجل-: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًاسبأ: 13، وهذا يبين أن الشكر ليس مجرَّد قول اللسان.
لاشك أن قول اللسان من الشكر، يعني عندما يشكر العبد ربه فيقول: الحمد لله، أشكر الله على كذا وكذا من النعم، هذا نوع من شكر الله –عز وجل- لكن شكر الله –جل وعلا- يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالعمل، ومرتبة الشكر مرتبة رفيعة عالية، فليس الشكر شيئا تكميليا وشيئا ثانويا، فيُظن أن الشكر ليس بالمرتبة المهمة يغفل عن أداء ما يجب عليه.
النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: يا معاذ والله إني لأحبك، ثم قال له: «يا معاذُ ! إنِّي واللهِ لأحبُّكَ، فلا تدعنَّ في دبرِ كلِّ صلاةٍ أن تقولَ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ، وحسنِ عبادتِكَ»سنن أبي داود (1522)، والنسائي (1303)، وصححه الألباني، فالشكر يحتاج عونا من الله حتى يتحقق ولو كان أمرًا عاديًّا، أمرًا محصَّلًا بأيسر ما يكون ما احتاج إلى أن يوصي النبي –صلى الله عليه وسلم- معاذا أن يسأل الله الإعانة على شكره في آخر كل صلاة، في دبر كل صلاة، ولذلك لا تدعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، فالشكر يحتاج إلى تفطن للنعمة وإبصار لها وإدراك، يحتاج إلى شكر، يحتاج إلى تفعيل الشكر في كل مواضعه، في القلب، وفي اللسان، وفي الجوارح، فالشكر يكون بالقلب خضوعًا واستكانة لله –عز وجل- وإقرارًا بإحسانه وإنعامه، وباللسان ثناء واعترافًا وإقرارًا بنعمته -جل في علاه-، ونطقًا بأفضاله وعطائه وهباته -جل في علاه-، وبالجوارح طاعة وانقياد.
ولذلك تجد أن الشكر لا يقتصر على جانب من نواحي ما يكون من الإنسان من عمل، بل يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح، ولذلك ينبغي أن نستشعر هذا المعنى حتى نحقق الشكر الحقيقي، شكرك لله في كل نعمه الدينية والدنيوية، الخاصة والعامة، هو أن تشكر الله بقلبك، أن تشكر الله بلسانك، بقلبك خضوعًا واستكانة وذلًّا وإقرارًا بإنعامه إضافة وباللسان ثناء واعتراف، وإضافة النعمة إليه وبالجوارح طاعة وانقيادًا.
لهذا يتحقق الإنسان الشكر على وجه الكمال، وإذا عرفت نعمة الله ثم جحدتها، فإنك لم تشكرها، ولذلك قال الله تعالى في حق فئة من الناس قال: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَالنحل: 83  يعرفون أن الله تعالى هو المنعم، هو المتفضل، هو الذي يعطي إليهم هذه العطايا وتلك الهبات، لكن لا يقومون بشكره، بل ينكرونها ويضيفونها إلى غيره أو يظنون أنها من قِبل أنفسهم، فلا يشكرون الله بقلوبهم ولا يشكرونه بألسنتهم وهو الذي قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْالضحى: 11  فحدِّث الله، اشكر الله على ما تفضل به عليك تنل من عطائه المزيد، وتنل من عطائه الشيء الكثير.
أما شكر الجوارح فشكر الجوارح بالعمل، النبي –صلى الله عليه وسلم- تفضل الله عليه بأعظم ما تفضل بعطايا وهبات فغفر له ذنبه ورفع ذكره، وتاب عليه بإحسانه واستجاب، هذا شكر ربه -جل في علاه-، كان يقوم –صلى الله عليه وسلم- حتى تتفطَّر قدماه فقالت عائشة يا رسول الله: أتفعل هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: «يا عائشة أفلا أكون عبدًا شكورًا!»صحيح البخاري (4837)، ومسلم (2820) ، ترجم النبي –صلى الله عليه وسلم- شكر نعمة الله عليه بمغفرة الذنب، شكر نعمة الله عليه بهذه الهبات والعطايا المتتابعة أن كان عبدًا شكورًا قائمًا بطاعة الله –عز وجل- مجتهدًا فيما يقربه –جل وعلا-.
وفي ختام مفهوم الشكر أسوق هذا الخبر الذي ذكره بعض أهل العلم، دخل أحد الناس على أبي حازم وهو من النساك العباد، أصحاب الوعظ والتذكير فقال له: يرحمك الله، ما شكر العينين؟ قال: إذا رأيت بهما خيرًا ذكرتَه، وإذا رأيت بهما شرًّا سترته، قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إذا سمعت بهما خيرًا حفظتَه، وإذا سمعت بهما شرًّا نسيته.
هذا ترجمة عملية للشكر بالعمل، وليس فقط بالقول، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الشاكرين الذاكرين وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
المقدم:- اللهم آمين، اسمح لنا فضيلة الشيخ أن نذهب إلى فاصل أول في هذه الحلقة بعده نكمل الحديث -بمشيئة الله تعالى عن الشكر- ومقتضيات الشكر، وأيضًا عن الآية الكريمة ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْإبراهيم: 7 .
مستمعينا الكرام سنذهب إلى فاصل أول في هذه الحلقة بعده نكمل الحديث فابقوا معنا.
الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من "مكة المكرمة"، ضيف حلقات هذا البرنامج هو فضيلة الشيخ الأستاذ "خالد المصلح" أستاذ الفقه في "جامعة القصيم"، وعضو "لجنة الإفتاء في منطقة القصيم"، فضيلة الشيخ خالد أهلًا وسهلًا، وحياك الله مجددًا.
الشيخ:- الله يحييك مرحبًا بك وأهلا وسهلًا، وأسأل الله القبول للجميع يا رب العالمين.
المقدم:- مستمعينا الكرام لمن أراد المشاركة معنا يمكنكم أن تشاركونا عبر هاتفي البرنامج على الرقمين: 0126477117 أو عن طريق الهاتف الآخر على الرقم: 0126493028 أيضًا لمن أراد إرسال رسالة نصية عبر تطبيق الواتس آب سنقرؤها -بمشيئة الله تعالى- على الرقم: 0500422121.
فضيلة الشيخ كنا نتحدث عن الشكر ومعناه وحقيقة الشكر وكيف يكون الشكر لله –تبارك وتعالى-؟ لكن هناك نقطة مهمة نريد أن نتحدث عنها وهي هل من مقتضيات شكر الله –تبارك وتعالى- المداومة على العمل الصالح؟
الشيخ:- الله –جل وعلا- قال لداود -عليه السلام-: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُسبأ: 13  أخبر الله تعالى في هذا الجزء من الآية، أمر الله تعالى نبيه الكريم داود بشكر نعمه، وأخبر أن القائم بهذا الشكر قليل من عباده، ولاشك أن شكر نعم الله –عز وجل- يستلزم دوام طاعته، ويستلزم دوام القيام بما يحبه -جل في علاه-.

 إن الله إذا أنعم على عبده بنعمة أحب أن يرى أثر نعمته على عبده، كثير من الناس يتصور أن أثر النعمة هو إظهار صورة النعمة في ملبس أو مأكل أو مشرب، والحقيقة أن أثر النعمة لا يقتصر فقط على المظاهر، أثر النعم ابتداء على القلب بالخضوع لله –عز وجل-، والإقرار بفضله وإنعامه وإحسانه، وإضافة النعمة إليه وشهود أفضاله -جل في علاه-، ويكون باللسان ثناء عليه وشكرًا له -جل في علاه-، ويكون باستعمال ما أنعم به عليه في طاعته، ولذلك قال بعضهم في تعريف الشكر قال: "الشكر ترك المعاصي"، وقال بعضهم: "الشكر ألا يستعان بشيء من نعم الله على معصيته"، ولذلك الشكر في الجوارح عرفه بعض أهل العلم بأنه: "كفُّ الجوارح عن معصية الله واستعمالها في طاعة الله -عز وجل-".
ولهذا من الضروري أن نفهم أن دوام الطاعة لله –عز وجل- هو من شكر الله –عز وجل- الموجب لفضله وإحسانه، وقد ترجم ذلك نبينا محمد –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة، ومن حديث عائشة في خبر قيامِه، وطول قيامِه حتى تتفطر قدماه، في رواية حتى تتورَّم ساقاه من طول القيام –صلى الله عليه وسلم-، وكان إذا قيل له في ذلك، يعني قيل له: كيف تفعل هذا؟ وقد تفضل الله عليك بما تفضل من محو الأوزار ومغفرة ما تقدم من الذنوب وما تأخر، كان يقول: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا»حديث عائشة سبق تخريجه، وحديث المغيرة خرَّجَه البخاري في (4836)، ومسلم (2819) .
فمن المهم أن نُدرك أن نعم الله تُستبقى بطاعته، نعم الله تستجلب بتقواه، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِالأعراف: 96  إذا أنعم الله عليك يا أخي الكريم ويا أختي الكريمة بنعمة خاصة في نفسك أو في أهلك أو في مالك، أحدِث طاعةً لله، اشكر الله بقلبك وأرِ الله –عز وجل- من نفسك خيرًا في هذه النعم وأبشر فإن إكرام الله لك ومواهبه لا تنقضي ولا تنتهي له ما في السموات وما في الأرض، وبالتالي تعرَّض لمزيد نعمة بمزيد طاعة.
المقدم:- فضيلة الشيخ لدينا مجموعة من الاتصالات للإخوة الكرام، لكن قبل أن نأخذ هذه الاتصالات نريد أن نتحدث قليلًا حول الآية الكريمة وهي تدور في معنى الشكر لله –تبارك وتعالى- الآية التي وردت في سورة إبراهيم عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌإبراهيم: 7  نريد أن نتحدث حول هذه الآية وتفيد أيضًا معنى الشكر، والعاقبة والثمرة المرجوة من شكر الله –تبارك وتعالى-.
الشيخ:- الثمرة المرجوة من الشكر هو أولًا القيام بالواجب، لأن النعمة اشتغال الإنسان بشكر الله تعالى عليها، وأداء بعض حق هذه النعم، فإن نعم الله تعالى تستوجب شكره، ولذلك قال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْإبراهيم: 7، أي أعلمكم الله –عز وجل- ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌإبراهيم: 7  فرتَّب على الشكر الزيادة، ورتب على الكفر المؤاخذة والعقوبة، ودلَّ هذا على أن الشكر حق واجب على كل صاحب نعمة، ذلك أن الله تعالى وعد بالمزيد على شكره إفضالًا منه وإحسانا، وتوعد من كفر نعمه بأن يعاقبه بما ذكر –جل وعلا- من العذاب الشديد في قوله: ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌإبراهيم: 7  الشكر يكون بالإقرار بنعمة الله بالقلب، بإضافة النعمة إلى الله –عز وجل-، باستعمال هذه النعمة فيما يرضيه –جل وعلا-، بالثناء عليها وحمده عليها باللسان.

 إخلال الإنسان بواحد من هذه المراتب الأربع، يوقعه في شيء من كفر النعمة المستوجب بالمؤاخذة.
ولذلك احرص على تحقيق هذه المراتب حتى يتحقق لك تمام الشكر لنعم الله، ولا تقل هذه نعمة قليلة، بعض الناس ما يشكر الله إلا على الشيء الكبير، ويغفل عن الشكر على الشيء الصغير، فيفوته الأجر على نعم كثيرة تحيط به، «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها»سبق تخريجه، الأكلة والشربة وأنت جالس بين أولادك، وأنت تشرب ما تشربه من المشروبات تذكر أن الله هو الذي ساق لك هذه النعمة، هو الذي يسَّرها لك، هو الذي يبلغ هذه النعمة تمامها بالانتفاع بها فاشكر الله عليها، ومن أعظم النعم المستوجبة للشكر نعمة الطاعة.
ولذلك لا عِدْل لنعمة الطاعة والاستقامة في سائر ما ينعم الله تعالى به العبد، نعم الله تتوالى ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِالنحل: 53، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَاالنحل: 18، لكن أعظم ذلك أن يشرح صدرك للهدى، وأن يستعملك فيما يرضى، وأن يعينك على الخيرات، وأن ييسر لك الطاعات، إذا وفِّقت لذلك فاشكر الله ويمكن يكون هذا هو السرُّ في أن النبي –صلى الله عليه وسلم-: «يا معاذُ ! إنِّي واللهِ لأحبُّكَ، فلا تدعنَّ في دبرِ كلِّ صلاةٍ» دبر: نهاية عبادة آخر الصلاة «أن تقولَ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ، وحسنِ عبادتِكَ»سبق تخريجه، فيسأل الله شكر نعمه في نهاية العبادة؛ لأن النعمة بالعبادة، والطاعة والإحسان من أجلِّ النعم وأعلاها منزلة ومرتبة.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يشكر نعمة الله عليه بمغفرة الذنوب، لما ذكرت عائشة والمغيرة بن شعبة من قيام الليل حتى تتورم ساقاه وتتفطر قدماه –صلى الله عليه وسلم- سبق تخريجه .
المقدم:- اسمح فضيلة الشيخ أن نذهب إلى فاصل ثاني في هذه الحلقة، بعده -بمشيئة الله تعالى- نستقبل اتصالات المستمعين الكرام، مستمعينا الكرام سنذهب إلى فاصل قصير بعده نكمل الحديث فابقوا معنا.
الحلقة المباشرة من "برنامج الدين والحياة" عبر أثير "إذاعة نداء الإسلام" من "مكة المكرمة"، ضيفنا الكريم فيها هو فضيلة الشيخ الدكتور "خالد المصلح"، فضيلة الشيخ أهلا وسهلا بك مجددًا.
الشيخ:- مرحبًا حياك الله، وحيا الله الإخوة والأخوات المستعمين والمستعمات.
المقدم:- اسمح لي فضيلة الشيخ أن نبدأ بمشاركات المستمعين الكرام، ونبدأ بالأخ مسفر الأسمري من الرياض أخ مسفر أهلا وسهلا، وحياك الله.
المتصل:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا.
المتصل:- أحييك أخي الفاضل، وأحيي الشيخ الدكتور خالد المصلح، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نحمد الله على نعمه الكثيرة، وعلى رأسها نعمة هذا الدين القويم، فله الحمد والشكر بأن جعلنا مسلمين، نسأل الله أن يحيينا على نعمة الإيمان، وأن يتوفَّانا عليه، نحمده أننا في بلاد تقيم شرائع الدين وتتخذ القرآن والسنة من مصدرين مهمَّين تستمد منهما حكمها وسائر معاملاتها، نحمد الله على نعمة إتمام شعيرة الحج بطمأنينة وسكينة ويسر، هذا والله بتوفيق الله –سبحانه وتعالى-، ثم بالرعاية الكريمة من قبل ولاة أمورنا حفظهم الله وجهود المسلمين المخلصين من أبناء هذه البلاد الأبرار.
نسوق لحجاج بيت الله التهنئة، وحقَّ لهم أن يشكروا الله على ما أنعم به عليهم من إتمام حجهم، فلله الحمد والشكر من قبل ومن بعد، شيخنا الكريم الشيخ خالد -حفظه الله- كيف نوقظ قلوبنا من غفلتها نتيجة تقَلُّبها في نعم الله؟ بحيث نذكرها بنعمه المتتالية والمتوالية، جزاكم الله خيرًا، وأجزل لكم الأجر والمثوبة.
المقدم:- أهلا وسهلا، شكرًا جزيلًا للأخ مسفر الأسمري من الرياض، سيجيب -بمشيئة الله تعالى- فضيلة الشيخ على سؤالك، أيضًا مستمعينا الكرام معنا الأخ عبد العزيز الشريف، أهلا وسهلا يا عبد العزيز حياكم الله.
المتصل:- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا.
المتصل:- حياك الله أستاذ وائل، كيف حالك يا حبيبنا؟
المقدم:- أهلا وسهلا، حياك الله.
المتصل:- كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، نحييكم ونحيي فضيلة الشيخ، بارك الله فيكم جميعًا.
الشيخ:- الله يحييك، مرحبا بك.
المتصل:- الأمن والأمان أعظم نعم الإسلام، والإنسان بدون أمن وأمان لا يطمئن ولا يعيش كيف نحافظ على هذه النعمة نعمة الأمن والأمان؟ وكيف نشكر الله –سبحانه وتعالى- عليها وخاصة في بلادنا "المملكة العربية السعودية" هذه البلاد المستهدَفة من جميع الأعداء؟ وما واجب المؤمن تجاه هذه النعمة العظيمة نعمة الأمن والأمان ممن يسيء إليها ويعتدي عليها ويروع أمنها وأمانها؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم:- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ! مسفر الأسمري يسأل يقول: كيف نوقظ قلوبنا من الغفلة وخاصة أننا في زحام من النعم -ولله الحمد- قد يغفل الإنسان على كثير من النعم التي تكون من حوله، يعني ذكرنا مجموعة من النعم التي تفضل الله بها علينا يقول: كيف نوقظ قلوبنا من هذه الغفلة التي تكون فيها؟
الشيخ:- الحمد لله رب العالمين، ما في شك أن نحن تحدثنا أن القلب إذا غفل عن نعمة الله لم يشكرها بالتأكيد، وضربت لذلك أمثلة في النعم الدائمة المستمرة، ولكن من الناس من يكون الأمر عنده متتابع في الغفلة، فيغفل عن القليل والكثير، ويغفل عن شكر هذه النعم، وبالتالي تجده غافلًا عن القيام بما تستوجبه هذه النعم من حقوق الله –عز وجل-، لكن من المهم أن ندرك أن النعم المستوجبة للشكر ليست محصورة ولا محدودة.
ولهذا لو أن إنسانًا شكر الله على نعمه لما فتر لسانه ولا قلبه من تمجيد ربه، إذ إن نعمه –جل وعلا- تترى قال الله تعالى: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُإبراهيم: 34  كل ما سألناه وما لم نسأل نجد منه –جل وعلا- إحسانًا وفضلًا وعطاء وبرًّا.
لذلك أقول: لابد أن نشكر الله تعالى وأن نثني عليه خيرًا، وأن نستحضر نعم الله تعالى علينا في الدقيق والجليل، وكلما فتح الله بصيرة العبد شهد إنعام الله تعالى عليه في سرَّائه وضرَّائه، في عُسره ويُسره، في ليله ونهاره، ومَنشطه ومكرهه، والعبد إذا سأل الله الإعانة على شكره فتح الله له من أسباب الشكر ما استقامت به حاله، وأدرك خيرًا عظيمًا.

 ما يتعلق بنعم الله علينا في الموسم المنصرف يعني نحمد الله تعالى على ما أنعم على العموم والخصوص، وعلى الأفراد وعلى الأمة جميعًا.
نحن -ولله الحمد- ننعم بإدراك مواسم البر، فإدراك مواسم الطاعة والإحسان نعمة من الله –عز وجل-، وتأتي النعمة أيضًا على وجه أكمل عندما تعمر هذه المواسم بطاعة الله، ويستعمل الله تعالى العبد فيها بذكره وعبادته والتقرب إليه، وأهل الإسلام لن يخلو أحد منهم من نوع من الإحسان والفضل قليلٍ أو كثير في مثل هذه المواسم، فالجميع -ولله الحمد- لابد أن يكون له نصيب من هذه المواسم الخيرية المباركة، وأعاذنا الله وإياكم من الحرمان، فنشكر الله على إدراك هذه المواسم، على ما يسر الله تعالى فيها من الطاعة، على ما منَّ الله تعالى بها على الخصوص والعموم من الإبصار، هو من شكر نعم الله –عز وجل- المستوجبة لعظيم عطائه وبره وإحسانه.
أيضًا من شكر الله تعالى على النعم، أن نشكره تعالى على ما يسر من نجاح هذا الموسم المبارك موسم الحج، لاشك أن موسم الحج واجتماع أهل الإسلام من أصقاع الدنيا بِلُغات شتى وجهات عدة، وثقافات قد تكون مختلفة، عادات مختلفة، اجتماعهم على هذا النحو الذي يؤكد ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِالأنبياء: 92  مظهر من مظاهر السرور والبهجة المستوجبة للشكر، ويفرح المؤمن بما أولاه الله تعالى لأهل الإسلام من نعمة تمام هذا النسك على هذا الوجه المشرق، الوجه المبهج الذي اجتمع فيه هؤلاء الناس من كل مكان، بيسر وسهولة وأمان بلسان واحد لبيك اللهم لبيك وبلباس واحد وبأعمال متَّفقة، لا خلاف فيها ولا تضاد، في نوع من الالتئام والالتحام يُظهِر مظهرًا عظيمًا من روعة هذا الدين العظيم الذي حقق قوله –جل وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْالحجرات: 13، هذا المظهر العظيم مظهر يُسرُّ به الإنسان.
وقد منَّ الله تعالى على المسلمين في هذا الزمان بما يسَّره تعالى من رعاية "المملكة العربية السعودية" لهذه البقاع المباركة، فمنذ أن تأسَّست هذه البلاد على يد الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود –رحمه الله- والنجاحات تتابع -ولله الحمد- في تحقيق اجتماع هذه الأمة في تحقيق مقاصد هذه الشعائر المباركة في هذا الحج وفي هذه الفريضة، فيأتي الناس من أصقاع الدنيا، يأتون مختلفين لسانًا، ويأتون مختلفين لونًا، ويأتون مختلفين مكانًا، ويأتون مختلفين في توجهاتهم وأفكارهم، إلا أنهم -ولله الحمد- ما أن تضع أقدامهم وتلامس هذه الأرض المباركة إلا وتزول تلك الفروقات كلها، لا شغل لهم إلا تحقيق ما جاءوا له من عبادة الله –عز وجل-.
فلا شعارات مفرِّقة، ولا أحزاب مشتِّتة، ولا دعوات تُشرذِم الناس وتمزق الجمع، بل الشعار واحد لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، المقصد واحد تحقيق العبادة لله –عز وجل- وأداء المناسك والسير على نحو من الالتئام والاجتماع يحقق قول الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُواآل عمران: 103  هذا يا أخي الكريم، هذا الإنجاز العظيم هو بفضل الله –عز وجل- وبما مَنَّ به على أهل الإسلام من الرعاية الكريمة لهذه الدولة بقياداتها السنِّية الرشيدة التي منذ أن تأسست وهي مدركة أن هذا الموسم وهذه البلاد ليست بلاد تفريق، وليست بلاد شرذمة وتمزيق بل هي بلاد جمع تجتمع فيها القلوب وتجتمع فيها الأبدان، وتجتمع فيها الأمة على لسان واحد لتحقيق مرضات الله –عز وجل-.
ولك أن تتخيل لو كانت هذه الشعيرة في مكان غير هذا المكان، لوجدت الشعارات والتسييس والاستغلال لهذا الموسم بما يحقق أهداف تلك الجهات، فنحمد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على ما يسَّر من كون هذه البقاع المباركة تحت هذه الدولة التي تحمى شعائر الله وتعظم حرمات الله –عز وجل- وتدرك مقاصد هذه العبادات وتسعى جاهدة لقطع الطريق على كل من يسعى إلى التشغيب والتشويش وإخراج هذه المناسك والشعائر عن غاياتها ومقاصدها المرجوَّة المطلوبة، فهذا من الإنجازات الكبرى.
وتجد -ولله الحمد- لمَّا كانت النية سلمية والعمل جادًّا في تحقيق هذه الغاية وهو نجاح هذا الموسم بدون أي تشغيب بتحقيق طاعة الله وشعائر الله ومجيء الناس لعبادة الله، تجد أن الجميع الكبير والصغير، والذكر والأنثى أبناء هذه البلاد المباركة من مسئولين ومن عامة الشعب يبذل قصارى جهده في إنجاح هذا الموسم،وفي تقديم الصورة المشرقة لأبناء هذه البلاد المباركة في استقبال المسلمين ضيوف الرحمن من كل أصقاع الدنيا؛ على أي وجه كان وبأي لسان كانوا؛ لأن هذه البلاد شرفها الله وخصها قيادة وشعبًا باحتضان هذه البقعة المباركة قبلة المسلمين ومسجد النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه-، فمن حق هذه النعمة ما تفضل الله تعالى به علينا من هذا التفاني في خدمة حجاج بيت الله على المستوى الخاص وعلى المستوى العام، على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجهات المسئولة، وخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بنفسه يأتي ويتابع ويتحقق من جاهزية وسير الأمور على أكمل ما يريد، وعلى أكمل المنشود، وذاك من فضل الله، وكذلك ولي عهده وكذلك جميع من شرفهم الله تعالى بخدمة حجاج بيت الله –عز وجل- في كافة الجهات الحكومية والوزارات المعنية، ونحمد الله على هذا النجاح، وأسأله أن يتابعه بنصر ولاة أمرنا وتمكين قياداتنا من كل عزٍّ ونصر، وأن يدحر عنا كل سوء وشرٍّ.
والحقيقة يعني ما تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده خير برهان للقاعدة التي تقول: الجواب ما ترى لا ما تسمع، نسمع دعايات مضلِّلة وتشغيب من جهات حاقدة سواء من دول متربِّصة أو من أحزاب مغرِضة وجماعات مفتونة يسعون للتشويش والتشبيه والتشكيك في قدرة هذه البلاد قيادة وشعبًا على إدارة هذه المواسم، ولكن -ولله الحمد- الجواب ما رأوه وما شهده العالم على مدار الساعة في الموسم المبارك الماضي من نقل حي ومباشر لثواني وجزئيات ما جرى من نجاحات هي شاهدة على توفيق الله –عز وجل- وإعانته وتيسيره وما تبذله هذه البلاد من طاقات وجهود متواصلة لتحقيق النجاح الباهر لهذا الموسم، وقطع تلك الدعايات المغرضة، فنحمده كثيرًا، نحمده -جل في علاه- ونسأله المزيد من فضله، وأن يتابع علينا إحسانه، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وجميع المشاركين في خدمة الحجيج من المدينين والعسكريين ورجال الأمن ورجال الصحة ورجال الدعوة، وسائر من شارك في إنجاح هذا الموسم لن يخيب سعيكم، سعيكم مشكور، وعملكم عند الله –جل وعلا- محفوظ، فابشروا بمزيد عطاء وفضل منه -جل في علاه-.
المقدم:- فضيلة الشيخ الوقت داهمنا كثيرًا، قبل أن نختم هذا اللقاء هناك رسالة وتتعلق بأمور الحج من الأخ عبد الله المالكي من مكة يقول: صاحب البيتين هل عليه طواف وداع؟ نريد أن نختم بهذا فضيلة الشيخ، صاحب بيتين؛ بيت في مكة، وبيت خارج مكة؟
الشيخ:- إذا هو مقيم في مكة، إذا كان يتردد يقيم هنا أشهر وفي المكان الآخر أشهر، إذا أراد المغادرة يطوف للوداع.
المقدم:- ومن يذهب إلى جدة هل يعتبر خرج من مكة ويطوف طواف وداع ويعود إليها أم ماذا؟
الشيخ:- لا هو إذا كان يخرج خروجا عارضا، يعني مازال في مكة، ولكن خرج خروجا عارضا وسيرجع فهذا لا يطوف طواف الوداع، إلا أن يكون من أهل جدة وخرج، فعند ذلك يطوف طواف وادع.
المقدم:- شكرا جزيلا فضيلة الشيخ الدكتور الأستاذ خالد المصلح أستاذ الفقه في جامعة القصيم وعضو لجنة الإفتاء في منطقة القصيم شكرا جزيلا فضيلة الشيخ على إثرائك لهذه الحلقة.
الشيخ:- بارك الله فيكم، وأسأل الله تعالى أن يقلبنا وإياكم، وأن يعيدنا وإياكم معاد الخير، وأن يتابع علينا الإحسان والفضل، وأن يوفقنا وولاتنا وبلادنا لما  فيه خير البلاد والعباد.

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91506 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87244 )

مواد تم زيارتها

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف