×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / التفسير وعلومه / القواعد الحسان / الدرس(14) من شرح القواعد الحسان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(14) من شرح القواعد الحسان
00:00:01

 قال المؤلف رحمه الله :"القاعدة الرابعة عشرة: حذف المتعلق المعمول فيه: يفيد تعميم المعنى المناسب له، وهذه قاعدة مفيدة جدا، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة، وذلك أن الفعل أو ما هو معناه متى قيد بشيء تقيد به، فإذا أطلقه الله تعالى، وحذف المتعلق فعمم ذلك المعنى،([1])ويكون الحذف هنا أحسن وأفيد كثيرا من التصريح بالمتعلقات، وأجمع للمعاني النافعة. ولذلك أمثلة كثيرة جدا". قبل الأمثلة نشرح القاعدة تقول القاعدة الرابعة عشرة: حذف المتعلق، ثم بين مقصوده بالمتعلق فقال: (المعمول فيه) أي المعمول فيه أو المعمول فيه على ما ذكرنا أنه عطف بيان أو بدل، والجملة في لغة العرب تنقسم من حيث التأثير إلىٰ عامل ومعمول: العامل هو المؤثر في غيره. والمعمول هو المتأثر -برفع أو نصب أو جر، أو غير ذلك من علامات الإعراب- بالعامل. فمثلا (أكرمت زيدا) أين المعمول؟ زيدا هو الذي وقع عليه أثر العامل وهو الفعل الإكرام، وأين العامل؟ أكرم. ففي لغة العرب الأصل ذكر الجملة تامة؛ ولكن قد يحذف المتعلق أو يحذف شيء منها؛ لكن: ·       لا بد في الحذف أن يكون عليه دليل يدل عليه من الجملة. ·       وأيضا لا بد أن يكون الحذف لفائدة. ·       وأن لا يكون المحذوف عمدة.  هذه  شروط ذكرها أهل اللغة للحذف، وهي موجودة في كتب النحو. المهم أن الحذف لا يكون إلا لفائدة في الغالب، ومنه الحذف الذي ذكره المؤلف رحمه الله هنا، حذف المتعلق وهو المعمول فيه، لا يكون إلا لفائدة، وهي في الغالب تعميم المعنى المناسب، وسيتبين ذلك بالأمثلة التي ذكرها المؤلف رحمه الله. (منها:أنه قال في عدة آيات:﴿لعلكم تعقلون﴾،([2])﴿لعلكم تذكرون﴾،([3])﴿لعلكم تتقون﴾([4]). فيدل ذلك على أن المراد:لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة، لعلكم تذكرون([5])جميع مصالحكم الدينية والدنيوية، لعلكم تتقون جميع ما يجب اتقاؤه([6])من جميع الذنوب والمعاصي). فقوله تعالىٰ: ﴿لعلكم تعقلون﴾لم يذكر المعمول فيه، لم يذكر نعقل ماذا؟ فدل ذلك على العموم في المعقول الذي جاء الخطاب به، كذلك ﴿لعلكم تذكرون﴾،وكذلك ﴿لعلكم تتقون﴾،فلم يذكر شيئا معينا يعقل، ولم يذكر شيئا معينا يتقى، فلما لم يذكر شيئا معينا وحذف دل ذلك على عموم ما يحصل به التذكر، وعلى عموم ما ينتفع الإنسان بتعقله، وعلى عموم ما ينفع الإنسان اتقاؤه، واضح؟ ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه) مما فيه نفعكم (وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة) من أين أتى هٰذا العموم؟ من حذف المتعلق، لو ذكر المتعلق لخصت الآية به؛ لكن لما حذفه أفاد العموم في المعنى، وكذلك ﴿لعلكم تذكرون﴾، وكذلك ﴿لعلكم تتقون﴾. (ويدخل في ذلك ما كان سياق الكلام فيه وهو فرد من أفراد هذا المعنى العام. ولهذا كان قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾([7]):يفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، أي لعلكم تتقون المحارم عموما، ولعلكم تتقون ما حرم على الصائمين من المفطرات والممنوعات،([8])ولعلكم تتصفون بصفة التقوى، وتحصلون على كل ما يقيكم مما تكرهون، وتتخلقون بأخلاقها، وهكذا سائر ما ذكر فيه هذا اللفظ مثل قوله:﴿هدى للمتقين﴾([9])أي المتقين لكل ما يتقى من الكفر والفسوق والعصيان،أي المؤدين للفرائض والنوافل التي هي خصال التقوى. وكذلك قوله:﴿إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون﴾([10]) أي إن الذين كانت التقوى وصفهم،([11]) وترك المحارم شعارهم متى زين لهم الشيطان بعض الذنوب([12]) تذكروا كل أمر يوجب لهم المبادرة إلى المتاب إجلالا لعظمة الله، وما يقتضيهالإيمان وما توجبه التقوى، وتذكروا عقابه ونكاله، وتذكروا ما تحدثه الذنوب من العيوب والنقائص، وما تسلبه من الكمالات، فإذا هم مبصرون من أين أتوا، ومبصرون الوجه الذي فيه التخلص من هذا الذنب الذي وقعوا فيه، فبادروا بالتوبة النصوح([13])). هٰذا فيه تفعيل هذه القاعدة في كم موضعا منها؟ في ثلاثة مواضع:  ﴿إن الذين اتقوا﴾لم يذكر اتقوا ماذا؟ اتقوا الله، اتقوا النار، اتقوا المعاصي، فلما لم يذكره أفاد العموم فيما يتقى ويحذر. ﴿إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا﴾تذكروا إيش؟ تذكروا عظمة الله، تذكروا أن الذنوب عواقبها وخيمة، تذكروا أجر الصابرين، كل هٰذا مما يدخل. الثالث: ﴿فإذا هم مبصرون﴾ مبصرون ماذا؟ مبصرون الحق، فإذا هم مبصرون نفع ترك المعاصي، فإذا هم مبصرون السبل التي يتخلصون بها من الوقوع في المعاصي. كل هٰذا مما يندرج في معنى الآية، ما الذي أفاد هٰذا العموم؟ حذف المتعلق فيها، ولو حدده لتحدد النص به وتقيد به، واضح يا إخوان؟ (فعادوا إلى مرتبتهم وعاد الشيطان خاسئا مدحورا. وكذلك ما ذكره على وجه الإطلاق عن المؤمنين بلفظ "المؤمنين"أوبلفظ ﴿إن الذين آمنوا﴾([14])ونحوها، فإنه يدخل فيه جميع ما يجب الإيمان به من الأصول والعقائد،([15])مع أنه قيد ذلك في بعض الآيات مثل قوله:﴿قولوا آمنا بالله﴾ الآية.([16]) وكذلك ما أمر به من الصلاح والإصلاح، وما نهى عنه من الفساد والإفساد مطلقا، يدخل فيه كل صلاح، كما يدخل في النهي كل فساد.([17]) وكذلك قوله:﴿إن الله يحب المحسنين﴾([18])﴿وأحسنوا﴾،([19])﴿للذين أحسنوا الحسنى﴾([20])﴿هل جزاء الإحسان إلا الإحسان﴾.([21])  يدخل في ذلك كله الإحسان في عبادة الخالق بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسان إلى المخلوقين بجميع وجوه الإحسان من قول وفعل وجاه وعلم ومال وغيرها. وكذلك قوله تعالى: ﴿ألهاكم التكاثر﴾([22])فحذف المتكاثر به؛ ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة:من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والأولاد، وغيرها مما تتعلق به أغراض النفوس، ويلهيها ذلك عن طاعة الله. وكذلك قوله تعالى:﴿والعصر (1)إن الإنسان لفي خسر﴾([23])أي في خسارة([24])من جميع الوجوه، إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وقوله:﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾([25]).  فذكر المسؤولين وأطلق المسؤول عنه؛ ليعم كل ما يحتاجه العبد ولا يعلمه. وكذلك أمره تعالى بالصبر، ومحبةالصابرين، وثناؤه عليهم، وبيان كثرة أجورهم، من غير أن يقيد ذلك بنوع؛ ليشمل أنواع الصبر الثلاثة، وهي: الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة. ومقابل ذلك ذمه للكافرين والظالمين والفاسقين والمشركين والمنافقين والمعتدين ونحوهم، من غير أن يقيده بشيء؛ ليشمل جميع ذلك المعنى. ومن هذا قوله: ﴿فإن أحصرتم﴾([26])  ليشمل كل حصر، ﴿فإن خفتم فرجالا أو ركبانا﴾([27])  ليعم كل خوف. وقد يقيد ذلك ببعض الأمور، فيتقيد به ما سيق الكلام لأجله. وهذا شيء كثير لو ذهبنا نذكر الأمثلة عليه لطالت، ولكن قد فتح لك الباب، فامش على هذا السبيل المفضي إلى رياض بهيجة من أصناف العلوم). جزاه الله خيرا،  هذه  قاعدة نافعة ومفيدة، الشيخ عبد الرحمٰن السعدي رحمه الله يشير إليها كثيرا في تفسيره، وتفتح بابا عظيما للانتفاع بالنصوص والاستدلال بها. ([1]) في نسخة: كان القصد من ذلك التعميم. ([2]) سورة : الأنعام (151). ([3]) سورة : الأنعام (152). ([4]) سورة : الأنعام (153). ([5]) في نسخة: ، فلا تنسون ولا تغفلون، فتكونون دائما متيقظين مرهفي الحواس تحسون كل ما تمرون به من سنن الله وآياته، فتذكرون. ([6]) في نسخة: من الغفلة والجهل والتقليد، وكل ما يحاول عدوكم أن يوقعكم فيه. ([7]) سورة : البقرة (183). ([8]) في نسخة: ومن كل الأحوال والصفات السيئة والخبيثة. ([9]) سورة : البقرة (2). ([10]) سورة : الأعراف (201). ([11]) في نسخة: واليقظة والتدبر لسنن الله وآياته حالهم. ([12]) في نسخة: ولبس عليهم الطريق، وحاول تخديرهم بالشبهات أو الشهوات. ([13]) في نسخة: والرجوع إلى صراط الله المستقيم. ([14]) سورة : البقرة (62). ([15]) في نسخة: والأعمال والأحكام. ([16]) سورة : البقرة (136). ([17]) في نسخة: كذلك. ([18]) سورة : البقرة (195). ([19]) سورة : البقرة (195). ([20]) سورة : يونس (26). ([21]) سورة : الرحمن (60). ([22]) سورة : التكاثر (1). ([23]) سورة : العصر (1-2). ([24]) في نسخة: لازمة. ([25]) سورة :النحل (43). ([26]) سورة : البقرة (196). ([27]) سورة : البقرة (239).

المشاهدات:5960


 قال المؤلف رحمه الله :"القاعدة الرابعة عشرة: حذف المتعلق المعمول فيه: يفيد تعميم المعنى المناسب له، وهذه قاعدة مفيدة جداًّ، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة، وذلك أن الفعل أو ما هو معناه متى قيد بشيء تقيد به، فإذا أطلقه الله تعالى، وحذف المتعلَّق فعمم ذلك المعنى،([1])ويكون الحذف هنا أحسن وأفيد كثيراً من التصريح بالمتعلقات، وأجمع للمعاني النافعة. ولذلك أمثلـة كثيـرة جـداًّ".



قبل الأمثلة نشرح القاعدة تقول القاعدة الرابعة عشرة: حذف المتعلق، ثم بين مقصوده بالمتعلق فقال: (المعمول فيه) أي المعمول فيه أو المعمول فيه على ما ذكرنا أنه عطف بيان أو بدل، والجملة في لغة العرب تنقسم من حيث التأثير إلىٰ عامل ومعمول:



العامل هو المؤثر في غيره.



والمعمول هو المتأثر -برفع أو نصب أو جر، أو غير ذلك من علامات الإعراب- بالعامل.



فمثلا (أكرمت زيداً) أين المعمول؟ زيداً هو الذي وقع عليه أثر العامل وهو الفعل الإكرام، وأين العامل؟ أكرم. ففي لغة العرب الأصل ذكر الجملة تامة؛ ولكن قد يحذف المتعلَّق أو يحذف شيء منها؛ لكن:



·       لا بد في الحذف أن يكون عليه دليل يدل عليه من الجملة.



·       وأيضاً لا بد أن يكون الحذف لفائدة.



·       وأن لا يكون المحذوف عمدة.



 هذه  شروط ذكرها أهل اللغة للحذف، وهي موجودة في كتب النحو.



المهم أن الحذف لا يكون إلا لفائدة في الغالب، ومنه الحذف الذي ذكره المؤلف رحمه الله هنا، حذف المتعلق وهو المعمول فيه، لا يكون إلا لفائدة، وهي في الغالب تعميم المعنى المناسب، وسيتبين ذلك بالأمثلة التي ذكرها المؤلف رحمه الله.



(منها:أنه قال في عدة آيات:﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾،([2])﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾،([3])﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([4]). فيدل ذلك على أن المراد:لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة، لعلكم تذكرون([5])جميع مصالحكم الدينية والدنيوية، لعلكم تتقون جميع ما يجب اتقاؤه([6])من جميع الذنوب والمعاصي).



فقوله تعالىٰ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾لم يذكر المعمول فيه، لم يذكر نعقل ماذا؟ فدل ذلك على العموم في المعقول الذي جاء الخطاب به، كذلك ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾،وكذلك ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾،فلم يذكر شيئاً معيناً يُعقل، ولم يذكر شيئاً معيناً يُتقى، فلما لم يذكر شيئاً معيناً وحذف دل ذلك على عموم ما يحصل به التذكر، وعلى عموم ما ينتفع الإنسان بتعقله، وعلى عموم ما ينفع الإنسان اتقاؤه، واضح؟



ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (لعلكم تعقلون عن الله كل ما أرشدكم إليه) مما فيه نفعكم (وكل ما علمكموه، وكل ما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة) من أين أتى هـٰذا العموم؟ من حذف المتعلَّق، لو ذكر المتعلق لَخُصّت الآية به؛ لكن لما حذفه أفاد العموم في المعنى، وكذلك ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، وكذلك ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.



(ويدخل في ذلك ما كان سياق الكلام فيه وهو فرد من أفراد هذا المعنى العام.



ولهذا كان قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([7]):يفيد كل ما قيل في حكمة الصيام، أي لعلكم تتقون المحارم عموماً، ولعلكم تتقون ما حُرِّم على الصائمين من المفطرات والممنوعات،([8])ولعلكم تتصفون بصفة التقوى، وتحصلون على كل ما يقيكم مما تكرهون، وتتخلقون بأخلاقها، وهكذا سائر ما ذُكر فيه هذا اللفظ مثل قوله:﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾([9])أي المتقين لكل ما يُتقى من الكفر والفسوق والعصيان،أي المؤدين للفرائض والنوافل التي هي خصال التقوى.



وكذلك قوله:﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾([10]) أي إن الذين كانت التقوى وصفهم،([11]) وترك المحارم شعارهم متى زين لهم الشيطان بعض الذنوب([12]) تذكروا كل أمر يوجب لهم المبادرة إلى المتاب إجلالاً لعظمة الله، وما يقتضيهالإيمان وما توجبه التقوى، وتذكروا عقابه ونكاله، وتذكروا ما تحدثه الذنوب من العيوب والنقائص، وما تسلبه من الكمالات، فإذا هم مبصرون من أين أُتوا، ومبصرون الوجه الذي فيه التخلص من هذا الذنب الذي وقعوا فيه، فبادروا بالتوبة النصوح([13])).



هـٰذا فيه تفعيل هذه القاعدة في كم موضعاً منها؟ في ثلاثة مواضع:



 ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾لم يذكر اتقوا ماذا؟ اتقوا الله، اتقوا النار، اتقوا المعاصي، فلما لم يذكره أفاد العموم فيما يتقى ويحذر.



﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا﴾تذكروا إيش؟ تذكروا عظمة الله، تذكروا أن الذنوب عواقبها وخيمة، تذكروا أجر الصابرين، كل هـٰذا مما يدخل.



الثالث: ﴿فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ مبصرون ماذا؟ مبصرون الحق، فإذا هم مبصرون نفع ترك المعاصي، فإذا هم مبصرون السبل التي يتخلصون بها من الوقوع في المعاصي.



كل هـٰذا مما يندرج في معنى الآية، ما الذي أفاد هـٰذا العموم؟ حذف المتعلق فيها، ولو حدده لتحدد النص به وتقيد به، واضح يا إخوان؟



(فعادوا إلى مرتبتهم وعاد الشيطان خاسئاً مدحوراً.



وكذلك ما ذكره على وجه الإطلاق عن المؤمنين بلفظ "المؤمنين"أوبلفظ ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾([14])ونحوها، فإنه يدخل فيه جميع ما يجب الإيمان به من الأصول والعقائد،([15])مع أنه قيد ذلك في بعض الآيات مثل قوله:﴿قُولُوا آمَنَّا بِالله﴾ الآية.([16])



وكذلك ما أمر به من الصلاح والإصلاح، وما نهى عنه من الفساد والإفساد مطلقاً، يدخل فيه كل صلاح، كما يدخل في النهي كل فساد.([17])



وكذلك قوله:﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾([18])﴿وَأَحْسِنُوا﴾،([19])﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى﴾([20])﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ﴾.([21]



يدخل في ذلك كله الإحسان في عبادة الخالق بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسان إلى المخلوقين بجميع وجوه الإحسان من قول وفعل وجاه وعلم ومال وغيرها.



وكذلك قوله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾([22])فحذف المتكاثَر به؛ ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة:من الرياسات والأموال والجاه والضيعات والأولاد، وغيرها مما تتعلق به أغراض النفوس، ويلهيها ذلك عن طاعة الله.



وكذلك قوله تعالى:﴿وَالْعَصْرِ (1)إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾([23])أي في خسارة([24])من جميع الوجوه، إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.



وقوله:﴿فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾([25]).  فذكر المسؤولين وأطلق المسؤول عنه؛ ليعم كل ما يحتاجه العبد ولا يعلمه.



وكذلك أمره تعالى بالصبر، ومحبةالصابرين، وثناؤه عليهم، وبيان كثرة أجورهم، من غير أن يقيد ذلك بنوع؛ ليشمل أنواع الصبر الثلاثة، وهي: الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.



ومقابل ذلك ذمه للكافرين والظالمين والفاسقين والمشركين والمنافقين والمعتدين ونحوهم، من غير أن يقيده بشيء؛ ليشمل جميع ذلك المعنى.



ومن هذا قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾([26])  ليشمل كل حصر، ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾([27])  ليعم كل خوف.



وقد يقيد ذلك ببعض الأمور، فيتقيد به ما سيق الكلام لأجله.



وهذا شيء كثير لو ذهبنا نذكر الأمثلة عليه لطالت، ولكن قد فتح لك الباب، فامش على هذا السبيل المفضي إلى رياض بهيجة من أصناف العلوم).



جزاه الله خيراً،  هذه  قاعدة نافعة ومفيدة، الشيخ عبد الرحمـٰن السعدي رحمه الله يشير إليها كثيراً في تفسيره، وتفتح باباً عظيماً للانتفاع بالنصوص والاستدلال بها.









([1]) في نسخة: كان القصد من ذلك التعميم.




([2]) سورة : الأنعام (151).




([3]) سورة : الأنعام (152).




([4]) سورة : الأنعام (153).




([5]) في نسخة: ، فلا تنسون ولا تغفلون، فتكونون دائماً متيقظين مُرْهفي الحواس تحسون كل ما تمرون به من سنن الله وآياته، فتذكرون.




([6]) في نسخة: من الغفلة والجهل والتقليد، وكل ما يحاول عدوكم أن يوقعكم فيه.




([7]) سورة : البقرة (183).




([8]) في نسخة: ومن كل الأحوال والصفات السيئة والخبيثة.




([9]) سورة : البقرة (2).




([10]) سورة : الأعراف (201).




([11]) في نسخة: واليقظة والتدبر لسنن الله وآياته حالهم.




([12]) في نسخة: ولبس عليهم الطريق، وحاول تخديرهم بالشبهات أو الشهوات.




([13]) في نسخة: والرجوع إلى صراط الله المستقيم.




([14]) سورة : البقرة (62).




([15]) في نسخة: والأعمال والأحكام.




([16]) سورة : البقرة (136).




([17]) في نسخة: كذلك.




([18]) سورة : البقرة (195).




([19]) سورة : البقرة (195).




([20]) سورة : يونس (26).




([21]) سورة : الرحمن (60).




([22]) سورة : التكاثر (1).




([23]) سورة : العصر (1-2).




([24]) في نسخة: لازمة.




([25]) سورة :النحل (43).




([26]) سورة : البقرة (196).




([27]) سورة : البقرة (239).

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات82850 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات78093 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات72445 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات60663 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات54974 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات52204 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات49363 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات47832 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات44792 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات44023 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف