قال المؤلف رحمه الله :" القاعدة السادسة عشرة: حذف جواب الشرط يدل على تعظيم الأمر وشدته في مقامات الوعيد".
الجملة الشرطية تتكون من أداة الشرط وفعل الشرط وجواب الشرط، والأصل كما تقدم عدم الحذف؛ لكن قد يكون في الحذف -في لغة العرب- زيادة معنى أو إفادة، منه هـٰذا: أن حذف جواب الشرط يدل على تعظيم الأمر وشدته في مقامات الوعيد، ولذلك أمثلة ذكرها المؤلف رحمه الله، نعم.
(وذلك كقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾،([1]) ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ﴾،([2]) ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾، ([3]) ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾،([4]) ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾.([5])
فحذْف الجواب في هذه الآيات وشبهها أولى من ذِكْره؛ ليدل على عظمة ذلك المقام، وأنه لهوله وشدته وفظاعته لا يُعبَّر عنه بلفظ، ولا يُدرك بالوصف، ومثله قوله تعالى: ﴿كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾([6]) أي لما أقمتم على ما أنتم عليه من التفريط والغفلة واللهو).
بعض الناس يظن أن جواب (لو) في قوله تعالىٰ: ﴿كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)﴾([7]) فيظن أن الجواب هو قوله: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ واللام واقعة في جواب الشرط، وهـٰذا ليس بصحيح، هـٰذا مما يفسد المعنى؛ ولذلك يجب الوقوف على قوله: ﴿كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ﴾، ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ ما يجوز أن تصلها، إذا وصلتها فسد المعنى؛ لأن المعنى على هـٰذا الفهم أنهم لا يرون الجحيم إلا إذا علموا علم اليقين، مع أن الكفار سيرون الجحيم علموا علم اليقين أو لم يعلموا، فالرؤية ليست معلقة بعلم اليقين، وبذلك يخطئ من يصل في القراءة، الواجب الوقف ﴿ كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾. وقوله: ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ اللام هنا موطئة للقسم؛ والله لترون الجحيم، فليتنبه إلىٰ هـٰذا، كثير من الأئمة لا ينتبهون إلىٰ هذا الأمر، فيصلون القراءة، وبه يفسد المعنى، أي بالوصل يفسد المعنى. نعم.