الحَمْدُ للهِ عَلَّمَ القُرْآنَ، خَلَقَ الإِنْسانَ عَلَّمَهُ البيانَ، أَحْمَدُهُ عَلَىَ ما خَصَّ بِهِ أوُلِي العِلْمِ مِنْ رَفيعِ المقامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهِ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ لَهُ، شَهادَةَ حَقٍّ شَهِدَ بِها الَّذي لا إِلَهَ غَيْرُهُ الملِكُ الدَّيَّانُ، وَاسْتَشْهِدَ عَلَىَ ذلِكَ مَلائِكِتَهُ وَأوُلِي العِلْمِ، فَكانَ في غايَةِ الذِّرْوَةِ مِنَ الإِكْرامِ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرسوُلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، بَعَثَهُ اللهُ بِالعِلْمِ النَّافِعِ وَالعَمَلِ الصَّالحِ لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّوُرِ، امْتَنَّ اللهُ تَعالَىَ عَلَىَ العالمينَ بِبَعْثَتِهِ ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾آل عمران:164، فَصَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، فَإِنَّ اللهُ تَعالَىَ أَمَرَكُمُ بِذَلِكَ في كِتابِهِ، في مَواضِعَ كَثيرَةٍ قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾الأنفال:29، فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ بِلزوُمِ طاعَتِهِ وَاجْتنابِ مَعْصِيَتِهِ في السِّرِّ وَالعَلَنِ؛ فَإِنَّ تَقْوَىَ اللهُ تَعالَىَ مُفْتاحُ الخَيْراتِ وَهِيَ مِغْلاقُ السَّيِّئاتِ، فَمَتَىَ اتَّقَىَ العَبْدُ رَبَّهُ زَادَهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَفَعَ مَكانَهُ وَقَدْرَهُ، وَزادَهُ عِلْمًا وَبَصيِرَةً وَفُرْقانًا وَهُدًى، وَمَتَى ازْدادَ العَبْدُ مِنْ تِلْكَ الفَضائِلِ زَادَ تَقْوَىَ وَخَشْيَةً ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾فاطر:28.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, العِلْمُ أَشْرَفُ ما حَصَّلَتْهُ النُّفوُسُ، وَأَنْفَسُ ما اشْتَغَلَتْ بِهِ الأَفْئِدَةُ، فَأَعْظَمُ ما اشْتَغَلَ بِهِ النَّاسُ تَحْصيِلاً وَطَلبًا العُلوُمُ النَّافِعَةُ، لِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ تَعالَىَ خاتَمَ رُسُلِهِ، وَأَشْرَفُهُمْ بِسُؤالِ الزِّيادَةِ مِنَ العِلْمِ فَقالَ: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾طه:114، فَلَوْ كانَ شَيْئًا أَشْرَفُ مِنَ العِلْمِ وَثَمارِهِ لأَمَرَ اللهُ تَعالَىَ نَبِيَّهُ بِذلِكَ فَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِسُؤالِ المزيِدِ مِنَ العِلْمِ كَما أَمَرَهُ بِالاسْتِزادَةِ مِنْ ثَمَرَةِ العِلْمِ وَهِيَ التَّقْوَىَ، أَمَرَ بِذَلِكَ جميعِ المؤْمِنينَ فَقالَ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾البقرة:197
وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ تَعالَىَ في كِتابِهِ مِنَ الاسْتِزادَةِ بِشَيْءٍ مِنَ الأَشْياءِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْياءِ إِلاَّ بِالعِلْمِ وَثَمَرَتِهِ، إِلَّا بِالعِلْمِ وَقَريِنِهِ؛ فَإِنَّ العِلْمَ وَالتَّقْوَىَ قَريِنانِ كُلَّما ازْدادَ العَبْدُ عِلْمًا زادَ تَقْوَىَ، وَإِذا زَادَتْ تَقْواهُ فَتَحَ اللهُ لَهُ مِنَ المعارِفِ ما يكوُنُ بِهِ في خَيْرٍ وَنوُرٍ وَهُدَىً وَفُرْقانٍ.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, رَوَىَ ابُنْ السُّنِّي وَابْنُ مَاجَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ إِذا أَصْبَحَ قالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا»أَخْرَجُهُ ابْنُ ماجَةَ(925), بِإِسْنادٍ صَحيحٍ، وَبِهذِهِ الأموُرُ الثَّلاثَةِ تَقوُمُ مَصالحُ البَشَرِيَّةِ، بِها تَكْتَمَلُ السَّعادَةُ بِالعِلْمِ النَّافِعِ الَّذي تَزْكوُ بِهِ القُلوُبُ وَالنَّفوُسُ والأَعْمالُ، وَالرِّزْقُ الطَّيِّبُ الَّذي هُوَ ثَمَرَةُ العِلْمِ فَإِنَّهُ لا يُمَيِّزُ بَيْنَ الطَّيِّبِ مِنْ الرَّزْقِ وَالرَّديءِ إِلَّا مَنْ كانَ عالمًا.
وَالعَمَلُ المتَقَبَّلُ وَهُوَ ما كانَ مُرافِقًا للِصِّحَّةِ وَالصَّوابِ، وَالإِخْلاصُ وَالصِّدْقُ والاتِّباعُ، كانَ ذَلِكَ جِماعَ الخَيْرِ وَجِماعَ السَّعادَةِ وَالفَلاحِ.« الَّلهُمِّ إِني أَسْأَلُكَ عِلْمًا نافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً»أَخْرَجَهُ ابْنُ ماجةَ(925), بِإِسْنادٍ صَحيحٍ، هَكذا كانَ رَسوُلُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقوُلُ إِذا أَصْبَحَ، جِماعُ هَذِهِ الأمُوُرِ سَعَادَةُ الإِنْسانِ فَإذا رَزَقَها وَأَعْطاها اللهُ تَعالَىَ إِيَّاهُ، كانَ ذَلِكَ مِنْ دَلائِلِ الخَيْرِ وَعلاماتِ السَّعادَةِ وَالبِشْرِ.
أَيُّها المؤِمْنوُنَ, مَنْزِلَةُ العِلْمِ رَفيِعَةٌ عالِيَةٌ لا تُساويِها مَنْزَلَةٌ مِنَ المنازِلِ، وَلا تُقارِبُها مَكانَةٌ مِنَ المقاماتِ، وَما مِنَّا إِلَّا وَهُوَ مُحْتاجٌ إِلَىَ العِلْمِ فَقَدْ أَخْرَجَنا اللهُ تَعالىَ مِنَ بُطوُنِ أُمَّهاتِنا لا نَعْلَمُ شَيْئًا، وَمَكَّنَنا مِنَ التَّعَلُّمِ بِما سَخَّرَهُ وَيَسَّرَهُ مِنَ الأَدَواتِ، وَالوَسائِلِ، وَالأَسْبابِ الموُصِلَةِ لِلعِلْمِ وَالمعْرِفَةِ. قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾النحل:78 ثم قال متفضلاً منعمًا: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾النحل:78
فامْتَنَّ اللهُ تَعالَىَ عَلَىَ عِبادِهِ بِمفاتيِحِ التَّعَلُّمِ مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَقَلْبٍ يَعْقِلُ، وَذَاكَ هُوَ الَّذي يُخْرِجُ الإِنْسانَ عَنِ الحالِ الأوُلَىَ الَّتيِ خَرَجَ عَلَيْها مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ وَهُوَ أَنَّهُ لا يَعْلَمُ شَيْئًا، فَبِقَدْرِ ما يُدْرِكُ الإِنْسانُ مِنَ العُلوُمِ وَالمعارِفِ تَسْموُ مَنْزِلَتُهُ، وَتَعْلوُ مَكانُهُ، لِذَلِكَ نَفَىَ اللهُ تَعالَىَ المساواةَ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ وَمَنْ لا يَعْلَمُ، فَقالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾الزمر:9، بَلْ رَفَعَ اللهُ تَعالَىَ أوُلِي العِلْمِ مَنْزِلَةً وَمَكانَةً عَلَىَ أَهْلِ الإيِمانِ، قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾المجادلة:11.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, ما يَزالُ الإِنْسانُ مُرْتَقِيًا؛ ما اشْتَغَلَ باِلعِلْمِ، وَمَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ بَلَغَ الغايَةَ في المعارِفِ وَالعُلوُمِ، وَوَصَلَ إِلَىَ النِّهايَةِ فَقَدْ أَخْطَأَ فَكُلُّ ما عِنْدَ النَّاسِ مِنَ العُلوُمِ وَالمعارِفِ قَليلٌ عَلَىَ كَثْرَتِهِ وَتَنَوُّعِهِ كَما قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾الإسراء:85. فَنَحْنُ نَتَنافَسُ في الاسْتِكْثارِ مِنَ القَليِلِ، وَنَتَسابَقُ في تَحْصيِلِ النَّذْرِ اليَسيِرِ مِنْ قَليِلٍ، وَالاسْتِزادَةِ مِنْ ذَلِكَ وَالاسْتِكْثارِ مِنْهُ هُوَ سَبيِلُ السَّعادَةِ وَطريِقُ صَلاحِ الدِّيِنِ وَالدُّنْيا.
أَيُّها المُعَلِّموُنَ وَالمتَعَلِّموُنَ، لَقَدْ حُزْتُمْ وَرَبِّ الكَعْبَةِ شَرَفًا عالِيًا، وَمَنْزِلَةً رَفيِعَةً، وَسَبَقْتُمْ سَبْقًا كَبيرًا، قَدْ قالَ رسوُلُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ(5027)، فالمعَلِّموُنَ الَّذيِنَ يُعَلِّموُنَ النَّاسَ الخَيْرَ في جميعِ مَراحِلِ تَعْليمِهِمْ، يَفْتَحوُنَ لَهُمْ أَبْوابَ الخَيْرِ وَالرُّشْدِ وَالصَّلاحِ، يَفْتَحوُنَ لَهُمْ أَبْوابًا وَسُبُلاً وَطُرُقًا للِنَّفْعِ واَلانْتِفاعِ، هَؤُلاءِ هُمْ مِمَّنْ قالَ النَّبِيُّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيِهِمْ فيما رَواهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حديِثِ أَبي أُمامَةَ: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ»أخرجه الترمذي( 2685)، وَقالَ:حَسَنٌ صَحيحٌ, وَلا تَعْجَبْ مِنْ هذِهِ المَنْزِلَةِ الرَّفيِعَةِ العالِيَةِ الَّتي يُسَخِّرُ اللهُ تَعالَىَ فيها كُلَّ هَؤلاءِ لِيَدْعوُ وَيَْذكروُا ذَلَِك الَّذي عَلَّمَ النَّاسَ خَيْرًا، يَذْكروُهُ بما يَكوُنُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ.
لا تَعْجَبْ أَنْ يَبْلُغَ مُعَلِّمُ النَّاسِ الخَيْرَ هَذِهِ المَنْزِلَةِ؛ فَإِنَّهُ لمَّا كانَ تَعْليِمُ هَؤُلاءِ لِلنَّاسِ الخَيْرَ سَبَبًا لِنَجاتِهمْ، وَسَعادَتِهِمْ، وَتَزْكِيَةِ نُفوُسِهِمْ، وَصَلاحِ ديِنِهِمْ وَدُنْياهُمْ جازاهُمُ اللهُ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِمْ، بِأَنْ جَعَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلاتِهِ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ، وَصَلاةِ مَلائِكَتِهِ وَأَهْلِ السَّماءِ وَالأَرْضِ ما يَكوُنُ سَبَبًا لِنَجاتَهِمْ وَسَعادَتِهِمْ وَفَلاحِهِمْ.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, هَذا الفَضْلُ وَهُوَ فَضْلُ مُعَلِّمِ النِّاسِ الخَيْرَ شامِلٌ لِكُلِّ مَنْ عَلَّمَ غَيْرَهُ ما يَنْفَعُهُ في ديِنِهِ وَدُنْياهُ مِنْ عُلوُمِ الدِّيِنِ وَمِنْ علوُمِ الدُّنْيا، وَإِنْ كانَ أَشْرَفَ ما اشْتَغَلَتْ بِهِ النُّفوُسُ تَعْليمًا وَبَذْلاً وَإِرْشادًا وَنُصْحًا ما يَحْصُلُ بِهِ صَلاحُ الدِّيِنِ وَاسْتِقامَتُهُ.
فَقَدْ جاءَ عِنْدَ البُخارِيِّ مِنْ حديِثِ عُثْمانَ رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ(5027)؛ وَلا عَجَبَ فَإِنَّ صَلاحَ الدِّيِنِ مَبْدَأُ كُلِّ صَلاحٍ وَفَلاحٍ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، فَلِهؤُلاءِ الَّذيِنَ يَشْتَغِلوُنَ بِتَعْليِمِ النَّاسِ أَموُرِ ديِنِهِمْ مِنَ السُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ أَعْلاهُ، وَمِنَ الفَضْلِ ذُرَاهُ، فَإِنَّ مُعَلِّمَ النَّاسِ الخَيْرِ لما كانوُا مُظْهِريِنَ لِديِنِ اللهِ تَعالَىَ وَمُعَرِّفينَ بِأَحْكامِهِ، وَدَالِّينَ عَلَىَ اللهِ الَّذي يُعْبَدُ بِأَسْمائِهِ وَصِفاتِهِ، كانَ لَهُمْ مِنْ صَلاتِهِ وَصَلاةِ أَهْلِ سَماواتِهِ وَأَرْضِهِ ما يَكوُنُ رِفْعَةً لَهُمْ، وَتَنْويِهًا وَتَشْريِفًا، وَإِظْهارًا لِلثَّناءِ عَلَيْهِمْ بَيْنِ أَهْلِ السَّماءِ وَالأَرْضِ.
وَلمَنْ عَلَّمَ النَّاسَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ ديِنِهِمْ نَصيبًا مِنْ ذَلِكَ عَلَىَ حَسْبِ ما يَقوُمُ في قَلْبِهِ مِنَ النِّيَّةِ الصَّالحَةِ وَالصِّدْقِ وَالبَذْلِ وَالاجْتِهادِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ نَفَعَ غَيْرَهُ أَدْرَكَهُ فَضْلٌ وَخَيْرٌ وَبِرٌّ لاسِيَّما في شَيْءٍ يَدوُمُ فَضْلُهُ، وَيَسْتَمِرُّ نَفْعُهُ، وَهُوَ ما كانَ مِنَ التَّعْليِمِ.
أَيُّها المؤِمْنوُنَ, إِنَّ هَذا الفَضْلَ وَهُوَ فَضْلُ مُعِلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ يُدْرِكِهُ الآباءُ وَالأُمَّهاتُ وكُلُّ مُشْتَغِلٍ بِالإعانَةِ عَلَىَ التَّعليِمِ، فَأَنْتَ أَيُّها الأَبُ وكَذَلِكَ الأُمُّ وكَذَلِكَ الأَخُ وَالأُخْتُ كُلُّ مَنْ سَاهَمَ في تَعْليِمِ غَيْرِهِ بمالِهِ أَوْ بِجَهْدِهِ أَوْ بِبَذْلِهِ أَوْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنَ الجُهْدِ في تَحْقيِقِ المقْصوُدِ مِنَ العَمَلِيَّةِ التَّعْليِمِيَّةِ فِإِنَّهُ داخِلٌ في هذا الفَضْلِ، فَسابِقوُا أَيُّها الإِخْوَةُ وَاحْتَسِبوُا الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ تَعالَىَ، سابِقوُا إِلَىَ نَيْلِ هذا الفَضْلِ أَنْ يُصَلِّي اللهُ عَلَيْكُمْ، وَمَلائِكَتُهُ، وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ السَّماءِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةُ، وَحَتَّى الحوُتُ في البَحْرِ، ذاكَ فَضْلٌ عَظيمٌ يَنالُهُ كُلُّ مَنْ عَلَّمَ غَيْرَهُ خَيْرًا وَلَوْ كانَ ذَلِكَ في حرفٍ أَوْ في أَدْنَى ما يَكوُنُ مِنَ التَّعْليِمِ.
كَما أَنَّهُ يُدْرِكُهُ أوُلئِكَ الَّذيِنَ يُساهِموُنَ وَيُشارِكوُنَ في تَعْليِمِ النَّاسِ الخَيْرَ بمالهِمْ، وَجُهْدِهِمْ، وَمُتابَعَتِهِمْ، وَحِرْصِهِمْ؛ فاحْتَسِبوُا الأَجْرَ عِنْدَ اللهِ في مُتابَعَةِ أَوْلادِكُمْ، وَحَثِّهِمْ عَلَىَ التَّعَلُّمِ وَعَلَىَ تَحْصيِلِ العُلوُمِ النَّافِعَةِ وَالجِدِّ وَالاجْتِهادِ؛ فَإِنَّ في ذَلِكَ خَيْرًا لَكُمْ في ديِنِكُمْ وَدُنْياكُمْ.
الَّلهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا، أَعِنَّا عَلَىَ طاعِتِكَ وَاسْتَعْمِلْنا فيما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ يا ذا الجِلالِ وَالإِكْرامِ. أَقوُلُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لِي وَلَكُمْ فاسْتَغْفروُهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيمُ.
* * *
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ العِلْمَ النَّافِعَ طَريِقًا مُوُصِلاً لمرْضاتِهِ، وَسَبِيلاً يُوُصِلُ إِلَىَ كُلِّ خَيْرٍ وَبِرٍّ وَهُدَىَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَفَعَ شَأْنَ العِلْمِ؛ حَتَّى بَلَغوُا في المَجْدِ ذُراهُ وَأَعْلاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ.
أما بعد:
فَاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَىَ في السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَفي الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ، وَابْذُلوُا ما تَسْتَطيعوُنَ في تَحْقيِقِ مَرْضاتِهِ، وَاحْتَسِبوُا الأَجْرَ في ذَلِكَ؛ فَإِنَّ رِضاهُ سَبيِلُ السَّعادَةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنْ عِبادِكَ المتَّقينَ، وَحِزْبِكَ المفْلِحينَ، وَأَوْلِيائِكَ الصَّالحينَ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾آل عمران:102.
عبِادَ اللهِ, إِنَّ العِلْمَ وَالتَّعْليمَ وَاجِبٌ شَرْعِيَّ، وَضَروُرَةٌ حَياتِيَّةٌ بها يَصْلُحُ ديِنُ النَّاسِ وَدُنْياهُمْ، فبِالعِلْمِ يِصْلُحُ ديِنُ النَّاسِ، بِالعِلْمِ يَعْرِفُ النَّاسُ رَبَّهُمْ وَيَنْتَفِعوُنَ مِنْ آياتِهِ، وَيُدْركوُنَ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلالِهِ ما يُعيِنُهُمْ عَلَىَ تَحْقيِقِ الغايَةِ مِنْ خَلْقِهِمْ وَوُجوُدِهِمْ، بِالعِلْمِ يُدْرِكُ الإِنْسانُ لماذا خُلِقَ، وَلماذا أَوْجَدَهُ اللهُ تَعالَىَ فَيَسْعَىَ في تَحْقيِقِ ذَلِكَ جَهْدَهُ وَغايَتَهُ.
بِالعِلْمِ أَيُّها المؤِمِنوُنَ يُدْرِكُ الإِنْسانُ طريِقَ السَّعادَةِ الموُصِلَ إِلَى فَوْزِ الدُّنْيا وَسَبْقِ الآخِرَةِ، بِالعِلْمِ يُمَيِّزُ الِإنْسانِ الحَقَّ مِنَ الباطِلِ فَيَعْرِفُ الهُدَىَ مِنَ الضَّلالِ، وَيَعْرِفُ ما يَصْلُحُ مَمَّا لا يَصْلُحُ فَيَسْعَىَ في مَرْضاةِ رَبِّهِ وَإِقامَةِ نَفْسِهِ عَلَىَ الصِّراطِ المسْتَقيمِ، فَيَتَوَقَّىَ الأَخْطارَ وَيَتَجَنَّبُ الأَوْزارَ، يَبْذُلُ جَهْدَهُ في تَحْقيِقِ رِضا العزيِزِ الغَفَّارِ.
بِالعِلْمِ أَيُّها المؤْمِنوُنَ تَصْلُحُ دُنْيا النَّاسِ، باِلعِلْمِ يُدْرُكُ الإِنْسانُ الانْتِفاعَ بِما خَلَقَ اللهُ تَعالَىَ في سَمائِهِ وَأَرْضِهِ مِمَّا سَخَّرَهُ لِلنَّاسِ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ، فَيَكْتَشِفُ وَيَخْتَرِعُ وَيَبْنِي وَيُشَيِّدُ وَيَصْنَعُ كُلَّ ذَلِكَ لا سَبيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالعِلْمِ وَالمعْرِفَةِ، فَبِالعِلْمِ تَسوُدُ الأُمُمُ، بِالعِلْمِ تَسْموُ الأَوْطانُ، بِالعِلْمِ تُعْلَمُ البُلْدانُ، بِالعِلْمِ تَرْتَفِعُ المُجْتَمعاتُ وَتَتَمَيَّزُ؛ وَلِذَلِكَ كانَ التَّعْليِمُ مِنَ المُهِمَّاتِ الرَّئيسَةِ في كُلِّ المْجتَمَعاتِ عَلَىَ مَرِّ العُصوُرِ، وَبَقَدْرِ تَحْقيِقِ النَّاسِ لِلعِلْمِ بِشِقِّيْهِ عِلْمِ الشَّريِعَةِ الَّذي يُصْلِحُ الدِّيِنَ، وَيُقَيِمُ النَّاسَ عَلَىَ الجادَّةِ. وَعِلْمِ الدُّنْيا الَّذي بِهِ تَتَحَقَّقُ عِمارَتُها يُدْرِكُ النَّاسُ خَيْرًا عَظيمًا وَسَبْقًا كَبيرًا.
فَبِقَدْرِ ما يُحَقِّقوُنَ مِنْ هَذَيْنِ العِلْمَيْنِ تَسْموُ المْجْتَمعاتُ وَتَصْلُحُ وَيَتَحَقَّقُ لِلنَّاسِ بِذَلِكَ خَيْرُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فَلْنَجِدَّ وَنَجْتَهِدَ، وَلْنَحْتَسِبِ الأَجْرَ فيما نَحْنُ فيِهِ، وَمِنَ المُهِمِّ وَالضَّروُرِيِ أَنْ يَعْتَنِيَ الآباءُ وَالمعَلِّموُنَ في بَيانِ شَريِفِ ما يَشْتَغِلُ بِهِ الطُّلابُ عَلَى اخْتِلافِ مَراحِلِهِمْ، فَإِنَّ العَمَلِيَّةَ التَّعْليِمِيَّةَ لَيْسَتْ إِسْجاءً لِلوَقْتِ، وَلا روُتِينًا يُمْضى فيِهِ الطُّلاَّبُ وَالطَّالِباتُ أَوْقاتَهُمْ، إِنَّما هُوَ بِناءٌ لأوُلئِكَ لِيَرْتَقوُا بِأَنْفُسِهِمْ وَيَسْموُ بِمعارِفِهِمْ، وَتَصْلُحُ بِذلِكَ مُجْتمعاتُهمْ وَأَوْطانُهُمُ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ العُلوُمَ في كُلِّ المْجْتَمعاتِ يَحْصُلُ بِها السَّبْقُ سَواءٌ أَنْ كانَ ذَلِكَ في عِلْمِ الدُّنْيا أَوْ في عِلْمِ الدِّيِنِ، وَإِنَّ طُغْيانَ عِلْمِ الدُّنْيا عَلَىَ بَعْضِ المجتَمَعاتِ لا يُحَقِّقُ لَهُمْ ما يَأْمَلوُنَ مِنَ اسْتِقامَةِ الحالِ، وَكَما أَنَّ الإِهْمالَ لِعلوُمِ الدُّنْيا مِمَّا تَأَخَّرَ بمُجْتَمعاتٍ وَلَوْ كانَتْ مُعْتَنِيةً بِعلوُمِ الدِّيِنِ، فَهُما قَريِنانِ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بهِما المجتمَعُ وأن يُوليَهما أَهَمِيَّةً لإِصْلاحِ مَعاشِهِمْ وَإِصْلاحِ مَعادِهِمْ.
أَسْأَلُ اللهُ العظيمَ رَبَّ العَرْشِ الكَريِمِ أَنْ يَرْزُقَنا عِلْمًا نافِعًا وَعَمَلاً صَالحًا، وَأَنْ يَهْدِيَنا سُبُلَ السَّلامِ، وَأَنْ يَسْموُ بِقلوُبِنا وَأَعْمالِنا إِلَىَ ما يُحِبَّ وَيَرْضَىَ، وَأَنْ يُريِنَا في أَنْفُسِنا وَأَبْنائِنا وَبَناتِنا وَمُجْتَمَعِنا ما يَسُرُّنا.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ الدَّوْلَةَ وَفَّقَها اللهُ تَبْذُلُ أَمْوالاً طائِلَةً في العَمَلِيِّةِ التَّعْليِمِيَّةِ، فَالتَّعْليِمُ في هَذِهِ البِلادِ وَللهِ الحَمْدُ يَبْذُلُ لِكُلِّ رَاغِبٍ فيِهِ مَجَّانًا، وَتِلْكِ المِنْحَةُ وَالفَضْلُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذي أَفاءَ بِهِ عَلَىَ أَهْلِ هَذِهِ البِلادِ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْمِرَ وَيَنْتَفِعَ بِهِ، وَأَنْ لا يَكوُنَ الأَمْرُ عَلَىَ نَحْوٍ مِنَ الإِهْمالِ وَالاسْتِهْتارِ وَالغَفْلَةِ، وَعَدَمِ العِنايَةِ بِالمعارِفِ وَالعلوُمِ الَّتي تُحَصِّلُ.
وَمِمَّا تَمَيَّزَ بِهِ التَّعْليِمُ في هَذِهِ البِلادِ وَللهِ الحَمْدُ وَفاقَ سَائِرَ بِلادِ الدُّنْيا أَنَّهُ جَمَعَ في عِلْمِهِ بَيْنَ الأَصالَةِ وَالمعاصَرَةِ، جَمَعَ في عُلوُمِهِ بَيْنَ عُلوُمِ الشَّريِعَةِ الأَساسِيَّةِ الَّتي يَحْتاجُها المسْلِمُ لِيُقيِمَ ديِنَهُ، وَالعلوُمُ الدُّنْيَوِيَّةُ الَّتي بِها تَصْلُحُ دُنْياهُ. وَلِذَلِكِ مِنَ المهِمِّ أَنْ نَعْتَنِيَ بِكلِا العِلْمَيْنِ وَأَنْ نَحْرِصَ عَلَىَ تَعْليِمِ أَوْلادِنا ذُكوُرًا وَإِناثًا، تِلْكَ العُلوُمَ المهِمَّةَ، وَأَنْ يَعْرفِوُا أَنَّ تِلْكَ العُلوُمَ لَيْسَتْ لاجْتِيازِ مَرْحَلَةٍ وَلا لِتَحْصيِلِ شَهادَةٍ أَهَمَّ مِنْ هَذا كُلِّهِ أَنَّ العِلْمَ المَبْذوُلَ في هَذِهِ الدُّوُرِ هُوَ لِبناءِ الِإنْسانِ، لِبِناءِ دِيِنِهِ وَإِصْلاحِ عَقيِدَتِهِ وَعَمَلِهِ، وَلِبِناءِ نَفْسِهِ وَإِصْلاحِ فِكْرِهِ وَعَمَلِهِ وَفَتْحِ مَجالاتِ إِصْلاحِ الدُّنْيا بِشَتَّى صُنوُفِ الفُنوُنِ وَأَنْواعِ العُلوُمِ.
فَنَسْأَلُ اللهَ العَظيمَ رَبَّ العَرْشِ الكريمِ أَنْ يَجْزِيَ القائِمينَ عَلَىَ التَّعْليِمِ خَيْرًا، وَأَنْ يُوَفِّقَ قِيادَتَنا إِلَىَ ما يُحِبُّ وَيَرْضَىَ، وَأَنْ يُسَدِّدَنا في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ، وَأَنْ يُرِيَنا في أَنْفُِسنا وَفي مُجْتَمَعِنا ما يَسُرُّنا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الهُدَىَ وَالتُّقَىَ وَالعَفافَ وَالرَّشادَ وَالغِنَىَ، رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ. الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَعَمَلاً صالحًا، وَرَأْيًا سَديِدًا، وَقَوْلاً مُسَدَّدًا، وَصَلاحًا في السِّرِّ وَالعَلَنِ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامَ.
الَّلهُمَّ إِناَّ نَعوُذُ بِكَ مِنْ دَرَكِ الشَّقاءِ، وَجَهْدِ البَلاءِ، وَشَماتَةِ الأَعْداءِ، الَّلهُمَّ إِنَّا نَعوُذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ ظَاهِرٍ أَوْ باطِنٍ، وَنَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ عَلِمْناهُ أَوْ جَهِلْناهُ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ. رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً، وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ. الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيِّتَ عَلَىَ إِبْراهِيِمَ وَعَلَىَ آلِ إِبْراهيِمَ إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.
الَّلهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِنا لما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِنا إِلَىَ ما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أموُرِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فيمنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.
الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَنا وَأَرادَ مُجْتَمَعَنا وَبِلادَنا بِسوُءٍ أَوْ مَكْرٍ أَوْ شَرٍّ أَوْ فَسادٍ فَاجْعَلْ تَدْبيِرَهُ تَدْميِرَهُ وَاكْفِنا شَرَّهُ، الَّلهُمَّ وَأَصْلِحْ أَحْوالَ المسْلِمينَ في كُلِّ مَكانٍ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَىَ الحَقِّ وَالهُدَىَ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلوبِهِمْ وَأَصْلِحْ ذاتَ بَيْنِهِمْ يا حَيُّ يا قَيُّومُ.
رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا فَإِنْ لمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكوُنَنَّ مِنَ الخاسِريِنَ.