المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، مستمعينا الكرام في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحييكم تحيةطيبة في بداية هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، في بداية هذه الحلقة تقبلوا تحياتي، محدثكم وائل الصبحي، ومن الإخراج الزميل ياسر زيدان، ومن الإشراف العام الأستاذ علي الثقفي، أهلا وسهلا ومرحبا بكم، ضيف حلقات برنامج "الدين والحياة" هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم.
فضيلة الشيخ خالد! السلام عليكم وأهلا وسهلًا، وحياك الله في بداية هذه الحلقة.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بك أخي وائل، وحيا الله الإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات.
المقدم: حياك الله، مستمعينا الكرام في بداية هذه الحلقة لمن أراد المشاركة معنا، يمكنكم أن تشاركونا عبر هاتفي البرنامج على الرقمين: 0126477117، أو عن طريق الهاتف الآخر على الرقم: 0126493028، أيضا يمكنكم أن تشاركونا بكتابة رسالة نصية عبر تطبيق الواتساب على الرقم: 0500422121.
فضيلة الشيخ -بمشيئة الله تَعَالَى- سيكون حديثنا في هذه الحلقة حول موضوع (الإشاعات وخطرها)، وأيضًا تناقُلِها، وكيفية التعامل مع الأخبار التي تأتينا خاصة في مثل وقتنا الحالي، الذي يكثر فيه تناقل الأخبار، ويكثر انتشارها.
أيضًا انتشار واسع يكون للأخبار عادة كانتشار النار في الهشيم، كثير أيضًا من الأحاديث النبوية، والتوجيهات النبوية التي جاءت وتبين خطر الكلمة، وعظم شأنها، ومنزلتها، كما قال النبي -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في الحديث: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» صحيح البخاري (6018)، ومسلم (47)، وفي الحديث الآخر: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» صحيح مسلم: المقدمة(ص:10).
ابتداء فضيلة الشيخ نريد أن نتحدث عن المنهج الإسلامي بالتعامل مع الأخبار وتناقلها قبل أن نعرف الإشاعة نفسها، هل هناك ضوابط معينة للتعامل مع الأخبار وتناقلها؟
الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فأسأل الله تعالى أن يكون هذا اللقاء نافعًا مباركًا، وهذه القضية قضية تلقِّي الأخبار، وما يحدث بها من محاذير الإشاعات، والأراجيف والأكاذيب، قضية لا ينفك الإنسان عن حاجته إلى تذكُّرِها في كل أحواله؛ وذلك أن آفات اللسان من أكثر ما يورِد الناس فيما لا تحمد عقباه من الوقائع والأحداث فضلًا عن أن يكون لذلك ما يترتب عليه من الآثام والأخطار التي تنجم عن الأقوال، وكذلك الآثام التي تترتب على ما يصدر عن الإنسان من قول.
الله -جَلَّ وَعَلا- أكد ضرورة حفظ اللسان، وبيَّن -دون سائر الجوارح- أنه ما يصدر من الإنسان من قول إلا وذلك القول مرصود، وهو رصد دقيق لا يفوت منه حرف ولا همس، قال الله تَعَالَى في محكم كتابه: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ق:16؛ هذا إحاطة بالخفي، وما أكنَّته الصدور، وما حوته القلوب، وما سترته الأفئدة، ثم قال: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ ق:17، فثمة ملكان يرصدان ما يظهر من الإنسان، ذكر فيما يظهر من الإنسان أخطره؛ وهو القول، فقال: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ق:18؛ وهذا يؤكد ضرورة العناية بما يكون من لفظ الإنسان وقوله، فإن كان ذلك فيما يتعلق بالأخبار أو في سائر صنوف الكلام وأنواعه، فإن اللسان يجري بالقول نقلًا للأخبار، وبالقول ابتداء، وبالقول في مصالحه وشؤونه، وبالقول فيما يتعلق به، وفيما يتعلق بغيره، وخطر اللسان على الإنسان عظيم يبيِّنه قول النبي -عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لما سأل معاذًا عن أبواب الخير وصنوف البرِّ التي تقرب للإنسان ما يؤمِّله من دخول الجنة، والنجاة من النار، قال له النبي -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-: «ألا أَدُلكُّ على مِلاك ذلك»، بعد أن بيَّن ما بيَّن له من أبواب البر، وصنوف الخير، قال: «ألا أدلك على ملاك ذلك؟»قال: بلى يا رسول الله، قال: «كُفَّ عليك هذا»؛ يعني أمسك عليك لسانَك، وأمسك النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ بلسان نفسه، فقال معاذ: "أو إنا مؤاخذون بما نقول؟" يعني هل سنحاسب على كل ما يصدر منا من قول، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: «ثَكِلَتْك أُمُّك يا معاذ، وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم» سنن الترمذي (2616)، وقال: حديث حسن صحيح .
هذه الجملة المختصرة التي بين فيها النبي صَلَّى الله عَلِيهِ وَسَلَّمَ ضرورة حفظ اللسان وفائدة الحفظ، ومساوئ الإهمال للسان، فإن النبي -صَلَّى الله عَلِيهِ وَسَلَّمَ- قال بعد أن بين أبواب الخير، قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك»؛ يعني ما يجمع لك هذه الأبواب وييسرها عليك، وتتمكن منها، قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسان نفسه -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-، فقال: «كُفَّ عليك هذا»؛ يعني أمسك عليك لسانك، إمساك اللسان يفتح أبواب الخير، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ الأحزاب: 70- 71 ، ثم ارتباط وثيق بين صلاح العمل واستقامة اللسان وحفظه، فيما لو أهمل الإنسان لسانه، هل يكون هذه مؤثرًا سلبًا على عمله؟
الجواب: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: «وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم»؛ فهذا يؤكد ضرورة العناية باللسان على وجه الإجمال، وأن يتحرى الإنسان في قوله الصدق، وأن لا يسرف في المقال، بكل حال ينبغي أن لا يسرف في المقال، بل يقتصد «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» سبق .
وفيما يتعلق بأحاديث الناس، أحاديث الناس متنوعة وذات فنون وصنوف شتى، منها ما يتعلق بمصالحهم، ومنها ما يتعلق بأمورهم، ومنها ما يتعلق بأمور العامة، ويضربون في فنون من الكلام وصنوف من الحديث تستوعب جميع ما يتعلق بمعاشهم، بل حتى بمعاش غيرهم، دنياهم، ودنيا غيرهم، صنوف من الحديث كثيرة، منها الأخبار، وهي ما يسمعه الإنسان من الوقائع والأحداث، وهي إما أن تكون خاصة بأفراد، وإما أن تكون تخصُّ جماعات وفئام من الناس، وإما أن تخص دولًا، وهي مراتب ودرجات، واليوم سوق الأخبار سوق رائجة، ولذلك تتنافس وسائل الإعلام، وسواء الإعلام العام بصنوفه المعهودة المعروفة، أو الإعلام الخاص الجديد الذي يتسابق فيه الناس لنقل الأخبار عبر ما أُتِيح لهم من وسائل التواصل سواء التواصل الخاص، أو التواصل العام عبر الوسائل المتاحة بشتى صنوف وأوجه التواصل الموجودة، ثمة نَهَمٌ في السبق إلى الخبر، وهذا في الحقيقة يورِّط كثيرًا من الناس في أن ينقلوا ما لا حقيقة له، وأن يتورطوا فيما حذَّر منه النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ في قوله: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» سبق .
وبالتالي مما ينبغي أن يراعى في الأخبار سواء الأخبار خاصة أو عامة أن يراقب الإنسان الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيما يتكلم به، فإن قوله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ الأحزاب:70؛ تأكيد لضرورة العناية باللسان، وأن يكون القول سديدًا، والقول السديد هو القول الرشيد، القول الصائب، القول المجافي للإفساد والمفاسد، القول البعيد عن المحرمات، هذا هو القول السديد سواء كان هذا قولًا فيما يخبر الإنسان به عن نفسه، أو يخبر عن غيره، سواء كان فيما ينقله، أو يبتدئ من القول، كله يحتاج فيه إلى أن يراعي السداد في القول.
والأخبار لما كانت على هذا النحو من الانتشار والشيوع كانت وسيلة من الوسائل التي أكدت النصوص على ضرورة العناية بها، وأن يتحرَّى فيها المتكلِّم أن لا يتورَّط فيما لا تحمد عقباه، وذلك أن الأخبار سواء كانت تتعلق بأشخاص، أو تتعلق بدول، أو تتعلق بجماعات، وفئام من الناس آثارها كبيرة، وأخطارها جسيمة، ولذلك أكدت الشريعة على أن يتحرى الإنسان فيما ينقله من الأخبار، وأن لا يبادر إلى نقل ما لا يدرك حقيقته وصدقه، والأخبار فيما يتعلق بضوابطها:
الضابط الأول: هو تقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيما تتلقاه من أخبار، وأن تُبعِد عن سمعك، وتحجب عن أذنك ومطالعتك كل ما يكون من الشر والفساد؛ لأن الأخبار منها ما يكون القصد في نقل الخبر، والإعلام، ومنه ما له مقاصد رديئة ومفسدة؛ وهذا في كثير من الأخبار لا سيما في زمن أصبحت الأخبار وأصبح حضورها في حياة الناس له تأثير كبير، ومعلوم أن الإعلام بكل صوره، ومن أهمه ما يتعلق بالأخبار له سلطة مؤثرة في تصرفات الناس، في أعمالهم، في تقييمهم، في استقرارهم، في أمنهم، في اقتصادهم، في اجتماعهم، في خاصتهم، في عامتهم، وبالتالي كان من آكد ما ينبغي أن يعتني به الإنسان فيما يتعلق بالأخبار أن يتقي الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيما يسمع، وفيما يصله، وأن يكون سدًّا منيعًا أمام ما يمكن أن يكون من أخبار تنتج ضمن الأراجيف التي يستعملها الأعداء، ويسعى المغرضون من نشرها وبثِّها لإحداث فساد، إحداث فرقة، إحداث فجوة، إحداث اختلال في أمن الناس أو اجتماعهم، أو معاشهم، أو اقتصادهم، أو سائر شؤون أحوالهم.
اليوم فيما يتعلق بالأخبار هي وسيلة من الوسائل الكبرى التي يستغلها المفسدون للوصول إلى ما يريدون من تحصيل الفساد في الأمور الخاصة والعامة.
ولنا وقفتان في مبدأ الحديث عن الشائعات، ذكرهما الله تَعَالَى في كتابه في بيان خطورة المبادرة إلى نقل الخبر أو الحديث عن غير تروي في صحة الخبر، ودون تروي في عواقبه ونتائجه؛ لأن الذي ينبغي أن يلاحظه الإنسان فيما يسمعه من أخبار:
أولًا: صحة ما وصل إليه.
وثانيًا: لو قدر أنه صحيح، فهل من المناسب أن يتحدث به؟ هل من المناسب أن يذيعه؟ هل من المناسب ان ينقله إل غيره بأي وسيلة من وسائل النقل سواء كانت النقل بالحديث المباشر، أو كان النقل بوسائل الإعادة للأحاديث والنشر بكل صورها في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، الله تَعَالَى يقول في سورة النساء: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ النساء:83 ؛ هذه الآية الكريمة مبدؤها وخاتمتها متصلة، يحذر الله تَعَالَى من مسلك تورَّط فيه بعض ضعاف الإيمان، وبعض من لم يدخل الإيمان في قلبه من أهل النفاق حيث كانوا يبادرون إلى نشر الأراجيف، إلى إشاعة ما يصلهم من حديث دون التروي فيه، وفي عواقبه، وفي مدى المصلحة في نشره، فكان يترتب على ذلك من الفساد ما حذرت منه الآية الكريمة، حيث قال الله -جَلَّ وَعَلا-: في وصف هؤلاء: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ﴾ النساء:83؛ أمر يتعلق بأمن الناس، أو بإخافتهم لم يترووا، ولم يتأنوا، بل بادروا إلى نشره دون أن يردوه إلى أهل البصيرة والعلم والمعرفة بالحقائق، والوقائع الذين إذا رُدَّ إليهم الأمر ميزوا الصحيح من غيره، ما يصلح للنشر مما لا يصلح للنشر، فكان ذلك وسيلة للترشيح، للتصفية، للتنقية، للتميز بين ما يصلح للنشر وبين ما لا يصلح للنشر، ما يمكن أن يكون له آثار إيجابية، أو آثار سلبية، فيميز هؤلاء بين هذا وذاك، فينشرون النافع، ويتركون عما لا نفع فيه،﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ النساء:83 .
ثم ذكر أن الله تعالى بفضله ومَنِّه وكرمه حمى الأمة من شرور كثيرة، يتربص بها أعداؤها، ويحيك لها خصومها المكر والكيد للنيل منها من طريق الأخبار، من طريق ما يشاع من الحديث الذي يكون له عواقب سلبية، قال: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ النساء:83 ، فالشيطان يزكي مثل هذه الأحاديث، ينشط على نقل مثل هذه الأخبار التي عواقبها في الفساد والشر، والضرر بالخاص والعام ما يكون مفسدًا للاجتماع، مُوقعًا الفساد بين الناس.
المقدم: اسمح لي فضيلة الشيخ أن نذهب إلى فاصل أول في هذه الحلقة، بعده -بمشيئة الله تعالى- نستكمل الحديث حول الضوابط التي يجب أن يراعيها الإنسان في التعامل مع الأخبار التي تصله، أيضًا بعد ذلك سنتحدث عن خطر انتشار هذه الإشاعة في المجتمع، مستمعينا الكرام سنذهب إلى فاصل أول في هذه الحلقة، بعده نكمل الحديث -بمشيئة الله تعالى- فابقوا معنا.
حياكم الله مستمعينا الكرام مجددًا في هذه الحلقة المباشرة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، ضيف حلقاتنا هو فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم، وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم، فضيلة الشيخ خالد أهلًا وسهلا، وحياك الله مجددًا.
الشيخ: حياك الله.
المقدم: أهلا وسهلا، مستمعينا الكرام لمن أراد المشاركة معنا يمكنكم أن تشاركونا عبر هاتفي البرنامج على الرقمين: 0126477117، أو عن طريق الهاتف الآخر على الرقم: 0126493028، أيضا يمكنكم أن تشاركونا بكتابة رسالة نصية عبر تطبيق الواتساب على الرقم: 0500422121.
فضيلة الشيخ نستكمل حديثنا الذي بدأناه حول الإشاعات، وخطرها، وأيضًا الأثر الذي ينتج عن هذه الإشاعات في المجتمع، لكن قبل أن نتحدث عن الأثر نريد أن نستكمل سويا بقية الضوابط التي يجب أن يراعيها المسلم في تعامله مع الأخبار إذا كان هناك بقية لهذه الضوابط.
الشيخ: نعم، ذكرت من الضوابط أولًا: وجوب تقوى الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيما يسمعه الإنسان من الأخبار، ثم ذكرت أنه من الضوابط المهمة: عدم الاستعجال في البث وإشاعة الخبر، فإن كان الخبر ثابتًا صحيحًا، أو كان الخبر لم يتثبت من الإنسان، وذلك أن إشاعة الخبر يترتب عليها من الآثار، ما ينبغي أن يتأمله الإنسان، وأن يفحصه، وأن يراجع فيه أصحاب العلم والمعرفة، والخبرة، والتجربة للتحقق من عدم الضرر في النشر، هذا إذا كان الخبر صحيحًا، لكن من المهم أيضًا أن يتأكد من صحة الخبر لا سيما أن اليوم الأخبار سواء كانت أخبارًا تتعلق بالدول، أو تتعلق بالحكام، أو تتعلق بالمجتمعات، يكتنفها ما يكتنفها من التجاذبات والمطاحنات، والسياسات التي قد توجَّه الحرب فيها على بلد معين، على جهة معينة لخلخلة اجتماعها، أو التأثير عليها بنوع من التأثير، فالأخبار لا يكفي فيها أن يكون الإنسان مسندًا الخطر إلى جهة من الجهات، بل لا بد من التحقق التام من صحة الخبر، وهذا لا يتأتى إلا بالتحقق من مصدر الخبر وصحته، فلا يقبل الأخبار إلا من جهاتها الموثوقة التي تبث الأخبار الصحيحة، وتنأى عن الأخبار المكذوبة، والمغرضة، والمفسدة، والتي يقصد منها مقاصد رديئة فاسدة، والله تعالى قد نبَّه إلى هذا في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ الحجرات:6 .
هذا التنبيه الإلهي في خبر قد يتعلق بشخص واحد، فكيف بالخبر الذي يتعلق بأمة وبدولة، يجب أن يتحقق الإنسان من الخبر، واليوم نحن نشهد هجومًا مشبوهًا من جهات عديدة على بلادنا حرسها الله وحفظها ودفع عنها كل سوء وشر، فينبغي أن نؤكد الوعي وضرورة العناية بالحذر من التورط في الانسياق في قبول الأخبار المغرضة، أو الأخبار التي تُشاع وتُذاع، ولا يؤكد صدق الخبر كون هذا الخبر بثَّته الجهة الفلانية، أو الجهة الفلانية، وإن تعددت الجهات؛ لأن الأخبار اليوم تتسابق الجهات إلى بثها، وتتناقلها، بل تستند في كثير من الأحيان إلى مصادر مجهولة، فإذا كان المصدر مجهولًا فكيف يتحقق مما أمر الله تعالى بالتحقق منه في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ﴾ الحجرات:6 ، فهذا الفاسق عَلِمْت حاله، فالمجهول أبعد من أن يوصل إلى حاله، وذلك أن الأخبار في كثير من الأحيان تُختلق وتُخترع، ويُضاف إليها وينقص منها للوصول إلى مآرب ومقاصد دنيئة، لا سيما في هذه الحرب الإعلامية التي تشنُّها جهات مغرضة، وقنوات ضرار وإفساد ومعروفة بالتهييج والتزوير والكذب، كقناة الجزيرة على سبيل المثال، ولها أمثال كثيرة، وليست القضية محصورة في جهة، أو في قناة، بل الواجب الحذر من كل ما يبثُّ، وكل ما ينشر من هذه القنوات التي لا يعرف عنها إلا الكذب في الأخبار المطلوبة، والتبني للأخبار التي يقصد منها إشاعة الفوضى، ونشر الفساد وإفساد المجتمعات كما هو معروف ومشاهد، وموثَّق ومعلوم لدى القاصي والداني، أضرب لذلك مثلًا؛ يعني شيوع الخبر لا يدل على صدقه، هذا عمر بن الخطاب -رَضِي اللهُ عَنْهُ- يخبر عن حدث في زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ: أنه دخل المسجد، وإذا الناس مجتمعون، قد عَلَتهم الكآبة وأصابهم من الكرب ما أصابهم، وهم في مسجد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ-، وفي حضرته -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- قال: «دخلتُ المسجد»؛ هذا عمر يحدث، والحديث في مسلم، «دخلت المسجد، فإذا الناس ينْكُتُون بالحصى»؛ يعني قد أهمَّهم الأمر، واشتغلوا بالحصى ينكتون بها، يقولون: طلَّق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- نساءه؛ وهذا خبر مُفجِع وكبير، وله أثر بالغ أن يقع هذا الحدث في مجتمع نبويٍّ، طلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ نساءه، فدخل عمر -رَضِي اللهُ عَنْهُ- إلى بيوت أزواج النبي قبل الحجاب، وسألهن، ثم لم يقنع بجوابهن حتى أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، وكان قد علاه -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- الغضب، قال: «دخلتُ عليه حين دخلتُ، وأنا أرى في وجهه الغضب»، طبعا انظر يا أخي الآن الخبر منتشر في المجتمع النبوي أن النبي طلق زوجاته صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، دخل عمر، فرأى من النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ حالة، دخل على زوجاته، وجد منهن حالًا، تعزَّز الخبر، ثم دخل على النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ورأى في وجهه الغضب، وهذا يدل على أن الخبر الذي سمعه ليس خبرًا مخترعًا، إنما قد يَصدُق مثل هذا الخبر، فجلس يحدث النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، ويسرِّي عنه صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، ثم قال له، انظر كيف التثبت، «قلت: يا رسول الله: إني دخلتُ المسجد، والمسلمون يَنْكُتون بالحصى، يقولون: طلق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- نساءه»، بعد أن تحقق من أنه لم يطلق، «قلت: يا رسول الله، أَطلَّقْتَهنَّ؟ قال النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ:«لا»، فلما أخبره بالتثبت من عدم صحة هذا الخبر، رغم أنه شائع ومنتشر في المسجد، ورأى من القرائن ما رأى التي قد تصدق الخبر، لكنه أعرض عن هذا كله، وجاء إلى المصدر وسأل: «أطلقتَهنَّ يا رسول الله؟ قال: «لا»، استأذنه بعد ذلك، قال: أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: «نعم، إن شئت»، فلم أزل أحدثه حتى ذهب عنه الغضب صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ، وأَنِس بحديث عمر، ثم نزل رَضِي اللهُ عَنْهُ، ونادى بأعلى صوته: لم يطلق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ نساءه» صحيح مسلم (1479) ، فانقشعت تلك الإشاعة، وزال ذلك الخبر الذي أشيع، وليس له واقع حقيقي، إنما قد يكون استندوا إلى أمارات، أو إشاعات، أو غير ذلك، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ النساء:83 ، فجدير بنا أيها الإخوة والأخوات أن نقف سدًّا منيعًا أمام ما يشاع من الأخبار المكذوبة، والأخبار المضلِّلة، والأخبار المغرضة التي تنشرها قنوات الضرار، ويبثها الأشرار لإشاعة الخوف، أو لإشاعة الفوضى، أو لخلخلة الاجتماع، أو لغير ذلك من المآرب التي يقصدونها بمثل هذه الأخبار المكذوبة لنشر الفساد والشرِّ بين المجتمع المسلم، ولا يغرنَّكم العلامات الإخبارية، فتقول هذه الوكالة الفلانية، وهذه الوكالة، الأمر ينبغي أن يرجع فيه إلى صاحبه، فتستقى الأخبار من الجهات الموثوقة في بلادكم، وفي إعلامكم، وأعرض عن كل تلك الأكاذيب، وتلك الجهات المشبوهة التي تتناقل الكذب، وتنشره لتحقيق أغراضهم المفسدة، وأهدافهم المريضة التي يقصدون منها تحقيق مصالح لهم، وإشاعة الفوضى والفرقة بين المواطنين، وبين بلادنا.
المقدم: تسمح لي فضيلة الشيخ أن نأخذ معنا عبر الهاتف حد المتصلين الكرام، الأخ عبد العزيز الشريف من الرياض، أهلا وسهلا يا عبد العزيز حياك الله.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، فضيلة الشيخ بالنسبة للإشاعة هناك للأسف المتلقي لهذه الإشاعة، يعني للأسف بعض الناس لعدم فقه، وعدم اهتمامه يصدق هذه الإشاعة، فتجده يتناقلُها بين أوساطه في عمله، في بيته، في مسجده، في أي مكان، ما واجب المتلقِّي اتجاه هذه الإشاعة من ناحية عدم الإشاعة، وعدم تصديقها، وأيضًا أن يُميتَها إذا وصلت إليه.
الأمر الثاني بارك الله فيك، هل هناك فرق بين الإشاعة أن تكون باللسان، أو باليد، أو بالذهاب لهذه الإشاعة؟ هل هناك فرق بينهم، وأيهما أشد وخطرًا على الإنسان، الكلام باللسان، أم باليد؟ وهل هناك فرق بين الجوارح في هذه الأمور؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، شكرًا للأخ عبد العزيز الشريف من الرياض على هذه المشاركة، فضيلة الشيخ يبدو أنه ذكر نقطة، فيما يتعلق بالمتلقِّي، لو أردنا أن نتحدث عن المتلقي، عن الإنسان البسيط، إذا ما وصل إليه خبر يغلب على ظنه أنه غير صحيح، أو حتى لو كان الخبر صحيحًا ما هو الإجراء السليم الذي من المفترض أن يتبعه الإنسان في حال وصله أي خبر من هذه الأخبار؟ خاصة ونحن في هذا الوقت مثل ما يعلم الجميع، يعني الأخبار تُتداوَل، ويتم تناولها بشكل سريع جدًّا على مستوى القنوات التلفزيونية، وحتى على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.
الشيخ: بالتأكيد سرعة الأخبار اليوم من أسرع ما يكون، وهي سلاح لكثير من الذين لهم أغراض مشبوهة، وأهداف رديئة لتحقيق مقاصدهم، والوصول إلى مآربهم، بل الأمر أبعد من ذلك، ليس الأمر في نقل الأخبار الواقعة، والزيادة عليها والنقص والتحريف والتضليل، بل اختلاط الأخبار، والبحث عما لا واقع له لإحداث ما يريدون من فساد وشر، وفرقة في المجتمع المسلم، من المهم أن نعرف أن الواجب على من وصله خبر أن يعرف صحة المصدر وصدق المصدر، فلا تستقي أخبارك من عدوِّك، لا تستقي أخبارك ممن له غرض في أن ينقل عنك كل ريبة، وشرٍّ.
إن يسمعوا ريبة عني طاروا بها فرحًا**وما سمعوا من صالح دفنوا فاحذر أن تتلقى أخبار بلدك، أخبار مجتمعك، أخبار ولاتك من أعدائك، فإنهم لا يمكن أن ينقلوا إلا ما يوافق هواهم، وإلا ما يضعف السامع ويشككه ويوقعه في بلابل لا نهاية لها؛ لأن غرضهم بس كل ما يكون سببًا للشر والفساد، ليس غرضهم أن ينقلوا خبرًا صحيحًا، أو أن يوثِّقوا حدثًا واقعًا، إنما غرضهم: أن يبثوا كل سيئة، وكل شرِّ، فإن لم يجدوا اخترعوا، فبالتالي ضرورة العناية بانتقاء مصادر الأخبار، انتق مصادر أخبارك، لا تتورَّط في النقل عن المجاهيل، ولا في النقل عن الأعداء، ولا في النقل عن الجهات المشبوهة، ولا في النقل عن الذين يردِّدون الكذبات، ويكررونها في اليوم مئات المرات حتى يظن السامع أنها أصبحت حقائق ووقائع لا يمكن أن ينفك عنها، فإن صدقوا في واحدة من أخبارهم، فمائة خبر تجدهم يكذبون فيه، ولذلك من الضروري أن يعتني الإنسان بمصادر الأخبار؛ هذه النقطة الأول بالنسب للسامع.
النقطة الثانية: أنه إذا سمع شيئًا ينبغي أن يكون سدًّا منيعًا أمام كل ما يكون من الأخبار الرديئة، فلا يبث خبر رديئًا، ولا ينشر شيئًا لا مصلحة في نشره، ولا ينقل ما يمكن أن يكون له عواقب سلبية، «نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ عن قيل وقال» صحيح البخاري (6473)، ومسلم (593)، وقال صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ: «بِئْس مَطِيَّة الرجلِ زعموا» سنن أبي داود (4972)مسند أحمد (17075)، وسنن أبي داود (4972)، وصححه الألباني ، وقال صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» سبق .
هذه الأخبار مجموعها يؤكد أنه ينبغي أن يكون الإنسان حريصًا على التأنِّي فيما يتحدث به من الأخبار، وأن لا ينقل الأخبار حتى لو كانت ثابتة إلا بعد النظر فيما يترتب عليها من المصالح والمفاسد، وأن لا يكون عونًا للأعداء على نفسه، وعلى أهله، وعلى بلده، وعلى ولاته بما ينقله من هذه الأراجيف، والأكاذيب التي تشيع الفساد والشر في المجتمع، وفي البلاد، لذلك أكد هذا المعنى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ- بالتحذير من نقل كل ما يسمعه الإنسان، فإن ما يسمعه الإنسان منه ما هو صادق، ومنه ما هو كاذب، منه ما هو مَزِيد، منه ما هو منقوص، فأمام هذا الكم الكبير من المنقول، من الضروري أن يعتني الإنسان بصدق وسلامة ما ينقل، وأيضًا في النظر في عواقب ما ينقله من أخبار، ألا يترتب عليها ما يكون من فساد وشر، ولذلك الإشاعة وهي جزء من حديثنا مهمٌّ ينبغي إذا استعملنا مثل هذه الوسائل فإننا سنؤيدها، وسنكون سدًّا منيعًا أمامها حتى لا تؤثر على مجتمعنا ولا تنال من اجتماعنا.
المقدم: فضيلة الشيخ أيضًا بالحديث عن الإشاعة وخطرها في المجتمع قد ينقل الإنسان في بعض الأحيان أخبارا قد لا تكون صحيحة، وقد ينقلها بحسن نية للمجتمع من حوله، وبالتالي يدخل في قضية الإرجاف ويكون من المرجفين الذين يسببون المشاكل، يسببون الفتن الاضطرابات في البلاد وهو لا يعلم وينقلها بحسن نية يعني.
الشيخ: طبعًا، لكن حسن النية في مثل هذا لا يكفي، يجب أن يكون الناس على وعي لا سيما ونحن نشهد حربًا إعلامية قذرة من جهات مغرضة وتوجه سهامها وإعلامها للنيل من بلادنا والنيل من ولاتنا، والنيل من منجزاتنا، والنيل من مكتسباتنا هذه الأشياء التي تحيط بالناس يجب أن تكون حاضرة في أذهانهم، وألا يتعاملوا مع وسائل الإعلام تعاملًا غرًّا وتعاملا دون وعي للأخبار المحيطة بنقل الأخبار، وليعلم أن نقل الأخبار مسؤولية، ولذلك إشاعة الأخبار بالوسائل الحديثة، كإعادة تدوير الأخبار بالرتوتة، أو بنشرها عبر وسائل التواصل وشبكات التواصل الاجتماعي، تجعل الإنسان تحت طائلة المسؤولية فيما ينقل، وفيما يرتوت، والجهات المختصة تؤكد على ضرورة العناية والتمييز والحذر من إعادة نشر هذه الأحاديث، أو تلك المنقولات التي يترتب عليها إخلال بالأمن العام، إخلال بالاجتماع، النيل من الجهات سواء كان جهات عامة، أو جهات خاصة، ويتأكد الأمر عندما ينقل الخبر عن أصحاب المسؤولية بكل مراتبهم وولاة الأمر، فإن التحري في نشر الأخبار فيما يتصل بولاة الأمر والأمر العام المتعلق بالبلاد من الضرورات التي يؤكدها الشرع، وتدعو لها المصلحة العامة، ويؤكدها أيضًا النظام الذي يؤكد على ضرورة العناية فيما ينشره الإنسان، وفيما يعيده.
ولهذا نقول: يا إخواني نحن بحاجة أن نكون سدًّا منيعًا، وأن يرتقي عندنا التمييز والوعي فيما نسمع، وفيما ننقل، وفيما يصلنا فنحن نخوض مع أعدائنا وخصومنا، على شتى صنوف الخصومات من الحقدة والحسدة وأصحاب الأغراض المشبوهة، والأفكار الموبوءة، والأطماع الرديئة، حربًا لا هوادة فيها، ومن الضروري أن نعي، وأن نكون على قدر المسؤولية في التصدي لهؤلاء بإجهاض مخططاتهم، وما يشيعونه من فساد فيما يبثُّونه من الأخبار والإشاعات والأراجيف التي غايتها وغرضها النيل منا، النيل من مكتسباتنا، النيل من بلادنا، النيل من ولاتنا، زعزعة أمننا، الذهاب بهذه النعم التي ننعم بها، وتفضل الله تعالى بها على هذه البلاد المباركة.
المقدم: فضيلة الشيخ وصلنا لختام هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة"، الحقيقة وصلتنا عدة استفسارات تتعلق بموضوع الحلقة، وأيضًا خارج موضوع الحلقة، نعتذر من الإخوة الكرام الذين لم نستطع أن نأخذ منهم هذه المشاركات، في الختام فضيلة الشيخ شكر الله لكم، وكتب الله أجرك شكرًا جزيلًا.
الشيخ: بارك الله فيكم، وأسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا من كل سوء وشرٍّ، وأن يوفق ولاتنا إلى ما يحب ويرضى، وأن يدفع عنا بقوته، وأن يجمع كلمتنا على الحق والهدى، وأن ينشر بيننا الأمن والطمأنينة والائتلاف والاجتماع، وأن يرينا في أنفسنا والمسلمين ما يسرنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.