قال المؤلف رحمه الله:" القاعدة التاسعة عشرة: ختم الله الآيات بأسماء الله الحسنى يدل على أن الحكم المذكور له تعلق بذلك الاسم الكريم.
وهذه القاعدة لطيفة نافعة، عليك بتتبعها في جميع الآيات المختومة بها، تجدها في غاية المناسبة، وتدلك على أن الشرع والأمر والخلق كله صادر عن أسمائه وصفاته ومرتبط بها.
وهذا باب عظيم في معرفة الله ومعرفة أحكامه، وهو من أجل المعارف وأشرف العلوم.
فتجد آية الرحمة مختومةً بصفات الرحمة، وآيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزة والقدرة والحكمة والعلم والقهر.
ولا بأس هنا أن نتتبع([1]) الآيات الكريمة في هـٰذا، ونشير إلى مناسبتها بحسب ما وصل إليه علمنا القاصر وعبارتنا الضعيفة، ولو طالت الأمثلة هنا؛ لأنها من أهم المهمات، ولا تكاد تجدها في كتب التفسير إلا يسيراً منها".
في هذه القاعدة التي عنون لها المؤلف رحمه الله بقوله: (ختم الله الآيات بأسماء الله الحسنى يدل على أن الحكم المذكور له تعلق بذلك الاسم الكريم). قاعدة مهمة كما ذكر المؤلف رحمه الله، وهي قاعدة جليلة، ومثل ما نبه إلىٰ أن كثيراً من التفاسير لا تعتني بهذا، إلا أن المؤلف رحمه الله في تفسيره قد اهتم بهذا اهتماماً بيّناً، فقلّ أن يمر على شيء من ذلك إلا ويشير إلى بعض ما تضمنته هذه الأسماء من المناسبة للآية التي خُتمت بها.
ولذلك أنصح إخواني بمراجعة هـٰذا التفسير؛ لمعرفة ما يتعلق بهذه القاعدة، وهي معرفة مناسبة ختم الآية بهذه الأسماء الكريمة، ولا شك أن ما أشار إليه في تفسيره وما سنقرؤه هو قليل من كثير، والباب مفتوح على مصراعيه، وكلما أنعم الإنسان النظر وأطال التدبر فُتح له في هـٰذا الباب ما لم يفتح لغيره.
(فقوله تعالىٰ في قوله: ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَات وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾([2]). فذكرُ إحاطة علمه بعد ذكر خلقه للأرض والسماوات يدل على إحاطة علمه بما فيها من العوالم العظيمة، وأنه حكيم حيث وضعها لعباده، وأحكَم صنعها في أحسن خلق وأكمل نظام، وأن خلقه لها من أدلة علمه، كما قال في الآية الأخرى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾([3]). فخلقه للمخلوقات([4]) من أكبر الأدلة العقلية على علمه، فكيف يخلقها وهو لا يعلمها؟
ولما ذكر كلامَ الملائكة حين أخبرهم أنه جاعل في الأرض خليفة، ومراجعتهم لربهم في ذلك، فلما خلق آدم وعلمه أسماء كل شيء مما جعله الله له وبين يديه، وعجزت الملائكة عن معرفتها وأنبأهم آدم بها: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾([5]). فاعترفوا لله تعالىٰ بسعة العلم، وكمال الحكمة، وأنهم مخطئون في مراجعتهم ربهم في استخلافه([6]) في الأرض التي خلقت له وهيئت لنزوله.
وفي هذا: أن الملائكة على عظمتهم وسعة معارفهم بربهم اعترفوا بأن علومهم تضمحل بجانب علم ربهم، وأنه لا علم لهم إلا منه، فختم هذه الآيات بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على علم الله بآدم([7]) وتمام حكمته في خلقه، وما يترتب على ذلك من المصالح المتنوعة: من أحسن المناسبات.
وأما قوله عن آدم: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾([8]) وختمه كثيراً من الآيات بهذين الاسمين بعد ذكر ما يدعو به العبد إلى التعرض من رحمته ومغفرته، وتوفيقه وحلمه، فمناسبته جلية لكل أحد، وأنه لما كان هو التواب الرحيم، أقبل بقلوب التائبين إليه، ووفّقهم لفعل الأسباب التي يتوب عليهم ويرحمهم بها ثم غفر لهم ورحمهم،([9]) فتاب عليهم أولاً بتوفيقهم للتوبة والأسباب،([10])وتاب عليهم ثانياً حين قبل متابهم وأجاب سؤالهم، ولهذا قال في الآية الأخرى: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾([11]) أي أقبل بقلوبهم،([12]) فإنه لولا توفيقه وصرف([13]) قلوبهم إلى ذلك([14]) لم يكن لهم سبيل إلى ذلك حين استولت عليهم النفس الأمّارة، فإنها لا تأمر إلا بالسوء، إلا من رحم الله فأعاذه منها ومن نزغات الشيطان" .
في هـٰذا المقطع فائدة وهي أن التوبة في كتاب الله عز وجل لها معنيان:
المعنى الأول: التوفيق للتوبة.
والمعنى الثاني: قبول التوبة من التائب.
وكلاهما محض فضل الله جل وعلا وإحسانه ولطفه بعبده، فهو الذي يسّر للعبد أسباب التوبة، وهو الذي يقبلها منه إذا صحت وصدقت، وهـٰذا معنى قوله: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾، أي وفّقهم للتوبة ليقبل منهم توبتهم، ولولا توفيقه جل وعلا للعبد وتيسير أسباب التوبة له ما تيسرت.
وبهذا تعلم أن العبد لا ينفك عن لطف الله ورحمته وإحسانه، وأن فضل الله عليك سابغ، لا مخرج لك منه إلا بإكثار الحمد والاعتراف له جل وعلا بسابق الفضل والإحسان، ولتعلم من هـٰذا أن ما تقوم به من الطاعات وما توفّق إليه من الصالحات إنما هو من فضل الله عليك وإحسانه إليك، وهـٰذا يستوجب شكراً وثناءً، وأن لا يغتر الإنسان بعمله وأن لا يعجب بنفسه؛ بل يعلم أن ذلك توفيق الله جل و علا، وأن ذلك إحسانه، وأن هـٰذا يستوجب شكره جل وعلا والثناء عليه.
(ولما ذكر الله النسخ أخبر عن كمال قدرته وتفرُّده بالملك. فقال: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ﴾([15]). وفي هذا رد على من أنكر النسخ كاليهود) .
المراد بالنسخ إبطال الحكم السابق بنص متأخِّر، فالنسخ في الأصل هو النقل والتغيير، فإذا نسخ الله عز وجل حكماً من الأحكام:
إما من شدة إلىٰ تخفيف.
أو من تخفيف إلىٰ تشديد.
أو إلىٰ مساوٍ.
فإن ذلك لحكمة أرادها جل وعلا، وقد أنكر النسخ اليهود وقالوا: إن إثبات النسخ يلزم عليه البَداء. أي إنه يبدو لله عز وجل ما كان خافياً عليه، وهـٰذا من كذبهم وافترائهم وعدم تعظيمهم لله جل وعلا، فالله العليم الخبير علماً لا يسبقه جهل، فلذلك أثبت الله النسخ في كتابه، وبين أن إثبات النسخ من مقتضى ملكه وقدرته جل وعلا، كما أشارت إليه هاتان الآيتان. فقال رحمه الله:
(ولما ذكر الله النسخ أخبر عن كمال قدرته وتفرده بالملك فقال: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَٰوَاتِ وَالأَرْضِ﴾([16]). وفي هذا رد على من أنكر النسخ كاليهود، وأن نسخه لما ينسخه من آثار قدرته وتمام ملكه، فإنه تعالىٰ يتصرف في عباده، ويحكم بينهم في أحكامه القدرية وأحكامه الشرعية، فلا حجر عليه في شيء من ذلك.
ولما قال: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾([17]) قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾([18]) أي: واسع الفضل، واسع الملك، وجميع العالم العلوي والسفلي داخل في ملكه، ومع سعته في ملكه وفضله فهو محيط علمه بذلك كله، ومحيط علمه بالأمور الماضية والمستقبَلية،([19]) ومحيط علمه بما في التوجه إلى القِبَل المتنوعة من الحكمة، ومحيط علمه بنيات المستقبلين لكل جهة من الجهات إذا أخطؤوا القبلة المعينة، فحيث يتيمم([20]) المصلي تيمم إلىٰ([21]) وجه ربه .
وأما قول الخليل وإسماعيل عليهما السلام وهما يرفعان القواعد من البيت: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾([22]) فإنه توسل إلى الله بهذين الاسمين إلى قبول هذا العمل الجليل، حيث كان الله يعلم نياتهما ومقاصدهما، ويسمع كلامهما، ويجيب دعاءهما، فإنه يراد بالسميع في مقام الدعاء -دعاء العبادة ودعاء المسألة- معنى المستجيب، كما قال الخليل في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ ([23])).
نعلم أن السماع الثابت لله جل وعلا نوعان:
سماع إدراك الأصوات، فما من صوت إلا يدركه جل وعلا، ولا تغلطه الأصوات ولا المسائل، فأحاط سمعه بكل شيء، كما قالت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها في المجادلة: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات.
والنوع الثاني من السماع سماع الإجابة، وهو نوعان أيضاً:
إجابة دعاء ومسألة، كأن يسأل العبد ربه، مثل ما يقول: رب اغفر لي وارحمني إنك سميع الدعاء. يعني أجب دعائي.
وسماع قبول وإجابة بالإثابة، وهـٰذا كقول المصلي عندما يرفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده. أي أجاب الله عز وجل من حمده بالثواب والعطاء، فليس المراد هنا إثبات السماع المطلق، إنما هو سماع خاص وهو سماع الإجابة والإثابة.
(وأما ختم قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ﴾ بقوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾([24]) أي فكما أن بعثك لهذا الرسول فيه الرحمة السابغة، ففيه تمام عزة الله وكمال حكمته، فإنه ليس من حكمته([25]) أن يترك الخلق سدىً عبثاً، لا يرسل إليهم رسولاً، فحقق الله حكمته ببعثته، كما حقق حكمته لئلا يكون للناس على الله حجة، والأمور كلها: قدريُّها وشرعيها، لا تقوم إلا بعزة الله، ونفوذ حكمه.
وقد يكتفي الله بذكر أسمائه الحسنى عن التصريح بذكر أحكامها وجزائها؛ لينبه عباده أنهم إذا عرفوا الله بذكر الاسم العظيم، عرفوا ما يترتب عليه من الأحكام) .
وهـٰذا داخل في عموم التعبد لله عز وجل بالأسماء الحسنى والصفات العليا، فإن إدراك ما تضمنته هذه الأسماء من الأحكام، وما دلت عليه من الشرائع من التعبد لله عز وجل، ومن دعائه كما قال الله جل وعلا: ﴿وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾،([26]) هـٰذا من دعائه بها، فيذكر الله جل وعلا حكماً معيناً أو أمراً، ثم لا يعقبه بذكر ما يترتب على المخالفة؛ لكن يذكر من الصفات أو من الأسماء ما يفهم به حكم المخالفة، ولذلك أمثلة:
(مثل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ لم يقـل: فلكـم من العقوبـة كذا، بل قـال: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾([27]). أي: فإذا عرفتم عزته وهي قهره وغلبته وقوته وامتناعه، وعرفتم حكمته وهي وضعه الأشياء مواضعها، وتنزيلها محالها أوجب لكم ذلك الخوف من البقاء على ذنوبكم وزللكم؛ لأن من حكمته معاقبة من يستحق العقوبة: وهو المصر على الذنب مع علمه، وأنه ليس لكم امتناع عليه، ولا خروج عن حكمه وجزائه؛ لكمال قهره وعزته) .
هـٰذا فيه إشارة إلىٰ أن العلم الذي ينفع والذي يطلب هو العلم الذي يثمر العمل، وليس مجرد العلم الذي هو إحاطة الإنسان بالشيء وإدراكه له، دون أن يثمر في سلوكه عملاً وفي خلقه استقامةً، ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾([28]) هـٰذا شرط، فإن قوله: ﴿فَإِنْ﴾ حرف شرط ﴿زَلَلْتُمْ﴾ هذا فعل الشرط ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا﴾ فجعل جواب الشرط إخباراً عن صفة من صفاته، وهي عزته وقدرته جل وعلا، فأفاد ذلك وجوب النزوع عن الزلل، ووجوب الرجوع إلىٰ الله عز وجل عن الخطأ، وأنه لا يجوز للمؤمن أن يستمر في خطئه، فإن ذلك ضعف في علمه؛ لأن من تمام العلم بأن الله عزيز حكيم أن لا يستمر الإنسان في خطئه ومعصيته.
(وكذلك لما قال: ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ لم يقل: فاعفوا عنهم أو اتركوهم ونحوها، بل قال: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([29]). يعني: فإذا عرفتم ذلك وعلمتموه، عرفتم أن من تاب وأناب فإنّ الله يغفر له ويرحمه، فيدفع عنه العقوبة) .
ذهب جماعة من العلماء إلى أن الإنسان إذا قارف ذنباً ثم تاب قبل أن يُقدر عليه فإنه لا يؤاخذ بذلك الذنب، فيما يتعلق بحق الله عز وجل؛ بل يسقط عنه موجبه وما ترتب عليه، وهـٰذا واضح من هذه الآية ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ هذه جاءت في المحاربة ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وليست هذه خاصة بآية المحاربة؛ بل هي في كل ذنب رُتب عليه عقوبة دنيوية، فإنه العقوبة الدنيوية تسقط بالتوبة قبل القدرة على فاعلها، بدلالة قوله تعالىٰ: ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
(ولما ذكر عقوبة السّارق قال في آخرها: ﴿نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾([30]) أي: عز وحكم فقطع يد السارق، وعز وحكم فعاقب المعتدي شرعاً وقدراً وجزاء.
ولما ذكر الله مواريث الورثة وقدَّرها قال: ﴿فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾([31]). فكونه عليماً حكيماً يعلم ما لا يعلم العباد، ويضع الأشياء مواضعها، فاخضعوا لما قاله وفصَّله في توزيع الأموال على مستحقيها الذين يستحقونها بحسب علم الله وحكمته، فلو وُكلَ العبادُ إلى أنفسهم، وقيل لهم: وزعوها أنتم بحسب اجتهادكم لدخلها الجهل والهوى وعدم الحكمة، وصارت المواريث فوضى، وحصل في ذلك من الضرر ما الله به عليم، ولكن تولاها وقسمها بأحكم قسمة وأوفقها للأحوال وأقربها للنفع.
ولهذا من قدح في شيء من أحكامه، أو قال: لو كان كذا أوكذا فهو قادح في علم الله وفي حكمته) .
ولهذا الذين يقولون: إن الشريعة ظلمت المرأة بعدم تسويتها بالرجل في المواريث يطعنون في علم الله عز وجل ويقدحون في حكمته، ولو أنهم سلموا الأمر لله جل وعلا؛ لكان خيراً لهم، فالأمر خطير، فالذي يطعن فيما شرعه الله وقدّره وقضاه وحكم به، فإنه يطعن في علم الله وحكمته، لا سيما في هذه الأمور التي لا تقبل الخلاف، وقد تولى الله جل وعلا بنفسه بيانها بياناً واضحاً شافياً، وهدّد من خالف مقتضى ما بينه، فالواجب التسليم. وكما قال الشيخ رحمه الله لو وًكل الأمر إلى الناس في توزيع المواريث لرأيت الفوضى والنزاع والاستئثار؛ لكن الله جل وعلا فصل في الأمر فصلاً لا نزاع فيه.
ولذلك مسائل الفرائض من أقل أبواب العلم خلافاً، والسبب في ذلك أن الله جل وعلا بينها بياناً واضحاً في كتابه.
(ولهذا من قدح في شيء من أحكامه، أو قال: لو كان كذا أوكذا فهو قادح في علم الله وفي حكمته.
ولهذا يذكر الله العلم والحكمة بعد ذكر الأحكام، كما يذكرهما في آيات الوعيد؛ ليبين للعباد أن الشرع والجزاء مربوط بحكمته، غير خارج عن علمه) .
آيات القضاء الكوني القدري لبيان أن ما يقضيه ويقدره هو من علمه وحكمته، فالشرع والقضاء والقدر والجزاء كل ذلك نابع عن حكمة الله جل وعلا ومرتبط بالحكمة والعلم، فمن سلم لله في حكمته وعلمه رضي به ربّاً ورضي بدينه وبنبيه.
وهـٰذا هو سر قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً))؛([32]) لأن الرضا بهذه الأمور كلها نابع عن تمام التسليم لله جل وعلا وكمال التوحيد من العبد، فإذا حقق توحيده -توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية وتوحيد الأسماء والصفات- تحقق له الرضا بالله ربّاً فيما يقضيه ويقدره، وبالإسلام ديناً فيما تضمن من الأحكام والشرائع، وبمحمد رسولاً؛ لأنه المبلغ عن الله شرعه.
(ويختم الأدعية بأسماء تناسب المطلوب. وهذا من الدعاء بالأسماء الحسنى: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾([33]) أي: تعبَّدوا لله بدعائه بها، واطلبوه بكل اسم مناسب لمطلوبكم.
وقوله تعالىٰ: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾([34]) والآيات المتتابعة التي بعدها، كل واحدة ختمت باسمين كريمين. فالأولى منها هذه ).
أي من هذه الآيات المتتابعة وهي في آخر سورة الحج. ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ﴾ الضمير عائد إلى من؟ إلىٰ الذين قال فيهم: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُم﴾([35]) من هم؟ ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا﴾، نعم.
(فالأولى منها هذه ، ختمها بالعلم والحلم: يقتضي علمه بنياتهم الجميلة، وأعمالهم الجليلة، ومقاماتهم الشامخة، فيجازيهم على ذلك بالفضل العظيم، ويعفو ويحلم عن سيئاتهم فكأنهم ما فعلوها) .
هـٰذا وجه، ووجه آخر في ختم الآية بهذين الاسمين: أنه سبحانه وتعالىٰ من تمام علمه وحلمه أن الذين آذوا أولياءه يرزقهم ويعافيهم ويمن عليهم بأنواع من المنن فما بهم من رحمة فمن الله، ما بهم من فضل ومن نعمة فمن الله، ومقتضى فعلهم أن يحجب عنهم فضل الله ورحمته؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيما أخبر عن الله عز وجل: ((من آذى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب))([36]). فمقتضى أذى أولياء الله عز وجل حلول العقوبة بهم؛ لكن من رحمة الله بهؤلاء -مع إيذائهم واضطرارهم أولياء الله إلى أن يهاجروا- أن وسع حلمه جل علا فعلهم، فلم يعاجلهم بالعقوبة، هـٰذا من مناسبات ختم الآية بالحلم. إضافة لما ذكره المؤلف رحمه الله، نعم.
(وختم الثانية بالعفو الغفور).
ما هي الثانية؟ ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)﴾([37]) هذه الثانية، نعم.
(وختم الثانية بالعفو الغفور: فإنه أباح المعاقبة بالمثل، وندب إلى مقام الفضل، وهو العفو وعدم معاقبة المسيء، وأنه ينبغي لكم أن تتعبدوا لله بالاتصاف بهذين الوصفين الجليلين؛ لتنالوا عفوه ومغفرته) .
ولذلك قال في سورة النور: ﴿أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾([38]) في حث أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على إيصال ما كان يوصله إلىٰ الذين تكلموا في عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها في حادثة الإفك، فذِكر هذين الاسمين في ختام هذه الآية التي أذن الله فيها بمعاقبة من عاقبك بمثل ما أصابك من الضرر دليل على الندب إلى العفو والصفح والتجاوز.
(وختم الآية الثالثة بالسميع البصير:)
ما هي الثالثة؟ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)﴾([39]) فختم هذه الآية بالسميع البصير يقتضي:
(يقتضي سمعه لجميع أصوات ما سكن في الليل والنهار، وبصره بحركاتهم على اختلاف الأوقات وتباين الحالات) .
فلا يمنعه الليل من أن يرى جل وعلا.
(وختم الآية الرابعة بالعلي الكبير:)
ما هي الآية الرابعة؟ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)﴾([40]).
(وختم الآية الرابعة بالعلي الكبير: لأن علوه المطلق وكبرياءه وعظمته ومجده تضمحل معها جميع المخلوقات، ويبطل معها كل ما عبد من دونه، وبإثبات كمال علوه وكبريائه، يتعين أنه هو الحق وما سواه باطل .
وختم الآية الخامسة باللطيف الخبير).
ما هي الخامسة؟ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63)﴾([41]) نعم.
(وختم الآية الخامسة باللطيف الخبير، الدالين على سعة علمه ودقيق خبرته بالبواطن.كالظواهر، وبما تحتوي عليه الأرض من أصناف البذور وألوان النباتات، وأنه لطف بعباده حيث أخرج لهم أصناف الأرزاق، بما أنزله من الماء النَّمير، والخير الغزير) .
الماء النمير يعني الكثير النافع.
(وختم الآية السادسة بالغني الحميد).
السادسة: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَٰوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64)﴾([42]).
(وختم الآية السادسة بالغني الحميد، بعدما ذكر ملكه للسماوات والأرض، وما فيهما من المخلوقات، وأنه لم يخلقها لحاجة منه لها، فإنه غني مطلق، ولا ليتكمَّل بها، فإنه الحميد الكامل، وليدلهم على أنهم كلهم فقراء إليه من جميع الوجوه، وأنه حميد في أقداره).
أي محمود جل وعلا، حميد فعيل بمعنى محمود مفعول، أي محمود سبحانه وتعالىٰ.
(وأنه حميد في أقداره، حميد في شرعه، حميد في جزائه، فله الحمد المطلق ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً.
وختم الآية السابعة بالرؤوف الرحيم).
السابعة ما هي؟ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (65)﴾([43]) نعم هذه السابعة.
(وختم الآية السابعة بالرؤوف الرحيم، أي: من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني آدم، وحفظ السماوات والأرض وإبقاؤها؛ لئلا تزول فتختل مصالحهم. ومن رحمته سخر لهم البحار لتجري فيها الفلك في منافعهم ومصالحهم، فرحمهم حيث خلق لهم المسكن، وأودع لهم فيه كل ما يحتاجونه، وحفظه عليهم وأبقاه.
ولما ذكر في سورة الشعراء قَصص الأنبياء مع أممهم، ختم كل قصة بقوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾([44]). فإن كل قصة تضمنت نجاة النبي وأتباعه، وذلك برحمة الله ولطفه، وإهلاك المكذبين له، وذلك من آثار عزته.
وقد يتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين: فإنه نجى الرسول وأتباعه بكمال قوته وعزته ورحمته، وأهلك المكذبين بعزته وحكمته. ويكون ذكر الرحمة دالاًّ على عِظم جرمهم، وأنه طالما فتح لهم أبواب رحمته بآياته ونعمه ورسله فأغلقوها دونهم بتمردهم على الله وكفرهم وشركهم فلم يكن لهم طريق إليها، ولولا ذلك لما حل بهم هذا العقاب ([45])).
فيكون بهذا (العزيز الرحيم) تعلق بالفعلين المذكورين: من إنجاء الرسل وأتباعهم، وإهلاك المكذبين لهم.
ويمكن أن يضاف وجه آخر لما ذكره المؤلف رحمه الله في الرحمة: أن من رحمة الله عز وجل بعباده المؤمنين إهلاك المكذبين؛ لأنه لو ترك المكذبين دون عقوبة لكان ذلك فتنة للمؤمنين؛ لكن لما جرت سنته جل وعلا في المكذّبين أن يُهلكوا كان ذلك من رحمته بعباده المؤمنين؛ لأنه مما يثبتهم ويربط على قلوبهم أن يروا عقوبة الله عاجلة في أعدائه الذين يحاربون أولياءه ويقاتلون رسله.
(وأما قول عيسى عليه السلام: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإنهم عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾([46]) ولم يقل: أنت الغفور الرحيم).
كما قال إبراهيم عليه السلام: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36)﴾،([47]) فلماذا قال هناك:﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، وهنا قال: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإنهم عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾؟ لماذا اختلف الأمر؟
يقول الشيخ رحمه الله في بيان وجه ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: إن المقام ليس مقام استعطاف واسترحام؛ لأن هـٰذا يوم القيامة، هـٰذا يكون يوم القيامة عندما يوجه الخطاب لعيسى ابن مريم: ﴿أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ﴾([48]). فيقول ما يقول، ثم يختم بهذا، فليس مقام مَقام استرحام ولا مقام استعطاف؛ بل هٰؤلاء مستحقون للعقوبة والعذاب الأليم.
بينما الآية الثانية التي فيها قوله: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فهي في هذه الدنيا، فهو يسأل الله سبحانه وتعالىٰ أن يغفر لهم وأن ويرحمهم، وكيف يغفر لهم ويرحمهم وهم مشركون؟ يغفر لهم ويرحمهم وهم مشركون بأن يوفقهم إلىٰ التوحيد، وهـٰذا معنى قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))([49]) في غزوة أحد لما أدموا وجهه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهنا ليس سؤالاً للمغفرة لهؤلاء المشركين؛ لأن النبي ممنوع أن يسأل المغفرة لمن أشرك، إنما المغفرة في هـٰذا المحل هو أن يوفقهم إلىٰ أسبابها بأن ينزلوا عن الشرك ويقبلوا علىٰ التوحيد، واضح؟
(فإن المقام ليس مقام استعطاف واسترحام، إنما هو مقام غضب وانتقام ممن اتخذه وأمه إلهين من دون الله، فناسب ذكر العزة والحكمة، وصار أَولى من ذكر الرحمة والمغفرة.
ومن ألطف مقامات الرجاء: أنه يذكر أسباب الرحمة وأسباب العقوبة، ثم يختمها بما يدل على الرحمة؛ مثل قوله: ﴿يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾([50])، وقوله: ﴿لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾([51]). وذلك يدل على أن رحمته سبقت غضبه وغلبته، وصار لها الظهور، وإليها ينتهي كل من وجد فيه أدنى سبب من أسباب الرحمة؛ ولهذا يُخرج من النار من كان في قلبه أدنى حبة خردل من الإيمان. ولنقتصر على هذه الأمثلة، فإنه يُعرف بها صفة الاستدلال بذلك) .
هـٰذا المقطع قلّ أن يقف الإنسان على مثله في كتب التفسير، كما ذكر الشيخ رحمه الله في أول الكلام، وما فيه شك أن معرفة ما ذكره رحمه الله والتنبه له مما يزيد به الإيمان، وينتفع به الإنسان في تدبر كلام الله عز وجل وفهمه.
([9]) في نسخة: ترجعهم إلى الفطرة السليمة التي يعرفون بها نعمة ربهم فيقدرونها ويشكرونها ويستجيبون لما يدعوهم بها إليه سبحانه، فيرجعون في كل شؤونهم وأمورهم إلى ربهم، فيفرح بهم ويزيدهم من فضله ويتوب عليهم ثم يغفر لهم ويرحمهم.
([32]) مسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسولاً فهو مؤمن وإن ارتكب المعاصي الكبار، حديث رقم (34).
([49]) البخاري: كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب (5) ، حديث رقم (6929).
مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، حديث رقم (1792).
لكنه حكاية عن نبي آخر من المتقدمين، أما عن قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة أحد فأخرجه الطبري في المعجم الكبير، وحسن الشيخ الألباني إسناده أو صححه، وذكره ابن حجر في الفتح تحت شرحه لأحاديث باب ما أصاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجراح يوم أحد، كتاب المغازي.