إِنَّ الحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعيِنُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوُذُ بِاللَّهِ مِنْ شُروُرِ أَنْفُسِنا وَسَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ شَهادَةً تُنْجي قائِلَها مِنَ النَّارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَفِيِّهُ وَخَليِلُهُ، خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، بَعَثَهُ اللهُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشيرًا وَنذيرًا، وَداعيًا إِلَيْهِ بإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنيرًا، بلَّغَ الرِّسالَةَ وَأَدَّىَ الأَمانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ، تَركَنا عَلَىَ مَحَجَّةٍ بَيْضاءَ لا يِزيِغُ عَنْها إِلَّا هالِكٌ، فَصَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَىَ آلهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ سُنَّتَهُ وَاقْتَفَىَ أَثَرَهُ بِإِحْسانٍ إِلَىَ يَوْمِ الدِّيِنِ, أَمَّا بَعْدُ:
فإنَّ أَصْدَقَ الحديِثِ كِتابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَرَّ الأُموُرِ مُحْدَثاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ عِبادَ اللهِ, إِنَّ أَعْظَمَ الشَّدائِدِ الَّتي تَنْزِلُ بِالعَبْدِ في الدُّنْيا هُوَ الموْتُ وَسَكَراتُهُ، وَما بَعْدَ الموْتِ أَشَدُّ مِنْهُ عَلَىَ المسرفِ الغافِلِ؛ فَواجِبٌ عَلَىَ كُلِّ مُؤْمِنٍ الاسْتِعْدادُ لِلمَوْتِ وَالاسْتِعْدادِ لما بَعْدَهُ بِتَقْوَىَ الله
ِ- عَزَّ وَجَلَّ -، وَالتَّزَوُّدِ بِالأَعْمالِ الصَّالحَةِ؛ قالَ رَبُّكُمْ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾الحشر: 18- 19. فَمَنْ ذَكَرَ اللهَ في حالِ صِحَّتِهِ وَرَخائِهِ وَعافِيَتِهِ وَاسْتَعَدَّ لِلقاءِ رَبِّهِ - جَلَّ وَعَلا - وَاسْتَعَدَّ لما يَكوُنُ في نُزوُلِ الموْتِ وَما بَعْدَهُ، ذَكَرَهُ اللهُ تَعالَىَ في هذه الشدائد، فكان معه فيها ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾فصلت: 30 يَكوُنُ اللهُ مَعَهُ في هذهِ الشَّدائِدِ العَظيمَةِ، وَيَلْطُفُ بِهِ وَيُعيِنُهُ وَيَتَوَلَّاهُ وَيُثَبِّتُهُ عَلَى التَّوْحيِدِ، وَيُسَدِّدُهُ في جوابِهِ فَيَلْقَىَ اللهُ تَعالَىَ وَهُوَ عَنْهُ راضٍ.
وَمَنْ نَسِيَ اللهَ تَعالَىَ وَغَرَّتْهُ دُنْياهُ وَغرَّتهُ صِحَّتُهُ وَغرَّهُ مالُهُ وَغرَّهُ رَخاؤُهُ، وَغَرَّهُ ما هُوَ فيِهِ مِنْ مُتَعِ الدُّنْيا وَغَفَلَ عَنِ الاسْتِعْدادِ للِقاءِ رَبِّهِ - جاءَهُ الموْتُ عَلَىَ حَيِنِ غَفْلَةٍ، فَنَزَلَ بِهِ عَلَىَ أَشَدِّ ما يكوُنُ، وَكانَ ذَلِكَ أَوَّلُ ما يَكوُنُ مِنَ الشَّدائِدِ الَّتي يَلْقاها؛ فالمؤْمِنُ المتَهَيِّئُ المسْتَعِدُّ بِطاعَةِ اللهِ وَتَقْواهُ إِذا نَزَلَ بِهِ الموْتُ أَحَبَّ لِقاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، وَأَمَّا المسْرِفُ الغافِلُ فَبِالعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ، وَحِيَنئِذٍ يَفْرَحُ المؤْمِنوُنَ، حِينَئذٍ يَسْتَبْشِرُ أَهْلُ الإيمانِ، حِينَئِذٍ يَقوُلُ المؤْمِنُ: ﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾يس: 26- 27 حينَئذٍ يَنْدَمُ المفَرِّطُ الغافِلُ، حِينئذٍ يَنْدَمُ مَنْ أَسْرَفَ عَلَىَ نَفْسِهِ وَأَلْهَتْهُ دُنْياهُ عَنْ لِقاءَ رَبِّهِ، فَيَقوُلُ: ﴿يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾الزمر: 56.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, الدُّنْيا دارُ عَمَلٍ، وَهِيَ سَريِعَةُ التَّقَضِّي، وَالآخِرَةُ دَارُ جَزاءٍ وَهِيَ دَارُ القَرارِ؛ فَمَنْ يَعْمَلْ هُنا يَجِدْ خَيْرًا هُناكَ، وَمَنْ لمْ يَعْمَلْ هُنا نَدِمَ هُناكَ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِذا خَرَجَ الإِنْسانُ مِنَ الدُّنْيا انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَسُئِلَ عَمَّا كانَ مِنْ أَعْمالِهِ، وَأَوَّلُ مَواطِنُ السُّؤالِ عِنْدما يُوُضَعُ في قَبْرِهِ فَيَأتِيَهُ مَلكانِ فَيَسْألانِهِ: مَنْ رَبُّكَ؟ ما ديِنُكَ؟ مَنْ نَبِيُّكَ؟التِّرْمِذِيُّ(3120) مِنْ حديِثِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ, وَقالَ حَسَنٌ صحيحٌ سُؤالُ حقٍّ يُسألهُ كُلُّ مَقْبوُرٍ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, يَبْقَىَ النَّاسُ بَعْدَ هذا السُّؤالِ في قُبوُرِهِمْ ما شاءَ اللهُ أَنْ يَبْقوُا، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّوُرِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ، نَفْخَةُ البَعْثِ وَالنُّشوُرِ، فإِذا نُفِخَ في الصُّوُرِ خَرَجَ النَّاسُ مِنْ قُبوُرِهِمْ وَأَجْداثِهِمْ يَنْسِلوُنَ إِلَىَ رَبِّهِمْ؛ يُسْرِعوُنَ لِلحُضوُرِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾مريم: 93 يَأْتوُنَ إِلَيْهِ لا يَتَمَكَّنوُنَ مِنْ تَخلُّفٍ وَلا تَأَخُّرٍ وَلا تَأَنٍّ، يَحْزَنُ المكذِّبوُنَ عِنْدَئذٍ وَتَظْهَرُ حَسْرَتُهُمْ كَما قالَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾يس: 51 وهذا نَفْخُ البَعْثِ وَالنُّشوُرِ ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ﴾ هذا حالُ النَّاسِ يَوْمَ البَعْثِ وَالنُّشوُرِ يَتوافَدوُنَ سِراعًا مُهْطِعينَ إِلَىَ الدَّاعِ ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا﴾ يس: 52 هَذا قوْلُ الخاسريِنَ الغافلينَ ﴿مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ يس: 52- 53 فاليَوْمَ يَوْمُ العَرْضِ وَالنَّشوُرِ وَالقِيامِ بَيْنَ يَدَيِ العزيزِ الغَفوُرِ ﴿فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾يس: 54.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, هذا حديِثُ حَقٍّ، لَيْسَ ذَلِكَ باِلأَساطيِرِ، هذا وَعْدُ صِدْقٍ لا كَذِبَ فيِهِ وَلا مَيْلَ، هذا قَوْلُ رَبِّ العالمينَ العليِمُ الخبيِرُ، في ذَلِكَ اليَوْمِ العظيمِ يَجْرِي عَلَىَ النَّاسِ أَهْوالٌ وَأَحْوالٌ، وَمِنْ تِلْكَ الأَهْوالِ وَالأَحْوالِ سُؤالُ المَلِكِ الدَّيِّانِ جَلَّ في عُلاهُ، فَمَا مِنَّا إِلَّا وَسَيَسْأَلُهُ رَبُّه جَلَّ في عُلاهُ، قالَ اللهُ تَعالَىَ لِرسوُلِهِ: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾الزخرف: 44 وقالَ مُقْسِمًا جلَّ في عُلاهُ: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾الحِجْرُ: 92 - 93 فَما مِنَّا إِلاَّ مَسْئوُلٌ؛ فاللَّهُمَّ ثَبِّتْنا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ يَوْمَ نَلْقاكَ يا ذا الجلالِ وَالإِكْرامِ.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, جَميعُ الخَلْقِ مَسْئوُلوُنَ يَوْم القِيامَةِ؛ قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾الأعراف: 6، قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾الحِجْرُ: 92 فَيَسْأَلُ اللهُ الرُّسَلَ جَميعًا عَنْ تَبليِغِ الرِّسالاتِ كَما ذَكَرَ سُبْحانَهُ ﴿وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾الأعراف: 6 وَكَما ق الَ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا﴾الأحزاب: 7- 8 فَيَسْأَلُ اللهُ تَعالَىَ الصَّادِقيِنَ وَهُمُ الرُّسُلُ، وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْ صِدْقِهِمْ جَلَّ في عُلاهُ، وَيَسْأَلُ اللهُ تَعالَىَ الرُّسُلَ عَنْ أَقْوامِهِمْ وَبماذا أَجابوُهُمْ ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾المائدة: 109 يَسْأَلُهُمُ اللهُ تَعالَىَ عَنْ إِجابَةِ أَقْوامِهِمْ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ إِجابَتِهِمْ الرُّسُلَ كَيْفَ كانَتْ؟ كَما قالَ تَعالَىَ؛ يَسْأَلُني وَيَسْأَلُكَ وَيَسْأَلُ كُلَّ أَحَدٍ مِنَ البَشَرِ ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ﴾ جَلَّ في عُلاهُ ﴿مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾القصص: 65 وَقَدْ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يَوْمِ عَرَفَةَ في جَمْعٍ مَشْهوُدٍ عَظيمٍ: «وأَنْتُمْ تُسْألوُنَ عنِّي فما أَنْتُمْ قائِلوُنَ؟»مسلم(1218)يَسْأَلُ اللهُ تعَالَىَ المكَذِّبينَ وَالمشْرِكينَ وَالمُعْرضينَ، كَما قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ﴾النحل: 56 أَيْ: وَاللهُ يُقْسِمُ اللهُ بِذاتِهِ جَلَّ في عُلاهُ ﴿تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ﴾النَّحْل 56، وقالَ تَعالَىَ في المشركينَ: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾الزخرف: 19 وَكُلُّ شاهِدٍ في أَمْرٍ دقيقٍ أَوْ جليلٍ صَغيرٍ أَوْ كبيرٍ سَيَسْأَلُهُ اللهُ عَنْ شَهادَتِهِ أَكانَ صادِقًا فيها أَمْ كانَ كاذِبًا؟ أَكانَ مُحِقًّا أَمْ كانَ عَلىَ غَيْرِ هُدَى؟ ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾.
أَيُّها المؤِمِنوُنَ, مِمَّا يَسْأَلُ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ النَّاسُ يَوْمَ القِيامَةِ ما مَنَحَهُمْ مِنْ القَوِىِّ وَالقُدراتِ في الأَبْصارِ وَالأَسْماعِ وَالعقُولِ؛ قالَ اللهُ تَعالَىَ: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ﴾الإسراء: 36 وَهُوَ الفِكْرُ وَالعَقْلُ ﴿كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «يَسْأَلُ اللهُ العِبادَ يَوْمَ القِيامَةِ فيمَ اسْتَعْملوُها؟»تَفْسيرُ الطَّبَرِيِّ(24/582) أَيْ: أَسْماعَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ وَعُقُوُلهُمْ، وَفي هَذا زَجْرٌ عَنِ النَّظَرِ إِلَىَ ما لا يَحِلُّ، أَوْ الاسْتِماعُ لما لا يَحِلُّ، أَوْ إِرادَةُ ما لا يجوُزُ، فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، سَتُسْألوُنَ عَنْ أَعْمالِكُمْ الدَّقيِقَةِ وَالجليلَةِ، الصَّغيرَةِ وَالكبيرَةِ، سَتُسْأَلوُنَ عَنْ أَعْمالِكُمُ دَقيقِها وَجَليلِها، صَغيرِها وَكبيرِها، عَلانِيَتِها وَسِرِّها، ظاهِرِها وَباطِنِها؛ قالَ اللهُ تَعالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾الحجر: 92 قالَ النَّبيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما رواهُ البُخارِيُّ وَمُسْلِمٌ: «وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسَأَلُكُمْ عَنْ أَعْمالِكُمْ»البُخاريُّ(4406), وَمُسْلِمٌ(1679) .
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, ما مِنَّا إِلَّا وَيُسْأَلُ يَوْمَ القِيامَةِ، جاءَ في السُّنَنِ مِنْ حديِثِ أَبي بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «لا تَزُوُلُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ القيامَةِ حَتَّىَ يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فَيِمَ أَفْناهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فيِمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفيِمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فيمَ أَبْلاهُ؟» وفي رِوايَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعوُدٍ قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تَزوُلُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ القِيامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّىَ يَسْأَلَهُ عَنْ خَمْسِ: عَنْ عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ؟ وَعَنْ شَبابِهِ فيمَ أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَمَلِهِ فيما عَلِمَ»أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ(2416)عَنِ ابْنِ مَسعوُدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ , و(2417) مِنْ حديِثِ أَبي بَرْزَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ, وَقالَ:هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَيْ: وَعَنْ عَمَلِهِ بِعِلْمِهِ، قالَ أَبوُ ذَرٍّ: «ذُوُ الدِّرْهَمَيْنِ يَوْمَ القِيامَةِ أَشَدُّ حِسابًا مِنْ ذي الدِّرْهَمِ»أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ ح(34684)، حِسابُ صاحِبِ الرِّيالَيْنِ أَشَدُّ حِسابًا مِنْ صاحِبِ الرِّيالِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, سَتُسْأَلوُنَ يَوْمَ القِيامَةِ عَنْ العُهوُدِ وَالمواثيقِ الَّتي أَمَرَكُمُ اللهُ تَعالَىَ بِالوَفاءِ بِها؛ قالَ اللهُ جَلَّ في عُلاهُ: ﴿وَأَوْفُوُا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾الإِسْراء: 34، وقالَ تَعالَى: ﴿وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾الأَحْزاب: 15، ومِنْ أَعْظَمِ ما يُسألُ عَنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ ما اسْتَرْعاهُ اللهُ تَعالَىَ إِيَّاهُ، فَما اسْتَرْعاكَ اللهُ تَعالىَ إِيَّاهُ أَنْتَ مَسْئوُلٌ عَنْهُ مِنْ عَمَلٍ، أَوْ وَلَدٍ، أَوْ مالٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَكَّنَكَ اللهُ تَعالَىَ وَجَعَلَهُ تَحْتَ يَدِكَ، «كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فالإِمامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ راعٍ وَهُوَ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِها راعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئوُلَةٌ عَنْ رَعِيَّتِها، وَالخادِمُ في مالِ سَيِّدِهِ راعٍ وَهُوَ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»البُخارِيُّ(5200), وَمُسْلِمٌ(1829)، فُكُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالموُظَّفُ راعٍ عَلَىَ نَسَقِ ما قالَ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَسْئوُلٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, إِنَّ اللهَ تَعالَىَ سائِلٌ كُلَّ ذِي رَعِيَّةٍ فيما اسْتَرْعاهُ، أَأَقامَ أَمْرَ اللهِ فيهِمْ أَمْ أَضاعَهُ، حَتَّىَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُسْأَلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ، سَدِّدْنا في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ وَاغْفِرْ لَنا الخَطَأَ وَالزَّلَلَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ. أَقوُلُ هذا القَوْلَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ لي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفروُهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفوُرُ الرَّحيمُ.
***
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ، لَهُ الحَمْدُ في الأوُلَىَ وَالآخِرَةِ، وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجعوُنَ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شريِكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسوُلُهُ، صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَأَصْحابِهِ أَجْمعينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوُا اللهَ عِبادَ اللهِ، اتَّقوُا اللهَ تَعالَى وَأَعِدُّوا للسُّؤالِ جَوابًا، إِنَّكُمْ أَيُّها المؤْمِنوُنَ سْتُسْأَلوُنَ عَمَّا أَنْعَمَ اللهُ تَعالَىَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ سائِرِ النِّعَمِ الَّتي تَفَضَّلَ بِها عَلَيْكُمْ في أَبْدانِكُمْ، وَفي أمْوالِكُمْ، وَفي بُلْدانِكُمْ، وَفي أَهْليِكُمْ، وَفي مآكِلِكُمْ، وَفي مَشارِبِكُمْ، وفي مَراكِبِكُمْ، وفي مَساكِنِكُمْ، وفي كُلِّ ما آتاكمْ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيا، سَتُسْأَلوُنَ عَنْهُ يَوْمَ القِيامَةِ؛ ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾التكاثرُ: 8 فاللهُ تَعالىَ سائِلٌ كُلَّ ذي نِعْمَةٍ فيما أَنْعَمَ عَلَيْهِ.
أَيُّها المؤْمِنوُنَ, لا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنَ النِّعَمِ، فَإِنَّكَ مَسْئوُلٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَىَ عَنِ العَبْدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْها، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْها»مسلم(2734).
خَرَجَ رَسوُلُ اللهِ – صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَقِيَ أَبا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقالَ: «ما أَخْرَجَكُما مِنْ بُيوُتِكُما في هَذِهِ السَّاعَةِ؟» وَكانَتْ ظَهيِرَةً، قالا: الجوُعُ يا رَسوُلَ اللهِ. قالَ: «وَأَنا وَالَّذي نَفْسي بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذي أَخْرَجَكُما» خَرَجَ ساداتُ الدُّنْيا؛ رَسوُلُ اللهِ وَأَبوُ بَكْرٍ وَعُمَرُ مِنْ بُيوُتِهِمْ، لمْ يُخْرِجْهُمْ إِلَّا الجوُعُ، فَذَهبوُا إِلَىَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ، فَإِذا هُوَ لَيْسَ بِبَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ امْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ لَهُمْ مَنْزِلًا فَنَزلوُا، ثُمَّ أُتوُا بِالماءِ، ثُمَّ جاءَ الأَنْصارِيُّ رَضِيَ اللهُ تَعالَىَ عَنْهُ، فَقالَ: ما أَحَدُ اليَوْمَ أَكْرَمُ أَضْيافًا مِنِّي، فانْطَلَقَ فَجاءَهُمْ بِعِذْقٍ فيِهِ بُسرٌ وَتمرٌ وَرُطَبٌ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَصاحِباهُ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّجُلُ المدْيَةَ؛ ـ السِّكِّيِنَ ـ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِياَّكَ وَالحلوُبَ» لا تَذْبَحْ حَلوُبًا، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلوُا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذِلِكَ العِذْقِ، وَشَرِبوُا، فَلَمَّا أَنْ شَبَعوُا وَروَوْا، قالَ رَسوُلُ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «والَّذي نَفْسي بِيَدِهِ» يَحْلِفُ رَسوُلُ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَبِّهِ، «وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هذا النَّعيِمِ يَوْمَ القِيامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيوُتِكُمُ الجوُعُ ثُمَّ لمْ تَرْجعوُا حَتَّى أَصابَكُمْ هذا النَّعيمُ» مسلم (2038).
قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ: "كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ , قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً , قَالَ: فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ تُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ ـ أي: يوشك أن تغادِرَ وَتموُتَ ـ, فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , قَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: تَعْلَمُ مَا تَقُولُ , قَالَ الرَّجُلُ: قُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ الْفُضَيْلُ تَعْلَمُ مَا تَفْسِيرُهُ؟ قَالَ الرَّجُلُ: فَسِّرْهُ لَنَا يَا أَبَا عَلِيٍّ , قَالَ: قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهُ، تَقُولُ: أَنَا لِلَّهِ عَبْدٌ، وَأَنَا إِلَى اللهِ رَاجِعٌ , فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ , فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ , وَمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَسْئُولٌ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيُعِدَّ للسُّؤَالَ جَوَابًا , فَقَالَ الرَّجُلُ: فَمَا الْحِيلَةُ قَالَ: يَسِيرَةٌ , قَالَ: مَا هِيَ قَالَ: تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ , فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ "حلية الأولياء(8/113).
واَلأَعْمالُ باِلخواتِيِمِ؛ حُكِيَ عَنِ الحَسَنِ البِصْرِيِّ أَنَّهُ قالَ: أَعِدَّ للِسُّؤَالِ جَوابًا، ولِلجوابِ صَوابًا، وَإِلَّا فاعْدُدْ للنَّارِ جِلْبابًا.تَفْسيُر التُّسْتُرِيُّ ص(94)مُعَلَّقاً.
وَقالَ عُمُرُ بْنُ الخَطَّابِ: «حاسِبوُا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحاسَبوُا، وَزِنوُا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ توُزَنوُا، وَتَزَيَّنُوا لِلعَرْضِ الأَكْبَرِ قَبْلَ أَنْ تُعْرَضوُا» ابْنُ أَبي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ ح(34459), وَالتِّرْمِذِيُّ(2459)’ يُنْظَرُ: الضَّعيِفَةُ للأَلْبانِيِّ(1201).
كَمْ مِنْ النِّعَمِ تُحيطُ بِكُمْ، وكَمْ مِنَ الخَيْراتِ تَتَنَعَّموُنَ بِها، فاعْرِفوُا للهِ الحَقَّ فيِها: بِشُكْرِهِ, وَالثَّناءِ عَلَيْهِ بِها، وَاسْتِعْمالِها فيما يُحِبُّ وَيَرْضَىَ، وَإِيَّاكُمْ وَالاغْتِرارَ بِالدُّنْيا، فَما أَسْرَعَ انْقِضاءَها، وَما أَشَدَّ تَحَوُّلَ أَحْوالِها، ﴿لَتََرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾الانشقاق: 19.
الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَىَ ذِكْرِكَ وَشُكْركِ وَحُسْنِ عِبادَتِكَ، الَّلهُمَّ اسْتَعْمِلْنا فيما تُحِبُّ وَتَرْضَىَ، وَاصْرِفْ عَنَّا السُّوُءَ والفَحْشاءَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.
الَّلهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمالِنا خواتِمها، وَخَيْرَ أَعْمارِنا أَواخِرَها، وَخَيْرَ أَيَّامِنا يَوْمَ نَلْقاكَ يا ذا الجَلالِ وَالإِكْرامِ.
﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾الأَعْراف: 23.
الَّلهُمَّ آمِنَّا في أَوْطانِنا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنا وَوُلاةَ أُموُرِنا، وَاجْعَلْ وِلايَتَنا فيمَنْ خافَكَ وَاتَّقاكَ وَاتَّبَعَ رِضاكَ يا حَيُّ يا قَيُّومُ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ الأَمْرِ إِلَىَ ما فيِهِ خَيْرُ العِبادِ وَالبِلادِ، سَدِّدْهُمْ في الأَقْوالِ وَالأَعْمالِ، الَّلهُمَّ مَنْ أَرادَنا وأَرادَ المسْلِمينَ بِشَرٍّ فاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ وَرُدَّ كَيْدَهُ في نَحْرِهِ وَاكْفِنا بِقُوَّتِكَ وَحَوْلِكَ كَيْدَهُ وَمَكْرَهُ.
رَبَّنا أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَيْنا، رَبَّنا انْصُرْنا عَلَىَ مَنْ بَغَىَ عَلَيْنا، رَبَّنا آثِرْنا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنا، رَبَّنا اهْدِنا وَيَسِّرِ الهُدَىَ لَنا، رَبَّنا اجْعَلْنا لَكَ ذاكِريِنَ شَاكريِنَ رَاغبينَ راهبيِنَ أَوَّاهينَ مُنيبينَ، الَّلهُمَّ تَقَبَّلْ تَوْبَتَنا وَاغْفِرْ زَلَّتَنا وَأَقِلْ عَثَرَتَنا، وَلا تُزْغْ قُلوُبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، الَّلهُمَّ أَلْهِمْنا رُشْدَنا وَقِنا شَرَّ أَنْفُسِنا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنا وَلإِخْوانِنا الَّذينَ سَبقوُنا بِالإيمانِ، وَلا تَجْعَلْ في قُلوُبِنا غِلًّا لَّلذيِنَ آمنوُا، رَبَّنا إِنَّكَ رءوُفٌ رحيمٌ.
أَلا وَصَلُّوُا عَلَىَ رَسوُلِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْروُضَةٌ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ؛ كَما صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْراهيمَ وَعَلَىَ آلِ إِبْراهيمَ؛ إِنَّكَ حميدٌ مَجيدٌ.