×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

مرئيات المصلح / برامج المصلح / الدين والحياة / الحلقة (131) محبة النبي صلى الله عليه وسلم بين الاتباع والابتداع

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis

المشاهدات:3902

المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات نحييكم تحية طيبة في بداية هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير "إذاعة نداء الإسلام" من "مكة المكرمة".

في بداية هذه الحلقة تقبل تحياتي محدثكم "وائل الصبحي" ومن الإخراج الزميل "ياسر زيدان" ومن الإشراف العام الأستاذ "علي الثقفي" أهلا وسهلا ومرحبا بكم.

"الدين والحياة"

ضيف حلقات برنامج الدين والحياة هو فضيلة الشيخ الدكتور "خالد المصلح" أستاذ الفقه بـ"جامعة القصيم" وعضو "لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم" شيخ خالد السلام عليكم وأهلا وسهلا بك معنا في بداية هذه الحلقة.

الشيخ: مرحبا بك وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المذيع: حياك الله .. بمشيئة الله تعالى مستمعينا الكرام سيكون حديثنا في هذه الحلقة حول موضوع "محبة النبي عليه الصلاة والسلام بين الاتباع والابتداع"، لمن أراد المشاركة معنا في هذه الحلقة يمكنكم أن تشاركونا عبر هاتفي البرنامج على الرقمين 0126477117 أو عبر الهاتف الآخر على الرقم 0126493028 أيضًا يمكنكم أن تشاركونا بكتابة الرسالة نصية عبر تطبيق الواتس آب على الرقم 050045422121 

فضيلة الشيخ سيكون حديثنا -بمشيئة الله تعالى- حول موضوع "محبة النبي عليه الصلاة والسلام بين الاتباع والابتداع"، كما نعلم أن محبة النبي -عليه الصلاة والسلام- أصل عظيم من أصول الدين، بل إن إيمان العبد متوقف على وجود هذه المحبة فلا يدخل المسلم في عداد المؤمنين الناجين حتى يكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحبَّ إليه من نفسه التي بين جنبيه وولده ووالده والناس أجمعين، كما في حديث النبي عليه الصلاة والسلام عندما قال: «لا يؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من وَلَدِه ووالِدِه والناسِ أجمعين» صحيح البخاري (15)، ومسلم (44)  .

فضيلة الشيخ ابتداء نريد أن نتحدث حول هذا الأصل العظيم في ديننا الإسلامي ألا وهو محبة النبي -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- .. طيب يبدو أننا فقدنا الاتصال بالشيخ خالد المصلح، نعاود الاتصال بالشيخ خالد المصلح في هذه الأثناء عبر الهاتف، طيب شيخ خالد معنا مجددًا

الشيخ:  معك نعم.

المذيع: حياك الله نريد أن نتحدث ابتداء فضيلة الشيخ حول هذا الأصل العظيم في ديننا الإسلامي ألا وهو محبة النبي عليه أفضل السلام وأتم التسليم.

الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المذيع: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: تحية طيبة لك أخي وائل وللإخوة والأخوات المستمعين والمستمعات، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.

محبة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هي من لوازم الشهادة له بالرسالة، فلا يتم إيمان أحد بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الوجه الذي تحصل به النجاة ويليق به ما أمر الله تعالى به من الشهادة للنبي –صلى الله عليه وسلم بالرسالة إلا أن يحبه، ولذلك يستحيل أن يخلو قلب مؤمن صادق من محبة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، مهما كان هذا على أي حال كانت من صلاح وعدمه استقامة وعدمها يأتمر بما أمر الله –عز وجل أو يفرط في ذلك، لا يخلو قلب مؤمن من محبة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولو كان ذلك بالجزء المناسب لإيمانه بمعنى أن الناس في هذا متفاوتون ليسوا على درجة واحدة، فكلما زاد المرء إيمانًا ازداد له –صلى الله عليه وسلم حبًّا، والدليل على أنه لا يخلو قلب مؤمن من محبة النبي –صلى الله عليه وسلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم كان يؤتى له برجل قد شرب الخمر وأسرف على نفسه بذلك أي تكرر منه المجيء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم بشرب الخمر فلعنه أحد الصحابة فقال: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به؟!، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنه؛ فما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله» صحيح البخاري (6780)  .

فأشار النبي –صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا الرجل وهو من الصحابة رضي الله عنه على ما معه من تقصير إلا أن معه محبةَ الله ورسوله، فلا يخلو قلب مؤمن صادق الإيمان من حب سيد الأنام -صلوات الله وسلامه عليه-، إلا أن هذه المحبة متفاوتة في درجاتها ومراتبها، فمن الناس من يكمُل حبه للنبي –صلى الله عليه وسلم فيكمل إيمانه باتباعه وتصديقه وقبول ما جاء به من خبر والانقياد له –صلى الله عليه وسلم ومنه من يكون دون ذلك.

المحبة أصل من أصول الإيمان لارتباطها بالشهادة للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالرسالة واندراجها ضمن الأصل الذي هو من أصول الإيمان، وهو الإيمان بالرسل -صلوات الله وسلامه عليه-، فحق النبي –صلى الله عليه وسلم من هذا الأصل أعظم من حق غيره، والأدلة في وجوب محبته –صلى الله عليه وسلم متعددة، وقد جاءت فيها نصوص كثيرة، فمن ذلك قول الله –عز وجل: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الأحزاب: 6،  وهذا يدل على أن النبي –صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون في قلب المؤمن أعظم المحبوبِين من البشر؛ ذلك أن حبه فرض فرضه الله تعالى على أهل الإيمان.

قال الله تعالى: ﴿النَّبِيُّ﴾ وهو محمد –صلى الله عليه وسلم ﴿أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الأحزاب: 6، فهو أولى بالمحبة –صلى الله عليه وسلم وأولى بالنصرة، وأولى بكل أمر يقدِّم الإنسان فيه نفسه، أولى الناس بالتقديم هو -صلاة الله وسلامه عليه-، ولذلك جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه قال –صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤمِن أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من وَلَدِه ووالدِهِ والناس أجمعين» سبق   وهذا أحد معاني الآية في قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الأحزاب: 6   أنه –صلى الله عليه وسلم- في الحب مقدم على جميع الخلق حتى على حب الإنسان نفسه، على الوالد والولد وعلى الناس أجمعين، فقوله: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الأحزاب: 6   يعني من جنسهم من والد وولد والناس أجمعين، والأمر أكثر من هذا فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- مقدمٌ في الحب حتى على النفس، فقد جاء في حديث عبد الله بن هشام أنه قال: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر الفاروق مبتدأً: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم: «لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك»، النبي –صلى الله عليه وسلم- بيَّن لعمر -رضي الله تعالى عنه- أن حقه –صلى الله عليه وسلم- في المحبة مقدم حتى على محبة النفس.

فعمر يقول: يا رسول الله: لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فالنبي –صلى الله عليه وسلم يقول له:«لا والذي نفسي بيده»يقسم –صلى الله عليه وسلم- أنه لا يكون الأمر على هذا النحو أي محققًا ما يجب من الإيمان، ومحققًا ما يجب من إيفاء رسول الله –صلى الله عليه وسلم حقه«لا والذي نفسي بيده حتى أكون أَحَبَّ إليك من نفسك»فقال عمر بن الخطاب: والله لأنت أحب إلى من نفسي يا رسول الله، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم: «الآن يا عمر» صحيح البخاري (6632)، يعني هكذا تبلغ مرتبة الإيمان الواجب الذي يستحقه –صلى الله عليه وسلم فهكذا تبلغ المحبة ذروتها وأعلاها بأن يكون النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي أن حبه مقدم على حب الإنسان لنفسه، وهذا يبين عظيم قدر محبته –صلى الله عليه وسلم وعلو منزلتها ويبين علوَّ منزلتها، فحبه –صلى الله عليه وسلم أصل من أصول الإيمان، لا يتم إيمان أحد إلا به، وهذا قد يقول قائل: يعني لماذا يبلغ النبي –صلى الله عليه وسلم هذه المرتبة من المحبة ما الذي يجعله يتبوأ هذه المنزلة السامية من المحبة؟

والجواب على هذا: في أن نذكر ما هي أسباب محبته –صلى الله عليه وسلم؟ لماذا يجب أن نحبه، ولماذا يجب أن يكون حبُّه مقدمًا على محبة كل أحد حتى على محبة الإنسان نفسَه؟ هذه قضية نحتاج أن نقف معها بعض الشيء حتى يتبين أن ما فرضه الله وشرعه ليس شيئًا لا سبب له، بل له من الأسباب والبواعث والموجبات والمقتضيات ما ينبغي أن يُعرف حتى يعلم لماذا تبوأ رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه المنزلة العالية من الحب؟

وهذا ما سنعرضه في النقاط التالية:

أولًا: نحبه –صلى الله عليه وسلم ونقدم محبته على محبة كل أحد لأنه صفوة الله من خلقه، فالله تعالى قد استصطفاه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وميَّزه بميزة عظمى أنه المختار الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس، فمحبة النبي –صلى الله عليه وسلم من أعظم موجباتها اصطفاء الله تعالى له –صلى الله عليه وسلم، ولقائل أن يقول: كيف اصطفاؤه أو ما الدليل على اصطفائه؟ الدليل على اصطفائه أحاديث عديدة أو نصوص عديدة في القرآن والسنة، ومنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخبر بما حباه الله تعالى من الاصطفاء ففيما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث واثلة بن الأسقع قال –صلى الله عليه وسلم- في ذكر مراتب الاصطفاء قال –صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» صحيح مسلم (2276)  ، فهو صفوة الصفوة -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقد جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث عمر -رضي الله تعالىعنه- أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن كان في مشربة جالسًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدخل عليه عمر وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- مضطجعًا على حصير فجلس –صلى الله عليه وسلم وقد أثر الحصير في جنبه، يقول عمر: فنظرت ببصري في خزانة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فإذا أنا بقبضة من شعير يعني الموجود قبضة من شعير نحو الصاع يعني ثلاثة كيلو من شعير، الشعير الذي الآن الناس يقدمونه لبهائمهم في غالب الأحيان، الناس يستعملون الشعير في هذا الوقت لكثرة النِّعم، كان في زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- من الطعام الذي يدخر، فرسول الله –صلى الله عليه وسلم كان في خزانته كما يقول عمر قبضة من شعير نحو الصاع ثلاثة كيلو تقريبا كيلوين ونصف ومثلها أرز في ناحية الغرفة، يعني أشياء صغيرة قليلة زهيدة، يقول عمر: فابتدرت عيناي أي بكى -رضي الله تعالى عنه- لما رأى من حال النبي –صلى الله عليه وسلم- في اتكائه وفي بيته وفي خزانته، فقال –صلى الله عليه وسلم- لعمر: «ما يبكيك يا ابن الخطاب؟» قلت: يا نبي الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك؟ ما كان على فُرُش يسيرة –صلى الله عليه وسلم ونمارق وأشياء يتمتع فيها فقراء هذا الزمان، كان على حصير –صلى الله عليه وسلم- قد أثر في جنبه، يقول: وهذه خزانتك يعني المستودع الذي عندك في بيتك لا أرى فيه إلا ما أرى يعني من الشيء اليسير وذلك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار.

الشاهد: وأنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصفوته وهذه خزانتك؟ قال: «يا ابن الخطاب ألا ترضي أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟» صحيح البخاري (5843)، ومسلم (1479)   الله أكبر عندما ينفذ الإنسان ببصره إلى ما بعد هذه الدنيا وأنها مهما طالت فهي قصيرة ومهما زانت فهي حقيرة سهل عليه كل ما يلقاه في دنياه.

الشاهد أن النبي –صلى الله عليه وسلم أقر عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- عندما قال: وصفوته أي من خلقه جل في علاه، فنحبه –صلى الله عليه وسلم- لما كان قد بوَّأه الله تعالى إياه من المنزلة العظمى العالية أن جعله -سبحانه وبحمده- صفوة الخلق –صلى الله عليه وسلم-.

- نحبه؛ لأن الله يحبه فمن أحب الله أحب ما يحبه الله تعالى، ولهذا قال –صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كُنَّ فيه  وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار» صحيح البخاري (16)، ومسلم (43)   فنحن نحبه لأن الله يحبه، وقد جعل محبة رسوله –صلى الله عليه وسلم- قرينة محبته؛ لأنها فرعها أي فرع محبة الله ومن لوازم محبة الله أن تحب ما يحبه وأعظم من يحبهم الله هو محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم، نعم نحبه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما وصفه الله تعالى به من الشفقة والحرص علينا، فقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ التوبة: 128   ﴿عَزِيزٌ﴾ أي: يعزُّ عليه ويشق عليه كلُّ ما نال الأمة مشقة به.

فكل ما شق على الأمة فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجد لذلك مشقة وألما –صلى الله عليه وسلم ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ التوبة: 128،  شديد الحرص على هذه الأمة في هدايتها ودلالتها على الخير وإبعادها عن الشر والرفق بها ورفع الحرج عنها ودفع كل ما يؤذيها في الدنيا والآخرة، حريص عليكم، ثم قال تعالى في وصفه: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ التوبة: 128   قد بلغ بالرحمة أعلاها وهو رحيم –صلى الله عليه وسلم- بأهل الإيمان، من أعظم الخلق رحمة بالمؤمنين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فمن كانت هذه خصاله ومَن كانت هذه خلاله ألا يستحق أن نحبه؟ بلى والله نحبه –صلى الله عليه وسلم لما ذكر الله تعالى من خصاله الكريمة الموجبة لمحبته من حرصه علينا ومشقته وألمه لما يشقُّ علينا وما اتصف به من الرأفة والرحمة.

- نحبه لأن الله أخرجنا به من الظلمات إلى النور، وأنقذنا به من النار، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ الطلاق: 11   فالله تعالى قد بعثه هاديًا، أخرجنا من الظلمات ظلمات الدنيا بشتى صورها وألوانها فهذا سبب موجب لمحبته، أنت الآن يا أخي بس لو تتخيل إن أنت في مكان في بيتك انقطع عنك الكهرب انقطع عنك التيار الكهربائي واحتجت إلى إضاءة، فجاءك شخص وقال هذا ماتور شغل به الكهرب في بيتك إلى أن يعود التيار، أو أعطاك مصباحًا تستضئ به في بيتك ألا تجد أنه أحسن إليك؟ بلى ترى أنه أحسن إليك ونفعك وتشكره على ذلك، وهي ظلمة واحدة قد تكون لساعة واحدة، قد تكون لفترة وجيزة، يكون الضرر فيها محدودًا حتى ولو لم تجد إضاءة فكيف بالظلمات المحيطة بالناس في قلوبهم وفي أعمالهم وفي دنياهم وفي قبورهم ويوم البعث والنشور في الأهوال العظيمة، ما الذي يخرجك من الظلمات إلى النور؟ الذي يخرجك من الظلمات إلى النور في كل هذا هو اتباعك للنبي.

ما جاء به النبي –صلى الله عليه وسلم هو المخرج من الظلمات إلى النور، ولذلك نحبه –صلى الله عليه وسلم بما منَّ الله تعالى به علينا من كونه أخرجنا به من الظلمات إلى النور.

 إن البرية يوم مبعث أحمد   *****  نظر الإله لها فبدَّل حالها

 بل كرَّم الإنسان يوم اختار*** من خير البرية نجمها وهلالها صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

المذيع: عليه الصلاة والسلام.

الشيخ: نحبه؛ لأنه لم يترك خيرًا إلا دلنا عليه، ولا شرًّا إلا حذرنا منه، فما ترك –صلى الله عليه وسلم شيئا يقرب إلى الله ويعرف به إلا دل عليه، ولم يترك شيئًا من الشرِّ إلا حذرنا منه –صلى الله عليه وسلم- حتى تركنا على محجة بيضاء ليلُها كنهارها لا يزوغ عنها إلا هالك، الطريق مستقيم والصراط بيِّن واضح جلي في الوصول إلى الله –عز وجل من طريق ما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعم.

نحبه –صلى الله عليه وسلم لأنه الرحمة المهداة، رحمة ليس لأحد من الخلق دون غيره، بل رحمة للعالمين، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ الأنبياء: 107، فهو رحمة لجميع الخلق –صلى الله عليه وسلم لمؤمن البشر والجن ولكفارهم.

يقول ابن عباس: "من آمن بالله ورسوله فله رحمة في الدنيا والآخرة، أي محمد –صلى الله عليه وسلم له رحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن به أيضًا محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم-  له رحمة وإن لم يؤمن به، فقد عوفي مما كان يصيب الأمم قبل ذلك من الهلاك العام والأخذ العاجل الذي أخذت به الأمم السابقة."[تفسير الطبري:18/552]، فنحن نحبه –صلى الله عليه وسلم لما وصفه الله تعالى به من الرحمة وهذه الرحمة العامة تتضاعف بحق أهل الإيمان كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أَنفسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ التوبة: 128  .

لم يقل {رحيم} فقط بل قال: {رءوف رحيم}، وهذا يدل على عظم هذه الصفة في قوله وعمله وحاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

المذيع: عليه الصلاة والسلام.

الشيخ: هذه جملة يعني من الخصال ونواصل ذكرنا أيضًا جملة أخرى من موجبات محبته –صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من جميل الخصال وكريم الشمائل والسجايا والأخلاق –صلى الله عليه وسلم- فقد بوأه الله تعالى خلقًا بدأ به العالمين ذلك قبل بعثته وتم له كمال الأخلاق وبهاؤها وحسنها وصالحها بعد بعثته –صلى الله عليه وسلم فقد كان –صلى الله عليه وسلم قبل بعثته على كريم الخصال، تقول زوجه خديجة لما جاء إليها وقد راعه ما جاءه في الغار من الوحي.

قالت له: "كلا، والله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم"، هذا خبر عن حاله قبل بعثته –صلى الله عليه وسلم، "وتحمل الكَلَّ" يعني العاجز "وتكسب المعدوم" الفقير، "وتقري الضيف" أي تكرم الضيوف "وتعين على نواب الدهر"[صحيح البخاري:ح3] يعني إذا نزلت بالناس، فحاز –صلى الله عليه وسلم  السيادة والكمال في الأخلاق وجمع الله له كريم الخصال قبل بعثته، فلما بعثه الله –عز وجل- تمَّم له صالح الأخلاق وكمَّل له كريم الخصال حتى بلغ الذروة في الكمال البشري.

يقول الحكيم العليم: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ القلم: 4   

- نحبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما حباه الله تعالى من طيب الخصال،

   أبى الله إلا رفعه وعلوَّه***** وليس لما يُعليه ذو العرش واضع

فقد رفعه الله ورفع ذكره وسما بخلقه حتى بلغ الغاية والمنتهى والكمال البشري في ذلك، فصلى الله عليه وسلم نحبه لكونه أعبد الناس لربِّه فلم تعرف الأرض مَن حقَّق العبودية لله كما حققها له محمد بن عبد الله –صلى الله عليه وسلم فقد قال –صلى الله عليه وسلم: «أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له» صحيح مسلم (1108)   فلا أتقى منه –صلى الله عليه وسلم ولا أخشى منه –صلى الله عليه وسلم لربه، وقد قال –صلى الله عليه وسلم في مقام آخر: «قد علمتم أني أتقاكم لله» صحيح البخاري (7367)، ومسلم (1216)   يعني أشدكم وأعظمكم تقوى لله، وأصدقكم وأبَرُّكم.

فما حملت من ناقة فوق ظهرها****** أبرَّ وأوفى ذمة من محمد

 –صلى الله عليه وعلى آله وسلم» أبيات من بحر الطويل جاءت في حديث الطبراني في الكبير (6510)  ، كان –صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتفطَّر قدماه يعني تتشقَّق قدماه –صلى الله عليه وسلم.

 قالت عائشة: لما تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال –صلى الله عليه وسلم-: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» صحيح البخاري (4837)، ومسلم (2820)   كان –صلى الله عليه وسلم قوَّامًا يتلو كتاب الله ويبين السبيل الموصل إليه كما قال حسان

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ **إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ سَاطِعُ

أَرَانَا الهُدَى بَعْدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا **   بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ**إِذَااسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ المَضَاجِعُ صحيح البخاري (1155)  

- نحبه صلى الله عليه وسلم لعظيم عبادته لربه وقيامه بحقه على وجه لم يأت في الخلق له نظير صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

 - نحبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن محبته موجبة لمعية الله - عز وجل-، فبقدر محبتك لرسول الله يكون في معيته يوم العرض على الله –عز وجل-، بمعنى أن نحبه صلى الله عليه وسلم لأن محبته تقتضي مصاحبته في الآخر صلى الله عليه وسلم وموافقته فيما هو فيه من حال وفوز ونجاة.

جاء رجل إلى النبي –صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: كيف تقول في رجل أحبَّ رجالا ولم يلحق بهم؟ يسأله يقول: شخص أحب أناسًا لكن ما استطاع أن يكون في مكانتهم أو في عملهم أو فيما هم فيه من شأن، أي قصَّرت أعماله عن أن يكون مثلهم، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم «المَرءُ مع من أحبَّ» صحيح البخاري (6168)، ومسلم (2640)   فمن أحب رسول الله بقلب صادق كان معه صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث الآخر حديث أنس أن رجلا أعرابيًّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: متى الساعة؟ فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-:«ما أَعْدَدْتَ لها؟» صحيح البخاري (3688)، ومسلم (2639)   يعني ما الذي جهزته للقيامة متى الساعة؟ يعني متى القيامة؟ متى تقوم القيامة؟ فقال أيش جهزت لها؟ ماذا أعددت لها؟ قال الرجل: حب الله ورسوله، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت.[صحيح البخاري:ح3688]

وهذا معنى قوله –صلى الله عليه وسلم- لحديث عبد الله بن مسعود «المرء مع من أحبَّ» ولهذا كله نحن نحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولهذا كله كانت محبته فرضًا، وبه يعلم أننا عندما نقول: محبته فرض ليس هذا الفرض لأجل مصلحة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد بلَّغه الله المنزلة العالية والمكانة الرفيعة، واصطفاه بما اصطفاه به، لكننا نحبه لأننا ننتفع من حبه أجرًا وفضلًا وسبقًا وإيمانًا وصلاحًا واستقامة ونجاة وسبقًا ومعية له صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الآخرة، فمن أحب النبي –صلى الله عليه وسلم فاز بتلك الفضائل وحاز تلك المنازل العالية الرفيعة.

هذه موجبات حبِّه، سؤال نحتاج إلى الإجابة عنه كيف نحبه وما الذي يجعلنا نزداد حبًا له صلى الله عليه وسلم؟

هذا السؤال من فرعين نحتاج إلى أن نجيب عليه حتى لا نضيع البوصلة وحتى لا تتخطفنا السبل في دعاوى المدَّعين محبة النبي صلى الله عليه وسلم،

فالمدعون لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم كُثُر وما من أحد إلا ويقول: أحبه صلى الله عليه وسلم لكن ما الميزان الذي يُعرف به صدق المحبة؟ ما الطريق الذي سلكه الصحابة -رضي الله تعالى عنهم -وترجموا به عن محبتهم للنبي –صلى الله عليه وسلم، هذا ما نحتاج إلى أن نجيب عليه فيما نستقبل من حديث.

المذيع: جميل، طيب اسمح لي فضيلة الشيخ يعني إذا ممكن نجيب عن هذين السؤالين لأنه بمعرفة الإجابة عن هذين السؤالين نجيب عن الجوهر لمحبة النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن كثير من المظاهر التي قد تكون أو التصرفات التي قد تحدث من الناس أو حتى الشعور القلبي الذي قد يصاحب الإنسان بمحبته للنبي عليه الصلاة والسلام، إذا ما عرفنا كيفية محبة النبي عليه الصلاة والسلام كيف نحبه -عليه الصلاة والسلام- حبًّا كما أمرنا الله –تبارك وتعالى وكما يجب أن يكون عليه المسلم.

الشيخ: نعم يعني فعلا نحن نحتاج إلى بعد هذه المقدمة التي فيها منزلة محبة النبي –صلى الله عليه وسلم وما الذي بوَّأ المحب هذه المنزلة؟ وما الذي أوجب هذه المحبة –صلى الله عليه وسلم نحتاج إلى الوقوف عند نقطتين

النقطة الأولى: ما الذي يزيد حبه صلى الله عليه وسلم في قلوبنا؟

والنقطة الثانية: كيف نترجم محبته صلى الله عليه وسلم؟

ما يتعلق بكيف نحبه صلى الله عليه وسلم؟ نحبه صلى الله عليه وسلم لأنه رسول الله وقد تقدم موجبات حبه، كيف يزداد حبه؟ يزداد حبه بمعرفته كلما عرفته ما خصه الله به من الفضائل، كلما عرفت ما حباه الله تعالى من الهِبَات والخصائص ازداد حبك له، كلما اطلعت على سيرته وعرفت ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم في يومه وليلته وفي معاملته وفي دقيق أمره وجليله، وفي صغيره وكبيره، وكيف كان يعامِل الصغير والكبير، والذكرَ والأنثى، والصديقَ والعدوَّ، والموافِق والمخالف، والمؤمن والكافر، كيف كان في صحته ومرضه؟ كيف كان في غناه وفقره؟ كيف كان في هزيمته ونصره؟ كيف كان في كل أحواله ودقائق شأنه؟ يزداد حبك له صلى الله عليه وسلم.

ولذلك ينبغي لكل من أراد أن يزيد في قلبه محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يعتني بهذين الأمرين، أن يعرف ما خص الله به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الخصائص والمزايا، وأن يجتهد في معرفة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم في أحواله، في سيرته، في أقواله، في أعماله، في أحكامه، في شرائعه، فيما جاء به من الهدى ودين الحق –صلى الله عليه وسلم-، فبقدر كمال علمه يكون حبه لسيد الأنام –صلى الله عليه وسلم.

بعض الناس يظن أن محبة النبي –صلى الله عليه وسلم تزيد بالنظر إلى أشعار الشعراء ومدائح المادحين وأقوال القائمين في منزلته ومكانته ولا ريب أن أفضل الطرق لنيل هذه المنزلة وهي زيادة حب النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يعرف ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم- فإن هذا هو اليقين.

المدائح والأشعار وما إلى ذلك كثير منها لا يخلو من الغلوِّ، كثير منها لا يخلو من المبالغة،  كثير منها لا يترجم حقيقة الأمر الذي كان عليه –صلى الله عليه وسلم.

 موقف من مواقفه يغني عن آلاف الأشعار التي تنسج في مديحه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلذلك ينبغي أن نقبل على قراءة سيرته، على فهم أقواله على إدراك ما جاء عنه –صلى الله عليه وسلم من النور والهدى ودين الحق.

هذه هي المحبة الحقيقية وهي التي تلقاها الصحابة عنه -رضي الله تعالى عنهم-، فالصحابة لم يكونوا ينسجون المدائح فيه –صلى الله عليه وسلم، مَدَحَه حسَّان، ومدحه الشعراء في زمانه، لكن ليس ذلك الذي أوجب قبول الرسالة وبثَّ هذا النور العظيم في الدنيا كلها، الذي بث النور العظيم هو ما كان عليه –صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، منحه الله تعالى إياه من السيرة العطرة والأعمال المباركة والأقوال الناصحة والهدايات التي جاء بها صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فالجدير بنا أن نعتني بمعرفة خصائصه، جدير بنا أن نولي سيرته اهتمامًا، نقرأ سيرته في بيوتنا، نعلمها أولادنا، نعتني بقراءة كلامه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بقراءة أحاديثه، بفهم أقواله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن كل ذلك يوجب محبته –صلى الله عليه وسلم هذا فيما يتعلق بكيف نزيد حبَّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟

المذيع: جميل، فضيلة الشيخ قبل أن تكمل في النقطة الأخرى وفي الشق الآخر من السؤال كيف نترجم محبة النبي عليه الصلاة والسلام؟ اسمح لي آخذ بعض الاتصالات وآخذ على الهاتف معنا أبو خلف من الرياض حياك الله يا أبو خلف

أبو خلف: الله يحييك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلا وسهلا.

أبو خلف: أسعد الله أوقاتكم بكل خير وكيف حالك يا شيخ؟

الشيخ: مرحبا الله يحييك.

أبو خلف: الله يهديك وينفع بعلمك في الحقيقة تساؤل قبل فترة قليلة كان يعني صار نقاش مع بعض الإخوة نعرف أن محبة رسول الله تقتضي أيضا بالإضافة إلى العمل بسنته أيضًا البر بآل بيته، وكان في نقاش يعني مع بعض الزملاء أن هناك يعني مَن ينتسبون لآل البيت في مشارق الأرض ومغاربها وأن هناك ترى أن نحسن بهم، وأن نكون يعني معهم، وكان مسار النقاش هو أن ليس كل من انتسب لآل بيت الله من آل البيت كيف نفرِّق؟ لا نريد أن نطعن في نسب أحد، ولا نريد أن نشكِّك لكن هل نفرق لهم في المعاملة يعني مثلا شفاعة في عملية برٍّ فيهم أو إحسان إلى آخره.

المذيع: طيب يا أبو خلف شكرا جزيلًا، طيب فضيلة الشيخ إذا كان من تعليق على الأخ أبو خلف ولا ننتقل إلى السؤال.؟

الشيخ: على كل حال هذا يندرج في النقطة التي سنتحدث عنها كيف نترجم محبته –صلى الله عليه وسلم؟ ما هو الطريق القويم لإثبات محبته –صلى الله عليه وسلم.

 الله –عز وجل- قد بين ذلك بيانًا جليًّا فقال -سبحانه وبحمده- في محكم كتابه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ آل عمران: 31   هذه الآية الكريمة فيها بيان أن محبة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليس بالدعوة، ليست في أن يدعي الإنسان الحبَّ ثم يمضي فيما هو فيه من طريق عمله وأسلوب حياته على ما يشتهيه بعض الناس يترجم المحبة بالاحتفال بمولده –صلى الله عليه وسلم، يترجم المحبة بنوع من المُحدَثات التي كثرت، سماع الأشعار في مدائحه، ولو كانت أشعارًا تتضمن مخالفة ما جاء به من توحيد الله –عز وجل- وحده لا شريك له.

فيقال لكل من أراد أن يترجم المحبة: هناك معيار دقيق وفيصل قرآني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو ما قال ربكم ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ آل عمران: 31   إن محبة النبي –صلى الله عليه وسلم صادقة تقتضي أن يتبع الإنسان هديه، أن يكون النبي –صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة لك في كل ما تأتي وتذر ﴿لَقَدْ كَانَ لَكمْ فِي رَسولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الأحزاب: 21   إذا كنت كذلك فأبشر فإنك محب صادق.

أما أصحاب الدعاوى فهم الذين يدعون المحبة ثم يتركون سنته خلف ظهورهم، بل قد يتهكَّمون بسنته ولا ينتصرون لما جاء به ولا يرفعون رأسا بما كان عليه ولا يحفظون حق الصحابة ولا حقَّ أهل بيته، ولا يذُبُّون عن شريعته، ثم يزعمون أنهم محبون للنبي –صلى الله عليه وسلم.

 يزداد الأمر ضلالًا ويُسفِر عن وجه الانحراف عندما يظن البعض أن المحبة هي الرقص في يوم مولده والاختلاط الذي يجري في بعض هذه المناسبات المقامة للاحتفال بمولده وما أشبه ذلك، وتفسر المحبة بهذا وتترك الآية القرآنية التي هي البرهان الناصع الساطع في ترجمة محبة النبي –صلى الله عليه وسلم وهي اتباعه –صلى الله عليه وسلم، وهي الذب عن سنته والنصرة لشريعته –صلى الله عليه وسلم هذا هو المعيار الحقيقي، وهو الذي كان عليه أصحابه رضي الله تعالى عنهم.

فأهل القرون المفضلة رضي الله تعالى عنهم من الصحابة الكرام، لم يكونوا على ما يظنه البعض من هذا الغلو، بل كانوا على الاعتدال والاستقامة في محبته –صلى الله عليه وسلم بلزوم سنته والذب عن شريعته، وإيفاء حقه –صلى الله عليه وسلم ومما أشار إليه الآخر مما يتعلق بحق آل البيت، نعم آل البيت لهم حق المحبة لقرابتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولهم حق الإجلال والتقدير لقرابتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أما ما يتعلق بكثرة المدَّعين والمنتسبين له –صلى الله عليه وسلم هذا يعرفه أهل المعرفة بالأنساب، ثم يريدون الصادق من غيره ومن ينتسب ومن لا ينتسب، لكن ثبوت الحق ينبغي ألا يغيب وألا يعتريه انتقاص بسبب كثرة المدعين، لأن الادعاء لا يسقط حق سبب نسبته للنبي –صلى الله عليه وسلم في الإجلال والتقدير والاحترام والمحبة.

المذيع: عليه الصلاة والسلام، فضيلة الشيخ وصلنا لختام هذه الحلقة من برنامج "الدين والحياة" عبر أثير إذاعة "نداء الإسلام" من مكة المكرمة، شكر الله لكم وكتب الله أجرك فضيلة الشيخ الدكتور خالد المصلح أستاذ الفقه بجامعة القصيم وعضو لجنة الإفتاء بمنطقة القصيم شكرا جزيلا فضيلة الشيخ.

الشيخ: بارك الله فيك، ونسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأن يرزقنا صدق محبة النبي –صلى الله عليه وسلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الاكثر مشاهدة

3. لبس الحذاء أثناء العمرة ( عدد المشاهدات91420 )
6. كيف تعرف نتيجة الاستخارة؟ ( عدد المشاهدات87222 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف