×
العربية english francais русский Deutsch فارسى اندونيسي اردو

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.

وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.

ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر

على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004

من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا 

بارك الله فيكم

إدارة موقع أ.د خالد المصلح

المكتبة المقروءة / دروس / التفسير وعلومه / القواعد الحسان / الدرس(62) من شرح القواعد الحسان

مشاركة هذه الفقرة WhatsApp Messenger LinkedIn Facebook Twitter Pinterest AddThis
الدرس(62) من شرح القواعد الحسان
00:00:01

 قال المؤلف رحمه الله:"القاعدة الثانية والستون: الصبر أكبر عون على كل([1]) الأمور،والإحاطة بالشيء علما وخبرا هو الذي يعين على الصبر. وهذه القاعدة عظيمة النفع قد دل القرآن عليها صريحا وظاهرا في أماكن كثيرة: قال تعالى:﴿واستعينوا بالصبروالصلاة﴾،([2]) أي: استعينوا على جميع المطالب، وفي جميع شؤونكم بالصبر، فإن الصبر يسهل على العبد القيام بوظيفة([3]) الطاعات، وأداء حقوق الله وحقوق عباده، وبالصبر يسهل عليه ترك ما تهواه نفسه من المحرمات، فينهاها عن هواها حذر شقائها، وطلبا لرضا مولاها، وبالصبر تخف عليه الكريهات. ولكن لهذا الصبر وسيلته وآلته التي ينبني عليها، ولا يمكن وجوده بدونها، وهي معرفة الشيء المصبور عليه، و([4]) ما فيه من الفضائل.([5]) فمتى عرف العبد ما في الطاعات من صلاح القلوب، وزيادة الإيمان، واستكمال الفضائل، وما تثمره من الخيرات والكرامات، وما في المحرمات من الضرر والرذائل وما توجبه من العقوبات المتنوعة، وعلم ما في أقدار الله من البركة وما لمن قام بوظيفته فيها من الأجور.([6]) هان عليه الصبر على جميع الشدائد. وبهذا يعلم فضل العلم، وأنه أصل العمل والفضائل كلها، ولهذا يذكر الله تعالى كثيرا في كتابه أن المنحرفين في الأبواب الثلاثة ما انحرفوا إلا لقصور علمهم، وعدم إحاطتهم التامة بها. وقال: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾،([7]) وقال: ﴿إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة﴾،([8]) ليس معناه: أنهم لا يعترفون أنها ذنوب وسوء، وإنما قصر عملهم وخبرتهم، بما توجبه الذنوب من العقوبات وأنواع المضرات وزوال المنافع([9])". و هذه  القاعدة مهمة، وقد نبه عليها العلماء رحمهم الله كثيرا في مؤلفاتهم، وهي في الحقيقة من الفوائد لا من القواعد، وهي أهمية الصبر في تحقيق العبودية لله جل وعلا. الصبر أصله الحبس، والمراد به هنا حبس النفس عن كل ما لا يرضاه الله جل وعلا، يشمل ذلك: الصبر على الطاعة. والصبر عن المعصية. والصبر على أقدار الله المؤلمة. والشيخ رحمه الله يقول: (الصبر أكبر عون على كل الأمور) ما فيه إشكال، لا يحصل الإنسان مبتغاه ومراده إلا بالصبر، سواء كان المبتغى والمراد من أمر الدين أو من أمر الدنيا، فإن الأمور لا تحصل إلا بمصابرة وجهاد. قال رحمه الله: (والإحاطة بالشيء علما وخبرا هو الذي يعين على الصبر) . هٰذا فيه ما يعين الإنسان على الصبر، كيف يتحقق الصبر، كيف يتحصل الصبر؟ الصبر إنما يحصل بمعرفة عاقبته وجميل منتهاه، وماذا يؤول إليه حال الصابر، فبمعرفة عواقب الأمور يحصل للإنسان ما يريده ويصبو إليه من الرفعة والعلو؛ لأنه يصبر لما علم من العاقبة الجميلة. وهٰذا هو السر في تكرار ذكر عاقبة المتقين في كتاب الله عز وجل، وما أعده لعباده الصالحين، وما يثيب به حزبه المفلحين في الدنيا والآخرة، فإن الله جل وعلا ذكر في كتابه في آيات كثيرة وفي سور عديدة ما أعده للمؤمنين والمتقين والمحسنين من الجزاء والثواب. السبب في هٰذا أن هٰذا من أعظم ما يعينهم على القيام بما أمرهم الله به؛ لأن النفس تتوق إلىٰ الثواب والأجر، ولذلك سمي ثواب العمل أجرا؛ لأنه كالأجرة للعامل، والعامل في الدنيا يتحمل المشاق ويحمل الأثقال لأجل تحصيل الأجرة التي ينالها في نهاية المطاف، فكذلك العامل للآخرة، فينبغي للإنسان أن ينفذ ببصره ويتجاوز بنظره المكروهات التي تكون من جراء الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على المكاره، إلىٰ ما تعقبه  هذه  الأعمال الجليلة من ثمرات حميدة في الدنيا والآخرة، ولذلك قال رحمه الله بعد أن ذكر أهمية الصبر بأنواعه الثلاثة: (وبهذا يعلم فضل العلم) لأنه هو الذي يحمل على الصبر (وأنه أصل العمل والفضائل كلها، ولهذا يذكر الله تعالى كثيرا في كتابه أن المنحرفين في الأبواب الثلاثة) يشير إلىٰ ماذا؟ الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على الأقدار والمكاره. نعم. (وقال تعالى مبينا أنه متقرر أن الذي لا يعرف ما يحتوي عليه الشيء يتعذر عليه الصبر، فقال عن الخضر لما قال له موسى عليه السلام، وطلب منه أن يتبعه ليتعلم مما علمه الله، قال: ﴿قال إنك لن تستطيع معي صبرا (67) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا﴾،([10]) فعدم إحاطته به خبرا يمتنع معه الصبر، ولو تجلد ما تجلد فلا بد أن يعال صبره). يعال صبره أي ينقطع وينتهي ويفرغ. (وقال تعالى مبينا عظمة القرآن وما هو عليه من الجلالة والصدق الكامل: ﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله﴾([11]). فأبان([12]) أن الأعداء المكذبين به إنما كان تكذيبهم به لعدم إحاطتهم بما هو عليه، وأنهم لو أدركوه وأحاطوا به كما هو عليه، لألجأهم إلى التصديق والإذعان، فهم وإن كانت الحجة قد قامت عليهم ولكنهم لم يفقهوه الفقه الذي يطابق معناه، ولم يعرفوه حق معرفته، وقال في حق المعاندين الذين بان لهم علمه وخبروا صدقه: ﴿وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا﴾،([13]) وقال تعالى: ﴿فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون﴾([14]). والمقصود أن الله تعالى أرشد العباد إلى الاستعانة على([15]) أمورهم بملازمة الصبر، وأرشدهم إلى تحصيل الصبر بالنظر إلى الأمور، ومعرفة حقائقها وما فيها من الفضائل أو الرذائل.([16]) والله أعلم). ([1]) في نسخة: جميع. ([2]) سورة : البقرة (45). ([3]) في نسخة: بالطاعات. ([4]) في نسخة: معرفة. ([5]) في نسخة: وما يترتب عليه من الثمرات. ([6]) في نسخة: إذا عرف ذلك. ([7]) سورة : فاطر (28). ([8]) سورة : النساء (17). ([9]) في نسخة: المانع. ([10]) سورة : الكهف (67-68). ([11]) سورة : يونس (39). ([12]) في نسخة: فبين. ([13]) سورة : النمل (14). ([14]) سورة : الأنعام (33). ([15]) في نسخة: كل. ([16]) في نسخة: فضائلها ورذائلها.

المشاهدات:3753


 قال المؤلف رحمه الله:"القاعدة الثانية والستون: الصبر أكبر عون على كل([1]) الأمور،والإحاطة بالشيء علماً وخبراً هو الذي يعين على الصبر.



وهذه القاعدة عظيمة النفع قد دل القرآن عليها صريحاً وظاهراً في أماكن كثيرة:



قال تعالى:﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِوَالصَّلاةِ﴾،([2]) أي: استعينوا على جميع المطالب، وفي جميع شؤونكم بالصبر، فإن الصبر يسهل على العبد القيام بوظيفة([3]) الطاعات، وأداء حقوق الله وحقوق عباده، وبالصبر يسهل عليه ترك ما تهواه نفسه من المحرّمات، فينهاها عن هواها حذر شقائها، وطلباً لرضا مولاها، وبالصبر تخفّ عليه الكريهات.



ولكن لهذا الصبر وسيلته وآلته التي ينبني عليها، ولا يمكن وجوده بدونها، وهي معرفة الشيء المصبور عليه، و([4]) ما فيه من الفضائل.([5])



فمتى عرف العبد ما في الطاعات من صلاح القلوب، وزيادة الإيمان، واستكمال الفضائل، وما تثمره من الخيرات والكرامات، وما في المحرمات من الضرر والرذائل وما توجبه من العقوبات المتنوعة، وعلم ما في أقدار الله من البركة وما لمن قام بوظيفته فيها من الأجور.([6]) هان عليه الصبر على جميع الشدائد.



وبهذا يعلم فضل العلم، وأنه أصل العمل والفضائل كلها، ولهذا يذكر الله تعالى كثيراً في كتابه أن المنحرفين في الأبواب الثلاثة ما انحرفوا إلا لقصور علمهم، وعدم إحاطتهم التامة بها.



وقال: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ﴾،([7]) وقال: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾،([8]) ليس معناه: أنهم لا يعترفون أنها ذنوب وسوء، وإنما قصر عملهم وخبرتهم، بما توجبه الذنوب من العقوبات وأنواع المضرّات وزوال المنافع([9])".



و هذه  القاعدة مهمة، وقد نبّه عليها العلماء رحمهم الله كثيراً في مؤلفاتهم، وهي في الحقيقة من الفوائد لا من القواعد، وهي أهمية الصبر في تحقيق العبودية لله جل وعلا.



الصبر أصله الحبس، والمراد به هنا حبس النفس عن كل ما لا يرضاه الله جل وعلا، يشمل ذلك:



الصبر على الطاعة.



والصبر عن المعصية.



والصبر على أقدار الله المؤلمة.



والشيخ رحمه الله يقول: (الصبر أكبر عون على كل الأمور) ما فيه إشكال، لا يحصل الإنسان مبتغاه ومراده إلا بالصبر، سواء كان المبتغى والمراد من أمر الدين أو من أمر الدنيا، فإن الأمور لا تحصل إلا بمصابرة وجهاد.



قال رحمه الله: (والإحاطة بالشيء علماً وخبراً هو الذي يعين على الصبر) . هـٰذا فيه ما يعين الإنسان على الصبر، كيف يتحقق الصبر، كيف يتحصل الصبر؟ الصبر إنما يُحصل بمعرفة عاقبته وجميل منتهاه، وماذا يؤول إليه حال الصابر، فبمعرفة عواقب الأمور يحصل للإنسان ما يريده ويصبو إليه من الرفعة والعلو؛ لأنه يصبر لما علم من العاقبة الجميلة.



وهـٰذا هو السر في تكرار ذكر عاقبة المتقين في كتاب الله عز وجل، وما أعده لعباده الصالحين، وما يثيب به حزبه المفلحين في الدنيا والآخرة، فإن الله جل وعلا ذكر في كتابه في آيات كثيرة وفي سور عديدة ما أعده للمؤمنين والمتقين والمحسنين من الجزاء والثواب.



السبب في هـٰذا أن هـٰذا من أعظم ما يعينهم على القيام بما أمرهم الله به؛ لأن النفس تتوق إلىٰ الثواب والأجر، ولذلك سمي ثواب العمل أجراً؛ لأنه كالأجرة للعامل، والعامل في الدنيا يتحمل المشاق ويحمل الأثقال لأجل تحصيل الأجرة التي ينالها في نهاية المطاف، فكذلك العامل للآخرة، فينبغي للإنسان أن ينفذ ببصره ويتجاوز بنظره المكروهات التي تكون من جرّاء الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على المكاره، إلىٰ ما تعقبه  هذه  الأعمال الجليلة من ثمرات حميدة في الدنيا والآخرة، ولذلك قال رحمه الله بعد أن ذكر أهمية الصبر بأنواعه الثلاثة: (وبهذا يعلم فضل العلم) لأنه هو الذي يحمل على الصبر (وأنه أصل العمل والفضائل كلها، ولهذا يذكر الله تعالى كثيراً في كتابه أن المنحرفين في الأبواب الثلاثة) يشير إلىٰ ماذا؟ الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر على الأقدار والمكاره. نعم.



(وقال تعالى مبيناً أنه متقرر أن الذي لا يعرف ما يحتوي عليه الشيء يتعذر عليه الصبر، فقال عن الخضر لما قال له موسى عليه السلام، وطلب منه أن يتبعه ليتعلم مما علمه الله، قال: ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً﴾،([10]) فعدم إحاطته به خبراً يمتنع معه الصبر، ولو تجلد ما تجلد فلا بد أن يُعال صبره).



يعال صبره أي ينقطع وينتهي ويفرغ.



(وقال تعالى مبيناً عظمة القرآن وما هو عليه من الجلالة والصدق الكامل: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾([11]). فأبان([12]) أن الأعداء المكذبين به إنما كان تكذيبهم به لعدم إحاطتهم بما هو عليه، وأنهم لو أدركوه وأحاطوا به كما هو عليه، لألجأهم إلى التصديق والإذعان، فهم وإن كانت الحجة قد قامت عليهم ولكنهم لم يفقهوه الفقه الذي يطابق معناه، ولم يعرفوه حق معرفته، وقال في حق المعاندين الذين بان لهم علمه وخبروا صدقه: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً﴾،([13]) وقال تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾([14]). والمقصود أن الله تعالى أرشد العباد إلى الاستعانة على([15]) أمورهم بملازمة الصبر، وأرشدهم إلى تحصيل الصبر بالنظر إلى الأمور، ومعرفة حقائقها وما فيها من الفضائل أو الرذائل.([16]) والله أعلم).









([1]) في نسخة: جميع.




([2]) سورة : البقرة (45).




([3]) في نسخة: بالطاعات.




([4]) في نسخة: معرفة.




([5]) في نسخة: وما يترتب عليه من الثمرات.




([6]) في نسخة: إذا عرف ذلك.




([7]) سورة : فاطر (28).




([8]) سورة : النساء (17).




([9]) في نسخة: المانع.




([10]) سورة : الكهف (67-68).




([11]) سورة : يونس (39).




([12]) في نسخة: فبين.




([13]) سورة : النمل (14).




([14]) سورة : الأنعام (33).




([15]) في نسخة: كل.




([16]) في نسخة: فضائلها ورذائلها.

الاكثر مشاهدة

1. خطبة : أهمية الدعاء ( عدد المشاهدات85992 )
3. خطبة: التقوى ( عدد المشاهدات80483 )
4. خطبة: حسن الخلق ( عدد المشاهدات74768 )
6. خطبة: بمناسبة تأخر نزول المطر ( عدد المشاهدات61838 )
7. خطبة: آفات اللسان - الغيبة ( عدد المشاهدات56369 )
9. خطبة: صلاح القلوب ( عدد المشاهدات53356 )
12. خطبة:بر الوالدين ( عدد المشاهدات50921 )
13. فما ظنكم برب العالمين ( عدد المشاهدات50647 )
14. خطبة: حق الجار ( عدد المشاهدات46029 )
15. خطبة : الإسراف والتبذير ( عدد المشاهدات45574 )

التعليقات


×

هل ترغب فعلا بحذف المواد التي تمت زيارتها ؟؟

نعم؛ حذف